الكاتب والمحلل السياسي أسعد العزّوني يتقدم بورقة عمل بشأن بناء اليمن الجديد الواحد الموحد الديمقراطي
أسعد العزّوني ( الاردن ) – الاثنين 20/9/2021 م …
إن عاجلا أو آجلا سيتوقف العدوان الغاشم على اليمن،وستبدأ عمليات البناء والتعبير لما تم تدميره من قبل العدوان الغاشم،وستعود البنايات والشوارع أجمل مما كانت عيه قبل العدوان ،ولكن ذلك لن يخلق يمنا جديدا واحدا موحدا ديمقراطيا، لجميع أبنائه اليمنيين بعد مصالحتهم وتحقيق وئامهم ومغادرتهم لخنادق الحرب، ولجوئهم إلى الحوار العلمي الهاديء الهادف حول الطاولة المستديرة للخروج بقواعد وأسس يبنى عليها اليمن الجديد المنشود،من خلال تحويل اليمن إلى دولة مؤسسات ودولة قانون.
إجتماعيا:
عامل البناء الأول بالنسبة لمشروع اليمن الجديد هو الإنسان ،ولأن هذا الإنسان جرى مؤخرا قولبته في بوتقة خاصة ،فإن المطلوب هو قولبة هذا الإنسان مجددا في بوتقة اليمن الخالصة المخلصة ،بحيث يكون شهيقه يمني وزفيره يمني ،بمعنى أن يكون إنتماؤه وولاؤه لليمن فقط لا غير ،ولا أحد غير اليمن ،ويتطلب ذلك خلق مواطنة حقة،وتوفير الحياة الكريمة للجميع،وكذلك توفير فرص عمل لكافة أبناء الوطن،وأن يتم معالجة واقع المرأة اليمنية التي لا تفضل الخروج للعمل خارج منزلها ،من خلال تمكينها إقتصاديا عن طريق مشاريع عمل منزلية ،ويتم الإتفاق معها على توفير المواد الخام ،والتسويق لتحقيق الربح المطلوب كي تعيش في بيتها حياة كريمة .
للشباب أيضا نصيب من التمكين الإقتصادي ،إذ لا يجوز قصر وظائف الشباب على القطاع العام وتكديسهم في مكاتب بدون إنتاج ،ويكونون بذلك عامل إرهاق للدولة وأعضاء غير مكشوفين في نادي البطالة،الأمر الذي يلحق ضررا بالإقتصاد الوطني ،والمطلوب هو توفير مشاريع إنتاجية تقوم على حصر إمكانيات الشباب وفرزهم ،ومنحهم قطع أراض يقيمون عليها مشاريعهم الإنتاجية،الزراعية منها والصناعية والإبداعية والتراثية ،تحت رعاية وبدعم من الدولة بطبيعة الحال.
يتطلب الامر أيضا لكسب الشباب والحفاظ على طاقاتهم وعدم إضطرارهم للهجرة إلى الخارج،تمكينهم ماديا من أجل الزواج ،ويا حبذا لو خرج الزواج من نطاق العائلة أو القرية أو المدينة ،لنؤسس لزواج مختلط ،يعمل على تقوية أواصر القربى بين أبناء الوطن الواحد،ما يخفّض نسبة التوتر المجتمعي بسبب تغريب النكاح الذي يحسّن النوعية ويخلق حالة مجتمعية قوية تحفظ المجتمع من الإنزلاق هنا أو هناك.
مطلوب أيضا مناهج تربوية وتعليمية جديدة تقوم على الإنتاج والتربية الصحيحة على أن يقوم بإعدادها يمنيون معنيون بوحدة اليمن ،وأن تشمل هذه البرامج طلاب الروضة وأبناء المدارس والجامعات،وأن يتم إعداد المدرسين في كافة المراحل التعليمية وفق برامج توعوية أولا بعيدة عن القبلية والطائفية والتلقين،كما هو حاصل في المدارس اليابانية كما رأيت بأم عيني،لتخريج جيل متعلم وعملي في ذات الوقت.
سياسيا
جربنا مراحل عديدة منذ إستقلال اليمن حتى يومنا هذا ،ولذلك يجب الخروج بنظريات ومقترحات وبرامج جديدة قائمة على الوحدة وتقوية المجتمع من خلال تعميق الإنتماء والولاء،والتعهد بحياة سياسية نظيفة بعيدة عن الجهوية والمحاصصة والتقسيم والولاءات الخارجية،من خلال فرز الأصلح وعدم اللجوء للتزوير والقبول بنتائج الصندوق،وإعتماد الحكومات البرلمانية بعد التعهد بخلق مجلس نواب يعرف وظيفته جيدا ويضم خبراء في كافة المجالات،ويكون سيد نفسه.
