الجنسية والمواطنة / عدنان الأسمر




عدنان الأسمر ( الأردن ) – الثلاثاء 24/8/2021 م …
مُنذ تشكل دولة الحداثة دولة وستفاليا والمسألة القومية تحظى بالدراسة والتحليل نتيجة إنبثاق الدولة القومية وتعدد القوميات في الدولة وأحياناً حدوث صراع قومي كبير نتيج عنه حروب أهلية دامية وترافق ذلك مع نشوء نظرية السيادة وهل مصدر السيادة الأمة أم الشعب ؟ والسيادة تعني حصرياً إمتلاك الدولة القوة العسكرية وحدها والسيطرة على المال والقضاء والولاء السياسي والعلاقات الدولية وفرض نمط ثقافي ومعرفي لضبط المجتمع والسيطرة عليه بالقوة ( هوبس ، ميكافيلي ) ونتيجة ذلك تم السيطرة على الحدود وعلى حركة السكان والموارد الطبيعية و لتمييز سكان الدول وضبط حركتهم الداخلية والخارجية وإكتسابهم للحقوق ظهرت الجنسية وهي العلاقة القانونية بين الإنسان والدولة فكل إنسان يعيش تحت سيادة دولة يجب عليه بالإكراه أن يخضع لرموز سيادة الدولة ( العَلم ، النشيد الوطني ، طبيعة النظام ، العُمله ، الوثائق الرسمية ) والجنسية لا تعني الإنتماء القومي لحاملها ، أما المواطنة فهي علاقة الإنسان باللغة والعرق والثقافة والتاريخ والعادات والتقاليد والمصالح المشتركة ومصدر السيادة هنا هي الأمة بماضيها وحاضرها ومستقبلها مهما كانت نوعية جنسيته مثلاً شخص يحمل الجنسية الكندية وهو عربي يبقى إنتماءه القومي عربياً حتى لو مات ودفن في كندا وفي حالة دول الإستعمار الكولونيالي تلجأ سُلطات الإستعمار بفرض لغتها وثقافتها ويتحدد شكل الدولة وعلاقتها بالأقطاب الدولية بعلاقة رأس المال بالعمل و تحالفها مع الأقطاب الدولية والمراكز الإقليمية و شكل توزيع القوى بالداخل و ضبط أنماط التشكيل الإجتماعي و مبادئ تنظيم السُلطات السياسية و توزيع الوظائف السيادية وتحديد مصادر القوة الإقتصادية والإدارية والثقافية في المجتمع وفي الحالة الإسرائيلية يجب أن ندرك أن عوامل نشوء الكيان الصهيوني هي قرار المراكز الإمبرالية وجلب المستوطنين ومصادرة الأراضي والمحاولة الدائمة لتشكيل قومية علماً أن السكان في دولة الكيان هم من قوميات متعددة ولغات وثقافات وأصول تاريخية متعددة وبالتالي ثقافات ومشاعر متعددة ومختلفة وفوارق طبقية كبيرة ومستمرة لذلك تفرض حكومة الكيان عناصر السيادة على القومية الأصلية ( العرب ) وتحرمهم من المساواة والعدالة والتوزيع العادل للقوة بما في ذلك المنافسة والعلاقة التراحمية وفرض علاقة تعاقدية تهدف إلى إجبارهم على التعايش بإعتباره مدخل للعيش المشترك ومن ثم التضامنية التي تعتبر أن المصالح العليا للدولة هي مصالح مواطنيها وكأن المجتمع يشهد حالة من التعددية في حين أن الحال السائد هو إفناء الذات العربية وطمس وإلغاء أية رموز أو معالم عربية وإن ما يتعرض له فلسطينيو الداخل هو نتاج الأمر الواقع بحكم قيام الدولة نتيجة سياسات ومواقف الأقطاب الدولية وهزيمة النظام السياسي العربي بكليته في تلك المرحلة وهم مواطنون لا يملكون قوى عسكرية كلاسيكية وليس بيدهم قرار الحرب او السلم وهذا حال جميع شعوب الأرض التي خضعت للإستعمار فالكثير منها إستعمل لغة الإستعمار وثقافته إلى يومنا هذا ، من هنا تأتي أهمية الإستراتيجيات الواعية في الصراع مع العدو الصهيوني بإعتباره معقد ومركب ومتشابك ومتعدد الأبعاد والنواحي وبالتالي يجب رفع شأن اللغة والثقافة العربية وتعزيز دور الأندية والجمعيات والمؤسسات الدينية وترسيخ النمط الإجتماعي القومي العربي والإستمرار في الدفاع عن الأرض ومقاومة الإستيطان حسب نظرية المكاسب النسبية في ظل التوزيع غير العادل للقوى في المجتمع وذلك من أجل بناء أنماط ثقافية والمحافظة على المشاعر العربية وتفكيك أنماط تشكل قومية المستوطنين ورفع معنويات العرب من مسلمين ومسيحين وتعزيز صمودهم وتجنب ممارسة الأستذة عليهم فالعملية التحررية عملية لا نهائية ، فالعلاقة بين المحافظة على النمط القومي العربي وتشكل النمط القومي اليهودي هي علاقة عكسية وتساهم في تشكل قوى نسبية تضعف القوة العسكرية الصهيونية ، فالمجد للصامدين الراسخين على أرضهم تحت سطوة الكيان الصهيوني الفاشي العنصري والمجد لكل بناة العقل العربي الجمعي المقاوم المتمسك بالحقوق والفاعل دوماً وفي مقدمتهم الكتاب والأدباء والفنانين والإعلامين .

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.