المفكر القومي الأردني المحامي محمد احمد الروسان يكتب: موسكو تنعى الحوار مع الناتو ومخابرات المولينكس…أي مشهد يرسم؟
المحامي محمد احمد الروسان* ( الأردن ) – السبت 23/10/2021 م …
*عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية …
* الصراع بين الجليد السيبيري وثلوج ولاية ألآسكا…فمن ينتصر؟.
* ليبيا ومسارات تقسيمها تتعاظم مع دخول المراقبين الدوليين.
لا معلومات حتّى اللحظة عن القمّة القادمة، بين فلادمير بوتين وجوزيف بايدن المفترضة – وأعتبرها قمة الصدام العميق القادمة، ان بنعومة بين الروسي والأمريكي في بعض فضاءات الصراع والتنافس ومنها الساحة الليبية بل جلّ ساحات الشمال الأفريقي، التي قد تشكل شرارة الاشتعال العسكري – لذلك النعومة فيها حاضرة، وان بشراسة في مساحات أخريات، بحيث يكون من تداعياتها ما هو أعمق من حرب باردة، وأشرس من حرب عسكرية وبقفّازات ناعمة في بعض الساحات، مع خلعها للقفّازات في ساحات ومدايات ومجالات حيوية أخرى.
فقد وصفت المنظومة السياسية والدبلوماسية في روسيّا، ومعها مجتمع المخابرات الروسية وقرون استشعاراتها، بأنّ العلاقات بين موسكو والناتو أسوأ مما كانت عليه وقت الحرب الباردة، بسبب سلوك الناتو وأمينه العام عبر الاستراتيجية الجديدة له، وتم التحذير من انضمام أوكرانيا للناتو.
استراتيجية بايدن هي مزيج من الدبلوماسية والهجوم في المنطقة، مع دفع الحلفاء لعلاقات مع الأيراني والسوري كاستراتيجية تطبيعية لغايات العبث من جديد، والعودة الى المربع الأول لأشغال الجميع بالجميع، واستنزاف الكل الاقليمي بالكل الاقليمي، لغايات الحفاظ على ثلاثية الأمن القومي الامريكي وهي: اسرائيل، والكرد كتروتسك صهيوني عميل معولم الجميع يستثمر به وفيه، والنفط.
بلا أدنى شك، يسود العالم هذا الأوان حالة متفاقمة من الدفع التاريخي الحاد والعميق، فنحن لا ننجّم ولا نقتحم علم المستقبليات الذي يعتمد نظريات فلسفة التاريخ، عندما نبحث شكل العالم القادم، بعد الأستشراس الروسي والتي تحاول كوادر الدولة العميقة في واشنطن دي سي، من التقليل من اندفاعاته الهجومية والدفاعية وعلى قاعدة: ثمة سوء فهم على طول خطوط العلاقات الأمريكية الروسية من كلا الطرفين.
فمن يحرّك عجلات الدبلوماسية العادية المواتية ومعها فعل المخابرات، والدبلوماسية العسكرية ومعها فعل الاستخبارات، على طول خطوط العلاقات الدولية والثنائية بين الكيانات والساحات والدول، هي عمق وعميق المصالح المشتركة، والأخيرة هي التي تحكم العلاقات بين الدول والكيانات والساحات والمساحات، وان كانت العلاقات الدولية الآن قد تعسكرت أفقياً وتكاد تصل الى التعسكر العامودي، بسبب السياسات الأمريكية المتطرفة بجانب الحدث والمسألة السورية، والحدث والمسألة الليبية أيضاً.
وما يجري من محاولات لتقسيم ليبيا وفقاً لمصالح الدول المتصارعة عليها، فمع دخول المراقبين الدوليين التابعين للأمم المتحدة الى ليبيا مؤخراً، تشير كل المعطيات والمعلومات والمؤشرات، الى تقسيم ليبيا الى ثلاث أقاليم: اقليم برقة في الشرق، اقليم طرابلس في الغرب، واقليم فزّان في الجنوب.
لقد خرج أنصار برقة ومعهم وزراء فيما تسمى بحكومة الوحدة الوطنية الليبية ونائب رئيس الحكومة مؤخراً للمطالبة بالتقسيم، وحتّى رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح يطالب سراً بالتقسيم، وثمة أدوار للجار المصري في ذلك، يمارس فيها استراتيجية الغموض غير البنّاء في المسألة الليبية.
تقسيم ليبيا موضوع على طاولة الدول الكبرى التي تتحكم بليبيا، وثمة دعم فرنسي وبريطاني واماراتي لداعش في الجنوب الليبي، لغايات العبث بالجزائر، وأدوار المخابرات الاسرائيلية في ليبيا حقيقة لا وهم، ومحطتهم في تشاد وايطاليا تعمل 24 ساعة بشفتات، فكل الأمن الليبي مخترق عبر عملاء تابعين للموساد، واجراء الانتخابات في ليبيا متوقف على تفاهمات القوى الكبرى التي تتحكم بمصير ليبيا، فاذا تمت هذه التفاهمات التفاهات وحسب مصالحهم ستتم هذه الانتخابات، واذا لم يتفاهموا على تقسيم مصالحهم ونفوذهم لن تتم هذه الانتخابات، وذهبت بريطانيا بعيداً الأسبوع الماضي، فقد قامت بوضع قدم عسكري لها في جنوب ليبيا في منطقة مرزق للكشف عن النفط، وجلّ الدور التركي في ليبيا يعمل كفزّاعة تحركها أمريكا واسرائيل لتقسيم ليبيا، فهم في العلن متخاصمين وفي الليل متحابين، ويخلقون صراعات أيديولوجية أمام المجتمع الدولي، هدفه هو التقسيم، وينقلون جماعات ارهابية مقاتلة الى ليبيا، عبر التركي وصلت وفقاً لمعلومات حديثة 20 ألف مقاتل سوري، في الغرب الليبي من جماعات النصرة السورية أو العهرة السورية، وكذلك من اللواء سلطان الذي جاءت به تركيا من سورية للقتال في ليبيا.
والروس لهم قدم فاعلة في شمال أفريقيا لمحاصرة النفوذ الأمريكي والفرنسي والتركي، والدور الايطالي يتعاظم في ليبيا في ملف الطاقة، حيث لأيطاليا مصالح في ليبيا، خاصةً الشركات النفطية المتواجدة في الجنوب الليبي، وخاصة في حقل الشرارة وحقل الفيل، منها شركة ايني الايطالية، كما لها ايطاليا قواعد عسكرية ومحطات مخابراتية واستخياراتية في مطار معتيقة في العاصمة طرابلس، ولها دور سياسي كبير على الساحة السياسية الليبية فهي المستعمر القديم لليبيا.
