خطة ترحيل الفلسطينيين… ماذا يحدث في الشمال السوري؟ / د. خيام الزعبي
د. خيام الزعبي ( سورية ) – الجمعة 18/6/2021 م …
ما يحدث في شمال سورية يشكل صورة واضحة للعبة إقليمية بكل تفاصيلها، هذه اللعبة تعمل بصمت رهيب عبر وكلائها على تغيير وضع سورية وتمزيقها، تلعبها تركيا وإسرائيل وبعض الفلسطينيين لتحقيق مصالحهم وأطماعهم التي لا تعرف حدود، فقط يعرفوا إنجاز مهمتهم وتحقيق مآربهم واستراتيجياتهم عن طريق أدواتهم التي تملأ سورية اليوم من كل الأنواع والأشكال.
وما التطور الأخير في شمال سورية إلا جزء من فصول سابقة، عبر مؤامرة تركية، إخوانية صهيونية لترحيل الفلسطينيين من خلال اقتلاعهم من المحتل 1948 إلى شمال سورية ليستوطنوا على حساب السوريين الأزيديين وغير الأزيديين وذلك لتنفيذ أجنداتها في تدمير سورية وتغيير هويتها الثقافية وتراثها الحضاري والإنساني.
لو دققنا بالنظر جيداً لوصلنا الى حقيقة لا تقبل الشك ألا وهي أن الصهيونية وتركيا من أكبر مصدّري الأزمات التي عصفت وتعصف بدول المنطقة، فبعد الربيع العربي أستفحل أمرهم وأصبحت يدهم فوق يد الكل وأصبح مصير بعض الدول يمر من بابهم، وأول شيء عملوه لتقوية نفوذهم هو إفتعال الأزمات والتي جنّدوا لها كل بائع ضمير وناقص إنسانية فأصبح القتل على الهوية وهكذا أصبح الإقليم يغوص بدماء أبناءه بما خططوا له ونفذته أدواتهم في الداخل.
لكن السؤال الذي يفرض نفسه هنا هو: هل وقفت سياسة تركيا والصهيونية الى هذا الحدّ وأنتهى الأمر؟ علماً أن المتتبع لسياسة تركيا يرى جيداً ما لتركيا من تواجد منقطع النظير في معظم دول المنطقة، ويظهر ذلك بوضوح في الوقت الحاضر في العديد من الدول العربية وعلى الأخص سورية التي تتدخل في شؤونها الداخلية، كما جنّدت كل من أرتضى أن يكون خادماً لها، وجهزت وأمدّت يد العون لعصابات تهدف الى تفكيك وإضعاف سورية لإنهاكها وتدمير وزعزعة إستقرارها لإيصال سورية الى الدمار والخراب كما فعلوا في دول عربية شقيقة لتحقيق مصالحهم الشخصية.
منذ العام الماضي 2020 برزت على الساحة السورية، في المناطق التي تسيطر عليها جماعات مسلحة تابعة لتركيا، جمعية “العيش بكرامة” تعمل في مناطق عفرين شمال سورية على أجندات مريبة لتوطين الفلسطينيين وتغيير ديمغرافي في المنطقة من خلال تمويل الاستيطان في عفرين و توطين الفلسطينيين هناك.
في هذا السياق تؤكد الإحصائيات المعلنة من الجمعية أنها تستهدف توطين أكثر من 600 عائلة فلسطينية في مجمعات سكنية تعمل على بنائها في قرى تابعة لمنطقة عفرين، كما تؤكد بأنها بدأت بتنفيذ مشروع بسمة السكني ويضم 99 وحدة سكنية في قرية “شاديريه” الإيزيدية القريبة من قرية “ايسكا” وعلى بعد 15 كم من الحدود السورية التركية، كما يهدف المشروع إلى استقدام عائلات من مخيمات إدلب لتوطينهم في عفرين والهدف هو إحداث تغيير ديموغرافي طويل الأمد في عفرين “التي سيطرت عليها فصائل مسلحة تابعة لتركيا مطلع عام 2018.
لذلك إن ما يحدث اليوم في عفرين يؤكد أمرين اساسيين: الأول هو خلق كيان صهيوتركي في سورية، والثاني هو خلق كيان كردي صهيوني في سورية، وكلا الاستيطانين هو بقيادة نظام الدين السياسي التركي.
مجملاً…. مرة اخرى، يتأكد خطأ الحسابات التركية ومخيلة زعيمها المغامر في ابتلاع بلد بكبر سورية، فالأسابيع القليلة القادمة ستكون حاسمة في كل ما يتعلق بالقتال في سورية، وهنا، فإن الملفات المتداخلة في المنطقة ستخضع وتتأثر لما قد يحدث في الفترة القادمة، وفي هذا الإطار إن تركيا وحلفاؤها لم يتخلو بعد عن السعي فكرة التوطين في الشمال السوري وهذا ما يجعل المراقبون الدوليين يؤكدون بأن معارك حلب وادلب حاسمة، وهي التي ستقرر حسم الموقف عسكرياً، وهنا نقول بالفم الملآن أنه يجب على النظام التركي وكل من يدور في مداره أن يعلموا أن وقفَ العدوان ورفع الحصار وخروج قوات الاحتلال من سورية بوابتهم للسلام، فالشعب السوري جاهز له مثل جهوزيته الكاملة للصمود والمواجهة جيلاً بعد جيل تماماً، أما الاستسلام فهو لفظ غير وارد في قاموس السوريين حتى تقوم الساعة.
التعليقات مغلقة.