ليبرمان يعكس الوجه الحقيقي للكيان .. وثمن الإئتلاف! / د. فايز رشيد

 

د. فايز رشيد ( الأردن ) الخميس 26/5/2016 م …

”قال المحلل العسكري في القناة الأولى للتلفزيون الإسرائيلي أمير بار شالوم: إن قيادة الجيش ترى في تعيين ليبرمان اشكالية، فليبرمان سياسي يميني متطرف، وانتقد الجيش كثيرا، خاصة خلال العدوان على غزة عام 2014، عندما دعا إلى إعادة احتلال قطاع غزة وتسويته بالأرض, والقضاء على حركات المقاومة، وضرب السلطة الفلسطينية اقتصاديا كي تنهار.”

ــــــــــــــــــــــــــــــ

من المتوقع أن يتم استكمال الاتفاق بين حزب الليكود الصهيوني الفاشي الحاكم، وحزب “اسرائيل بيتنا” الأكثر فاشية بزعامة الما بعد فاشي ليبرمان، اليوم الجمعة (20 مايو/أيار الحالي 2016) على أن يكون ليبرمان وزيرا للحرب. ذلك حتى يتسنى عرض الائتلاف الجديد على الكنيست، خلال الأيام القليلة القادمة، وبذلك، ستتحرر الحكومة الحالية من الأغلبية الضيقة، التي ترتكز عليها، لتصبح أغلبية من 67 نائبا من اصل 120 نائبا، وهي أغلبية قادرة على أن تضمن لنتنياهو الاستمرار في حكومته، حتى يومها الأخير، وفق القانون، اي حتى خريف عام 2019. نتنياهو لن يواجه أية معارضة من أحزاب الائتلاف الحاكم,على ضم ليبرمان وتوزيع الحقائب من جديد، فيما تقدر مصادر حزبية صهيونية، أن يُجري نتنياهو تغييرات في الحقائب الوزارية. (حتى أمس الخميس 19 أيار الحالي) لم يكن واضحا ما هو قرار موشيه يعلون!، فهل سيقبل بحقيبة الخارجية، التي يعرضها عليه نتنياهو؟ حسب مصادر في حزب الليكود، فإن يعلون لم يقرر الخروج من الحكومة كليا، ما سيؤجج خلافا أشد داخل “الليكود”.

تقول تسريبات من جهة, والصحافة الإسرائيلية من جهة اخرى: ان التوصل إلى اتفاق بين الطرفين اصبح وشيكا. معروف ان ليبرمان شغل منصب وزير الخارجية بين الأعوام (2009-2012 ثم 2013-2015) وهو شخصية غير محبوبة لدى الفلسطينيين والعرب والغربيين عموما, بسبب تصريحاته الواضحة جدا, والتي تعكس حقيقة العنصرية والفاشية السائدة في دولة الكيان. مع العلم, أن نتنياهو يحمل ذات التوجهات, ولكن لأسباب سياسية تكتيكية بحتة, يحاول تغليفها بورق سوليفاني لتبدو مقبولة من حلفائه الغربيين. نعم, تثير عودة ليبرمان إلى الساحة وزيرا من جديد, عددا من التساؤلات وقلق في المجتمع الدولي فيما يتعلق بسياسة حكومة نتنياهو, خاصة حول الصراع العربي الفلسطيني – الصهيوني الاسرائيلي. ففي 2015 اقترح ليبرمان “قطع الرؤوس بالفؤوس” عقابا لكل من لا يكن الولاء من عرب منطقة 48 , للدولة الصهيونية. كما انه كان مكروها لدى الاوروبيين عند توليه وزارة الخارجية, حتى بعد استبعاده من المفاوضات مع الفلسطينيين. وهو من مؤيدي فكرة تبادل الأراضي بسكانها مع الجانب الفلسطيني, ذلك للتخلص من أكبر نسبة من عرب منطقة 48 على قاعدة الشعار الصهيوني المعروف (أرض أكثر وعرب أقلّ).

هذا وقد قال الكاتب الاسرائيلي جدعون ليفي في مقاله له (أمس الخميس 19 آذار الحالي) في صحيفة هآرتس: لقد حدث شيء ما في اسرائيل, محظور الاستخفاف به ولو للحظة. فإن مجرد الاقتراح على ليبرمان بأن يكون وزيرا للحرب، هو رفع علم أسود لم يسبق أن رُفع مثله، وهو تجاوز لخط احمر لم يسبق أن تم تجاوزه. الحديث يدور عن اقتراح غير شرعي لأن ليبرمان هو شخصية غير شرعية في الأصل، حتى لو انتُخب في انتخابات ديمقراطية. فلأول مرة في تاريخ “الديمقراطية الإسرائيلية” يتحول خطر الفاشية إلى أمر حقيقي وفوري. هذا, وأكد عدد من المحللين العسكريين الإسرائيليين المعروفين بقربهم من قيادة جيش الاحتلال، وجود حالة من التوتر بين قادة الجيش، إثر قرار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ضم أفيجدور ليبرمان إلى حكومته، واسناد حقيبة الحرب له، بدلا من موشيه يعلون، لتصبح الحكومة الأكثر يمينية وتطرفا في تاريخ الكيان, رغم أن يعلون ليس بعيدا في أفكاره عن ليبرمان، إلا أنه، بحسب المحللين، يبقى منصتا أكثر لتقييمات قادة الجيش، بينما أكثر ليبرمان في الأشهر الأخيرة, من انتقاداته للجيش ووزيره، مطالبا إياه بشن حرب على قطاع غزة، والعمل على حل السلطة في الضفة الغربية.

