صفعة جديدة: هل تطرد داعش وحلفاؤه من سورية؟ / د.خيام الزعبي

 

 

د.خيام الزعبي* ( سورية ) الأربعاء 4/2/2015 م …

*مدير مكتب صحيفة العالم الجديد بدمشق

يعتبر تنظيم داعش أكبر خطر على الإسلام والمسلمين وهو أيضاً عدو الإنسانية،  فبعد أشهر من المعارك الضارية التي خاضها المقاتلون الأكراد،  جر تنظيم داعش ذيول الهزيمة،  في مدينة عين العرب ”كوباني” الواقعة على الحدود السورية التركية، حيث تكبَّد جهاديو التنظيم خسائر ثقيلة، وبدأ أبناء هذه البلدة بالعودة فرحين إلى ما بقي من بيوتهم، رافعين رايات النصر، التي حلت محل أعلام داعش البيضاء والسوداء،الأمر الذي يثبت خواء إدعاءات داعش أنه لا يقهر، فالتساؤل الذي يفرض نفسه هنا بقوة: ما مصير تنظيم داعش بعد هذا الإنتصار، هل سيسقط ، ومتى؟ خاصة إن جميع المعطيات الواقعية تشير الى أن تنظيم داعش في هذه الفترة بدا يضعف وينكمش في مختلف المحافظات السورية والعراقية.

الحرب ضد داعش تدور في العديد من الجبهات ما بين كوباني والأراضي السورية وفي وسط العراق في الموصل وصولاً الى تكريت وصلاح الدين وهنالك تنظيمات إرهابية في صحراء سيناء المصرية وفي ليبيا واليمن وتونس ودول إفريقية حتى فرنسا لم تسلم من هجمات خلايا داعش، لكن تبقى كوباني الجبهة الأكثر سخونة بنيران الحرب، والبوابة الوحيدة التي جرّت داعش أذيال الهزيمة والخيبة ورائها كما كبدتها خسائر كبيرة لا تعد ولا تحصى من حيث عدد قتلى مقاتليها وقياداتها وتدمير ترسانتها العسكرية، بذلك أثبت الأكراد والجيش السوري قوتهم وحزمهم للتصدي لتنظيم داعش، كما أثبتوا للعالم أجمع إنهم قاموا بعمل بطولي عظيم في الدفاع عن الوطن والأرض والشرف.

الأوضاع الميدانية في سورية تتجه نحو تضييق الخناق على تنظيم داعش، فتقدم القوات الكردية وقوات الحشد الشعبي والجيش السوري في حلب كل ذلك سوف يضع مقاتلي التنظيم في كماشة يمكن خلالها ضرب طوق عليه وتحجيمه في مناطق حلب على أقل تقدير، والملفت للنظر إن الولايات المتحدة أرادات إطالة أمد المعركة في سورية لغرض إبعاد شبح الإرهاب عن نفسها وعن أوروبا بجعل سورية ملاذاً للإرهابيين من كل أصقاع الأرض، وبينما ينظر السوريون الى داعش على إنه فيروس صنعته المختبرات الغربية وغذته دول في الشرق الأوسط، وبالمقابل راهنت واشنطن وحلفاؤها منذ البداية على عدم إستطاعة الجيش السوري صد هجوم التنظيم او إحراز أي تقدم باتجاه إسترجاع المناطق المحتلة، بل ويمكن القول إنها أي الولايات المتحدة إعتقدت أن التنظيم سوف يدخل دمشق بعد هجومه المفاجئ على مناطق مختلفة  وتقدمه السريع في بعض المحافظات والتي وضع خلالها العاصمة دمشق قاب قوسين او أدنى لإحتلالها، وعلى أساس هذا السيناريو يبدو إن هذا الموضوع قد خرج عن توقعات الإدارة الأمريكية، فالمعركة التي أرادت الولايات المتحدة إطالتها في دمشق يبدو إنها إصطدمت بصلابة وقدرة السوريين على إحراز الإنتصارات المتعددة، إلا إن الأمر الآخر الذي يصب في خانة التنظيم هو إنتشاره بين سورية والعراق، مما يضع قضيه إنهاءه في أحد البلدين معلق على وجوده في البلد الأخر، وأمام هذه الحالة تحاول روسيا جمع شتات المعارضة السورية تحت خيمة واحدة في موسكو للخروج بتوجه يعري و يسحب اي دعم من التنظيم بالتزامن مع التقدم الذي تتحققه القوات السورية الحكومية على الأرض.

