مقال هام للكاتبة فرح مرقه

 

فرح مرقة ( الأردن ) الثلاثاء 7/6/2016 م …

 ** مجددا التلفزيون الاردني يغني في “الواد الثاني” بعد هجوم البقعة ومواطنوه يتوجهون لسكاي نيوز بالجملة..

رامز جلال “بيولّع في صحابه” وينتعش على الصراخ والدموع في الشهر الفضيل..

وباريس تحيي لنا قمة درامية اهم تحضر للعرب المزيد من الخيبات...

************

لن يفهم اي شخص السبب خلف اذاعة التلفزيون الاردني للأغنيات في الفواصل بين فقرات تتحدث عن الهجوم الارهابي الذي استهدف مكتب دائرة المخابرات، في الوقت الذي يتعطش فيه المواطن الاردني للمعلومة ولفهم ما جرى ويجري.

يبدأ المذيع ويسأل اسئلة غير مفهومة لضيوف مجهولين لا احد يريد كتابة اسمهم على الشاشة، وان بات قريبا هذا الضيف من الحديث عن اي شيء مجدي يعود ليذكره بكلاشيهات المنطقة الملتهبة واهمية عدم الخوض في انتقادات للحكومة.

احد المتحدثين والذي لم ولن اعرف من كان، بدأ يتحدث عن بؤر في المناطق المهمشة في الاردن وان على الدولة الاهتمام بها، قبل ان يقول المذيع: “تقصد اننا في منطقة ملتهبة وعلينا ان نحمي بلادنا…”، فأجابه الضيف” طبعا كما تفضلتم”.

ثم على طريقة برامج الاهداءات القديمة سأله المذيع “ماذا تقول بهذه المناسبة”.. وكأنه في واد ثانٍ عما يعتمل صدور الاردنيين.

بعد ذلك اعتذر مذيع القناة الرسمية الاردنية عن الاستمرار ومرسلا ايانا جميعا لفاصل غنائي لا احد يعرف رابطه الحقيقي مع السياق.

القصة المذكورة انفا ليست احلام يقظة ولا تخيلات، ولأزيدكم من الشعر بيتا جديدا فقد انتقل الاردنيون حسب موقع الفيسبوك بخطة ممنهجة لتلفاز اخر ليشاهدوا ما حدث في بلادهم.

الاهم ان الهجوم حصل في الساعة 7 صباحا اي ان التلفزيون الاردني معه على الاقل 4 ساعات ليعد فيها خطته لما بعد بث الخبر، الا اننا وللاسف مجددا نحيا الخذلان بسبب قناتنا الرسمية الوحيدة.

**

الاردنيون انتقلوا لسكاي نيوز والتي تستعد كمثلها من الفضائيات لبث بعض البرامج الرمضانية الخفيفة بعض الشيء، الا انها وفي زمن قياسي بدأت التحليل واستضافت نخبة هامة من الشخصيات الاردنية وبدأ استديو تحليل حقيقي.

من هناك نستقي معلوماتنا يا اعلامنا الاهم.. من هناك يا دولتنا العزيزة.. قد نتعرض للتضليل او التشويه او غيره.. ولكن لا يهم فالتلفزيون الاردني فيه المزيد من الاغنيات عن الوحدة الوطنية واستعراضات الجيش!.

**

يبدأ الجنون المتمثل في الشاب العبثي “رامز جلال” بالظهور كأولى اشارات الهوس القادم علينا في شهر رمضان، والذي كله حتى اللحظة مليئ بالنار والصراخ.

الغريب ان شاشة تلفزيون MBC قررت ان تظهر علينا الشاب باعلان يقول فيه انه لا يشعر بالحياة دون خوف الاخرين وصراخهم، ودون دموعهم ثم ينطلق علينا بجملته غريبة الاطوار “انا حولّع في صحابي”!..

واضح بان جلال تحوّل فعلا لذلك الرجل الذي يعشق خوف الاخرين ويستأنس به وبصورة غير مفهومة ولا مطلوبة خصوصا مع مجتمع يرى الخوف والدموع والرعب كل يوم، بمعنى ان لا حاجة لهم فيها حتى في وقت الكوميديا والاثارة.

المضحك اني وانا اشاهد الاعلان رأي كل الممثلات والممثلين الذين لطالما كانوا يبدون في الدراما كأشخاص يغمى على بعضهم ويصاب الاخر بحالة نفسية معقدة لمواقف اقل بكثير من ان يكونوا ضمن غرفة تحترق.. اين ذهبت الامراض العصبية عنهم في الحقيقة؟.. لا يمكن لاحد ان يدري!

**

نتحضر جميعا لشهر رمضان حافل بالدراما فليس فقط لدينا جزء “هجين” من مسلسل باب الحارة، وانما ها نحن نشاهد اعلانات لمسلسلات قد لا نعرف كيف تبدأ وكيف تنتهي، والاهم ان لدينا كمية هائلة من برامج الطبخ التي لن تمن علينا منها الوالدات الا بالنزر اليسير بعد متابعتها لساعة على الاقل كل يوم.

مسلسلات رمضان وحسب اعلاناتها الاستباقية تضج بقصص نعرف مثلها، كلها امور اجتماعية تأخذ من وقتنا الكثير بين غفوتين فشهر رمضان بات للنوم والدراما وبعض العبادة وليس العكس.

فحتى اللحظة لم اجد اي نوع دراما يستفزني لانتظره، الا تلك الدراما التي شاهدناها على الشاشات المختلفة تحت عنوان مؤتمر باريس، والذي لا اذكر اني رأيت اي شكل من اشكال الراحة على وجه من شاهده.

لا ادري لماذا تضطر المملكة العربية السعودية لتذكير دولة الاحتلال الاسرائيلية بأن لديها معها مصالح مشتركة وانها ترغب فعلا بعلاقات ثنائية معها وان عليها لذلك ان تقدم بعض “التنازلات” التي هي عبارة عن ترك بعض الارض للفلسطينيين الاصحاب الاصليين لها.

بكل الاحوال قناة روسيا اليوم تبرعت بنقل خيبة الامل الفلسطينية من نتائج المؤتمر في الوقت الذي اظن فيه انه من الباكر جدا الحديث عن اي “خيبات” فالخيبات الكبرى قادمة وبرعاية عربية على ما يبدو!

**

بالعودة لبرامج الطبخ، فأنا عمليا أفضل طبخ الامهات والجدات واللاتي يتفوقن على مئات “منال العالم” وشقيقاتها ستزين موائدنا ممزوجة بالكثير من الحب.

الغريب اننا في رمضان ننسى الكثير من العمل والكثير من الانجاز بحجة الصيام والقيام.. فنتململ في العمل، وبحجة الصيام نتأخر كثيرا في النوم.. بينما تبقى الام والعمة والاخت والخالة والزوجة حارسات راحاتنا ملؤهن الحب والتقدير لبذلنا بعض العبادة..

اظن ان هذا الشهر الفضيل من اكثر الاشهر مشقة عليهن وانه بكل الاحوال لن يكون بيوم من الايام سهلا على من تقضي نهارها “تحوس″ الطعام في المطبخ بينما هي ذاتها ممتنعة عنه، وتحتمل كل التذمر الذي تتسبب به ساعات من البعد عن الطعام.

لذا.. فلهن قبلنا جميعا.. كل عام وانتن تيجان رؤوسنا ورضاكن جنّة..

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.