من جانبه, قال المحلل العسكري لصحيفة “هآرتس” عاموس هارئيل في مقاله له في صحيفة “هآرتس”: إن قيادة أركان الجيش تلقت قرارا بتعيين ليبرمان بمفاجأة كاملة، وبتخوفات ليست قليلة. وتماما مثل وزيرهم يعلون، فإن الجنرالات لم يتوقعوا قرارا سياسيا سخيفا كهذا، نسجه رئيس الوزراء. وأوضح المحلل يوسي يهوشع، في مقال في له صحيفة “يديعوت أحرنوت”، أن الخوف ليس من وزير حرب مدني، أو من كونه رجل يمين، وإنما التخوف من شخص لا ضوابط له، يطلق تصريحات متطرفة، وغالبا ضد مواقف وتقييمات الأجهزة الأمنية، وهذا بالذات من سيتم تكليفه لإدارة شؤون الأمن. وحذر من الثمن الذي سيكون لهذا التعيين، قائلا: إن “الجيش ليس ملعب تنس، وإذا لم يفهم ليبرمان المخاطر والمسؤولية في هذا المنصب، فإن جهاز الأمن سيكون غارقا في مشكلة”.

وقال المحلل العسكري في القناة الأولى للتلفزيون الإسرائيلي أمير بار شالوم: إن قيادة الجيش ترى في تعيين ليبرمان اشكالية، فليبرمان سياسي يميني متطرف، وانتقد الجيش كثيرا، خاصة خلال العدوان على غزة عام 2014، عندما دعا إلى إعادة احتلال قطاع غزة وتسويته بالأرض, والقضاء على حركات المقاومة، وضرب السلطة الفلسطينية اقتصاديا كي تنهار. كما أفاد المحلل العسكري البارز رون بن يشاي، في مقال له في موقع “واينت” الاخباري على الانترنت، إن نتنياهو يخاطر بالأمن القومي بصورة غير معقولة’ بتعيينه ليبرمان وزيرا للحرب. وأضاف بن يشاي قائلا، إن من سيجلس في مقر وزارة الحرب في تل أبيب الآن, هو الشخص الذي اقترح قصف سد أسوان, وتحويل غزة إلى ملعب كرة قدم. ولنذكر أن ليبرمان تحول بعد هذه التصريحات إلى وزير خارجية غير مرغوب فيه في مصر. وليس صعبا تخيل كيف سيكون رد فعل الرئيس المصري عبد الفتاح) السيسي عندما يعرف من هو وزير الحرب في إسرائيل. وحذر المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس” أمير أورن، من أن ليبرمان وهو الشخص الذي ستكون اصابعه فوق الازرار الحساسة جدا. وهو الذي سيقرر وليس نتنياهو من سيكون رئيس هيئة الاركان القادم. وبدون موافقته لن يتم تعيين أي جنرال أو رئيس للاستخبارات العسكرية أو قائدا لسلاح الجو أو منسق الاعمال في الضفة الغربية وقائدا للمنطقة الوسطى. لأن هذه مناصب حيوية ومهمة للمستوطنين. كما انتقد النائب والشخصية البارزة في حزب “الليكود” بنيامين بيجين قرار نتنياهو وقال، إن هذا تعيين مهووس. في نفس السياق جاء تصريح وزير الحرب الأسبق موشيه آرنس، (90 عاما) من حزب الليكود.

من جهة أخرى قال يعلون بشكل غير مباشر، في خطاب له أمام اجتماع لضباط جيش الاحتلال، إنه يوجد فقدان بوصلة أخلاقي في مسائل أساسية، وهي مفهومة تلقائيا لدي. ولو تعين عليّ إعطاء نصيحة ذهبية، فهي السير بموجب بوصلة وليس وفق “دوارة’ التي تدل على اتجاه الريح. ويبدو أن يعلون كان يلمح بأقواله هذه إلى نتنياهو المتهم بأنه يريد تعيين ليبرمان بسبب الأجواء السائدة في اليمين”.

الثمن الذي يدفعه نتنياهو, هو موافقته على اقتراح ليبرمان بقانون إعدام المقاومين الفلسطينيين. هذا وتشير الانباء إلى أن نتنياهو وافق قبل يومين على القانون. بالمعنى العملي , وبغض النظر عن وجود نتنياهو رئيسا للحكومة وأن ليبرمان وزيرا فيها, وبالرغم من أن قرار الحرب هو من اختصاص الحكومة ومجلسها الوزاري المصغر, لكن ليبرمان سيكون قادرا على إحداث متغيرات في السياسة الإسرائيلية ستنعكس فلسطينيا وعربيا بمعنيين, الأول: تمثيله الصحيح للسياسات الصهيونية الحقيقية في التعامل مع الفلسطينيين والعرب. الثاني, هو انزعاج حلفاء الكيان من وجود وزير كليبرمان في الحكومة الإسرائيلية. بدوره, فإن نتنياهو سيحاول ضبط تصريحات وزيره, لكنه لن يستطيع, فليبرمان هو بيضة القبان في الائتلاف الحكومي الحالي. المهم لنتنياهو, البقاء على رأس الحكومة جتى عام 2019, ليضمن أنه رئيس الوزراء الإسرائيلي الأطول مدة في رئاسة الحكومة, ويسعى أن يكون بطلا صهيونيا كديفيد بن غوريون. نتنياهو لديه نزعات ذاتية في شخصيته, تتضح لمن يقرأها في كتابه “مكان تحت الشمس”. الأهم أن لا النظام الرسمي العربي ولا السلطة الفلسطينية ولا كل الغرب وعلى رأسه اميركا, سيكونون مرتاحين لهذا التعيين.

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.