يا قضاة مصر .. لماذا ؟ / ابراهيم ابو عتيلة

 

ابراهيم ابو عتيلة ( الأربعاء ) 4/2/2015 م …

صُدمت حيث لم أكن أتوقع يوماً بأن يصدر القضاء المصري حكمه القاضي باعتبار كتائب القسام – الجناح العسكري لحركة حماس – تنظيماً ارهابياً ، فعلى الرغم من كل ما كان قد قيل وما يقال عن القضاء المصري ورضوخه للسياسيين بعد ما سمي بثورتي 25 يناير و30 يونيو وما تبعهما من أحكام مستهجنة في غالبيتها كتلك المتعلقة بالحريات العامة والتي تجاوزت وتخلت عن تحقيق الأهداف المعلنة للثورة الشعبية المصرية في الخبز والحرية والعدالة الاجتماعية ، فمن إحكام إلصاق تهم الإرهاب بالإخوان المسلمين  إلى سلسة أحكام الأعدام المتكررة التي صدرت بحق المئات من المواطنين المصريين إلى تبرئة النظام السابق التي قامت الجماهير وتحركت ضده يوم 25 يناير للتخلص من الدكتاتورية وحكم الفرد والخلاص من الفساد وصولاً إلى هذا الحكم الذي أقل ما يقال فيه أنه حكم مخزٍ وغير مبرر .

ولعل سبب الدهشة من هذا الحكم كونه قد تجاوز حدود مصر فيما ارتبطت كافة الأحكام السابقة بالمواطن والداخل المصريين ، فجاء هذا الحكم متجاوزاً الحدود وليصل إلى فلسطين المحتلة ليعارض مقاومة المحتلين ويعطيهم مبرراً في ضرب غزة  وليلصق صفة الارهاب بكل من يرفع راية مقاومة الاحتلال ويسعى للحرية وهذا أمر لا يقبله عقل ولا يحتمله منطق ، فهو حكم يتعارض مع حق الانسان في الحرية ومحاربة المغتصبين ، وهو حكم قد جاء  بعد قيام الاتحاد الاوروبي برفع حركة حماس من قائمة المنظمات الارهابية في الوقت  الذي ندرك فيه جيداً مدى قوة الصهاينة الإعلامية الاقتصادية في دول الاتحاد الاوروبي المختلفة وبما لا يقارن في ظني واعتقادي بقوتهم في مصر العروبة ، فمصر هي من رعت وساندت حركات التحرر في مناطق العالم المختلفة ، ولم يقتصر دورها يوماً على حرية العالم العربي بل ساندت وبقوة في فترات سابقة كل حركات التحرر الوطني في العالم يوم كان زعيمها هو ذات الشخص الذي تلحف به النظام الحالي مدعياً السير على خطاه.

لقد ساق الاعلام المصري المتصهين الكثير من الاسباب في محاولته لتوريط حماس فيما يدور في مصر من اضطرابات ومحاولات تخرييب وتدمير ، تلك التي يقوم بها مجموعات من الارهابيين الظلاميين الذين لا حس لديهم ولا انتماء ولعل أن كل عذر الاعلام المصري المتصهين أن حماس مرتبطة بالاخوان المسلمين وهذه حقيقة لا ينكرها عاقل ، وهي جزء من التنظيم العالمي للإخوان المسلمين الذي نختلف مع فكره وتوجهاته ، أما عن تدخل حماس في الشأن المصري وكونها وراء كل ما حصل ويحصل في مصر فهو امر لم تثبته واقعة ولم يذكر القضاء المصري حتى تاريخه واقعة مؤكدة واحدة تثبت ذلك علماً بأننا قد سبق وأن سمعنا من مسؤولي حماس تحدياً واضحاً لمن يتهمها في مصر حين طلبت حماس من النيابة العامة والأجهزة الأمنية المصرية موافاتها بأسماء من يدعون انهم من حماس أو من كتائب القسام وتقديمهم للمحاكمة العلنية .

