بعثة الصندوق في الأردن … إتفاق جديد مع صندوق النقد الدولي !!!

 

الجمعة 20/5/2016 م …

الأردن العربي … بات من المؤكد أنه سيتم قريباً التوقيع على إتفاق مع صندوق النقد الدولي لبرنامج مدته ثلاث سنوات. وفي ضوء ما يتم تسريبه أو ما يعلن بشكل رسمي أن شروط الصندوق ومعه البنك الدولي ستكون شديدة وقاسية هذه المرة. فقد توافق الجانبان على مطالبة الحكومة الأردنية برفع أسعار الكهرباء والماء خلال عامي 2016 و2017 حتى تصل شركة الكهرباء الوطنية مرحلة بلوغ إسترداد كامل تكاليفها دون الأخذ بنظر الإعتبار، إنخفاض أسعار النفط وأثره على تكاليف إنتاج الكهرباء، والنتائج الإيجابية للتحول الى إستخدام الغاز في توليد الكهرباء.

الصندوق صمم برنامجاً جديداً للسنوات 2016-2018 يتضمن زيادة أسعار الكهرباء والمياه وإلغاء الدعم، وصولاً الى الخبز، وإجراء تعديلات على قانون ضريبة الدخل، رغم أن الأردن من أعلى دول المنطقة ضريبياً. ويعتقد أن الصندوق سيكون متشدداً إزاء تنفيذ شروطه. هذا مع العلم ان رفع الأسعار على المستهلكين والمستمثرين سوف يؤزم الاوضاع الاقتصادية والمعيشية للغالبية الساحقة من المواطنين، ويضعف تنافسية الاقتصادي الوطني، علماً أن فرض المزيد من الضرائب ورفع كلفة الإنتاج ستعيق تعافي الاقتصاد الوطني والخروج من الركود العميق الذي يعاني منه.

إن شروط الصندوق هذه، ستطلق بكل تأكيد موجات متلاحقة من الغلاء، في حين ان الأردنيين يعانون من سوء أوضاعهم المعيشية وخاصة مع إستمرار ارتفاع الاسعار وزيادة معدل البطالة والفقر. علماً أن موازنة العام الحالي تخلو من أي مخصصات لتحسين الاوضاع المعيشية، كزيادة الرواتب وزيادة مخصصات الأسر الفقيرة من صندوق المعونة الوطنية. هذا مع العلم ان المواطنين لم يستفيدوا من انخفاض أسعار المحروقات، حيث بقيت الأسعار عند مستوياتها المرتفعة، بل وارتفعت في كثير من الحالات، رغم ان أغلب السلع تعتمد على المحروقات وكأحد مدخلات الإنتاج الهامة. وتؤكد مجموعة من المؤشرات للآثار السلبية لإرتفاع الأسعار على مستويات المعيشة، وعلى تدني القدرة الشرائية للمواطنين.

حيث يؤكد البنك المركزي، في آخر تقاريره حول الاستقرار المالي، الى ارتفاع مديونية الأردنيين لدى البنوك والمؤسسات المالية بنسبة 15.9% عام 2014 ، مقارنة بنحو 9.2% عام 2013. ويؤكد التقرير أن مديونية الاردنيين بلغت نحو 12.4 مليار دولار عام 2014 مقابل 10.7 مليار عام 2013. ويحذر البنك المركزي الأردني من الارتفاع الكبير لمديونية الأفراد نسبة للدخل المتاح وحجم الثروة. ويفوق حجم معدل نمو مديونية الأفراد معدل النمو في الدخل، مما يدل على حدوث مخاطر للمزيد من الاقراض للافراد. وقد ارتفعت نسبة مديونية الأفراد في الأردن الى دخلهم خلال الأعوام 2008-2014 من 40.4% في نهاية 2008 الى 63.2% نهاية عام 2014. وتعكس هذه الأوضاع حالة الفقر في البلاد . فقد قدرت نسبة الفقر بحوالي 14.4% عام 2010 في حين يقدرر البنك الدولي نسبة الأردنيين الذين يقعون على خط الفقر بـ 37.5% وكشف تقرير حديث للبنك الدولي ان 18.6% من مجموع السكان مهددون بالإنضمام الى قافلة الفقراء.

صندوق النقد الدولي كعادته، وتطبيقاً لسياساته المعروفة، فإنه يلجأ لحل المشاكل المالية للدول من خلال تحميل المواطنين نتائج ما يسمى بالاصلاحات التي يقررها، وأصبح معروفاً أن شروط المؤسسات الدولية هي الأشد وطأة على الشعوب والمجتمعات .

ومن المعروف أن جميع الدول والمجتمعات التي قبلت وصفاتها لم تحصد الا الفقر والتراجع الاقتصادي والغرق في الديون. ويجدر بنا أن نتذكر ما قاله رئيس ماليزيا السابق مهاتير محمد في محاضرة له في عمان “لقد رفضنا مجرد الاستماع لوصفات الصندوق الدولي، وإن أي تعامل معه سيدفع الدول كثيراً وسيكون مصيرها الفشل وزيادة المديونية. مؤسسات التمويل الدولية هي استعمارية بامتياز، علينا الإبتعاد عن شروطها وقروضها وشرورها.

إن إنتشال البلاد من الأزمة الإقتصادية – الاجتماعية، يتطلب، أولاً معرفة الأسباب الحقيقية الني قادتنا الى هذه الازمة لنتمكن من إقتراح الوسائل المفيدة والفعالة للخروج منها.

الازمة الإقتصادية هي ثمرة السياسات التي طبقت خلال جميع المراحل السابقة، والتي تميزت بغياب الإرادة السياسية الوطنية، وتطبيق المنهج التبعي في الإقتصاد والرضوخ الى إملاءات وتوجيهات القوى الخارجية والركون الى الدعم الخارجي الذي كان وما زال سمة للحياة الإقتصادية منذ عشرينات القرن الماضي حتى يومنا هذا.

ولذلك فإن الخروج من الازمة ومعالجة الوضع الاقتصادي المعقد لن يتم بسرعة ويحتاج فترة ليست قصيرة، ولكن بالاستناد الى برنامج محدد وواضح. ومن اهم الخطوات التي ستؤدي الى ذلك:

1- وجود سلطة تمتلك إرادة سياسية وطنية قادرة على صياغة برنامج واضح للتحول الاقتصادي، والمدخل الى ذلك في حياة سياسية وبرلمانية إيجابية.

2- وضع خطة للتحول الإقتصادي تستند بالدرجة الاولى الى التوجه الى إيجاد مجتمع إنتاج مادي والاستفادة من كل المصادر المحلية كالنحاس واملاح البحر الميت والصخر الزيتي ودعم الصناعة في جميع المجالات الممكنة وحماية الزراعة والمزارعين وايجاد قانون لحماية الاراضي الزراعية واستخدامات المياه.

3- توسيع التعاون بين القطاعين العام والخاص، والاهتمام بالقطاع المشترك

4- وضع خطة لمعالجة المديونية العامة، وتكريس المديونية للاستثمار فقط.

5- تكريس العلاقات الاقتصادية الخارجية لخدمة التطور الاقتصادي المحلي وهذه القضايا تتطلب اللجوء الى مختلف اشكال التخطيط الاقتصادي والتي يجب ان تستند الى اصلاح سياسي عميق.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.