“المصافحة اعتراف”.. السعودية تواجه “إسرائيل” في الأولمبياد وتطرح “فلسفة” جديدة!

لم تغب القضية الفلسطينية عن المشهد الرياضي في العالم. دائماً ما كانت قِبلة القلوب حاضرة في أذهان الكثير من الأحرار ووجدانهم، من مشجعين ولاعبين وأندية ومنتخبات.

هتافات ورايات وشعارات كانت، وما زالت، ترفع لدعم فلسطين في مختلف المحافل الرياضية والمسابقات. كل هذا الدعم يأتي في وجه ممارسات الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين وأصحاب الأرض.

في أولمبياد “طوكيو 2020″، فلسطين حاضرة في رياضات الجودو والسباحة ورفع الأثقال، وفلسطين حاضرة أيضاً في وجدان الشرفاء في العالم العربي، الذين قرّروا الانسحاب من المنافسات لتفادي مواجهة لاعبين إسرائيليين، لأنهم يعلمون جيداً أن “المصافحة اعتراف”، وأن اللعب ضد أي لاعب إسرائيلي يعني الاعتراف بوجود كيان غاصب في أرض ليس له فيها أي حق.

في منافسات الجودو، كان من المفترض أن يواجه الجزائري فتحي نورين خصمه محمد عبد الرسول. بعدها، كان الفائز سيواجه لاعباً من كيان الاحتلال، لكنهما رفضا وانسحبا وسجلا اسمهما في لائحة الشرفاء والأبطال الذين انتصروا لفلسطين، ولم يهتما بأي عقوبات قد تفرض عليهما. العالم قد ينسى اسمهما لأنهما لم يدخلا المنافسات ولم يظهرا على الشاشات أمام الملايين، ولكن المحبين والمدافعين عن فلسطين من العرب وغيرهم، سيحفرون اسمهما في الذاكرة إلى الأبد.

وفي مقابل تسطير المواقف الشجاعة من أفريقيا، والانتصار للسودان والجزائر وفلسطين، في شبه الجزيرة العربية ستسجل لاعبة الجودو السعودية تهاني القحطاني موقف عار وذل؛ موقفاً تطبيعياً بامتياز، بحيث ستواجه البالغة من العمر 21 عاماً لاعبة إسرائيلية في منافسات الجودو يوم الجمعة (30 تموز/يوليو).

أيّ رسالة ستوجهها القحطاني من “طوكيو 2020” إلى الجيل الصاعد؟ إنها رسالة في فن التطبيع وعدم الاكتراث بالقضية الفلسطينية. إنها رسالة إلغائية لشعب يملك الحق كله في الدفاع عن أرضه التي سُلبت منه، وكأنَّ السعودية، بمشاركة القحطاني، تردّ على الجزائري والسوداني، وتحاول فرض توجه رياضي جديد تحت ذريعة “السلام والوحدة بين الشعوب”.

بمجرّد أن تلعب أمام أي رياضي إسرائيلي، فإن هذا التصرف يقودك إلى الاعتراف به وبوجوده وبحقه في أن ينشئ دولة على أرض محتلة. وفي حال فازت القحطاني ووجهت رسالة إلى فلسطين، ماذا ستقول؟ انتصرتُ لفلسطين! إنَّ الانتصار لفلسطين بالنسبة إلى كثر من الرياضيين يكون بالانسحاب، وهو أمر تبناه رياضيون في السنوات الماضية، ليس خوفاً من الخسارة، وإنما رفضاً للاعتراف والتطبيع والاحتكاك بأي رياضي من الكيان المحتل، ومن دون أي تردد وخشية من عقوبات أو خسارة عقود رعاية.

 

 

 

وفي الوقت الذي استهجن كُثر قبول اللاعبة السعودية اللعب أمام الإسرائيلية، رأى آخرون أن قرارها في الانسحاب قد يبدو “مهزلة” رياضية، إذ عليها التغلب على نظيرتها وإهداء انتصارها لفلسطين، وهي “الفلسفة” التي لم يتبنَّها رياضيون عرب قبلها.

في وسائل التواصل، ثمة من رأى أن وضع اللاعبين العرب في مواجهة لاعبين إسرائيليين أمر متعمد، ووجّه كثير من السعوديين الدعم للقحطاني، ولم يُعرجوا في دعمهم على ما هو أهم من الرياضة، فلم يتحدثوا عن الفلسطينيين وأرضهم التي سلبت منهم. كما عمل الإعلام السعودي على الترويج لفكرة أن المواجهة رياضية بحتة، ولا داعي للذهاب بعيداً، وروج لفكرة أن الانسحاب هزيمة، كما أضاء على أن العديد من المواجهات الرياضية جمعت لاعبين رياضيين عرباً وإسرائيليين.

ثمة “فلسفة” جديدة تحاول السعودية طرحها، وهي أن الانسحاب انتصار وهمي. السعودية تروج لأفكار تتماشى مع التطبيع وتخفف من وطأته، إضافة إلى التخفيف من جنحة التعامل مع “إسرائيل”، بحيث إنها تسوّق لفكرة أن الجيل الجديد لم يعد ينجذب إلى مواقف الانسحاب، وتنطلق من أن فكرة الأولمبياد هدفه توحيد شعوب الأرض وفتح أبواب السلام بينها.

نتيجة تهاني القحطاني واحدة، ولو تأهّلت، وهي الخسارة، لأنها ستخسر احترام نسبة كبيرة من العرب الذين يتحدثون لغتها ويتشاركون معها الجغرافيا.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.