مبادرة تتبعها مبادرة … فهل من نتيجة ؟ / ابراهيم ابو عتيلة
ابراهيم ابو عتيلة ( الأردن ) الأحد 22/5/2016 م …
تمر المنطقة بشكل عام والقضية الفلسطينية بشكل خاص بظروف مختلفة لا بد من التوقف عندها للتعرف على المدى التي وصلت إليه مطبات الحلول الهادفة إلى إغلاق ملف هذه القضية ، دون النظر لما يترتب على تلك الحلول من ثمن ، أو إعطاء أصل وجذور القضية القيمة المناسبة لهما ، ودون الاهتمام بانعكاسات تلك الحلول على شعب مازالت غالبيته موزعة بين المخيمات أوفي دول العالم المختلفة ومن هذه الظروف :-
• الواقع الفلسطيني المتمثل بتجذر الإنقسام بين سلطة الحكم الذاتي أو السلطة الفلسطينية من جهة وبين حماس من جهة أخرى وعدم وجود نية صادقة لدى أي من طرفي الانقسام لإنهائه ، ولقد صاحب هذا الواقع دعوات إقليمية ودولية للتدخل فيه وفي شؤون الشعب الفلسطيني وبما جعل من هذا الانقسام أزمة إقليمية تجاوزت حدود الداخل الفلسطيني المحتل ، ولعلنا سمعنا في الآونة الأخيرة عن تلك الدعوة التي وجهتها سويسرا لعقد مؤتمر دولي على أراضيها من أجل انهاء هذا الإنقسام بعد أن فسلت كل الاتفاقيات التي تم توقيعها بين طرفي الإنقسام في دول عربية متعددة ، ليثبت العرب أنهم فاشلون في معالجة أي موضوع على الساحة العربية .
• سعي سلطة الحكم الذاتي في رام الله بشكل حثيث ومندفع للعودة إلى طاولة المفاوضات من أجل استعادة بريقها الخادع والاستفادة من ميزات تلك الطاولة لمنظري المفاوضات ومحترفيها حيث اصبح القائمون على اوسلوستان ” سلطة اوسلو ” يتسابقون في تقديم التنازلات وتبريرها التعاون مع المحتلين كما سمعنا من دفاع عريقات عن التنسيق الأمني ودعوات غيره لمفاوضات شعبية مباشرة لتسوية النزاع أضف إلى ذلك ما يطلقه رئيس السلطة من أمنيات لتحقيق الأمن والأمان للمرأة الصهيونية وشجب العنف واستنكاره وتبنيه منهج المفاوضات منهجاً وحيداً لتحقيق حلمه بدولة على جزء من فلسطين علاوة على موافقة السلطة على المبادرة الفرنسية التي تقدم الكثير الكثير للصهاينة وكأن حلم السلطة ينحصر في ان تصبح دولة وأن يصبح رجالاتها وزراء مهما كان الثمن .
• محاولات حماس المستميتة للتقارب مع النظام المصري ولو كان ذلك بتغيير جلدتها من حيث تأييد التصريحات المصرية وقذف أجهزة الأمن في سلطة رام الله بتهم تتعلق بمحاولة إغتيال الرئيس المصري.
• السباق بين أجنحة فتح المختلفة ( عباس ، دحلان ) لتقديم الخدمات للنظام المصري والتقرب منه لنيل الحظوة ولو كان ذلك على حساب حصار وتجويع المواطنين المصريين في قطاع غزة .
• تهالك الوضع العربي بشكل عام وفقدان القضية الفلسطينية أولويتها من حيث كونها قضية العرب المركزية الأولى لتضيع في غياهب المطبات والحفر والحروب والنزاعات والدمار ومحاولة البعض تضليل البوصلة عن فلسطين .
