بغداد بانتظار ليلة النصف من رمضان

 

الأربعاء 8/6/2016 م …

الأردن العربي … أصدر رئيس الوزراء حيدر العبادي أمس قراراً بإعفاء زهير الغرباوي من رئاسة جهاز الاستخبارات، وتعيين مصطفى الكاظمي بدلاً منه.

فيما تستأنف المحكمة الاتحادية العليا اليوم، جلستها للنظر في دعاوى الطعن في جلستي مجلس النواب، اللتين عقدتا خلال شهر أبريل/نيسان الماضي، أصدر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أمس قراراً بإعفاء زهير الغرباوي من رئاسة جهاز الاستخبارات، وتعيين مصطفى الكاظمي بدلاً منه.

وشملت القرارات، التي صدرت بسبب قضايا فساد وإهمال وتقصير وعدم كفاءة مديرة المصرف العراقي للتجارة حمديّة الجاف، ورئيس شبكة الإعلام العراقي محمد عبد الجبار الشبوط، ومديرِي مصارف الرشيد، والرافدين، والعقاري والصناعي.

وبغض النظر عن تفاصيل الإقالات والتعيينات الجديدة، فإن خطوة العبادي، التي غطت على غبار معركة الفلوجة، وتداعيات الانتهاكات الطائفية المنسوبة إلى بعض فصائل “الحشد الشعبي” على أسوارها، ربما جاءت  في سياق ما أعلنه العبادي قبل أيام عن إبطاء اقتحام المدينة؛ لكنها تزامنت أيضا مع أحداث مهمة وقعت أمس في العراق.

من هذه الأحداث: أن هذه الخطوة جاءت في أول يوم من أيام شهر رمضان المبارك، وخلال جلسة مجلس الوزراء، التي حضرها وزراء “التحالف الكردستاني“ لأول مرة بعد أن توقفت مشاركتهم مطلع مايو/ أيار الماضي.

ومنها أيضا: انتقاد حاد من هادي العامري، وقوله إن تحرك أي  قوات عراقية نحو الشرقاط في صلاح الدين ومخمور في نينوى في هذا التوقيت، يُعد خيانة لمعركة الفلوجة. وقد دعا الأمين العام لـ”‍منظمة بدر” هادي العامري، الأربعاء، رئيس الوزراء إلى إعطاء أولوية خاصة لمعركة الفلوجة، وعدم فتح أي معركة أخرى.

وبهذا، يصبح  العامري ثاني زعيم فصيل من فصائل “الحشد الشعبي”، الذي يعرب عن استيائه من جهود معركة تحرير الفلوجة، بعد المتحدث باسم “عصائب أهل الحق” جواد الطليباوي؛ حين صرح بأن عملية تحرير الفلوجة أوشكت على الوصول إلى مرحلة التوقف التام، وطالب العبادي بأن يأمر باستئناف الهجمات.

وقد صاحب خطوة العبادي أيضا، تفجير وقع، أمس (07/06/2016)، وسط كربلاء، وراح ضحيته عدد من الأبرياء، مع انتقاد حاد وجهه السيد مقتدى الصدر إلى وزير الداخلية، بسبب اعتقال عدد من منتسبي “التيار الصدري” وفصلهم من وزارته، على خلفية مشاركتهم في التظاهرات، واتهمه بأن له أجندة خارجية.

كما صاحبت خطوة العبادي أيضا، تظاهرات لمئات من أنصار الصدر في ساحة التحرير بالعاصمة العراقية مع أول ليلة من شهر رمضان هذا العام، وصفوا خلالها إصلاحات العبادي بالشكلية، وقرروا أن تشهد كل ليلة من ليالي رمضان تظاهرات مطالبة بالإصلاح.