في علم صناعة الأزمات وعلم التفاوض(والأخذ والعطى)وتقديم التنازلات، فانّه من الممكن أن ينجح تصعيد أي أزمة في بعض الأحيان، عندما يكون قدرتك على تحمل التبعات أكبر من منافسك، وعندّها فقط تضغط عليه لتقديم التنازلات التي لا يقدر عليها في وضع آخر، لكن وفي علم صناعة الأزمات أيضاً، فانّ الأزمات بحد ذاتها لا تسير دوماً في خطوط مستقيمة، فقد يكون خصمك أكثر صلابة منك وصرامة ولديه في جعبته حيلاً غير متوقعة، وسيقود سوء تقديرك هذا الى الأضرار بك من حيث لا تدري، وعندما يقترف خصمك سوء تقدير مماثل فسوف يخسر كلاكما.
وفي هذا السياق العام قادت العولمة بصورها المختلفة، الى صعوبة في فهم العلاقات الثنائية أو حتّى التنبؤ بمساراتها المتعددة والمختلفة والمتباينة بين الدول ومنظومات عملها، والسؤال هنا: هل سوء التقدير المتبادل على طول خطوط العلاقات الروسية الأمريكية مثلاً، هو أحد الأخطاء الأكثر خطورة في السياسة الخارجية لكلا العاصمتين؟.
الرئيس جوزيف بايدن ونائبته وقبلهما الرئيس السابق ترامب ونائبه، وكارتلات المؤسسات الأمريكية المالية والأقتصادية والأستثمارية الأممية والعسكرية والدبلوماسية والأستخباراتية، فضحوا جميعاً مجتمعين ومنفردين حقيقة سياسة واشنطن حين قالوا ذات نهار أمريكي هادىء، وعادوا وكرروها مرّات عدة لدى مجتمع الميديا الأمريكي، حيث تتموضع العبارة في التالي:
((لا يوجد خطر في العالم سوى روسيّا التي تملك القوّة الصلبة كتحدي لواشنطن بشكل منفرد، ومعها الصين التي تملك القوّة الناعمة بجانب العسكرية، فهي خطر للناتو وواشنطن بشكل جمعي، وفي ثنايا وعي الأمن القومي الجمعي لأمريكا وحلفائها في العالم، وأضافوا هؤلاء مجتمعين ومنفردين، لكي يظهروا على أنّهم موضوعيون: هناك داعش والأرهاب المعولم، ومنبع فكر نتاجاتهم والمتفرعات الأرهابية منهما، وتحدي خروج بريطانيا من الأتحاد الأوروبي، وقرّر ويقرر الناتو القيام بمناورات عسكرية، على الحدود مع الفدرالية الروسية، ونشر وينشر ست كتائب عسكرية متعددة الجنسيات على الحدود معها، وبكل صفاقة سياسية قرّر أيضاً ارسال خبراء ومندوبين الى موسكو لشرح قراراته الأخيره، وكأنّ روسيّا تجهل ما أتخذ من قرارات نيتاويّة في العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي ومثيلاتها من عواصم الناتو، فعلاً صفاقة سياسية غربية بامتياز)).
أمريكا والتي قالت ذات يوم أن انهاء داعش يحتاج الى ثلاثين عاماً عبر تقارير مجتمع استخباراتها، عادت فيما بعد وخفّضتها الى عشرة من السنيين، فجاء الجيش العراقي والحشد الشعبي مدعومين من ايران بكل شيء، وانهوا داعش خلال ثلاث سنوات، والجيش العربي السوري وحلفائه على وشك دحره من جلّ سورية كتنظيم وهياكل ويتبقى المتفرعات عنه وعن جبهة النصرة – جبهة العهرة وباقي زبالات الأرهاب، وفي ذات الوقت أطلقت موسكو في السابق صاروخ باليستي بولافا عابر للقارات بمدى عشرة الآف كيلو متر، قادر على حمل مائة قنبلة نووية تشبه تلك القنبلتين الأمريكيتين اللتين تم القائهما على هيروشيما وناغازاتي في اليابان، ومؤخراً صاروخ باليستي متقدم يماثل الأول من غوّاصة نووية، وأصاب هدفه بدقة، كرد على المناورات الأمريكية على حدودها والتعزيزات العسكرية كرسائل الى الناتو والأمريكان وجلّ السفلة.
الولايات المتحدة الأمريكية توظف الأمم المتحدة لكيفية حماية المصالح الأمريكية ونفوذها العالمي، وضمان مكانتها كقطب أوحد بالعالم، وان كانت السياسة الخارجية الأمريكية الحالية صار رصيدها على وشك النفاذ، فانّ أنظمة من الأقليم دخلت أيامها المتبقية في النفاذ أيضاً، عبر مسح الجرائم التي ارتكبت من قبلهم باشعال الفوضى في المنطقة، واشعالها في أوكرانيا الآن ولاحقاً في دول أسيا الوسطى حيث تنظيم خراسان الأرهابي النسخة المشرقة من عصابة تنظيم داعش، بعد أن تم دحره في العراق وعلى وشك انهائه في سورية وليبيا كتنظيم وهياكل دون القضاء على منبع فكره والمتمثل في الأصولية الوهابية، كل ذلك بفعل أيديهم بعض هؤلاء العرب بقتال داعش عبر مسلسل الحرب عليه بحلقات متتالية، حيث المخرج وكاتب النص: واشنطن، والمنتج مشيخات ديكتاتوريات القلق الخليجي، والموزّع اعلام البترو دولار وبعض البيادق المحليين والأقليميين والدوليين.
دمشق وموسكو وطهران وحزب الله وباقي المحور والصين كذلك، يعرفون أنّ الهدف بمجمله من مسلسل الحرب على دواعش الماما الأمريكية هو: استنزاف بشري وعسكري كبير وتحطيم ممنهج لنسيج المجتمع السوري ولبنية الدولة التحتية، مع فرض نظام سياسي برلماني طائفي مثل لبنان والعراق وبشكل أكثر هشاشة وبعمق.
