وقفة بين القرف والإحباط / ابراهيم ابوعتيله
أأنا محبط … سؤال كررته على نفسي مئات المرات سبقه توقفي عن كتابة المقالات منذ شهور عدة ، لم أستطع أن أجد جواباً قاطعاً على سؤالي في ضوء ما يجري على ما أصر على تسميته بوطني العربي ، ربما أكون محبطاً، ولكن إجباطي لا يخلو من قرف كبير يصل حد الإستفراغ … أمور كثيرة حدثت وتحدث كل يوم تقود إلى الإحباط والقرف سواء كان ذلك على الصعيد العربي بشكل عام أو على صعيد القضية الفلسطينية بشكل خاص .
حالة من الوهن والتراخي تعم الكثير من دول العرب أدت إلى غياب أي مشروع نهضوي عربي بل أدت إلى تزايد تنافس الآخرين على نهب مقدراتنا والسيطرة علينا ، وإن كانت أمريكا والغرب قد اعتادوا على ذلك وتمكنوا منه فإن قادمين جدد بدأوا بنهش الجسم العربي ، فلقد توسع المشروع الصهيوني ليشمل اليمن والمغرب والخليج تحت شعار التطبيع واعتناق ديانة ابراهام ، وقامت تركيا بنهش شمال العراق وشمال سوريا والتآمر على ليبيا وقامت ايران بنهب موارد العراق بعد أن رسخت الطائفية فيه وعملت على التآمر على مكانة النجف وكربلاء لمصلحة قم بعد أن زرعت ميليشيات في العراق تدين بالولاء لها ومرجعية تستمد أفكارها من ” قم ” وبما يثبت العمق التاريخي للعداء القومي العربي الفارسي منذ معركة ذي قار وحتى الآن ، ولم ينحصر النهش فيما ذكرت بل حتى إثيوبيا ” الصديقة التاريخية ” قامت بنهش مياه العرب على حساب السودان ومصر وهي تعرف والعالم والتاريخ يعرف بان مصر هي هبة النيل وأي مساس بمياهه سيؤثر سلباً على مصر وحياة الشعب المصري … صاحب ذلك الترويج لديانة جديدة تحت مسمى الديانة الإبراهيمية هدفها تنحية الإسلام جانباً وتسميم أفكار المسلمين لمصلحة اليهود التلموديين من أجل المزيد من سيطرة الصهاينة على بلاد العرب وبدعم أمريكي مباشر …
كل ذلك وأمريكا ترسخ وجودها في عالمنا العربي من خلال حكام يدينون بالولاء لها بشكل مطلق وربما بعد أن تكون قد اختارت البعض منهم وعينتهم في مواقعهم .. أما عن روسيا فتسيرها مصالحها ففي سوريا رسخت وجودها واختبرت وأثبتت نجاعة أسلحتها من خلال صمود الجيش العربي السوري في محاربة الظلاميين ومنهم هؤلاء المتطرفين الذين كانوا يستهدفون موسكو نفسها فخدم الروس أنفسهم وحافظوا على أمن * إسرائيل * الذي يعتبرونه من أولوياتهم عدا عن مواقف الروس التي تعارض كثيراً مع مصلحة حليفتهم المباشرة والتي قدمت الكثير لمصلحة روسيا فهاهم يجلسون مع تركيا ويقدمون لها صواريخ أكثر تطوراً من تلك الصواريخ التي قدمتها لسوريا واحتفظوا بأسرار تشغيلها علاوة على موقف روسيا الملتبس والمشكوك به في اليمن وليبيا ..
أما على ما كان يسمى ( قضية العرب المركزية ) فلقد عمل عملاء الصهاينة على تراجع مركز هذه القضية لتصبح قضية هامشية .. بل ويروج البعض بأنها قضية اجتماعية ويساومون على ما يواجهه الفلسطينيون من ضنك العيش وتأثير الحصار تماماً كما عملوا قبل ذلك على تسمية قضية اللاجئين الفلسطينيين الذين هجروا من أرضهم عنوة عام 1948 بأنها قضية انسانية اجتماعية منزوعة الجذور الوطنية … وكأن قضية فلسطين هي قضية من هم تحت الاحتلال في المناطق التي احتلها العدو الصهيوني عام 1967 .. والأدهى في هذه الحالة أن يقوم من تربع على قيادة ” الممثل الشرعي والوحيد ” على ترسيخ هذا المفهوم متعاوناً بذلك مع جلادي الشعب الفلسطيني من الصهاينة ، فمن كان يتصور قبل عام 1974 أن تصبح ” منظمة التحرير الفلسطينية ” والتي منحها النظام الرسمي العربي شرعية ووحدانية تمثيل الشعب الفلسطيني أن تصبح تلك المنظمة عبئاً على الشعب التي تدعي تمثيله متعاونة مع الاحتلال ومنسقة معه وخادمة مطيعة له في القبض على المناضلين والمقاومين تعتقلهم وتمنع أي محاولة لمقاومة المحتل كل ذلك بفضل ” برنامج النقاط العشر” الذي أقره ” الرمز” سنة 1974 واستمر في نهجه أميناً في تطبيقه مروراً بتفاهمات 1982 وإعلان الدولة والاستقلال الموهوم عام 1988 إلى توقيع اتفاق النكبة الكبرى المتمثل باتفاقيات أوسلو 1993 والتي اعتبرت الكفاح المسلح عملاً إرهابياً وقامم الرمز وزمرته بإلغاء الميثاق الوطني الفلسطيني بموجبها بعد أن عمل على تغيير حتى النشيد الوطني لإرضاء الصهاينة ومن أجل ” حفنة دولارات ” وكرسي رئاسة كاذب …
لقد سجل التاريخ الكثير من حالات التعاون مع الاستعمار والمحتلين ولكن تعريفهم بقي في خانة العملاء ولكن أن تقوم منظمة وجدت للتحرير والمقاومة بالتعاون مع المحتل من خلال قادتها فهي سابقة ونقطة سوداء في التاريخ النضالي العالمي وهي سابقة تعارض المنطق سجلتها ما كانت تسمى ” منظمة التحرير الفلسطينية ” فهي منظمة اعترفت بدولة للعدو على 78 % من أرض الشعب التي وُجدت لتحريرها ورضيت بسلطة محدودة على اقل من 20 % مما تبقى من ال 22 % الباقية من أرض فلسطين مما تسبب في تسرطن والتوسع في الاستيطان ورضيت بأن تكون قضية اللاجئين التي وُجدت من أجل تحرير أرضهم المغتصبة وعودتهم إليها بأن تصبح قضية إنسانية ” فهم لاجئون يستحقون الشفقة ” ليس إلا ، بل وتعدى الأمر إلى تكميم الأفواه واعتقال المقاومين وتسليمهم للعدو … أولا يدعو كل ذلك للقرف والإحباط ؟؟؟
وإدراكاً مني لمنطق التاريخ فإن كل ما يحدث على أرض فلسطين يخالف ويتعارض مع ذلك المنطق ولا بد من أن يقوم التاريخ بفرض منطقه ، ولا بد من خلق قيادة واعية مؤمنة بتحرير الأرض والإنسان وكنس الاحتلال والصهاينة … فالزيف لا يدوم والغاصب لن يستقر والحرية لفلسطين ستتحقق …
ابراهيم ابوعتيلة
عمان – الأردن
29 / 9 / 2021
التعليقات مغلقة.