الكاتب والباحث موسى عباس يكتب: لبنان … “طُغمَة فاسدة ودولة تنهار”

 موسى عباس ( لبنان ) – الأحد 20/6/2021 م …




منذ بضع سنوات حكم أحد القضاة في لبنان على طفل لم يتجاوز عُمره أربعة عشر “خريفاً” بالسجن لأنّه سرَق مَنْقلاً للفحم ،

ومنذ سنوات حكم قاضٍ آخر على فقيرٍ مُدقع لأنّه سرق ربطتيْ خبزٍ  ليُطعم أطفاله.

قُضاء يحكُم على من سرق مُرغَماً مدفوعاً بالفقر، ولا يَجد مُسوّغاً قانونيّاً يحكم من خلاله على المسؤولين عن سرقة خُبزَ الناس الفقراء أجمعين !

قاضٍ يحكم على طفلٌ بالسّجن وقاضٍ يطلق سراح عميل ٌ جزّار وآخر يطلق سراح أمير الكبتاغون  .

قاض يسحق  بمطرقته رأس طفل صغير بسبب “منقل” فحم، ولا تجد قاضياً يُسائل  حاكم مصرف لبنان رياض سلامة عن مخالفات لقانون النقد والتسليف ومن سرقات علنية لمدّخرات اللبنانيين ومن حماية مكشوفة لحسابات السياسيين وثرواتهم، ولا تجد صاحب مصرف خلف القضبان بعد السرقة العلنية لودائع اللبنانيين.

من يتحكّم بالشعب اللبناني ؟!

من أنتم؟

مجموعة من اللصوص والفاسدين والمجرمين والقتلة وآكلي المال الحرام  والناهبين للمال العام .

انتم أيّها المتسلّطون تتحكمون برقاب اللبنانيين قبل أن تطأ  أقدامكم مراكز القرار في السلطة.

شاركتم في الحرب الأهلية، وارتكبتم المجازر  باسم الوطنيّة والوطنيّة منكم براء.

باسم الدّين والدين منكم براء.

باسم الطوائف والطوائف منكم براء.

باسم المستضعفين والفقراء وجميعهم منكم براء.

باسم الوطنية والدّين والمذاهب والمستضعفين غرّرتم بخيرة أبناء أحزابكم

ودياناتكم  ومٍللكم ضلّلتموهم ورميتموهم في أتون حروب الشوارع والزواريب والأزقة ، سقط الآلاف من الضحايا ، ضحايا مطامعكم ورغباتكم ودناءتكم وحقارتكم.

كنتم فُرقاء :

منكم من كان عميلاً وذيلاً للصهاينة يّنفّذون مآربهم من خلاله لتصفية المقاومة الفلسطينية التي كان الشرفاء  في فصائلها يؤرّقون كيانهم عبر الحدود .

ومنكم من كان في أحسن الأحوال شريكاً أو تابعاً لكبرى الفصائل الفلسطينية ولم يمتلك يوماً حرّية اتخاذ قراره .

وهكذا ، بعد دخول القوات السوريّة وبعد “إتّفاق الطائف”،كنتم تعجزون  عن اتخاذ أيّ قرار في أيّ مسألة دون الرجوع إلى الحاكم بأمره الذي كان يُعيّن الرؤساء ويُشكّل المجالس النيابية والحكومات حسب رغبته وبناء على المبلغ المرقوم الذي كان يُدفع له من اللاهثين خلف نعيم السلطة والتسلّط.

وتحت حجّة إعادة الإعمار وتعويضات المهجّرين ودعم المناطق ، أنشأتم وزارات ومجالس  ومؤسسات مُحاصصةً بينكم لتصبح كلّ منها مغارة للّصوصية ولنهب المال العام  ولشراء الأتباع.

وظّفتم عشرات الآلاف في وزارت ومؤسسات لم تكن بحاجة لهم وإنّما فرضتموهم لتضمنوا ولاءهم ، وولّيتُم  المناصبَ العليا في الإدارات للفاسدين من أتباعكم ، فأصبحوا مضرب الأمثال في فسادهم.

– بعضكم استغلّوا دماء رفيق الحريري ليتحكّموا بالسلطة لسنوات ولم يتورّعوا عن إخفاء ونهب المليارات وعن التواطؤ مع الأمريكيين والصهاينة ضدّ من كان يقاتلهم ليحفظ كرامة وحرّية الوطن وعندما توجّهت إليهم أصابع الإتّهام أصبحوا خطوطاً حمراء في طوائفهم ومذاهبهم ممنوع المَسّ بهم، ولا أدري متى كانت الديانات تحمي اللصوص والفاسدين والعملاء؟!.