دمشق تعرقل مد خط آنابيب من قطر عبر السعودية والأردن وسورية الى شاطىء المتوسط ثم الى جنوب أوروبا، وهذا المشروع يهدف الى افشال خط السيل الجنوبي الروسي للغاز، مع العمل على استنفاذ موارد روسية المادية والسياسية الضخمة عبر الأزمة الأوكرانية، وهاهي أمريكا تشن هجومها على روسيّا عبر الأتجاه الجنوبي وتحت عنوان مكافحة التطرف الأسلامي، كل ذلك لتغيير السلطة في موسكو أيضاً بأخرى موالية لها(الرئيس فلادمير بوتين اتهم مؤخراً أجهزة استخبارات أجنبية بالعبث بأمن روسيا لأثارة البلبلة وعدم الأستقرار، والهيمنة على مصادر الطاقة في العالم)، لذلك لا ثمة عناق سوري أمريكي تخشاه موسكو، أو ثمة عناق روسي أمريكي تخشاه سورية، حيث الجميع مستهدف بما فيه ايران رغم دخول مسار العودة الى التفاوض في فينا، مسار الجلوس وطرح رفع العقوبات كاملةّ او بالتدرج، مقابل عودة ايران الى التزاماتها السابقة كاملة أو عبر سياسة الخطوة خطوة، ضمن الاتفاق وحصولها على ضمانات مختلفة ومحاولات الاسرائيلي ومعه البعض العربي عرقلة مسار التفاوض في فينا.
وحزب الله وباقي المقاومات، وحتّى دول الدمى في المنطقة، والدول التي تعاني من قلق عميق، مستهدفة والساحات السياسية الضعيفة والقوية على حد سواء.
رئيس الوزراء البريطاني، يبدو لديه تقارير استخباراتية حديثة دقيقة ومقنعة ومعقولة بالنسبة لحكومته، مرفوعة من مستويات أمنية وخاصة من جهاز الأم أي سكس عبر وزير خارجيته(حيث وزير الخارجية هو صاحب القرار في تعيين مدير المخابرات الخارجية)بعد اعادة تنقيحها لدى مجلس اللوردات الحاكم هناك، وهذا ما دفعه ويدفعه ودفع غيره، الى القول من جديد مؤيداً، زميله رئيس الوزراء البريطاني الأسبق ديفيد كاميرون: دولة ارهابية على المتوسط تهديد عميق واستراتيجي لدولة عضو في الناتو(حلف شمال الأطلسي)، وتابع: هناك تخوفات من تمددات للدواعش الى الأردن ولبنان، ونسي أو تناسى هذا الرئيس أن يضيف: وتمددات الدواعش الى الضفة الغربية وغزّة لتنسجم مع رؤية نفتالي بينت ورئيس الموساد ديفيد داداي وباقي مجتمع المخابرات، ليصار الى شيطنة كل شيء فيما بعد.
والمعروف استخباراتيّاً، أنّ رجال المخابرات الأنجليز هم من أبناء الريف الأنجليزي الذكي والخبيث بنفس الوقت، وخاصةً العاملون في جهاز الفرع الخارجي الأم أي سكس هذا من جانب، ومن جانب آخر: بالرغم من أنّ بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية حلفاء، الاّ أنّ هناك تنافس عميق وحميم بينهما في مناطق وعلى مناطق النفوذ البريطانية السابقة والحالية، ولا شيء يوضح حقيقة العلاقات الأمريكية البريطانية خارج نطاق المجاملات الرسمية، الاّ حجم التفاهم أو التوتر بين السعودية وقطر والتحالفات الأقليمية لكل منهما، فبعد انقلاب أمير قطر السابق على والده جد الأمير الحالي عادت قطر للمظلة البريطانية، والأزمة الخليجية السابقة والتي ما زالت تداعياتها ماثلة ومائلة في نفس الوقت مع قطر استراتيجياً: هي نتاجات عودة كل من تركيا وقطر والأخوان المسلمون للمظلة البريطانية ونقطة على السطر، بعد تركهم المظلة الأمريكية وتحالفات الأسلام السياسي التكتيكية مع الديمقراطيين، وفشلوا هؤلاء في تحالفاتهم مع الجناح الديمقراطي في كارتلات الحكم الأمريكية وفي الدولة العميقة والبلدربيرغ الأمريكي والذي يعاني من حالات تمرد لا انقسام.
حتّى ايران الشاه رضا بهلوي كانت مظلتها أمريكية، وبعد الثورة عادت تحت المظلة البريطانية، وهذا أحد أهم أسباب اشتعال المنطقة والمستمر حتّى اللحظة ومنذ ذلك الحين، مع العلم أنّ ايران عمق نفوذ تقليدي لبريطانيا في المنطقة.
اذاً التنافس موجود بين لندن وواشنطن، وهذا أمر طبيعي في علاقات الدول الخاصة، وأن تقسيم مناطق النفوذ في العالم والذي تم في اجتماع يالطا بين تشرشل و روزفلت وستالين منح كثيراً من مناطق النفوذ البريطاني للأمريكيين، وقبلت لندن حينها وعلى مضض بسبب ضعف موقفها بعد الحرب العالمية الثانية، وتسعى الآن لأستعادة مناطق نفوذها.
المعطيات والوقائع الجارية تتحدث بعمق، بأنّ نواة الدولة العميقة في الولايات المتحدة الأمريكية(البلدربيرغ)، والمجمّع الصناعي الحربي الأمريكي والحكومة الاتوقراطية فيه، والشركات المتعددة الجنسيات التابعة له كاحدى الأدوات التدخليه في جلّ ساحات المعمورة، ان لجهة القويّة، وان لجهة الضعيفة منها، يستثمرون في تفاصيل الوقت ومنحنياته، عبر رهانت تفاقمات وعقابيل الأستثمار في دم الأيديولوجيا وحروب الوكالة لأنتاج الأرهاب، من خلال الحركات الجهادية السلفية التكفيرية، وتحالف المسيحية الصهيونية، واليهودية الصهيونية، وبعض بعض العرب والمسلمين المتصهينيين معها وستستمر بأثر مستقبلي، الى أن يحدث التفاهم الدولي على جلّ سلال المصالح المشتركة المتعددة.
