الرأسمالية اللبنانية تدمّر البلد خدمةً للصهيونية والرجعية العربية / موسى عباس

موسى عباس ( لبنان ) – الأحد 3/10/2021 م …




أزمة النظام السياسي في لبنان:
بدعمٍ من الدول الإستعمارية أنشأ الإستعمار الفرنسي  الدولة اللبنانية بعد تجميع أجزاء كان بعضها تابعاً لولاية دمشق والبعض الآخر لولاية صفد أو لولاية عكّا والبعض الآخر يحكمه وُلاة كانت تعينهُم الدولة العثمانية مباشرةً ، وفي الأوّل من أيلول 1920 أقدم المفوض السامي على لبنان الجنرال الفرنسي “غورو” على إعلان قيام دولة لبنان الكبير ، الذي ما كان كبيراً إلّا بعدد طوائفه التي أوغل الإستعمار  في تمييز بعضها على حساب البعض الآخر وتعمّد الفرنسيّون تسليم المقربين من البطريركية المارونية غالبية الإدارات الرسمية التي أنشأوها مع الأخذ بعين الإعتبار  مصالح العائلات الإقطاعية الرأسمالية  التي كانت تمتلك الأراضي الواسعة التي استولت عليها بأبخس الأثمان في زمن المجاعة التي عانى منها غالبية السكّان في لبنان في الحرب العالمية الأولى وحتى بعد دخول الحلفاء ، وأسّس هذا التمييز للمشاكل والخلافات والأحداث التي وقعت في لبنان على مرّ  قرن ٍ من الزمن، وغالبيتها أحداث دامية خلّفت نتائج مأساوية من الصعب إن لم يكن من شبه المستحيل التخلّص منها دون إنقلاب جذري يَنسف جميع الأسس السياسية والإقتصادية والإجتماعية السابقة.
إن الأزمات المتلاحقة والكوارث التي حدثت لم تكن  مرحليّة أو عابرة تتعلق بالتوازنات السياسية الداخلية بل هي أزمة نظام سياسي متخلّف أنتج نظاماً إقتصادياً- إجتماعياً فاشلاً ، وكرّس طبقة رأسمالية تحكّمت بالغالبية العظمى من اللبنانيين الذين باتوا أسرى لدى زعماء الطوائف من السياسيين  ومن بعض المرجعيّات الدينية الذين  زعموا  بأنّهم يمثلون الأنبياء بينما هم يمثلون الإستعمار والإحتكار  وأصحاب الثروات كيف لا وقد كانت لهم حصتهم من مئات الملايين من الدولارات المهرّبة إلى خارج والبلاد.
توصيف النظام اللبناني :
– نظام طائفي إقطاعي تأسس منذ زمن الحكم التركي و حوّله الإستعمار الفرنسي مدعوماً من الإمبريالية الأوروبية إلى نظام رأسمالي متوحش  ، حيث أنّ الطبقة البرجوازية اللبنانية العابرة للطوائف ليست أكثر من “مُستخدَم “لدى الإمبريالية العالمية المُتمثلة بالأوروبيين والأمريكيين ، والدولة التي أنشأها الفرنسيون بقرار استعماري دولي أنشأوا لها نظاماً سياسياً -اجتماعياً – طائفيّاً فاسداً خادماً لمصالح الغرب الإستعماري  ، تلك الطبقة المنتمية حالياً إلى جميع الطوائف بعد أن كانت محصورة في أثرياء الموارنة والسُنّة والدروز يتبع لها ومحاصصةً جميع  أجهزة الدولة اللبنانية والمؤسسات الدينية والاجتماعية والسياسية والإعلامية والتعليمية ، العامة والخاصة، الحكومية والتشريعية والعسكرية والقضائية .
وبعد أن كانت العملة اللبنانية (الليرة) مرتبطة بالفرنك الفرنسي انتقل ارتباطها مع الفرنك بعد الإحتلال الإلماني لفرنسا في الحرب العالمية الثانية إلى (الجنيه الإسترليني) الإنجليزي ، وبعد إلزام أوروبا  بمشروع”مارشال” الأمريكي وال(يورو دولار) في العام 1949 ومنذ ذلك التاريخ إنتقل ارتباط العُملة اللبنانية إلى الوصاية الماليّة الدولارية الأمريكية.
-نظام ظاهره ديمقراطي لكن واقعه لا أساس للديمقراطية فيه لأنّ الفساد ينخره في جميع مفاصل الحياة السياسية والإقتصاديّة والإجتماعية.
-ما يُسمى الإقتصاد اللبناني الحرّ ما هو إلّا عبارة عن احتكارات أصحابها في غالبيتهم من السياسيين  وتجّارً السياسة يتوزعون على الطوائف  والذين جنوا أرصدتهم المالية من خلال أعمال غير مشروعة في القسم الغالب منها، يتقاسمون الشركات الإحتكارية بدءًا من استيراد النفط والغاز والنقل البحري وصولاً إلى المواد الإستهلاكية وشركات الأدوية والمصارف وشركات الصيرفة الكبرى والفنادق الكبرى والهيمنة على الجمارك والإستيلاء على الأملاك البحرية إضافةً إلى امتلاك معظمهم لأراضي شاسعة فضلاً عن تهرُبِهم من دفع الضرائب ، خلاصة القول أنّ غالبية هؤلاء إضافةً إلى معظم الهيئات الدينية الكبرى مثلُهم كمثل من سبقهم في زمن الحكم العثماني فخلال الحرب العالمية الأولى وبالتحديد في 1916 أعلن وزير الحربية التركي السفّاح انور باشا:
 “إن الحكومة لا يمكنها استعادة حريتها وشرفها إلا عندما يتم تنظيف الإمبراطورية التركية من الأرمن واللبنانيين، الأوائل (الأرمن)دمرناهم بالسيف، أما الآخرون فسنميتهم جوعا”. وقد ساهم في افقار وتجويع اللبنانيين جشع التجار المحليين المدعومين من السلطات العثمانية.
وكذا في زمن الحكم الفرنسي حيث جمع هؤلاء ثرواتهم وضاعفوها عبر المتاجرة بويلات ومآسي عامّة الشعب ، تماماً كما حدث بعد ذلك في زمن الحرب الأهلية 1975-1990 ومنذ  إقرار “وثيقة الطائف”وبعد تهجير مئات الآلاف من السوريين إلى لبنان خلال الحرب على سوريا حيث نشأت تحت ذريعة مساعدتهم وإغاثتهم عشرات الجمعيات التي سُميَت خيرية ولكن الكثير منها عبارة عن جمعيات وهمية مؤسسوها من السياسيين أو زوجات سياسيين تلقت أموالاً طائلة تحت شعار الإغاثة بينما هي استغلال ومتاجرة بمآسي الشعوب.
 
