المفكرة القومية الأردنية ديانا فاخوري تكتب عن كمين الطيونة: نحو حرب أهلية تُريح “اسرائيل” وتعفيها من حرب تستحضر نهايتها
“وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ” .. آل عمران – 54
تفسير السعدى: “فلهذا قال تعالى هنا { ومكروا } أي: الكفار بإرادة قتل نبي الله وإطفاء نوره { ومكر الله } بهم جزاء لهم على مكرهم { والله خير الماكرين } رد الله كيدهم في نحورهم، فانقلبوا خاسرين.”
هل حقاً ان هناك – لدى احدى المرجعيات الحساسة، كما نبَّه الاستاذ نبيه البرجي في مقاله بالأمس – تسجيلاً صوتياً لاتصال هاتفي بين قطبين حزبيين، الأول يقول: “ما أمامنا من خيار سوى التفجير، وهذا رأي أصحابنا”، رد الآخر: “فليكن”؟! وهل هذا هو التصعيد “من نوع اخر”؟!
نعم، ما أشبهَ اليوم بأمس الاخطل الصغير ..
يوم، هبطوا الجحيم فردهم بوابها .. إذ خاف من إبليسهم إبليسها!
وهؤلاء من عناهم الوزير الصهيوني، رئيس حزب “شاس” الديني المتشدد “ارييه درعي” بقوله: “هم دوابّ موسى ويجب علينا فقط ركوبهم للوصول إلى الوجهة النهائية”! .. وهل “صفقة القرن” هي الوجهة النهائية، ام محطة على الطريق الصهيونية!؟
وهل جاء كمين الطيونة عربون زيارة مساعدة وزير الخارجية الأميركي للشؤون السياسية السفيرة فيكتوريا نولاند إلى لبنان كمحاكاة لجولة من حرب أهلية لبنانية/لبنانية تشكل بديلاً لحرب لم تعد ضمن القدرات الإسرائيلية ألمتراجعة امام حزب الله؟ وربما كان بمثابة بوليصة تأمين (او لعله شيك بلا رصيد، على الأرجح) تعويضاً عن الانسحاب الامريكي المزمع.
نعم يعيش الاسرائيلي قلقا ورعبا شديدين من المستقبل و”يًفكر ماذا سيفعل ان هو رأى الجنود السوريين، أو رجال حزب الله على شواطئ بحيرة طبريا ؟” وفقا لوصف أحد ضباط العدو المتقاعدين .. وجوه تظن ان يأتيهم رجال الله في الميدان بالرعب الذي يستوعب الصدور .. وجوه تظن ان يُلقي رجال الله بالهلع في قلوبهم ارتعاباً وارتياعاً .. وجوه “تظن أن ُيفعل بها فاقرة”.. وجوه يقف أصحابها على “رجل ونص” بانتظار ان تنزل بهم مصيبة عظيمة، تقصم فَقَار الظَّهْر!
ليست اسرائيل وحدها، بل كافة حلفاء أميركا في المنطقة قلقون وفي أزمة ومأزق ويستغربون كيف تفشل الامبراطورية الأميركية في استدامة احتلالها لدولتيْن (العراق وأفغانستان) أنفقت فيهما 6.4 ترليون دولار يوم ظنّوا – غير آثمين – أن بمقدورها ان تُفني بلداً بكامله خلال فترة وجيزة. سقط الحلفاء في الحفرة ويواصلون الحفر اذ تتخلى أميركا عن بعض أدواتها، وإذ تضمحل بل تكاد تتلاشى إمكانات التدخل العسكري الامريكي المباشر (ضع عدة خطوط تحت “المباشر”) اثر تلاحق الهزائم .. انهم في الحفرة ويستمرون بالحفر مستغيثين بدولة الاحتلال الاسرائيلي وب”بركات”ها تراهم يتدخلون بالوكالة (نظرا لكبح الجموح الاستعماري الأميركي الأصيل تَريُثاً لبضع سنوات) في اليمن والعراق ولبنان وليبيا ومصر وتونس وحتى أفغانستان .. نعم، يستعينون ب”الموساد” لتدريب وتطوير جيوشهم ومخابراتهم.
