الميدان ودوافع التحرك الأمريكي نحو الرقة والموصل…والنتيجة؟ / د. أمين محمد حطيط
د.أمين محمد حطيط ( لبنان ) الإثنين 23/5/2016 م …
رغم ادعاءاتها بحرصها أو سعيها إلى حل الأزمة السورية بالسبل السلمية فان الولايات المتحدة الأميركية تستمر في إعادة وضع الخطط وتغيير التكتيكات المعتمدة في العدوان على سورية، وقد كان أخيرا ما قيل أو روج الحديث عنه من خطة أميركية وصفت بانها الخطة ب البديلة للحل السلمي ان فشل في تحقيق الأهداف المتوخاة منه.
وهنا لا بد من التأكيد بان الحل السلمي بالمنظور أو المفهوم الأميركي يعني تسليم سورية لأميركا طوعا وإلا تكون العودة إلى الميدان لانتزاع سورية من يد أهلها قسرا وفرض الانتداب والوصاية الأميركية عليها. فأميركا رغم كل ما حصل حتى الأن لا يبدو انهها غيرت من أهدافها أو راجعتها وتراجعت عن السعي لاستعمار سورية كلها أو تفتيتها لإنشاء الكيانات المتصارعة التي تهدر الوحدة السورية بالتناحر الذاتي بين تلك الكيانات.
وفي أخر المناورات الأميركية وفي سياق ما اسمي الخطة البديلة ب، يأتي ما يروج الأعلام الغربي له نقلا عن المسؤولين الأميركيين انه عزم أميركي على وضع اليد على الرقة مترافقا مع وضع اليد على الموصل العراقية وهنا تطرح الأسئلة المتصلة بهد الموضوع لجهة الإمكانية والكيفية والأداة والوسيلة المستعلة للتنفيذ.
نطرح هذه الأسئلة وفي ذهننا و ذاكرتنا ان هناك قرار أميركي شبه نهائي يكاد يكون غير قابل لإعادة النظر اتخذ منذ العام 2010 من خلال ما اسمي المفهوم الاستراتيجي للحلف الأطلسي للعقد الثاني من القرن الواحد و العشرين ، ففي هذا المفهوم – الوثيقة نص على أغلاق الجبهات التي تعمل فيها الجيوش التقليدية للأطلسي في كل الشرق الأوسط ، و سحب القوات العاملة فيها و عدم أرسال قوى جديدة بديلة ، و عطفا على هذا النص اتخذت دول الأطلس علانية مواقف و قرارات بالامتناع عن أرسال قوات برية مقاتلة إلى منطقة الشرق الأوسط ، و أعلنت أميركا اكثر من مرة التزامها بهذا الموقف ، ما يعني ان أميركا لن تدخل الموصل العراقية أو الرقة السورية التي تدعي إنها تريد تحريرها من داعش ، لن تدخلها بقواتها الذاتية و لكن ستدخلها بقوات تعدها و تعمل بأمرتها و بدعمها فمن هي هذه القوات ؟
قد يظن ان أميركا ستستعين بالجيش التركي النظامي لتنفذ المهمة في الرقة لكن الأمر مستبعد و بشكل شبه قاطع و أكيد لاعتبارين الأول يتصل بما سبق و ذكرنا من امتناع الأطلسي عن خوض حروب على جبهات جديدة بقواته التقليدية في الشرق الأوسط و تركيا عضو في هذا الحلف ، أما الثاني و الأهم فيتعلق بالعجز الأميركي عن تبرير و تسويق و حماية التدخل العسكري التركي لأنه ان حصل دون تنسيق مع الحكومة السورية سيعتبر عدوانا تترتب عليه مفاعيل العدوان القانونية و الميدانية و لا تستطيع تركيا و أميركا تحمل تبعات ذلك لهذا تسقط فكرة الجيوش التقليدية النظامية التي يمكن ان تستخدمها أميركا في مهمة الرقة .
وبعد هذا الاستبعاد لا يبقى في الميدان في الذهن الأميركي ألا قوات الحماية الكردية التي أسبغت عليها أميركا حمايتها ومنحتها دعمها وطورت علاقتها بها لتكون بمثابة الأداة العسكرية التي تعتمد عليها في الميادين التي لا تستطيع العمل بها بقوات أخرى. ولهذا فان “تحري الرقة ” سيكون على يد نلك القوات لدعم جوي من طيران التحالف الأميركي، عمل تتوخى منه أميركا الأهداف العملانية -السياسية التالية:
1) رسم خط احمر أمام الجيش العربي السوري وحلفائه ومنعهم لعد تحرير تدمر، من التقدم إلى الرقة ذات الأهمية الاستراتيجية والخصوصية المنفردة التي يكون في تحريرها ضربة قاصمة للمشروع الإرهابي الذي تعتمده أميركا لإخضاع سورية.
2) إقامة توازن ميداني استراتيجي بين الرقة والتذمر يقلص الفارق في الأحجام وأهمية الأوراق التفاوضية بين معسكر العدوان على سورية بقلادة أميركية ومعسكر الدفاع عن سورية، هاصرة وان مسكر الدفاع حقق في الأوان الأخيرة إنجازات ميدانية قلبت المشهد راسا على عقب.