-هيمنة طبقة سياسية رأسمالية فاسدة على عامّة الشعب:
بعد اقرار اتفاق الطائف في العام 1990 هبطت على الشعب اللبناني مجموعة من السياسيين بعضهم كانوا زعماء أحزاب وزعماء ميليشيات منهم من ارتكب مجازر وسفك دماء الآلاف من اللبنانيين والفلسطينيين (مجازر الجبل وتل الزعتر وصبرا وشاتيلا ) ومنهم من وصل إلى السلطة تحت شعار إعادة إعمار  ما دمّرته الحرب الأهلية بإرادة غربية -أمريكية-عربيّة   (الراحل رفيق الحريري )هؤلاء بالإضافة إلى بعض من فرضتهم أحداث كارثية (إغتيال كمال جنبلاط – إخفاء السيّد موسى الصدر) هؤلاء فرضوا انفسهم على الشعب تحت شعارات طائفية ومذهبية وتولوا ادارة شؤون البلاد، ولا زالوا يتحكّمون فعليّاً  بجميع مفاصل الدولة.
 جميعهم يتحملون المسؤولية الكاملة عمّا جرى ويجري في البلاد وعن جعل الغالبية العظمى من اللبنانيين تحت مستوى خط الفقر  بفعل إدارتهم الفاسدة ونهبهم لأرزاق الناس وتهريبها خارج البلاد بالتواطؤ مع  بعض كبار رجال الدين وعدم مبالاتهم بالإنهيار الكارثي للمستوى الإجتماعي للمواطنين متسلحين  بدعم الإدارة الأمريكية التي تدفع مع العائلة المالكة في السعودية مليارات الدولارات(باعترافهم) لإقناع الشعب اللبناني أن المسؤول عمّا يحدث لهم هو “حزب الله” الذي انتجت مقاومته المُسلّحة  تحريراً للبنان من إحتلال الكيان الصهيوني عام2000 وهزمته في آب 2006.
إنّ الذي يحكم لبنان اليوم هو ما يُسمى بالحكومة العميقة المتمثلة ب: سياسيين ورجال دين وإعلاميين  بوصفهم وكلاء  عن الإدارة الأمريكية والصهيونية والسعودية.
-كيفيّة الإصلاح:
لا يمكن إجراء أي عملية إصلاح حقيقية من داخل النظام الأخطبوطي القائم على الفساد  فهو  عبارة عن وكر للدبابير اذا حاولنا اقتلاع احدها هجم الباقي متكافلين متضامنين للدفاع عن مكتسباتهم، لذا الحلّ الوحيد هو بالخروج من النظام الطائفي الفاسد والتابع والخروج عليه واقتلاعهم جميعاً ومرّةً واحدة ومهما كلّف الأمر والعمل جدّياً على تأسيس نظام سياسي اجتماعي وطني بتمثيل شعبي حقيقي  أساسه دستور يُرسي نظاماً  لا طائفيّاً يقوم على  الكفاءة والنزاهة من أعلى الهرم إلى أدناه وإلّا فإنّ الأسوء لم نشهده بعد.

 


قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.