– غالبيتكم تواطأت مع الإرهاب وسلّحته وموّلته وحمته وهُزٍمَت معه .

-منكم من فرض شراكته في مشاريع ومؤسسات دون أيّ وجه حقّ ومن رفض دفع الخوّة هرَب إلى خارج البلد لينجو بنفسه وأمواله وعياله من بطشِ زبانيتكم.

– صدق من قال :”حاميها حراميها”

– الطوائف اللبنانية مُحتكرة من زعماء  سياسيّين ودينيين لا همّ لهم سوى مصالحهم وامتيازاتهم  .

-من يقدِر على مناوءة ومنازلة زعماء الطوائف والمذاهب والحارات والأزِقة؟!

مصارف سويسرا وأوروبا  أُثقِلت بثرواتهم التي فاقت ثروات قارون في عصره ،

عِلماً أنّه لم يُنقلْ أنّ قارون نهب أموال الفقراء.

-من يتساءل من أين لهم هذا يُمسحُ من خارطة الوجود من قِبلِ كلابهم المسعورة .

من يتجرّأ على الكشف عن بعض المستور بأوراق التوت من عُهرِهم يُسحَل أمام أبصار  أطفاله.

-من يجرؤ على مقارعة ماسحَ أحذيتهم يُداس على قارعة الطريق.

-أيّها المتربّعون على صدور الخلق كفاكم فسوقاً وتجبُراً وتكبُراً ، كفاكم إذلالاً للذين تسلّقتم أكتافهم لتتولّوا  وزبانيتكم  قهرهم.

-الأنبياء توفّاهم الله والأمم أكملت من بعدهم، فهل تعتقدون أنّكم مخلّدون؟!

تسكنون بروجاً عاجيّة ولا تُبالون بمن يتألّمون ؟!

-أنتم تتصرفون على أساس أنّ عامّة الناس هم مُجرّد عبيد لديكم ، تأمرون فتُطاعون.

أنتم رموز  السلطة والمصارف ، أنتم مافيا السياسة والمال والإجرام ، مافيا المُخدّرات أشرف منكم ، أنتم أيّها الفارّون  من العدالة في الدنيا كيف ستفرّون من عدالة الآخرة حيث لا طائفة ولا مذهب ولا أتباع تحتمون بهم؟!

أنتم هم الخطر الأكبر على الشعب اللبناني ، والذين يجب ان يكونوا خلف القضبان،  وليس الطفل الذي سرق “مِنْقَلْ” الفحم ولا سارق ربطتيّ الخُبز ليُطعم عائلته .

أنتم المجرمون  الحقيقيون  لأنّكم المسؤولين عن إدارة الدولة.

من يمتهن السرقة في الغالب  يختار   الأغنياء  ليسرقهم ويمتطي جناح الليل ليُنفّذ سرقاته ، بينما أنتم وبكلّ وقاحة جميع الأوقات لديكم مُباحة ومتاحة.

صدق الذي خاطبكم :

“أيّها السّياسيون أنتم الآفَة فارحلوا “، فتواطأتم على إخفائه.

نعم نحن فشلنا وعجزنا عن بناء مستقبل لنا ولأولادنا وأحفادنا في وطنٍ حفظناه وسيّجناه بدمائنا.

نعم نحن نتحمّل المسؤوليّة الكاملة لأنّنا حملنا بندقية لتحمي وتُحرّر وتدحر أعداء الخارج ، بينما لم نحمل الرؤيا الحقيقية لبناء الإنسان والوطن من الداخل لنحميَ كرامتنا وكرامة أبنائنا الذين تشرّدوا في أصقاع الأرض حيثُ تُحفَظ ولا تُداس الكرامات وإنّما ردّدنا شعارات لم تُسمِن ولم تُغْنِ من جوع، والنتيجة أننا قبلنا ورضخنا  بأن يولّى علينا من استغلّونا واستهلكونا، وها نحن على شَفا الرحيل عن دنيا دنيئة تزداد حقارةً ودناءةً في كلّ حين.

العيب كلّ العيب والعار كلّ العار  ان نبقى محكومين من طغمة من المجرمين واللصوص والفاسدين.

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.