نعم! إنه التنمر / د. ذوقان عبيدات
لنتفق أولا على أن التنمر: هو عدوان أو شكل من أشكال العدوان قد يكون لفظيّا أو جسديّا أو جنسيّا أو اجتماعيّا أو سياسيّا أو عسكريّا.
وأن مصادر التنمر هي في امتلاك قوة أو فائض قوة ضد خصم لا يمتلك مثل هذه القوة. وهذه المصادر قد تكون عضلات أو أدوات أو قيمًا أو معتقدات أو سلاحًا لا يمتلك مثله الخصم! فالتنمر يحدث نتيجة تباين القوى والمصادر، ووجود طرفين يمتلك أحدهما شرعية ما حتى لو كانت غير شرعية!
فقد يمتلك طرف ما قوة عشائرية أو حزبية أو كما قلت لغوية أو دينية أو علمية أو عقائدية أو اقتصادية وغيرها.
فتوظيف العشيرة ضد من ليس له مثلها هو تنمر، وتوظيف البلاغة ضد العيّي هو تنمر، فشعراء الهجاء سادة التنمر، وتوظيف قيم المجتمع ضد من يناقشها هو تنمر، وإقحام المال والعلم ضد الآخرين هو تنمر، فالطبيب متنمر إذا قرر علاجًا خاطئًا أو موعدا خاطئا لعملية، وإقحام غير الفكر في مناقشة قضايا فكرية أو علمية بغرض الإقصاء أو التكفير هو تنمر. وقد قالوا: كم عالمًا قتل بفتوى غير دقيقة وكم رجل دين أُنقذ بفعل عالم!
هذه كلها أشكال التنمر: اسرائيل تتنمر على الأطفال والدول، والابتزاز تنمر، والتصويت الديمقراطي هو تنمر الأكثرية في إسكات الأقلية، وقيل أيضًا إن خمسين أُميّا يتفوقون على تسعة وأربعين عالمًا!! أليس هذا تنمرًا؟!!
إذن هناك تنمر سياسي وعددي وعسكري يتخذ ذرائع عديدة في مقدمتها قيم وعقائد وتقاليد وعادات مجتمعية أو فكرية أو دينية.
واتخاذها سلاحًا ضد من يختلف أو ضد المغايرين، فالمسايرة نجاة، والمغايرة تهلكة!
لماذا هذه المقدمة الطويلة؟ هل لأجيب عن سؤال ورد من زميل: ما هو التنمر؟ أم عن سؤال ماذا يحدث في مجتمعنا هذه الأيام؟!!
لقد عبئوا المجتمع ضد مقالة أو تغريدة ولكن أحدًا ما لم يناقش المضمون! بل نبشوا في التاريخ بحثّا عما يمكن أن يُدين لا بحثًا عما يمكن أن يُنير!!
عبئوا المجتمع ضد تعبير وكانوا الأكثرية. وفي الديمقراطية حكم الأكثرية مقبول، لكن في – الشعر-وهو قيمة اجتماعية:
تُعيّرنا أنّا قليل عددنا فقلت لها إن الكرام قليل!!
لقد أدت تغريدات ومقالات إلى بعث مصطلحات القرون الوسطى: الهرطقة والزندقة والإلحاد! فمتى ينتهي التنمر؟؟
التعليقات مغلقة.