ان بخصوص إيران وتداعيات التصعيد الأمريكي، في تنفيذ الاتفاق النووي عبر عودة ايران الى التزاماتها، مع عودة أمريكا اليه ورفع العقوبات عنها، واحياءات لفوبيا ايران من جديد لغايات الأستحلاب المالي لدى مشيخات القلق العربي على الخليج، والمسألة السورية وتطورات ميدانها العسكري لصالح دمشق، والمسألة العراقية وانجازات الجيش العراقي والحشد الشعبي والقوى الحليفة لهما، والمسألة الليبية بعناوينها المختلفة والفعل الروسي بمفاصلها عبر محاولات الجمع والحل واللقاءات مع القائد حفتر، وعمليات اللعب في ساحات دول المغرب العربي وخاصةً الجزائر، عبر تنظيم دامس( ما يسمى بتنظيم الدولة الأسلامية في دول المغرب العربي)، وباقي المسائل والبؤر والمنحنيات الساخنة، فهم(أي الأمريكان)مبدعون بإستراتيجية الاستثمار بالوقت، على مجمل العلاقات الدولية في المنطقة والعالم من الزاوية الولاياتية الأمريكية الصرفة، وعلى طول خطوط العلاقات الروسية الأمريكية الغربية، والصينية الأمريكية الغربية ووكلاء الأمريكي في بحر الصين الجنوبي، فهناك حالات من الكباش السياسي والعسكري والاقتصادي والدبلوماسي والأمني الإستراتيجي تتعمّق بشكل عرضي ورأسي، وتضارب المصالح والصراعات على أوروبا والحدائق الخلفية للولايات المتحدة الأمريكية، في دول وساحات أمريكا اللاتينية وحلفها، ومثيلتها الحدائق الخلفية للفدرالية الروسية وحلفها، والمجالات الحيوية للصين واستخدمات أمريكية جديدة للياباني ازاء الروسي بخصوص جزر الكورال المتنازع عليها بين روسيّا واليابان، مع توظيفات للفيتنامي والفلبيني والماليزي وسلطنة بروناي في مواجهات مع الصيني على السيادة على بحر الصين الجنوبي، ضمن استراتيجية الأستدارة الأمريكية نحو أسيا وغربها وجنوب شرقها، بعد أن أوغل وأدمى الأمريكي وما زال قلب الشرق سورية، بتوظيفات لوكلائه من بعض العرب وخاصةً من عرب روتانا الكاميكازيين وبعض المسلمين، وآخرها دخولات عسكرية جديدة له في الشمال السوري بحجة الفصل بين الكردي والتركي تحضيراً لمعركة الرقّة القادمة، بجانب ما له من قوّات عسكرية في قواعد عمل على انشائها ويستحدث أخرى.
إذاً إلى حد ما ثمة تدهور في العلاقات بين روسيا والصين من جهة، والولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين من جهة أخرى، استناداً إلى تدفقات الأخبار والمعلومات التي تكشف كل يوم الدور المتعاظم والمتزايد الذي تقوم به موسكو والصين في مواجهة تحديات النفوذ والهيمنة الأمريكية.
أعمق من الحرب الباردة والتي تبعث من جديد، بسبب ظهور الفدرالية الروسيّة وكومنولث الدول المستقلة، وظهور منظمة شنغهاي للتعاون التي جمعت بين الصين وروسيّا على طاولة موحّدة الأجندة، وعمل ومفاعيل وتفاعلات البنك الأسيوي الذي أعلن عنه الرئيس الصيني أواخر العام 2015 م، حيث يتأسس عمله في الإقراض والاستثمار ابتداءً من أواخر هذا العام، حيث الإدراك الأمريكي لروسيّا الفدرالية والصين باعتبارهما مصدراً للتهديد والخطر، فخبرة العداء لأمريكا متجددة في الشارع الروسي والصيني، وتجد محفزاتها في الإرث السابق الذي خلفته الكتلة الاشتراكية والاتحاد السوفييتي، وتدرك العاصمة الأمريكية واشنطن أنّ التماسك القومي الروسي أكثر خطراً من التكوين الاجتماعي السابق الذي كان في الاتحاد السوفييتي وكذلك الحال في الصين، خاصة في الاعتبارات المتعلقة بالعداء القومي الاجتماعي التاريخي بين القومية الروسية والغرب والقومية الصينية والغرب أيضاً، وتتميز الدولة الروسية بالاكتفاء الذاتي وبوجود الوفرة الفائضة في كافة أنواع الموارد الطبيعية، وبالتالي يصعب التأثير عليها عن طريق العقوبات أو الحصار أو الحرب الاقتصادية والتجارية الباردة بالرغم من أن الحصار والعقوبات آلمتها، وهو موقف يجعل روسيّا أفضل من الولايات المتحدة الأمريكية التي تستورد كل احتياجاتها من الخارج الأمريكي، وانّ روسيّا قادرة على التغلغل في أوروبا الغربية عن طريق الوسائل الاقتصادية، وهو أمر سوف يترتب عليه احتمالات أن تخسر أمريكا حلفاءها الأوروبيين وغيرهم الذين ظلت تستند عليهم وما زالت، وانّ المسافة بين الفدرالية الروسيّة والولايات المتحدة الأمريكية، هي بضعة كيلومترات عبر المضيق البحري الفاصل بين ولاية ألاسكا وشرق روسيّا، أضف إلى ذلك إلى تملّك روسيّا كمّاً هائلاً من أسلحة الدمار الشامل لتحقيق التوازن في العالم وكبح جماح الثور الأمريكي وحلفائه المتذيلين بذيله، مع الإشارة أنّ المعلومات الأمريكية الاستخبارية حول موسكو غير دقيقة، بسبب قدرة الروس على التكتم والسريّة.
ونرى أنّ الناخب الروسي يهتم بالسياسة الخارجية الروسيّة كونها في خدمة الأستقرار الروسي الداخلي، وتعمّق الشعور القومي الروسي الذي أبدع الرئيس بوتين في اعادة انتاجه وخلقه من جديد، فالناخب الروسي هو مع سياسة روسية خارجية مستقلة كما يريدها الرئيس بوتين وكوادر حزبه وادارته وكارتلات مجتمع المخابرات الروسي، الذي تم اعادة هيكلته وأدواته وتحديثه بفرعيه الداخلي والخارجي، مع توسيعات مجالات عمله على مستوى العالم وفي كافة حقول الطاقة والأقتصاد والثقافة بجانب السياسة والعسكر وانتاج السلاح والأمن المعلوماتي السيبراني وفي جلّ المعرفة البشرية، مع تركيزه بشكل عميق واعتماده على العنصر البشري الواعي والمثقف والمخلص في التجسس والتجسس المضاد، في الحصول على المعلومات وجمعها والقدرة على التحليل لهذه المعلومات وعلى أكثر من مستوى ومرحلة، واستنتاج سلّة المخاطر القادمة على مصالح الفدرالية الروسية وحلفائها في العالم، بعكس مجتمع المخابرات الأمريكي وعاموده الفقري السي أي ايه والتي وصفها الرئيس السابق دونالد ترامب بأنّها تعتمد أساليب قديمة بالية عفى عليها الزمن، لذا تجد أنّ الطيف السياسي الروسي في جلّه وكلّه هو مع نهج الرئيس فلادمير بوتين.
