السبت 28/5/2016 م …
الأردن العربي …
“ابو فؤاد “يحصد التقدير.. و شخصيته الوطنية تجمع الجميع
في حشد مهيب، التقى الرفاق والأصدقاء أمس الجمعة في جمعية الإزهار ، في تأبين الراحل فايز البجالي، المناضل الشيوعي، الذي تجاوز عمر عمله السياسي الـ60 عاما.
والتقى الجميع ، في طقوس الوداع الأخير، لاستذكار سيرة رجل سياسي عريق، وشيوعي عتيق، ومعارض من طراز رفيع.
ولعلها رحلة الدموع، التي لم تجف بعد؛ ففي تأبينه؛ كلحظة مواراته الثرى، دمعة تسافر بين عيون وقلوب رفاق الفكر والنضال، وأنصار الفكرة، وخصوم المرحلة.
وكعادته، يجمع الناس من حوله، ولا يفرقهم إلا متفقين، جمع أمس السبت الرفاق ، في تأبينه، وفرقهم على فكرة حقيقة الموت، ووجع التأبين، والفخر بذكرى مناضل عنيد، لم تقهره السنون.
وشارك في تأبينه الرفيق فهمي الكتوت/ كلمة رفاق الفقيد ، الدكتور حسني الشياب / كلمة الشخصيات الوطنية الأردنية ،ورئيس بلدية مادبا الكبرى المحامي مصطفى المعايعة الازايدة/ كلمة بلدية مادبا، إضافة الى رئيسة اتحاد المرأة الاردنية السابقة أمنة الزعبي/ كلمة المرأة الأردنية،فيما الرفيق وليد نويران القى كلمة الشخصيات الوطنية في مادبا، والقي فؤاد فايز البجالي قصيدة “ابي” للشاعر نزار قباني، واختتم التأبين بكلمة عائلة الفقيد ألقاها الرفيق فارس الشماس، وكان عريف الحفل الدكتور عرفات الاشهب.
عريف الحفل : د عرفات الاشهب
وعلى مقاعد التأبين، جلس ممثلو القطاعات المختلفة، ويتقدمهم سياسيون، ونواب وقيادات حزبية، في ظاهرة لافتة، لا يجمعها إلا رقم صعب، في معادلة سياسية نادرة؛ الرفيق فايز وسيرته.
وقال فهمي الكتوت نلتقي في هذا اليوم لتأبين شخصية وطنية، وقائدا شيوعيا مميزا. نؤبن المناضل فايز البجالي، الذي وهب حياته دفاعا عن استقلال الأردن السياسي الاقتصادي، ومن اجل الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية. ومن اجل حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره .. وحقه بالعودة الى ارض وطنه، وإقامة دولته المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس. وهب فايز؛ حياته من اجل الفقراء والمهمشين، من اجل العمال والفلاحين، من اجل الأطفال المشردين، من اجل حق المرأة بالمساواة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإنسانية.
فهمي الكتوت
واضاف لم يكن فايز عاملا او من أسرة فقيرة، لكنه كان أنسانا بانحيازه لفكر الطبقة العاملة، كان ثوريا في دفاعه عن قضايا الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، كان أحد المؤسسين للخلايا الماركسية، منذ اواخر العقد الرابع للقرن الماضي، كان الى جانب يعقوب زيادين وعيسى مدانات ونبيه ارشيدات ووديع برقان وفايز الروسان وإبراهيم الطوال وغيرهم، ممن شكلوا حلقات ماركسية التحمت مع عصبة التحرر الوطني الفلسطيني بقيادة القائد فؤاد نصار. حين كان المناخ السياسي مؤهلا لإعلان الحزب الشيوعي الأردني في ربيع عام 1951. وبروز الحركات السياسية القومية واليسارية. بعد اغتصاب فلسطين وتنامي المشاعر القومية في مواجهة المستعمرين.
من جانبه اكد الدكتور حسني الشياب: على ان المبادئ والاهداف التي قضى فايز البجالي حياته ساعيا لتحقيقها ما زالت هي وحدها القادرة على خلق اجماع الوطني والقومي وان تخلق الالتفاف الشعبي حولها.
د حسني الشياب
وأضاف فلقد امضي الراحل الكبير حياته مناضلا شرسا ضد التبعية الأجنبية وتداعياتها المتمثلة في تمكين المشروع الصهيوني في فلسطين وفي نهب ثروات الوطن العربي وتجزئته المعروفة ، وبث عوامل الفرقة بين دول وداخل الدولة الواحدة بأشكال وصور مختلفة دينية وعرقية وغير ذلك .
وقال الشياب لقد كانت السياسة الرسمية في ذلك الوقت تهدف الى لجم هذا النضال وإحباطه، فأدت به مع غيرة من الرموز الوطنية الى السجن ثمان سنوات 1957-1965، ثم عاد الى السجن 1989 جراء دعم هبة نيسان 1989 التي انطلقت ضد سياسات التجويع والإفقار والفساد.
رئيس بلدية مادبا الكبرى مصطفى المعايعة الازايدة
واشار رئيس بلدية مادبا المحامي مصطفى المعايعة الازايدة الى ان الفقيد كان قامة وطنية أردنية وطنية رجل يحمل مبدءا وفكرا من اجل عزة الوطن وكرامة المواطن ، لافتا الى انه تحمل الكثير من اجل الأردن مدافعا عن أفكاره ومبادئه لأكثر من نصف قرن من الزمن، مبينا انه عاش رجلا ومات رجلا هكذا عرفناك ايها الراحل علما من أعلام الفكر في الأردن.