إختيار الحكومات يجب ألا يكون من خلال القبلية والمحاصصة والجهوية ،بل عن طريق الإختيار القائم على الخبرة والوعي والقدرة على العمل والبرامج التنموية ،وأن تكون الحكومات برلمانية ليسهل محاسبتها على أدائها ومراقبة برامجها كما هو الحال في الديمقراطيات الغربية،وأن يكون هناك حزبان رئيسيان في اليمن يتناوبان السلطة مع أحزاب صغيرة لتشكيل إئتلافات سياسية ،وهذا معمول به في الغرب أيضا.
إختيار السفراء يجب ان يكون بدقة متناهية لأنهم سيكونون الممثلين الحقيقيية لليمن ،وكذلك كافة الطاقم الدبلوماسي،ويتوجب تأسيس معهد ديبلوماسي لتأهيل وتدريب الدبلوماسيين،وتسليحهم بالمعرفة والعلم وبتاريخ اليمن ،أما بالنسبة للرئيس فيجب أن يكون مظلة للجميع بعيدا عن القبلية والإقليمية والجهوية،وأن يتم تنظيم وجود السلاح بيد الأفراد حتى لا تنفلت الأمور مجددا مرة أخرى.
إقتصاديا
لكل مجال رجاله ،ويتوجب أن يتم بناء إقتصاد اليمن وفق نظريات محددة تحفظ لليمن حقوقه،وأن يتم تقوية القطاعين العام والخاص وخلق شراكة بينهما بعيدا عن إقتصاد السوق المهلك،وأن تنحصر عمليات الخصخصة بالمشاريع الفاشلة ،شرط حماية حقوق العاملين فيها.
التركيز على الإنتاج ونعني بذلك الإنتاج الثقيل والصناعات التكاملية وليس الشيبس وغيره ،كي يتم بناء إقتصاد وطن يحميه من كل التقلبات ،وتوفير حماية للعملة الوطنية ،وأن يتم التواصل مع المغتربين ليقدموا الدعم المطلوب لوطنهم وإستغلال علاقاتهم وأوضاعهم ومؤهلاتهم لخدمة وطنهم وشعبهم،وعدم النظر إليهم كمصدر عملة صعبة فقط،بل إعتبارهم شركاء في التنمية والبناء والإنتاج.
يجب وقبل كل شيء تكشيل مجالس مختصة لإدارة الثروات اليمنية مثل النفط والمعادن والذهب والسمك والعقيق ،مع مواصلة الإستعانة بالخبرات لمسح وتنقيب أرض اليمن ظاهرها وباطنها، لمعرفة وحصر الثروات المتوفرة فيها،والإتفاق مع مستثمرين محليين وأجانب على إستخراجها بما يحفظ حقوق اليمن ويضمن إستقراره ،كما يتطلب الأمر تأسيس صناديق سيادية للأجيال المقبلة بعيدة عن النهب والسلب والفساد.
يجب إرسال وفود يمنية متخصصة إلى كافة الدول العربية والأجنبية،لعرض المشاريع الإستثمارية عليها بغض النظر عن هويتها،بمعنى ألا نحصر إهتمامنا بالغرب فقط،بل يجب الإتجاه شرقا وجنوبا وشمالا حتى لا نقع تحت هيمنة أحد أو نكون في خندق أحد،وان نقيم المصانع الأجنبية في اليمن للإنتاج وضمان التسويق وهذه نظرية مطبقة في العالم.
تشجير اليمن وبناء قرى إنتاجية شبابية معفاة من الرسوم والفواتير وشق الطرق ،أمور يجب ألا تغيب عن بال صناع القرار في اليمن من أجل النهضة والتطور وضمان مستقبل أفضل للشباب وإبعادهم عن الإنحراف والجريمة.
مطلوب تشجيع الإبداع ووضع ميزانية للمبدعين في مجالات الأدب بكافة أشكالة والإنتاج والرياضيات والهندسة والبناء ،والرياضة،ويكون ذلك من خلال مراقبة الطلاب ومتابعتهم في كافة مراحل التعليم ،وأن يتم فرز الطلاب حسب رغباتهم، إلى مجال يحبونه بدلا من تكديسهم لدخول الجامعات بدون دراسات وخطط سوقية ،وبالتالي ينضمون مضطرين إلى نادي البطالة ويردفون سوق الجريمة والإنحراف.
التعليقات مغلقة.