نعم لقد تفنّن بوتين في هندسة الشعور القومي الروسي وبالفخر الوطني لشعبه، كونه يغذي السخط الروسي المتفاقم على أي محاولة غربية وأمريكيّة لأذلال روسيّا، ويعمل بذكاء وكوادره على تسويق الأستراتيجية الروسيّة بأنّها محاولة استعادة للمجد الروسي التاريخي، وهذا ما يمنحه تأييداً ساحقاً وماحقاً في الداخل الروسي، وتم تظهير ذلك جليّاً في انتخابات الدوما الروسية الأخيرة هذا العام 2021 م.
والناخب الروسي صار يعي جيداً بفضل استراتيجيات الكرملين ذات النكهة الفلادميريّة البوتينيّة، أنّ استراتيجية التوسع في القتال هي الحل الوحيد لحماية الأمن القومي الروسي، حيث من المعروف أنّ جغرافية روسيّا في جلّها سهول، فبنيت ونهضت الأستراتيجية الأمنية الروسية دائماً وأبداً على استراتيجية توسيع الدائرة حول المركز الرئيس للدولة الروسيّة، للتخلص من الأخطار والمهددات التي تهددها، ومن هنا نجد أنّ الروسي يحرص على عدم القتال على حدوده ويعمل على نقل المعركة الى أبعد نقطة ومركز وعقدة جغرافية استراتيجية من الحدود المباشرة له.
في المسألة الأوكرانية صار القتال على العتبة الروسيّة، فاستشرست الفدرالية الروسيّة في سورية والمنطقة، وتقف بكل قوتها في دعم الرؤية السياسية والعسكرية والأقتصادية والأستخباراتية للصين في بحر الصين الجنوبي، وخاصةً بعد قرار التحكيم الأخير المسيس الصادر عن المحكمة الدولية في لاهاي، ومضمونه ضد الصين وحقها في السيادة الوطنية على جزر بحر الصين الجنوبي، كما تدعم روسيّا المجالات الأقتصادية للهند في غرب أسيا عبر الكتلة الديمغرافية الهنديّة، حيث هناك أكثر من سبعة ملايين هندي يعملون في غرب أسيا، وتهتم الهند في استقرار تلك المنطقة، لذلك نرى اهتمامات هندية عميقة في المسألة السورية، كون دمشق مفتاح الأستقرار في غرب أسيا.
داعش والنصرة يأجوج ومأجوج العصر، ورئيس الحكومة البريطاني بعد مقتل أحد أعضاء مجلس العموم البريطاني، عبّر عن مكنونات مخاوف مجلس اللوردات الحاكم في بريطانيا، والذي يعلم أنّ هناك دول بعضها دمى في المنطقة سيهزمها الدواعش والأرهاب المعولم والمسيّل، وهنا فعلت فعلها المخابرات البريطانية(كونها لديها داتا معلومات وهي جزء من المطبخ)في مفاصل طور وصناعة الدواعش وهياكل الأرهاب الأخرى في مطابخ الأدارة الأمريكية وبلدربيرغها، فصرنا نسمع حديثاً وتحديداً هذه الأيام عن انشقاقات في داعش تقاتل داعش وتحت مسميات مختلفة.
فبريطانيا دورها دائماً دور الظل والظل العجوز للولايات المتحدة الأمريكية مع امكانيات تنافسها لأستعادة نفوذها الضائع في السابق، فلندن تعتبر مثلاً سقوط سورية في يد داعش والعراق، يعني مثلاً سقوط لبنان والأردن والضفة الغربية المحتلة وقطاع غزّة المحتل والمسخ “اسرائيل” الشمال الفلسطيني المحتل، وهنا هذا يعني تغير دراماتيكي في الخارطة الأستراتيجية للمنطقة دون أن يكون الخليج ومشيخاته بمنأى عن التداعيات الكارثية.
فهناك تحولات جيواستراتيجية وتسوناميات داعشية ارهابية في المنطقة بفعل أمريكي جديد ومن قريب، من أجل تعزيز حالة التشظي التي يشهدها العراق وسورية والمنطقة، كي تمهّد لتنتج ميلاد أرخبيلات كيانية طائفية أو اثنية وذلك لشرعنة اسرائيل الصهيونية في المنطقة، مع ترسيمات لحدود نفوذ جديدة مع حلفاء مع فرض خرائط دم BLOOD MAPS كأمر واقع بمشارط العمليات القيصرية، وعبر استراتيجيات التطهير العرقي والطائفي ETHNIC CLEANSING كل ذلك مع التفكيك الممنهج والتفتيت الجغرافي والتلاعب بجينات الوحدة الوطنية، وافشال الدول الوطنية FAILIN STATES واستهدافات للجيوش الوطنية ذات العقيدة الوطنية واحلال ديمقراطيات التوماهوك وبديلها الداعشي، لتأمين مصالح الشركات الأمريكية والأوروبية النفطية في المنطقة.
واشنطن فشلت في التحكم ومراقبة أزمة المنطقة، فزّجت بورقة داعش كون أن التطورات والنتائج في محصلتها لم تصب في صالحها، بل في صالح طرف آخر هو طرف خط المقاومة في المنطقة، فتدخلت بريطانيا من جديد ووجدت فرصتها سانحة ومواتية لأستعادة بعض مناطق النفوذ فكان الأنشقاق الأولي في داعش، وسنرى استثمارتها وتوظيفاتها وتوليفاتها لداعش لاحقاً.
من له علاقات منّا بخلايا التفكير(دبّابات الفكر think tanks) في الداخل الأمريكي المحتقن الآن، يعرف أنّ الولاء للولايات المتحدة الأمريكية(الأمبراطورية الرومانية الجديدة عبر دولة كوردستان) أخطر من معاداتها، فالعداء لها له مخاطره، والتحالف معها يقترن دائماً وأبداً بالمصائب والدمار، فهل تعي نواة الدولة الأردنية ذلك ومثيلاتها من شقيقاتها الكبرى والصغرى؟ ثمة تحالف دولي متذبذب في فعله ولجهة النتائج(مقصود)على الأرض، بقيادة ثقافة الماكدولندز(تحالف الأمر الواقع وخارج قرارات الشرعية الدولية)لمحاربة عصابة داعش في العراق وسورية، فشل فشلاً ذريعاً بعد مضي سنوات على عمله، هذا ونشرت وتنشر وستنشر وكالة المخابرات المركزية الأمريكية عدة تقارير تناقض بعضها البعض كاستراتيجية مخابراتيه أمريكية تستحدث دوماً، تهدف الى الخلط والمزج والتشتيت وعدم التركيز في كتلة من الأهداف موجّهه، لخصمها وعدوها ومنافسها أيّاً كان هذا الخصم أو العدو أو حتّى المنافس انّها مخابرات المولينكس، فثمة تقارير تؤكد على تراجع واضح في قوّة داعش لجهة الفعل والأحتفاظ بالجغرافيا، وتراجعات في ميزانيته النفطيه وغيرها من مصادر دخله الأخرى، وأخرى من التقارير المسربة عن قصد، تؤكد على أنّها تلحظ تراجعات طفيفه هنا وهناك، يعوظها داعش في اللعب في الديمغرافيا، وتقارير واضحة تؤكد وتصر على قوّة العصابة وتماسكها وأنّها ما زالت بنفس العدد ولكنها في حالة سكون(كاتب هذا التحليل يعتقد أنّ داعش في حالة نزف جهادي عميق، لذلك جاءت كلمة “سكون” في أحد تقارير المخابرات المركزية الأمريكية كونه يراد أن يكون لها ما بعدها في اسناد عمل الوكالة الأمنية الأمريكية لذات العصابة الأرهابية)، يؤشّر على أنّ الأمريكان الرسميين يعملون على تقويتها من جديد، ومدّها بالمورد البشري من كافة الساحات الدولية بما فيها دواخل الساحات العربية، ودواخل بلاد القوقاز من الشيشان والشركس وغيرهم.