3) تمكين قوات لحماية الكردية من توسيع مناطق نفوذهم وسيطرتهم على ارض سورية إضافية خاصة عند سد الفرات وبحيرة الأسد بما يعطيهم جواز مرور لامتلاك مقعد مستقل في جنيف ويدفعهم للابتعاد أكثر فأكثر عن الحكومة المركزية في دمشق ودفعهم لاستعادة النموذج الكردي العراقي بالحكم الذاتي الجاهز لإعلان الاستقلال الناجز في فرصة أو لحظة مناسبة تلوح في الأفق، ويكون ذلك فصل رئيسي من الفصول التنفيذية لخطة تقسيم سورية بعد ان عجزت أميركا عن السيطرة عليها بكاملها.
ولكن الأخطر من هذا هو الهدف الاستراتيجي الأميركي من العودة المتدرجة إلى العراق ومن ثم إلى سورية وبسط احتلال مقنع من غير قتال يبدأ مفارز التدريب المزعومة وينتهي بإقامة القواعد العسكرية فيهما على غرار ما أقامت دول أطلسية أخرى من قواعد عسكرية في الخليج من عمان إلى الكويت مرورا بالأمارات وقطر والبحرين والسعودية. فالعراق الذي رفض خلال التفاوض لأجلاء قوات الاحتلال الأميركي وضغط بمقاومته على تلك القوات فانسحبت دون ان تقيم القواعد العسكرية الخمس الكبرة التي كان مخططا لها، بات اليوم ميدانا لحركة ووجود أكثر 7000 جندي أميركي تحت عناوين مختلفة ويلوح الأمين العام للحلف الأطلسي بان الحلف بصدد أرسال قوات جديدة اليه يتكامل مع وجود تحالف دولي جوي يقدم الدعم لقوات حليفة من اجل تحرير الموصول وحمايتها.
، وسورية التي استعصت عن الأميركيين خلال العقود السابقة ومنعتهم من أي سيطرة أو وجود عسكري على أراضيها باتت اليوم في العين الأميركية وتستعد أميركا للجود عسكري غير مباشر ينقلب إلى مبالا ان ستطاع وجود بدا بإرسال 250 جدتي لتذيب الأكراد م يتطور ليوم بإقامة المنومة القتالية التكاملية بين القوات الجوية الأميركية وقوات الحماية الكردية تحت عنوان تحرير الرقة بسكب يجعل النفوذ الكردي المستجد ولمدعوم أميركيا يمتد دونما انقطاع من الموصل الليالي الرقة وبحماية ودعم أميركي.
وحتى يكتمل تنفيذ هذا المخطط يمتنع الأميركي عبر وفد الرياض المسير ظاهرا بالقرار السعودي والمنصاع كليا للقرار الأميركي يمتنع عن العودة إلى التفاوض ويستجيب ممثل الأمم المتحدة العامل بالقرار الأميركي أيضا يمتنع عن تعيين موعد جديد للتفاوض ويفصح مسؤول المخابرات البريطانية السابق ساورز عن سبب ذلك بقوله ان “الأرجحية القائمة في الميدان تعطي روسيا وإيران الفرص لفرض أرادتهما في جنيف ” ولذلك تجد أميركا نفسها مضطرة لفعل شيء ميداني هام في مواجهة هذا الواقع. ولكن هل سيكون لأميركا ما تريد وهل سنتيح في تنفيذ خطتها؟
أننا وبكل موضوعية نقول ان أميركا التي عادت إلى العراق وتحاول إرساء امر واقع يتيح لها إنشاء القواعد العسكرية لن تجد الأمر يسرا في ظل وجود الحشد الشعبي والرفض السياسي لها وكما ووجهت بالرفض قبل 6 سوأت فان الرفض لن يكون اقل اليوم وان ما ينتظر أميركا من مقاومة لن يكون اقل مما واجهته في السابق، وخديعتها في الموصل لن تكون سهلة التحقق ولن تستطيع مهما فعلت ان تنجح في إقصاء الحشد الشعبي العراقي عن الموصل.
أما في سورية فان الظروف الموضوعية والإرادة السورية الذاتية المدعومة بشكل مطلق من الحلفاء لن تعترف ولن تسلم بخطوط أميركية حمراء ولن تتخلى سورية عن الرقة كما إنها لم ولن تتخلى عن الحسكة والقامشلي وأي منطقة سورية وإذا كانت أميركا استثمرت خديعة الهدنة لتمرير الخطة الجديدة فان الإنجازات العسكرية الهامة التي تحققت في الأيام الأخيرة في الغوطة الشرقية كفيلة بأفهام أميركا ان خطتها الخبيثة لن تمر ولن تمس وحدو سورية ولن يكون لها فيها قواعد عسكرية. ما الاستنتاج الرئيسي من كل ما ذكر فنراه منحصرا في القول ان الخداع والمناورات الأميركية جعلت كل المسارات والطرق مقفلة في وجه الحلول في سورية وأكدت ان الميدان وحده هو الذي يحدد الوجهة ويفرض القرار وأننا أمام معسكرين معسكر يصر على العدوان ويناور ويراوغ ومعسكر مصر على الدفاع وجاهز لتقديم التضحيات مهما بلغت وواثق من النصر الأكيد كما أكد السيد حسن نصر الله في ذكرى الشهيد مصطفى بدر الدين.
التعليقات مغلقة.