الإعلام الأردني … واقع وطموح / أسعد العزّوني
أسعد العزّوني ( الأردن ) – الأربعاء 16/6/2021 م …
عادة ما يكون الإعلام هو مرآة الواقع التي تعيشه الدولة أي دولة ،وكلّما كان الإعلام قويا وشفافا ،كان أداء الدولة مرضيا للحاكم والمحكوم،لأن الإعلام الحقيقي ليس عملية نقل خبر تمت صياغته وفق هوى المسؤول ،بل صناعة حدث وعرضه على الجمهور والمسؤول معا كما هو وبدون رتوش،كي يفهم المواطن ما جرى ،ويتمكن المسؤول من التقييم وإتخاذ القرار اللازم.
واقع الإعلام الأردني مهلهل لا يبشر بخير لأسباب عديدة،أهمها تبني طريقة صياغة الخبر بما يرضي المسؤول وبعيدا عن رغبات المواطن،وإنتفاء الشفافية ،وعدم وضع حلول للمشكلات المجتمعية،وأخطر ما في الأمر ما يطلقون عليها :”عملية القولبة”للإعلاميين ،وتلقينهم المعلومة أو المادة الصحفية المحددة مقابل تسهيلات لهم وترفيعات وإمتيازات ما أنزل الله بها من سلطان ولا يستحقونها أصلا،إلى درجة أن يصبحوا صنّاع قرار في مؤسساتهم ،علما إن إمكانياتهم الإعلامية والسياسية لا تتجاوز ال 10% مقارنة بزملائهم،وهذا مبعث الخلل في أداء المؤسسات الإعلامية الأردنية ،أن يكون صانع القرار فيها بعيدا عن الخبرة والمهنية ،وإنما نزل ب”الباراشوت “كما يقولون.
هناك ثلاث باقات تشكل مجموع الإعلام الأردني وهي :إعلام الديوان الملكي العامر،إعلام دائرة المخابرات العامة،وإعلام الحكومة ،ويلاحظ أن إعلام دائرة المخابرات هو المسيطر والموجه للإعلام كافة ،ويبقى إعلام الحكومة هو الأضعف على الإطلاق،وتتسم كل باقة من هذه الباقات بسمات معينة ،إذ أن إعلام الديوان يجب أن يعكس قراءة صاحب الجلالة للأمور وهذا يتطلب خبرة واسعة وسعة إطلاع وثقافة عميقة،في حين يكون دور إعلام المخابرات إخراج الخبر وفق رؤية الدائرة ،وهذا مخالف للمهنية وللمصلحة العليا للوطن ،ومضلل لصانع القرار ،أما بالنسبة لإعلام الحكومة فهو الأكثر هشاشة ولا يعتد به.
لذلك نقول أن واقع الإعلام الأردني بائس ولا يرقى للمستوى المطلوب الذي يليق بدولة إحتفلت قبل أيام بمئويتها الثانية،ونرى أن هذا الإعلام بكافة صوره عاجز عن الرد على الجاسوس الصهيوني الجنوب لبناني الأصل إيدي كوهين ،المتخصص بشن الهجوم تلو الهجوم على الأردن ،دون ان يجد من يردعه ذاتيا ومن تلقاء نفسه،ولا نغالي إن قلنا إن الإعلام الأردني مرتجف لا يمتلك قراره ،ونراه مسبتا في حال تعرض الوطن لهزة سياسية مهما كانت درجتها،ما يجعل المواطن نهبا لتوجهات الإعلام الخارجي الذي يسرح ويمرح إبان وقوع الأحداث في الأردن ،والأمثلة على ذلك كثيرة.
لا يمتلك الإعلاميون الأردنيون المعلومة وإن إمتلكوها فلا يستطيعون نشرها تحت طائلة المساءلة والسجن ،ولا يوجد بين ظهرانيهم من يمكن وصفه بالمحلل السياسي صانع الخبر والحدث الذي يقدم التحليل السليم والمعلومة الصحيحة ،بسبب الخوف من المساءلة والعقاب،وللتذكير فقد تم فصلي من عملي في جريدة العرب اليوم المغدورة عام 2012 ،بناء على شكوى لأعلى المستويات ضدي من قبل مركز ضغط يهودي في واشنطن إسمه”معهد بحوث ودراسات الشرق الأوسط الإعلامية MEMRI“،بسبب مقال نشرته بعنوان “إسرائيل والسلام لا يتفقان”،وقد تم التحايل عليّ بأن قاموا بتجميدي ستة أشهر بدون عمل ،حتى أكملت سن الستين وأحالوني على التقاعد حتى لا أثير القضية إعلاميا.
يتوجب إختيار رئيس التحرير وفق مواصفات مهنية محددة والإشتراط بتمتعه بخبرة واسعة وإطلاع كامل على مجريات الأمور الدولية وقدرة على الحديث بلغة أجنبية واحدة على الأقل،وأن يتمتع بقدرات تجعله ناطقا رسميا بإسم الدولة إن كان مواليا ،أو ناطقا رسميا بإسم المعارضة إن كان معارضا،ويتوجب منحه كامل الحرية كما هو الحال في مستدمرة الخزر التي تهاجم الحكومة دون أن يتعرضوا للمساءلات ،ولا ننكر أن هناك حالات يتم التفاهم حولها في حال كان الأمر يتعلق بأمن الدولة،ومجمل القول إننا بحاجة لإعلام وطن وليس لإعلام حكومة ،لأن الجميع ينضوون تحت لواء الوطن.
التعليقات مغلقة.