في سياق متصل إن صمود وحدات حماية الشعب الكردي أمام زحف داعش وجرائمه جعل الأخير ينحصر ولا يجد له منفذ سوى الخروج من المدينة، فقد تمكنت وحدات حماية الشعب الكردي، مدعمة بكتائب مقاتلة، من السيطرة بشكل كامل على كوباني، على الرغم من تكبد تنظيم داعش الكثير من الخسائر في مواجهة المقاتلين الأكراد، إلا أن إصرار التنظيم على إستكمال القتال في المنطقة جعل الحديث يزداد عن أهمية المدينة بالنسبة للتنظيم، فهدف التنظيم الإستيلاء على المدينة ليكون له حدود مباشرة مع تركيا الداعم الأكبر للتنظيم، وهو ما يعني السيطرة على منطقة تمتد من ريف حلب حتى مشارف بغداد وإفشال المشروع القومي الكردي، كما أن سيطرة التنظيم على المدينة سوف تؤدي إلى عزله لمحافظة الحسكة ذات الأغلبية الكردية، ومن هنا فتكون هذه المحافظة هي الهدف القادم لتنظيم داعش خصوصاً وأن بها ما يبحث عنه داعش وداعميه من آبار نفط وغاز.

كما إنني على يقين تام إن الحل السياسي “الحوار الوطني السوري – السوري”، هو الوحيد الذي  يؤدي الى تفويت الفرصة على من يستغل ويشعل الإختلافات بين أبناء الشعب السوري ويدق إسفين الفرقة بينهم وتعميقها لإقتناصهم واحداً تلو الآخر، ومن هنا فإن دمشق دولة لها أهمية إستراتيجية وهي الأقدر على تحجيم إرهاب داعش من جهة ومد يد العون للمقاومة من جهة أخرى وبالتالي فإن التحالف معها لهزيمة الإرهاب أمر في غاية الأهمية، وإذا صاحب تلك الجهود العمل على محاصرة الارهاب في سورية والدول المجاورة لها وإعادة الاستقرار إليها فإن تلك الجهود تصب في خانة المصلحة العليا لكل الأطراف حيث يساعد ذلك على تحجيم الإرهاب وضمان عدم تمدده وتجفيف منابعه وتقويض ملاذه وكسر الكماشة الغربية التي تحاول أمريكا إبرامها حول الدولة السورية، في إطار ما سبق يمكنني القول يجب أن يدرك السوريون إن أمريكا وحلفاؤها لا يدافعون عن سورية إنما عن بلدانهم خوفاً من أن يصل اليهم خطر التنظيمات الإرهابية بدليل إن الضربات الجوية المتواضعة للتحالف الدولي ليس للقضاء على داعش  وإنما لتحجيمه فقط والسماح له بخلق دولة حدودها هلامية تتمدد وتتقلص حسب الظروف المحيطة بها، وهي ما تسعى له أمريكا وحلفائها في الوقت الحاضر تحت مشروع الشرق الاوسط الكبير.

وأخيراً أختم مقالي بالقول إن طرد داعش من كوباني يعد نقطة تحول إستراتيجي في سورية، كما عدت هذه المعركة محل إختبار لقوة الجيش السوري ضد الهجوم الجهادي، فالمقاتل السوري الواقف على خط النار رغم  كل الأزمات الذي تعرض لها لم ينحني لليأس ولم تفتك به رصاصات وصواريخ الجماعات المسلحة ولم تثني عقيدته الفدائية بل كان المقاتل السوري صامداً مرتدياً زي الفدائي في عقله وروحه وقلبه، لذا فالحرب مستمرة وداعش تواصل الإنجرار وراء مخططاتها الإرهابية لكنها خسرت الرهان أمام القوات السورية منذ ان دقت ناقوس العداء والكراهية والحقد للشعب السوري، فليس لداعش وطن وأرض وهم بعيدون كل البعد عن المبادىء القومية والقيم الوطنية لذا مصيرهم مثل من سبقهم من القاعدة، أما السوريون يملكون وطناً وأرضاً ولا يرضىوا بغير الشرف والشموخ والكرامة سبيلا ونهجا في تحقيق أهدافهم وآمالهم، لذا لا بد من إدامة زخم الإنتصارات المتحققة ومساهمة المجتمع الدولي فيها بشكل اكثر فاعلية، فالعدو بات ضعيفاً ونهايته ستكون قريبة، كون أن الجيش السوري المرابط في ساحات القتال يمر بأعلى مراحله وسيتمكن من خلال تكاتف الجميع من هزيمة داعش وإعادة الأمن والإستقرار لمدننا، وبإختصار شديد يمكنني القول إن داعش ستسقط، كونها ضد منطق التاريخ.

[email protected]

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.