الأردن بين نقمة المجتمع ونزق الدولة
الأربعاء 18/5/2016 م …
الأردن العربي – المبادرة الوطنية الأردنية … يعيش المجتمع الأردني حالة من النقمة المتنامية، بسبب أزمة خانقة تشمل كافة مناحي الحياة: الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية، أزمة تتفاقم يوماً بعد يوم، بالرغم من كل الوعود التي تطلقها قوى التبعية في الحكم وفي المجتمع عن قرب الحل أو إمكانية الحل، بالاستناد إلى وصفات صندوق النقد والبنك الدوليين “السحرية” فمنذ أن وضعا البلد تحت الانتداب الثاني، نهاية العقد الثامن من القرن الماضي، تم فرض أملاءات تحت عنواين: الإصلاح الاقتصادي والتنمية المجتمعية، اللذان تم تطبيقهما عبر آليات متنوعة، وتحت عناوين تنموية مختلفة: التنمية الاقتصادية، والتنمية البشرية، والتنمية السياسية، والتنمية الإدارية، والتنمية المحلية، تنمية المرأة، منظومة النزاهة والمجلس الاقتصادي الاجتماعي الأعلى، ومجالس تنمية المجتمعات المحلية …الخ، حيث باءت جميعها بالفشل الذريع ، ولم تحدث التنمية في أي من هذه المجالات، كما تظهر الحقائق المادية الملموسة على الأرض:
• تفاقمت المديونية حيث ارتفعت من 6 مليارات دولار عام 1988 إلى أكثر من ثلاثين مليار دولار هذه الأيام.
• تم خصخصة القطاع العام وبيعه لما يسمي الشريك الاستراتيجي، بحجة إطفاء المديونية – علماً بأن هذا الإجراء جاء بناء على توافقات واشنطن ” خصخصة القطاع العام أينما وجد” – وكانت له تداعيات اجتماعية واقتصادية كارثية.
• تفاقمت البطالة، ووصلت هذه السنة معدلات غير مسبوقة.
• انزياحات لشرائح اجتماعية جديدة ووقعها تحت خط الفقر.
• تدني المستوى المعيشي لكافة شرائح المجتمع الكادحة والمنتجة.
• تنامي العنف المجتمعي بوتائر غير مسبوقة.
• إحباط الحالة السياسية والاجتماعية مما عزز ظاهرة عدم الانتماء الوطني في المجتمع.
• تدني مستوى التعليم والثقافة.
• تنامي مستويات الفساد، وتحولها إلى آلية للحكم.
في ظل هذه الأوضاع المأزومة، من الطبيعي أن تتنامى النقمة بين صفوف المجتمع ، وخطورة تراكمها، وهو الشيء المنطقي والموضوعي، أن تنتج انفجاراً اجتماعياً غير مسبوقاً، يصعب السيطرة عليه، ونتائجه ستكون كارثية، وخاصة في ظل محيط ملتهب.
هل يمكن الاتفاق على أن الحل الوحيد للخروج من هذه الأزمة، يكمن في تغيير هذا النهج الذي قاد إلى هذه الأزمة الممتدة والمتفاقمة، والتي تحولت إلى أزمة مركبة ومعقدة؟.
يجب أن يكون الجواب نعم، لأن غير ذلك سيؤدي إلى تفكيك الدولة وتفتيت المجتمع، بسبب التشكيلة الاقتصادية – الاجتماعية الماقبل رأسمالية السائدة، تشكيلة المجاميع الماقبل رأسمالية، فلنبحث إذن مرغمين عن الشروط التي يجب توفرها في الدولة وفي المجتمع للخروج من مأزق هذه الأزمة.
المخرج الوحيد المتاح أمام الجميع هو التحول بالدولة والمجتمع من سمة الاستهلاك إلى سمة الإنتاج، لأن وحده هذا المسار هو ما يحقق شرط الخروج من الأزمة، وخاصة وأن كافة العوامل والشروط لهذا التحول متوفرة في المجتمع الأردني، حيث:
• الثروات الطبيعية الهائلة المتموضعة تحت سطح الأرض الأردنية وحيث الكفاءات البشرية، وحيث شروط التراكم الرأسمالي والتراكم المعرفي متوفرة لإحداث هذا التحول، أي القفز من الدولة الريعية ، التي تعتمد على المساعدات الخارجية في تسيير شؤون الدولة والمجتمع، إلى دولة الإنتاج ومجتمع الإنتاج، الذي سيؤدي بالضرورة بالانتقال بالمجاميع الماقبل رأسمالية إلى المجتمع الحديث المزدهر.
أن ردود الفعل النزقة من قبل الدولة ، على سخط أفراد من المجتمع نتيجة واقع مأزوم، يدل على درجة عالية من عدم الثقة بالذات، كما ويدل على عدم استفادة هذه الدولة من التغيرات العميقة التي تحصل في المنطقة،
اليوم سخط أفراد ولكن غداً سيكون السخط للشرائح الاجتماعية الكادحة والمنتجة، فما الذي سيكون في جعبتكم.
سخط الأفراد مفهوم، ولكن التغيير لا يعتمد على السخط، بل على قوانين علمية للصراع، وفي مقدمتها تشكيل حامل اجتماعي لمشروع التغيير من الشرائح الوطنية الكادحة والمنتجة، ، مشروع التحرر الوطني:
1. كسر التبعية
2. تحرير الإرادة السياسية
3. تحرير الثروات الطبيعة والمقدرات الوطنية
4. إحداث تنمية وطنية متمحورة حول الذات الوطنية
5. تحقيق وحدة الأمة العربية.
ليس بالسخط وحده يحصل التغيير، ولا بالنزق تخرج الدولة والمجتمع من الأزمة.
” كلكم للوطن والوطن لكم”
التعليقات مغلقة.