لقد ساق الإعلام المصري المتصهين روايات هوليودية كثيرة عن تدخل حماس وحزب الله في مصر مبرراً في ذلك محاربتهما وحظرهما وإلصاق تهمة الإرهاب بهما ، وتناسى أن كل من حزب الله وحماس ، ما هما إلا فصيلين مقاومين قدما نفسيهما حين تراجعت الأنظمة الرسمية العربية عن محاربة الكيان الصهيوني وعلى راسها مصر كامب ديفيد ، فمصر رغم مسؤوليتها عن قطاع غزة خلال الفترة 1948 – 1967 ورغم أن هزيمتها في حزيران 1967 كانت السبب المباشر لاحتلال غزة من قبل الصهاينة كجزء مما احتلته اسرائيل حينذاك ، إلا أن بداية التخلي عن غزة وقطاعها كان قد بدأ مع توقيع اتفاقية العار في كامب ديفيد حين تخلت مصر عن مسؤوليتها تجاه غزة ، فانصب اهتمام مصر في الاتفاقية على سيناء في الوقت التي كانت فيه كامب ديفيد سبباً لعدم سيطرة مصر على أرضيها في سيناء ، وبدأت سيناء نتيجة لذلك لتصبح جحوراً لجرذان الإرهاب الذي يسعى لتخريب مصر في مسلسل صهيوني يستهدف تدمير العالم العربي ، إذا علمنا أن حركات التكفير والهجرة وحركات التطرف الاسلاموي كانت قد نشأت في مصر وصعيدها وجابهتها مصر بكل حزم وقوة فهرب من تلك الحركات من هرب إلى سيناء وغير سيناء ومنهم من اصبح قائداً في أكثر التنظيمات الارهابية تطرفاً في العالم .

أقول ، هل درس قضاء مصر خلفية ومبررات الحكم الذي أصدره ؟ وهل تمعن القضاء في الشكوى المقدمة من أحد المغرضين ؟ وما هي الاثباتات التي قدمتها النيابة وأقرها القضاء لإصدار حكم كهذا ؟ ولمصلحة من تم إصدار هذا الحكم ؟ ومن هو المستفيد منه ؟ أسئلة كثيرة تستلزم الإجابة ، فهل من مجيب ، وربما أضيف سؤالاً بسيطاً آخر عن ما هو مبرر حماس والقسام لضرب الجيش المصري وتوتير العلاقة مع شقيقة كبرى كانت وستبقى النافذة التي يتنفس منها قطاع غزة الهواء ، فهل تدنت حماس بقسامها إلى هذا المستوى من الغباء لتخلق مبررات خنقها وخنق قطاع غزة ، في يقيني أن حماس ليست غبية والقسام الذي حارب الصهاينة 51 يوماً ليس أبلهاً حتى يحارب نفسه بنفسه  وينتحر ..

إن حكم قضاة مصر في هذا الحالة واحكامه السابقة المتعلقة بالحريات والاعدامات ما هي إلا أحكام مسيسة بامتياز هدفها التنصل عن كل واجب قومي وتعرية المقاومة ومحاصرتها في أضيق الخانات ، وهي دور يقف فيه قضاة مصر مع نظراء لهم في دول اخرى وإن كانوا في تلك الدول سياسيين وليسوا قضاة ، فحرب حزب الله واجبة في تلك الدول كما هي حركة الإخوان المسلمين محظورة وارهابية ، فحزب الله حزب يمثل الرافضة مرتبط بالفرس ويمثل اولئك الذين يسبون ابوبكر وعمر وعائشة وهو قاعدة ورأس حربة ايراني لا بد من محاربته وقطع رزق مناصريه ومؤيديه وطردهم من دول خدموها وعملوا فيها ولم يخربوا بها شيئاً في يوم من الأيام،  وذنبه في ذلك انه يحارب الصهانية ودولة الكيان الصهيوني ، وكذا في حالة القسام فهي فصيل يقاوم الصهاينة ويسعى لتحرير الأرض من براثن المحتلين ، سواء اتفقنا مع نهج القسام السياسي أم خالفناه ، والأمر يوجب أن نتفق مع كل نبض مقاوم ومع كل شخص يسعى لطرد الصهاينة من فلسطين كل فلسطين.

وأختم قولي بأن أقول لقضاة مصر ” يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ” فهلا تبينتم قبل ان تصدروا أحكامكم ويصدق على اثنين منكم من أصل ثلاثة  قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: «القضاة ثلاثة قاضيان في النار، وقاض في الجنة، قاض قضى بالهوى فهو في النار، وقاض قضى بغير علم فهو في النار، وقاض قضى بالحق فهو في الجنة».…….

 

ابراهيم ابوعتيله

عمان – الاردن

2/2/2015   

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.