• التطرف الصهيوني وتغليب اليمين واليمين المتطرف على قرارت الصهاينة فمن قوننة ضم الضفة الغربية إلى تعيين ليبرمان وزيراً لجيش الاحتلال والرفض القاطع لحل الدولتين ورفض المؤتمر الدولي والمبادرة الفرنسية على الرغم من أن تلك المبادرة تحقق كل أحلام الصهاينة إلا جزءءاً من اراضي الضفة الغربية .
• وقوف الجانب الأمريكي بالكامل مع الموقف الصهيوني في كافة المجالات وتسابق المرشحين على موقع الرئاسة الأمريكية ” الرؤساء المحتملون ” لإرضاء الصهاينة بكافة الأشكال والصور وعجز الإدارة الأمريكية الحالية عن القيام بأي دور فيما تبقى لها من عمر .
لقد شهدت الأيام الأخيرة قيام فرنسا بمحاولة تسويق ما يسمى بالمبادرة الفرنسية والعمل على توجيه دعوة لعقد مؤتمر دولي لمناقشة تسوية القضية الفلسطينية دون مشاركة أي من الفلسطينيين أو الصهاينة ، حيث وافقت السلطة في رام الله على المبادرة وعلى عقد الاجتماع الدولي فيما رفض الكيان الصهيوني ذلك رفضاً قاطعاً واتخذت الولايات المتحدة موقف الرفض أيضاً على الرغم من كون المبادرة تستجيب لطلبات الكيان الصهيوني بشكل كبير وكانت حجة الصهاينة أنهم مستعدون للدخول في مفاوضات دون شروط مسبقة ودون إملاءاتمن أحد ، ومما تسرب من نصوصها :
– إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح في حدود الرابع من يونيو/حزيران 1967 ، ع تبادل مناطق بمساحات متفق عليها وعلى أن تستجيب الدولة الناشئة “للاحتياجات الأمنية “الإسرائيلية.
– إجراء مفاوضات لمدة لا تزيد عن 18 شهراً للوصول إلى حل الدولتين لشعبين مع الاعتراف بالطابع اليهودي لإسرائيل.
– حل عادل ومتوازن وواقعي لقضية اللاجئين الفلسطينيين ، بالاستناد على “آلية تعويض “.
– على الطرفين وضع معايير تضمن أمن كلا الدولتين ” إسرائيل” وفلسطين وتحافظ بشكل فعال على الحدود، وتصد الإرهاب وتمنع تدفق الوسائل القتالية ، وتحترم سيادة دولة فلسطين المنزوعة السلاح.
– الانسحاب الكامل للجيش الإسرائيلي من الأرضي المحتلة 1967 ( بعد الاتفاق على تبادل الأراضي ) وعلى مراحل خلال فترة انتقالية يتم الاتفاق عليها.
– اعتبار هذه المبادرة بمثابة تسوية نهائية وليست اتفاقاً مؤقتاً.
وعلى الرغم من الرفض الصهيوني للمبادرة الفرنسية وموافقة سلطة أوسلو عليها إلا أنه يمكن القول بأن هذه المبادرة تلتقي بالقطع وتحقق بالكامل طموح الصهاينة من تبادل للأراضي والإعتراف بيهودية ” الدولة الصهيونية ” .، كما تلغي هذه بشكل قطعي حق العودة واستبدال هذا الحق بالتعويض مناقضةً في ذلك كافة قرارات الأمم المتحدة والشرعية الدولية السابقة، علاوة على تهديد مصير مليون ونصف المليون من الشعب الفلسطيني المقيمين على أرضهم المحتلة عام 1948 ويجعلهم عرضة بشكل مباشر للتهجير القسري من خلال مبدأ تبادل الأراضي التي تنص عليه المبادرة .
