198 عام على ميلاد كارل ماركس / أليخاندرو إتوربي
أليخاندرو إتوربي ( الأربعاء ) 1/6/2016 م …
في الخامس من أيار/ مايو مرّت 198 عاما على ميلاد كارل ماركس، في مدينة ترير الألمانية. لقد كان، بدون شك، واحدا من أهم الأشخاص المؤثرين في تاريخ القرن التاسع عشر، والعشرين والحادي والعشرين. مع فريدرك إنجلس، صديقه ورفيقه في النضال والمساهم في النظرية والحياة السياسية، أسس لمبادئ وممارسات (الماركسية) طيلة حياته، التي أصبحت في أيامنا هذه أكثر انتشارا.
تتضمن مساهماته، بالطبع، دراسته النقدية للاقتصاد الرأسمالي وقوانينه الداخلية. بشكل خاص، رأس المال، العمل البارز الذي لم ينتهي من العمل به، ولا يمكن تجاوزه أبدا (على الرغم من إتمامه بأعمال أخرى، مثل كتاب لينين عن الإمبريالية). من يريد أن يفهم الوضع الحالي للرأسمالية (ومن يرى من الضروري تجاوزها إلى مرحلة تطوير الإنسانية اقتصاديا واجتماعيا) يجب أن يبدأ، بلا ريب، بأعمال ماركس.
يوجد أيضا أعمال فلسفية لا تحصى. استنادا على المفاهيم المادية، جابه ماركس الأفكار المثالية والرؤى الدينية للتاريخ. في نفس الوقت، أخذ المادية بعيدا وحررها من منهجية الشكلية-الميكانيكية التي كانت مقيدة بها، ورفعها إلى مستوى عال من خلال دمجها بأدوات الديالكتيك. بانيا بذلك تركيبة، لا يمكن التفوق عليها حتى اليوم، من خلال بناء الاستنتاجاتت بواسطة فهم الواقع: المادية الديالكتيكية.
كان الجسم المركزي لأفكاره، الذي ينظم كل مساهماته المتعددة والمعقدة: ماركس المناضل الثوري. طريق بدأ به بمبادئ فلسفية في شبابه بقوله: “حتى الآن لا يزال الفلاسفة محدودين في تفسير العالم ولكن ما يهم أكثر كيفية تغييره” (مقدمة حول فيورباخ، 1845). هذا الاستخلاص حول ضرورة تغيير العالم الرأسمالي حمله، استنادا على دراسة علمية للواقع، واستنتاجات أخرى، وعبر عنها في البيان الشيوعي (1848): الحامل لهذا التحول التاريخي كانت الطبقة العاملة الحديثة التي تم تطويرها بواسطة الرأسمالية، والطريق للقيام بذلك كانت الثورة: السيطرة على السلطة من خلال ثورة الطبقة العاملة وتدمير الكيان البرجوازي كبداية للتحول الراديكالي للقواعد الاقتصادية-الاجتماعية من أجل الوصول أولا لمجتمع اشتراكي، ومن ثم، إلى المجتمع الشيوعي.
بداية من هذا، ومنذ أن أسس مع إنجلز رابطة الشيوعيين (1847)، ساهم ماركس وساعد في توجيه (أو النقاش مع تيارات أخرى التي كانت تعتبر التوجيه ضروريا) السيرورات الأكثر أهمية لتنظيم ونضال الطبقة العاملة في تلك الحقبة، كتأسيس الجمعية الأممية للعمال (أو الأممية الأولى في العام 1864) والمحاولة الأولى للثورة العمالية (كومونة باريس 1871).
لقد تم هزيمة الكومونة. وكتب ماركس نفسه استخلاصات ودروس يجب أخذها بالاعتبار حول الأخطاء المرتكبة في تلك التجربة. بتطوير هذه الاستخلاصات وتقديم اعتبارات جديدة، قام جيل جديد من تلاميذه (لينين وتروتسكي) بقيادة، في العام 1917، أول ثورة عمالية منتصرة وبناء أو كيان عمالي في التاريخ. توازن هذه التجربة وتوجهها اللاحق لا تزال في أيامنا موضوع نقاش مكثف. ولكنها جزء لا ينفصل من الطريق الطويل الذي بدأه ماركس.
مفكرو الرأسمالية وصحفيها المرتزقة ادعوا، في العقد الأخير من القرن العشرين، كما ذكر بشكل تهكمي في إحدى أغانية جوان مانويل سيرات “كان ماركس ميتا ومقبورا” لأن “الرأسمالية قد انتصرت”. التوجه اللاحق للواقع الرأسمالي أظهر بأنه، بعيدا عن هذا التفاخر الحرفي، تحليلات واستنتاجات حفظت شرعية قوية لأعماله التي يجب أن يتم دراستها أكثر من قبل (عالأقل من أجل فهم الواقع).
بعض “الماركسيون” المدعون يزعمون بعقم ماركس الثوري ويشوهون أفكاره باقتراح “أنسنة الرأسمالية”. آخرون يقولون لنا أن الجانب الثوري لاقتراحته لا يزال صالحا للتطبيق ولكن في مستقبل غير محدد. يقترحون أن المهمة الحالية هي “دمقرطة” الرأسمالية… وينتهون بالتجمع مع السابقين.
من المحتوى العميق لإسهاماته النظرية وعمله السياسي، نحن متأكدون بأن ماركس يرفض هذه الاقتراحات، في عمق، وفظاظة وتهكم.
من جانبنا، نواصل الشعور بالفخر كوننا “ماركسيين متشديين”. هذا يعني أننا نحاول أن نكون ماركسيين في التفكير وأيضا ماركسيين في الفعل “وتغيير العالم” مع صراع الطبقات من خلال الثورة العمالية والاشتراكية.
التعليقات مغلقة.