آهات من وجع الهوان ( شعر ) / عبد الله ضراب الجزائري
عبد الله ضراب الجزائري – السبت 24/7/2021 م …
* عندما يشتدُّ وجع الهوان وتعقم العقول تهرول كلمات الحيارى في صحارى اليأس لعلّها تأوي إلى يقظة قريبة ، ذالك هو مضمون هذه الصرخة اليائسة .
***
ثَارَ يأسي وحطَّمَ الآهُ أُنْسِي … وَتوالَى كَغارِبِ المَوْجِ بُؤْسِي
صِرتُ أنسى مَباهِجَ العَيْشِ غَمًّا … واضطراباً ، فَحِدَّةُ الغَمِّ تُنسِي
كنتُ أرجو وكنتُ أحلُمُ حِيناً … فأقامتْ حوادثُ الدَّهرِ يَأسِي
لستُ أدري أفُسْحَةُ الرَّوْحِ وَلَّتْ … أم أصابتْ غوائلُ الضُّرِّ حِسِّي
كيفَ أسلو وفي الفؤادِ نُدوبٌ … مِنْ رزايا تَؤمُّ يومي وأمسِي؟
أين ديني ؟ وأين وحدةُ قومي؟ … أين عزِّي؟ وأين عزَّةُ قدْسِي؟
قد توارتْ مَواقِفُ العِزِّ حَتَّى … قِيلَ صلُّوا على الدَّفينِ بِرَمْسِ
كيفَ أرجو وشعبُنا في سُباتٍ … يُهْدِرُ العيشَ خَلْفَ نَهْشٍ وَلَحْسِ ؟
بلْ يُبيدُ الودادَ في إثرِ حَظٍّ … هَيِّنِ الشَّأنِ باعْتراكٍ ورَفْسِ
أترى أعبرُ الحياةَ تَعِيسا ً…ضَامِئَ القلبِ نحوَ لحظةِ أنْسِ؟
أم ترى يَنبعُ الرَّجاءُ بقلبي ؟… ينزلُ الغيثُ في الشِّغافِ ويُرسِي ؟
أترى يرجعُ الرَّشادُ لشعبي ؟ … يفهمُ الدَّرسَ بعد دَرْسٍ ودَرْسِ ؟
***
خابَ قومٌ تهافتوا دونَ وعيٍ … في صراعٍ يَجُرُّناَ نحوَ نَكْسِ
هَتَكُوا السِّتْرَ بالهوى واسْتقرُّوا … في مَهَاوي الرَّدَى تَعُجُّ بِتَعْسِ
ضَحِكَ الكونُ من فسادِ رُؤاناَ … وازْدرَاناَ تَرَفّعًا كلُّ جِنسِ
قد رَمينا ستائرَ النُّورِ عَنَّا … وانقسمنا ما بين رومٍ وفُرسِ
عادَ سوقُ العبيدِ يَرْهنُ شعبي … في بطونٍ وفي فروجٍ وكُرْسِي
كلُّ فَردٍ مُعلقٌ بِأَنَاهُ … يَطمسُ الحقَّ بالهوى أيَّ طَمْسِ
لا يُراعِي هُدَى المُهَيْمِنِ عَمْدًا … يُزْهِقُ الرُّوحَ أو يخونُ ويَحْسِي
صارَ عِبْئًا على العقيدةِ يُؤذي … أحرفَ النُّورِ في الهدى مثل نَجْسِ
فغدَتْ صيحةُ الدُّعاةِ كَشُؤم ٍ… ” نائحاتٌ على العريسِ بِعُرْسِ ”
فقدُوا الصِّدقَ فارتضوْا كلَّ دُونٍ … وشَرَوْا هاديَ القلوبِ بِبَخْسِ
راقب الأرضَ فالظَّلامُ شديد ٌ… أين ذكرٌ هَدَى العقولَ كَشمْسِ؟
قد تمادتْ سهامُ كفرٍ عنيدٍ … تتوالى فلا تُردُّ بِترْسِ
أين أهلُ العقيدةِ المصلحونا … من يَشُدُّونَ في الكتابِ بِضرْسِ ؟
كم ْحراكٍ يُبدِّلُ الظُّلمَ كُفرًا … يَخدعُ الأنفس الصِّغار بِلَبْسِ
أتلفَ الودَّ واجتبى نَهْجَ حقدٍ … أغرقَ النَّاسَ في هوانٍ ورِجْسِ
وكأنَّ الشَّبابَ من فَرْطِ طَيْشٍ … قد أُصيبوا بِعلَّةٍ أو بِمَسِّ
دفَنوا العزَّ بالصِّراعِ غباءً … هَدموا الأمنَ والسَّلامَ بِفَأسِ
يَمتطيهمْ بَنُو اليهودِ جِهارًا … ويُساقونَ للهلاكِ بِقِسِّ
***
إنّ نهجَ الصِّراعِ نهْجُ هَوانٍ … يَجعلُ السَّيِّدَ العزيزَ كَحِلْسِ
تلكَ في الدَّهرِ سُنَّة ٌقد وَعَاهاَ … في البرايا ذَوُو عقولٍ وحَدْسِ
ليسَ يُجْدِي هُدَى الإلهِ إذا ما … غُيِّبَ العقلُ عندَ جِنٍّ وإنْسِ
التعليقات مغلقة.