ولم يمر يوم أمس، حتى أعلن 16 عضو من أعضاء مجلس محافظة الأنبار عن تشكيل “كتلة إصلاح”، وأعلن رئيس “كتلة إصلاح” في مجلس محافظة الأنبار جاسم محمد الحلبوسي، الثلاثاء، عن تشكيل تحالف جديد داخل المجلس يهدف إلى “إصلاح” الواقع السياسي والخدمي والمؤسسة التشريعية في المحافظة.

وفي خطوة لافتة، باركت، وعلى الفور، “جبهة الإصلاح” النيابية، خطوة مجلس الأنبار بتشكيل كتلة الإصلاح، فيما دعت باقي مجالس المحافظات إلى المبادرة إلى تأسيس نفس التوجه في محافظاتها لاقتلاع الفاسدين.

ويبدو أن توقيت خطوة العبادي، التي صاحبتها عدة أحداث أمس، قد أشغلت منتقدي حملته على الفلوجة، داخل العراق وخارجه، بسبب الانتهاكات الطائفية التي ارتكبتها بعض فصائل “الحشد الشعبي”. كما أن توقيت عملية الفلوجة قبل ثلاثة أسابيع، قد أشغل منتقدي العبادي، داخل “التحالف الوطني” وخارجه، بسب اقتحام الصدريين للمنطقة الخضراء مرتين في أقل من شهر.

وهكذا، ينتقل العبادي بسرعة من معركة سياسية، إلى أخرى ميدانية، ليعود من جديد من الميدان إلى السياسة، في ممارسة عملية لوظيفته رئيسا لمجلس الوزراء وقائدا عام للقوات المسلحة. والعبادي ، وهو يُشغل هذا الطرف أو ذاك  بتنقلاته  المفاجئة في الساحتين، يبدو وكأنه عالق بين أكثر من جهة داخل “التحالف الوطني” وخارجه من جهة، وبين الأمريكيين والإيرانيين من جهة أخرى.

وكما أن علاقة أمريكا وإيران داخل العراق ملتبسة ومنقسمة على نفسها، لأن أمريكا وإيران تريد هزيمة “داعش”، لكن هدف كل منهما يختلف عن الآخر في اليوم التالي لدحر التنظيم الإرهابي، فإن علاقة أطراف “التحالف الوطني” ملتبسة ومنقسمة على نفسها أيضا؛ فهي تتفق على معركة الفلوجة ضد “داعش”، وتختلف على المعركة السياسية في بغداد.

ووقوف العبادي في المنتصف، سواء بين أطراف التحالف الوطني بعضها مع بعض من جهة، وبينها وبين تحالف القوى الوطنية والكردستانية، أو بين أمريكا في سنة أوباما الأخيرة من جهة، وبين إيران بعد “اتفاق لوزان” من جهة أخرى، قد جعله يعتمد استراتيجية التنقل من ساحة إلى أخرى.

ويبدو أن دور العبادي، وهو عالق بين هذه الأطراف مجتمعة، هو منع حدوث صدامات بين الأطراف المختلفة، تُخرج الأمر عن السيطرة، أكثر من إنجاز أي برنامج سياسي.

ولست أدري ما الذي سيفعله الصدر بعد انتهاء عزلته في منتصف شهر رمضان الجاري، الذي ابتدأ أنصاره يعدون له العدة، منذ أول ليلة رمضانية؟ وقد تتزامن  ليلة النصف من رمضان مع انتهاء أو استمرار معركة الفلوجة؛ لكن  يبدو أن إحراز انجاز سياسي ملموس في 2016، هو أمر قد يكون مؤجلا.

مؤجل، ربما لأنه هدف أميركي وإيراني في نفس الوقت. كما أنه هدف أطراف “التحالف الوطني” المنقسمة على نفسها. والسبب، ربما انتظار الأطراف جميعا نتائج أحداث النصف الثاني من عام ٢٠١٦، بما فيها نتائج الانتخابات الأمريكية.

ولكل حادث في انتقال العبادي من ساحة إلى أخرى حديث، وهو عالق بين أطراف محلية وإقليمية ودولية.

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.