وما كادت فرنسا تعلن عن تأحيل عقد المؤتمر الدولي نتيجة لرفض الصهاينة والإدارة الأمريكية لعقده ، حتى خرجت علينا وسائل الإعلام بأخبار عن مبادرة مصرية للسلام بين الفلسطينيين والكيان الصهيوني ، وذلك على الرغم من أن ما قدمه الرئيس المصري ما هو إلا خطوطاً عريضة حيث قال إن إيجاد حل للقضية الفلسطينية سيحقق سلاما أكثر دفئا مع ” اسرائيل ” ، مؤكدا أن هناك فرصة حقيقية لتحقيق السلام في ظل وجود عدة مبادرات إقليمية ودولية مضيفاً بأن “هناك مبادرة عربية وفرنسية وجهودا أميركية ولجنة رباعية تهدف جميعا لحل القضية الفلسطينية ، ونحن في مصر مستعدون لبذل كل الجهود التي تساعد في إيجاد حل لهذه المشكلة” فيما تابع قوله “لو قدرنا كلنا أن نحقق مع بعض حل هذه المسألة وإيجاد أمل للفلسطينيين وأمان للإسرائيليين ستكتب صفحة أخرى جديدة يمكن أن تزيد عما تم إنجازه من معاهدة السلام (بين مصر وإسرائيل)” ، ودعا الفلسطينيين إلى توحيد صفوفهم في ظل الخلافات القائمة بين فتح وحماس واستعداد بلاده للعب دور الوساطة بين تلك الفصائل، مشددا على أن ذلك لا ينبع من سعيها للبحث عن دور ريادي “لكنها مستعدة لبذل كل الجهود لحل المشكلة، كما دعا الأحزاب والقوى الإسرائيلية إلى أن “يتوافقوا من أجل حل لهذه الأزمة وخلق أمل ومستقبل أفضل لهم واستقرار وتعاون حقيقي”، مؤكدا أن هناك فرصة حقيقية لتحقيق السلام في ظل وجود عدة مبادرات إقليمية ودولية أهمها مبادرة السلام العربية والمبادرة الفرنسية للسلام.
حيث يتضح من خطاب الرئيس المصري بأن مرجعية استعداد مصر للمساهمة في حل القضية الفلسطينية هي إما المبادرة العربية للسلام التي ما زالت ” إسرائيل ” تتجاهلها ولا تقبلها أو المبادرة الفرنسية للسلام والتي رفضتها ” إسرائيل” بشكل أكثر وضوحا من رفضها للمبادرة العربية الأمر الذي يستلزم من الجانب المصري توضيحاً أكثر لمبادرة الرئيس المصري .
وكالعادة رحبت السلطة الفلسطينية بما جاء على لسان الرئيس المصري ومبادرته للسلام والمصالحة كما رحبت حماس بخطابه ، فيما اهتمت وسائل الإعلام الصهيونية بما أسمته بالمبادرة المصرية ونية الحكومة الصهيونية إرسال وفد للقاهرة لبحث بنود المبادرة والاستفسار عنها من الجانب المصري حيث استغلت تلك الخطوة والمبادرة المصرية إن جاز التعبير لتوحيد الجانب الصهيوني والنية لتشكيل حكومة وحدة وطنية يشارك بها حزب العمل برئاسة هيرتسوغ والذي سيرافق نيتنياهو بزيارته المتوقعة لمصر حال تشكيل حكومة الوحدة الوطنية .
وربما من حق الفلسطينيين كما أن المنطق يستلزم من الجانب المصري توضيحاً لمبادرته ضمن بنود وتواريخ محددة للتمكن من دراستها واتخاذ الموقف منها لا أن تترك ضمن خطوط عريضة قد يستغلها الصهاينة الذين يسعون لتوحيد صفوفهم ضمن حكومة وحدة وطنية مقابل وضع فلسطيني متأزم تسود فيه حالة انعدام الثقة وتبادل الاتهامات وسوء النوايا ووضع عربي ممزق ودول عربية غارقة بالحروب والدمار والفرقة من ليبيا إلى اليمن والعراق وسوريا وشعوب عربية أصابها اليأس من كل ما يدور ، فكل ذلك وكل ما يسود المنطقة من أوضاع لا يصب إلا في مصلحة الصهاينة الرافضين للسلام والمتآمرين على شعبنا العربي أينما وجد .
التعليقات مغلقة.