فما يجري في المنطقة الآن هو ادارة للأزمة والبؤر الساخنة ولعصابة داعش الأرهابية، لحين نضوج الظروف المساعده على تقسيم المنطقة وتقسيم المقسّم وتجزئة المجزّأ، هذا هو المشروع الأمريكي في المنطقة مشروع التقسيم، وليبيا على طول خطوط التقسيم عبر ورقة الارهاب من جديد، واستخدامات للتركي من قبل الامريكي وغيره، فواشنطن لا تريد انهاء عصابة داعش الأرهابية، بل العمل على اعادة هيكلتها من جديد مع عمق بناء مفاصلها الأرهابية، ليصار لأعادة توجيهها نحو ساحات ودول أسيويه أخرى تتمدد نحو الصين وروسيّا وايران، لا بل عبرها هاهم يعودون الى العراق من جديد، عبر قولهم أنّ عصابة داعش تستخدم السلاح الكيميائي في العراق(خاصة بعد انهاء الجيش العراقي والحشد الشعبي لداعش تنظيمياً في الموصل)، كل ذلك كمسمار جحا لعودتهم الى العراق من جديد، كونه عاد أولوية أمن قومي أمريكي ازاء مخططات العبث القادمة في ايران عبر استراتيجيات التطبيع الناعم، بل تعميق وجودهم حيث هم لم يغادروا أصلاً ليعودوا! لكن عبر دواعش الماما الأمريكية يعمّقون وجودهم ومفاصلهم في المنطقة، دون أن يخسروا جندي واحد، فعصابة داعش وجبهة النصرة – جبهة العهرة وأشرار الشام(أحرار الشام)ثلاثة أطفال لقطاء، غير معترف بهم من خصوم الدولة الوطنية السورية في المنطقة.
السياسة الأمريكية لا تفرغ مساميرها بالمطلق، تماماً كأفلام الأكشن الأمريكية حيث الأبطال فيها لا تفرغ أسلحتهم من الذخيرة، انّها الصفاقة الأمريكية في أبهى صورها وتمحورها، بعبارة أخرى هي الوقاحة الأمريكية بثقافة الماكدونلدز والبرغر وأفلام الأكشن، وهي تستخدم مساميرها كحجّة واهية للوصول الى المبتغى والمرجو من وقاحاتها لتقسيم المنطقة واسقاط أنظمة ورسم خرائط جديدة، والأندى من ذلك اظهار الأسرائيلي بأنّه يحمي الأقليات في المنطقة(هل يفسّر هذا سر العشق الجنبلاطي لأسرائيل الآن؟)، أتذكر بعض مسامير جحا الأمريكي كان بشعبتين، اعلام السوريين(عبر لقاء بشّار الجعفري باور في نيويورك قبل سنوات)بادخال ستة أفراد ممن درّبتهم السي أي ايه في تركيا من ما تسمى بالمعارضة السورية المعتدلة، مع تهديدها بحمايتهم جوّاً، وهذه حالة هوليودية بامتياز، ثم جاء القرار 2235(هو أكبر من شعبة بمسمار جحا الأمريكي، وأقل من مشهد الختام الهوليودي)في جدار التسوية السياسية في المنطقة عبر المسألة السورية ان حدثت أصلاً.
الدولة الوطنية السورية وعلى ما أؤمن به وأعتقده بقوّة، ترى وبعمق رأسي وعرضي، أنّ أي تعديل على الدستور السوري يجب أن يدفع بفكرة الدولة الجامعة الواحدة الضامنة الى الأمام، لا أن يلبنن أو يعرقن الدولة، فدسترة وجود الأقليات في الداخل السوري هو تشريع يعني ببساطة ربط كل أقلية بدولة خارجية، كما هو في لبنان الآن(الحالة اللبنانية)، لذلك هذه من ملاحظاتنا النقديّة على المبادرة الأيرانية في وقتها، والتي تعاملت معها موسكو على أنّها مبادرتها، وهذا ما أوضحته في تحليل لنا بعنوان: تسويات سياسية تلفح الجميع لخلق نظام اقليمي جديد أساسه ايران، وموسكو تصنع معادلة(سوساي)لخلق أنصاف استدارات.
وعلى لبنان ترك قاعدة التفكير بقاعدة(الطائفة القاعدة)وهذه فكرة واستراتيجية سورية بامتياز، يجب نسخها في الداخل اللبناني للوصول الى دولة الشراكة الحقيقية الكاملة وعبر الحوار والحوار فقط، وسورية الجديدة لن تقبل بالطائفة القاعدة والتي قد تروّج لها بقصد أو دون قصد مبادرات الحلفاء لاحقاً عندما تحين لحظة التسوية.
تتحدث المعلومات(تؤكد حقيقة قصة مسامير جحا التي كرّست استخدام الحجّة الواهية للوصول الى المبتغى)عن وجود أكثر من مائتين جندي انجليزي، ومثلهم فرنسي، وألماني، وكندي، ينتمون إلى فوج قوّات النخبة في جيوشهم، وهم الآن في الداخل السوري يرتدون سرًا ملابس عناصر اللقيط داعش، ويرفعون راياته السوداء، وبعضهم ملتحي وبعضهم أمرد، يشاركون في مهاجمة أهداف سورية بحجة محاربة داعش، مشيرة إلى أنّه “ربما تعمل القوات الخاصة الأمريكية وعناصر وكالة الاستخبارات الأمريكية CIA بالطريقة نفسها.” وتضيف المعلومات”خلال الحرب على ليبيا نشرت بريطانيا المئات من عناصر القوات الخاصة المظلية، وكان هناك في ليبيا على أهبة الاستعداد 800 من قوات المارينز الملكية وأربعة آلاف من نظرائهم من الولايات المتحدة للتدخل في وقت قصير إذا أعطيت الأوامر”.