ويتكثّف الرعب ارتياعاً اثر توالي علامات أفول عصر الهيمنة الأمريكية على هذا الكوكب، هل تذكرون انسحاب أميركا من لبنان عام 1984؟ وكيف كان ذاك الانسحاب في زمانه مُذلاً للقوة العظمى إلى درجة أن رونالد ريغان وصفه بـ”إعادة الانتشار” عوضا عن “انسحاب” في محاولةٍ لالتقاط السمعة بعد هزيمتها في فيتنام! ويأتي درس أفغانستان بعد “سيف القدس” بحمولة أصداء سقوط سايغون ليتوّج دروس انتصارات المقاومة الشعبية والمسلحة في الجزائر وفيتنام والصين واليمن والعراق وجنوب لبنان .. انه اعلان سقوط مشروع السيطرة الأميركية الأحادية على العالم، واخفاقها في تكبيل قوة وحضور الدور الروسي والصيني والإيراني على الأصعدة المحلية والإقليمية والدولية، وبالتالي الإطاحة بنظرية فوكوياما حول نهاية التاريخ وانتصار الرأسمالية الأميركية عقب انهيار وتفكك الاتحاد السوفياتي ..
فهل نحن امام مشهد الدولة العثمانية عام 1853 وقيصر روسيا نيكولاي الأول يطلق عليها لقب “رجل أوروبا المريض”، ام هو مجرد اعادة تموضع سيما وان “عراب الربيع العربي” برنار هنري ليفي، وصل إلى ولاية بانشير التي تعد آخر معقل للمقاومة المناهضة لحركة «طالبان» في البلاد حيث نشرت وكالة Pajwok الأفغانية صوراً تظهر ليفي برفقة أحمد مسعود، نجل القائد العسكري الراحل أحمد شاه مسعود المعروف بـ”أسد بانشير” ليقوم بعدها بنشاطات مكوكية بغرض تفكيك لبنان و”كنتنته” في محاولة مستجدة لاستحضار الوصاية الدولية على لبنان خدمة لإسرائيل ودول المحور الصهيواعروبيكي وازلام الفساد دواب الصهاينة الهاربين اماماً أو وراءً وبكل الاتجاهات لإسقاط كافة أشكال التدقيق التشريحي الجنائي المحلي والدولي؟
وما كمين الطيونة الا حلقة في سلسلة، منها 17 تشرين وانفجار مرفأ بيروت (بيروتشيما)، تهدف لتجريم المقاومة بانفجار شعبي شامل نحو حرب أهلية تُريح اسرائيل وتعفيها من حرب تستحضر نهايتها .. وها هو إعلامهم ما زال، وما فتئ، وما برح، وما انفك (وكل فعل ناقص) يُصوّب على حزب الله ابلسةً وشيطنةً في محاولة لإقحامه بعد فشل اقتحام عرينه .. ظنّوا، وبعض الظن إثم، ضعفاً في صبر المقاومة عما حصل في شويا، وعدم انجرارها للفتنة إثر جريمة خلدة، وصمتها عن موبقات إعلام دواب الصهاينة .. إعلام ينتشي بالترويج لشراويل ثلاثة هزت المقاومة في شويا، أو إن شيخاً وبضعة صبية أذلّوها في خلدة، أو أن بعضاً من حمير موسى دحرتها وقهرتها في الطيونة ..غاب عن إعلامهم من أخرج القوات المتعدّدة الجنسية من لبنان عام 1983 .. ومن حارب الاحتلال الاسرائيلي حتى طرده من الجنوب عام 2000 .. ومن قاوم وقاتل العدوان الاسرائيلي ونجح في ردعه عام 2006 .. ومن قاتل وقاوم الإرهاب في سوريا منذ 2013 حتى أنجاز دحره في جرود عرسال اللبنانية في الشرق!!
وهكذا خرج التط”بيع” الحالي من عتمة بيروتشيما كما كانت كامب ديفيد قد استظلت الحرب اللبنانية .. فهل “باتوا” يعدون مرفأ حيفا بديلا عن مرفأ بيروت حصاراً واحتكاراً لإعادة إعمار سوريا من ناحية ومرفأً للخليج من ناحية اخرى وفي الحالين من ثقوب التطبيع الذي ينتهي بالبيع سياسةً واقتصاداً ولغةً .. و”باتوا” يستعيدون (أضغات) احلام الرئاسة على وقع الدبابات الإسرائيلية تجوب شوارع بيروت .. أُصِرُّ على استخدام الفعل “باتوا” ليستفيقوا على خيبتهم – ابليساً ودوابَ صهاينة – في جر حزب الله الى حرب لبنانية لبنانية فلحزب الله صبر الامام علي الاستراتيجي: “صبر على ما تكره، وصبر على ما تحبّ” ليرد مكرهم وكيدهم في نحورهم، فينقلبوا خاسرين .. خاف ابليس الجحيم من ابليسهم، ولم يخف حزب الله .. “وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ” .. آل عمران – 54
الدائم هو الله، ودائمة هي فلسطين ..
نصركم دائم .. الا أنكم أنتم المفلحون الغالبون ..
ديانا فاخوري
كاتبة عربية أردنية
التعليقات مغلقة.