باختصار: يحدث في سوريا / زهير ماجد
زهير ماجد ( الجمعة ) 3/6/2016 م …
من الطبيعي والمنطقي أن تصاب الليرة السورية بتلك المضاربات وصولا إلى هبوط متوقع مهما يكون رقمه في كل الأحوال، بل من الطبيعي أن يحدث ما يحدث في حياة الناس من ارتفاع في الأسعار، وأن تظل العيون مشدودة إلى الميادين، وأن يظل الحلم بالسلم قائما مع أنه مبكر التفكير به .. كل ما هو سوري اليوم غير طبيعي لكنه منطقي، فالوطن في حرب وفي أزمة عميقة، وهو في مواجهة مصير يكون فيه أو لا يكون. الحرب على سوريا ليست لإسقاط الرئيس بشار الأسد فقط، بل لتدميرها وتغيير معالمها وملامحها وما تقوم عليه وما آمنت به وما بنته كي تصل إلى هذه المرحلة من قدرة ذاتية أن تكون بالفعل قلب العروبة النابض.
لبنان سبق سوريا إلى شكل التطورات التي تمر بها عندما عصفت به حربه الأهلية أو حروب الآخرين عليه كما يصر البعض تسميته .. تم تدميره وقتل شعبه والفتك بمؤسساته، وتقسيم جيشه وضرب عملته الوطنية الليرة، بل تقسيم عاصمته بيروت إلى بيروتين، وقيام ملامح كانتونات مذهبية محمية بقوة الميليشيات المذهبية أيضا.
كان من الطبيعي أن يتم تطبيق ما جرى للبنان إبان حربه على سوريا، فهو النموذج الذي يحتذى، ومن نافل القول، إن تغيير الأوطان يقوم دائما على تصنيع نموذج سابق .. فما جرى في ليبيا مثلا من مشاهد تحريك الميليشيات بكل عدتها وعتادها نسخة عما جرى في لبنان سابقا، وصورة مطابقة لما عاشه اللبنانيون من هروب وتهجير، ليست سوريا بعيدة عنها، ولسوف يمر السوريون وهم يمرون بكل الصور التي عاشها اللبنانيون، وربما قد يعاد تاريخ مشاهد النكبة الفلسطينية التي في واجهتها عمليات النزوح إلى أقرب الأمكنة كي يظل الوطن ليس بعيدا عن العين والقلب، وكلما طال أمد الحرب والعصيان، يبدأ المواطن العادي التفكير بالمكان البديل إلى أن يجده، وما التوهان في البحر للنازحين السوريين سوى عينة مما هو محسوب لشعب طالت أزمته فراح يفتش عن أفق جديد.
يجب أن نعرف أن المواطنين السوريين ستظل أزمتهم تحركهم، لكن التعبير عنها يجب أن يشغلهم من أجل تمرير الوقت الصعب، ولسوف نجد ذلك في حالات السوق مركز الاهتمام اليومي بالقوت الشعبي. جميع اللقاءات على التلفاز مع السوريين تكرس تقريبا حول ارتفاع الأسعار، لم أسمع أحدا يتحدث عن الحرب ولا عن الجيش ولا المعارك ولا … بل هنالك مشكلة المعدة التي لا يمكن تجاوزها في السلم والحرب. وثمة قطبة مخفية أيضا هي البيع والشراء، حسابات الربح والخسارة. مهما قيل في مواطن وطني صميمي، فلن يتخلى عن أسلوب حياته الهادفة دائما إلى المزيد من المنافع سواء كان حربا أو سلما.
المشهد السوري طبعي، جيش يحارب على الجبهات، ووراءه شعب يريد أن يعيش الأمان الاجتماعي ولو بشكل نسبي كي تستمر حياته بلا عنف. وهكذا تتحقق يوميات مسروقة، كلما غاب نهار بما حققه يكون إضافة إلى رجاء أن يتكرر .. اليوم سوريا مكان لتطبيق أشكال من الحروب المتعددة الوجوه، بعضها تم تطبيقه سابقا، وبعضه سوف يخبأ لواقع أو وقائع أخرى، وهي حروب قد تكون مشابهة، وبوجود إسرائيل في المنطقة سيتكرر المشهد العربي الحالي بكل أسف القول.
التعليقات مغلقة.