وتأتي هذه المعلومات الأستخبارية والتي سربت الى صحيفة الصنداي اكسبرس، بعد أسبوعين من إعلان رئيس الوزراء البريطاني السابق ديفيد كاميرون الموافقة على انضمام الطائرات الحربية البريطانية للولايات المتحدة في قصف سورية، رغم رفض البرلمان في آب من عام 2013 هذا الأمر.
وبحسب المعلومات المسرّبة، فإنّ جزءًا من عمل تلك القوات البرية المنتشرة في سورية، خاضع لأمرة القيادة الأمريكية في مهمة مسماة “SMASH” تهدف إلى سحق الوحدات والمجموعات القتالية الصغيرة، التي تنتقل في سيارات الشحن الصغيرة(البيك أب)، علمًا أنّ هذه القوات قادرة في سياق أهدافها، تسيير الطائرات الصغيرة بدون طيار لمسح التضاريس وتحديد أهداف للهجوم دون الحاجة لعمليات برية.
وأوضحت المعلومات أنّ أكثر من 250 متخصصًا بريطانيًا، وربما أمريكيًا هم مشاركون في سورية في تقديم خدمات الدعم في مجال الاتصالات للمجموعات التي تقاتل تنظيم داعش والنظام السوري.
أمّا في خارج سوريا فتقوم قوات SAS البريطانية الموجودة في السعودية حسب المعلومات الأستخبارية المسربة للصحيفة اياها، بمهمة تدريب الإرهابيين المناهضين لنظام الأسد، ويقوم الضباط الأمريكيون بالغاية ذاتها في كل من تركيا وقطر- وربما “إسرائيل“، وبعض دول الجوار السوري الأخرى.
تدعي كل من الولايات المتحدة وبريطانيا في هذا الأمر، أنّها تدرب ما تسميه المتمردين المعتدلين لتعكس غطاء ضبابي على المشهد الحقيقي، حيث التعاون والعمل المباشر مع إرهابيي داعش المدربين والمسلحين والممولين من الخارج، عبر تسهيل تسريبهم عبر الحدود إلى سوريا لمحاربة الجيش العربي السوري، والآن أضيف الدعم الجوي الأمريكي والبريطاني والفرنسي والألماني والكندي جنبًا إلى جنب مع القوات الخاصة السرية على الأرض.
وهنا نشير الى قول الجنرال المتقاعد في الجيش البريطاني والرئيس السابق لهيئة الأركان ديفيد ريتشارد: أنّ الدبابات سوف تتدفق كجزء من عمليات المملكة المتحدة في سورية، وأنّ الضربات الجوية الأمريكية إنّما هي تدافع عن مقاتلي داعش الإرهابيين، الذين يخدمون كقدم للجنود الأمريكيين ضد الجيش العربي السوري.
وللعودة الى ما تم تسريبه أيضاً في فترة سابقة، الى صحيفة وول ستريت جورنال Wall Street Journal، ما يبدو أنّه ينذر بالشؤم كمشابه للتمهيد لليبيا 2(كاشفة زيف تخويل الرئيس الأمريكي للقوات الجوية الأميريكية بضرب القوات السورية إذا هاجمت تلك القوات المتمردين المعتدلين المدعومين أمريكيًا(غير الموجودين عمليًا).
كل هذه المحاولات الغربية تصطدم بالعائق الروسي والصيني والأيراني وحزب الله الكابح بقوة لكل هذه التدخلات، وهو ما يمنع مصير على الطراز الليبي للأزمة السورية. فعلى سبيل المثال، بينما ذكرت وسائل الإعلام التركية عن الرئيس التركي رجب الطيب أردوغان في قول سابق له: أنّ بوتين قد يلين موقفه من الأسد(قوله هذا سابق على الوجود العسكري الروسي في الداخل السوري والذي جاء بطلب من دمشق)، بمعنى أنّه قد يتخلى عنه، وقوله أنّ الرئيس السابق أوباما تشجع من حقيقة أنّ بوتين قد خابره مرةً في أواخر حزيران 2015 م، وفي أنّه بدأ المخابرة بالحديث حول سورية، معتقدًا أنّه صار لديهم إحساس أنّ نظام الأسد يفقد قبضته عن مساحات أكبر وأكبر من الأراضي داخل سورية، وأنّ احتمال استيلاء”الجهاديين”على السلطة أو هزيمة النظام هي ليست وشيكة.
ولكنّه يغدو تهديدًا أكبر يومًا بعد يوم، وهذا يقدم للأمريكيين فرصة لمحادثات جديّة مع الروس حسب اعتقاد أردوغان والسعوديين في حينه، فأنّ الناطق بلسان بوتين Dmitry Peskov قال أنّ الزعيمين بوتين وأوباما ناقشا مكافحة الإرهاب وخاصة المتمثل ب”تنظيم الدولة الاسلامية” عصابة داعش، موضحًا أنّ وجهة النظر الروسية هي معروفة جيدًا وقد كررها بوتين خلال محادثته مع الرئيس السابق أوباما وأنّها لن تتغير: “بوتين يعارض أي تدخل خارجي من قبل أية دولة في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، ويدعم الحق السيادي للسوريين كما لغيرهم من الشعوب في الدول الأخرى في اختيار قادتهم والمشرعين لبلادهم” بينما قال مساعد بوتين Ushakov: أنّ قوات القيادة الحالية في سورية هي واحدة من القوات الحقيقية والفعالة في مواجهة الدولة الإسلامية – عصابة داعش، وتخلص الصحيفة إلى القول ليس هناك ما يشير إلى أنّ الروسي يتجه نحو دعم أقل للرئيس الأسد ونسقه السياسي ونظامه.