امنة الزعبي
وقالت الرئيسة السابقة لاتحاد المرأة الأردنية أمنة الزعبي: لانه ابن هذه الأرض الوفي ولد وهو يحمل للأرض قيمة عالية، احب الأرض وتعلم منها ودافع عنها ، لافته الى ان الراحل تخلى عن راحته الفردية ومصالحه الخاصة، بالملكية الواسعة ومصلحة الناس جميعا ورخاء التعليم بالجامعة الأمريكية ببيروت ويضع نصب عينية مصلحة شعبة العليا في الاستقلال والتحرر الوطني ويقف شامخا راضيا يدفع الثمن من شبابه وصحته وصار السجن أليفا قسريا لدية ومضى السنوات فيه ولم يزده ذلك الا صمودا وإيمانا بمبادئه.
وألقى وليد نويران كلمة الشخصيات الوطنية في مادبا قال فيها: يسرح بي الزمن إلى خمسينيات القرن الماضي يوم كان النضال الوطني في أوج عطاءه وكانت الأحزاب السياسية القومية واليسارية تنشط في السر وتحت وطأة الرقابة الأمنية حيث القوانين الاستثنائية تحد من حرية العمل فتصادر الحريات وتلاحق التنظيمات وتغص السجون بالمئات من المناضلين ، لافتا إلى أن النضال كان له معنى الفروسية والتحدي والتضحية وكانت المنافي منازل دائمة لأولئك الفرسان الذين امنوا بالنضال وحرية الإنسان وانعتاقه من قمقم العبودية وتسلط النفوذ الأجنبي.
وليد نويران
وبين ان للرفيق القائد دورا بارزا وهام في بعث الفكر الماركسي ، في صفوف الشباب والمدارس وغيرها من منابر المجتمع المادبي والأردني وكان قائدا ملتزما بأخلاقية الفكر وجرأة المواجهة وصلابة الموقف وكان في طليعة المكافحين من اجل وطن متحرر من الظلم والخوف والجوع والفقر وقد تحمل في سبيل ذلك الصعاب .
والقي فؤاد فايز البجالي قصيدة “أبي” للشاعر نزار قباني:
فؤاد البجالي
أبي
أمات أبوك؟
ضلالٌ! أنا لا يموت أبي.
ففي البيت منه
روائح ربٍ.. وذكرى نبي
هنا ركنه.. تلك أشياؤه
تفتق عن ألف غصنٍ صبي
جريدته. تبغه. متكاه
كأن أبي – بعد – لم يذهب
وصحن الرماد.. وفنجانه
على حاله.. بعد لم يشرب
ونظارتاه.. أيسلو الزجاج
عيوناً أشف من المغرب؟
بقاياه، في الحجرات الفساح
بقايا النور على الملعب
أجول الزوايا عليه، فحيث
أمر .. أمر على معشب
أشد يديه.. أميل عليه
أصلي على صدره المتعب
أبي.. لم يزل بيننا، والحديث
حديث الكؤوس على المشرب
يسامرنا.. فالدوالي الحبالى
توالد من ثغره الطيب..
أبي خبراً كان من جنةٍ
ومعنى من الأرحب الأرحب..
وعينا أبي.. ملجأٌ للنجوم
فهل يذكر الشرق عيني أبي؟
بذاكرة الصيف من والدي
كرومٌ، وذاكرة الكوكب..
*
أبي يا أبي .. إن تاريخ طيبٍ
وراءك يمشي، فلا تعتب..
على اسمك نمضي، فمن طيبٍ
شهي المجاني، إلى أطيب
حملتك في صحو عيني.. حتى
تهيأ للناس أني أبي..
أشيلك حتى بنبرة صوتي
فكيف ذهبت.. ولا زلت بي؟
*
إذا فلة الدار أعطت لدينا
ففي البيت ألف فمٍ مذهب
فتحنا لتموز أبوابنا
ففي الصيف لا بد يأتي أبي..
وفي نهاية حفل التأبين القى الرفيق فارس الشماس كلمة عائلة الفقيد قال فيها:
ان هذا الالتفاف العظيم هو احد صفات شعبنا الذي يقدر مناضليه اللذين حملوا شعلة الكفاح الأولى, و حملوا جمر الثورة بأكفهم و قلوبهم حتى تبقى هذه الشعلة وقادة ما دام الظلم موجودا و العدالة مأسورة عند القوى الخارجية و الداخلية التي تقف ضد طموحات الشعوب في التحرر من الاستعمار و القوى الداخلية المتحالفة معها.
فارس الشماس
أبو فؤاد , لم يكن مجرد رب أسرة , بل كان قائدا ثوريا شيوعيا امن بهذا الفكر و حمل رايته منذ بدايات تشكيل الحلقات الماركسية في الأردن حيث نشأت إحدى هذه الحلقات في مادبا على أيدي ثلة من الشباب الوطني: فؤاد القراعين , ابراهيم الطوال, صالح الحمارنة و غالب هلسا , و فايز بجالي (أبو فؤاد) ثم تمأسس هذا الفكر عند تشكيل الحزب الشيوعي الأردني عام 1951م .
عاد (أبو فؤاد) إلى مادبا بعد أن تبنى هذا الفكر التقدمي خلال دراسته الجامعية في بيروت, حيث اعتقل هناك ثم طرد و عاد إلى مادبا, ليكون احد القادة الأوائل لتشكيل الحزب الشيوعي الأردني , الذي وقف بحزم ضد المعاهدات الخيانية التي رهنت البلاد للمستعمر و المحتل, ليشارك الشعوب العربية كلها في القتال ضد قوى الظلام العالمية بقيادة بريطانيا و امريكا و العدو الصهيوني الذي سيظل عدوا ابدا ما دام يحتل شبرا واحدا من ارض فلسطين الحبيبة.
التعليقات مغلقة.