البلدربيرغ الأمريكي ونواة الأدارة الأمريكية الحالية، وأي نواة لأي ادارة قادمة في المستقبل، يدركون جيداً أنّ سورية بنسقها السياسي الحالي ونظامها وديكتاتورية جغرافيتها، هي مفتاح السلم والحرب في العالم، ومن ينتصر في الحرب الدائرة في سورية وعلى سورية الآن، هو من يحق له اعادة رسم خرائط المنطقة وتوازانات القوى في كينونة النظام العالمي الجديد، لذلك نرى أنّ الفدرالية الروسية والصين معاً وبتشاركية ايرانية عميقة، يدركون أنّ انتصار واشنطن في سورية سيكون مقدمة لتنفيذ استراتيجية الأستدارة نحو أسيا، للعبث بأمن روسيّا والصين ومحاصرتهما لأضعافهما حد الأنهيار الكامل، من هنا روسيّا أيتها الدواعش السياسية والأستخبارايتة المخابراتية في بعض الدواخل العربية، لم ولن تتخلّى عن سورية بنسقها السياسي وبأسدها باسناد صيني كبير، واصرار ايران على افشال المشروع الأمريكي، وحاجة روسيّا والصين لأيران لدورها في سياقات النظام العالمي الجديد، بسبب موقعها الجيواستراتيجي، كونها طريق الحرير الجديد بين الشرق الأوسط وأسيا، بجانب قوّتها العسكرية والأقتصادية والبشرية، وتقاطع أديولوجيتها الثورية مع المبادىء القانونية والأخلاقية، التي يؤمن بها هذين البلدين جعلهما يدعمان سورية بنسقها السياسي ونظامها وأسدها بلا حدود وبلا قيود.
وواضح أنّ روسيّا لن تسمح لواشنطن أن تعربد في العالم على هواها، ولن تسمح لماثلات حقبة بوريس يلتسين وفريق الليبراليين الجدد في الداخل الروسي ذوي البناطيل الورديّة القصيرة بالعودة من جديد وبلباس آخر ومختلف للتعمية السياسية على عودتهم، فهذا زمن ولّى ولن يعود بعد تعاظمات في الشعور القومي الروسي الذي أعاده بوتين وفريقه الى وجدان الشعب الروسي المتعاظم.
أمريكا بعربدتها ومتاهاتها المقصودة كسياسة ونهج، تريد ضرب الخاصرة الروسية الرخوة في القوقاز، فاذا تحقق لها ما تريد في المسألة السورية والحدث السوري، فانّ العبور سيكون في غاية السهولة الى الجنوب القوقازي، خاصةً في ظلّ أنّ ايران تعتبر الخاصرة الروسية الضعيفة بالمعنى الأستراتجي الجغرافي كمجال حيوي للأمن القومي الروسي.
فميزة الروس أنّهم يوزّعون جلّ بيضهم في أكثر من سلّة بأكثر من مكان وساحة في منطقة كمنطقتنا الشرق الأوسطية، رمالها متحركة تنزلق نحو المزيد تلو المزيد من الكوارث.
اللقيط داعش والذي هو نتاج تلك الليلة الحرام تحت السقف الحرام في الفعل الحرام لوكالة الأستخبارات الأمريكية ومجتمع المخابرات الأسرائيلي الصهيوني في فراش الوهابية ونتاجات فكر ابن تيمية، وصل هذا اللقيط الى الباكستان والأفغانستان ولمجمل شبه القارة الهنديّة، وهنا قرون استشعارات مجتمعات المخابرات الروسيّة والصينيّة والهنديّة كانت ترصد كل شيء، بل وقبل وصول هذا اللقيط داعش الى تلك المناطق والساحات، فاستدعى كل ذلك تدخلاً من هذه الأطراف لرصد النوايا الأمريكية من الحرب على دواعش الماما ذاتها ومدى جدية ماما أمريكا لمحاربة فيروساتها، لخلق متاهاتها ومنها المتاه الأمريكية المقصودة في شبه القارة الهنديّة.
لعبة الفوضى الخلاّقة الأمريكية الغربية الصهيونية فشلت حتّى اللحظة في تغيير موازين القوى على الأرض، من خلال سلاح الأرهاب الذي انقلب على رعاته وتمدد وصار يهدد الجميع بالجميع، لذا طالبت روسيّا والصين والهند، من ادارة الرئيس جوزيف بايدن، من تحديد موقفه من محاربة الأرهاب بوضوح، وذلك في اشارة واضحة الى مخطط البلدربيرغ الأمريكي للأستدارة نحو أسيا بهدف زعزعة الأستقرار في دولها، وتم رفع كرت أحمر رابح في وجهه وهو يتموضع في التالي: تقويض الدولار الأمريكي كعملة مرجعية دولية واستبداله بعمله جديده في اطار منظمة دول البريكس، كمعادل دولي اقتصادي وعسكري ومدني بجانب منظمة شانغهاي، حيث من شأن ذلك أن يصيب الأقتصاد الأمريكي في مقتل، خاصةً وأنّ الصين هي البلد الكبير الذي يشتري سندات ديون واشنطن بمئات المليارات من الدولارات، وفي حال طرحها في السوق الأممي فسينهار اقتصاد أكبر دولة في العالم، ليجر معه قاطرة كل الدول المرتبطة به عضويّاً الى الهاوية وما أدراك ما الهاوية.
الغرب لا يفهم الاّ لغة المصالح والأقتصاد، لذلك قرّر الرئيس جوزيف بايدن بايعاز من البلدربيرغ الأمريكي(جنين الحكومة الأممية)وعبر ادارته حكومة الأتوقراطية الأمريكية، وذراعها العسكري المجمّع الصناعي الحربي، تعديل الأستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط من خلال الرهان على التقارب مع ايران من مدخل ملفها النووي عبر استراتيجيات التصعيد معها لفظأ، مع تكليف الأوروبي واحدى الدول العربية على الخليج في شرح هذه التصعيدات الأمريكية الجديدة لأيران، كمقدمة لتحسين علاقات بلاده معها ومحاولة احداث التغيير الهادىء من داخلها، تنفيذاً لتوصيات مجتمع المخابرات الأمريكي ومفاده: أنّ مفتاح التغيير في المنطقة يمر من البوّابة الأيرانية، وأنّه لا حل لأحتواء ايران سوى الأنفتاح عليها والرهان على مخطط تثويري بعيد المدى لزرع ثقافات الماكدونالدز، بديلاً عن ثقافات الثورة، في وجدان وعقول الأجيال القادمة في ايران نفسها، واللعب بالطبقة الوسطى الأيرانية، والتغلغل داخل مفاصل الدولة الأيرانية للتفجير الناعم لها، فالتطبيع مع ايران هو أحد أليات تنفيذ هذا السيناريو.
اذاً هذا الهدف الأستراتيجي يؤكد أنّ التوصل الى الأتفاق النووي مع ايران والتنازل لها عن حقوقها دون مقابل يذكر(سوى تنازل ايران في الهوامش للغرب)هو حاجة أمريكية بالأساس، فتم الأستثمار في الجزرة النووية الأيرانية لأحتواء ايران والنفاذ الى دواخلها، ومن ثم اعمال أدوات التخريب الناعمه حتّى تعطي ثمارها على المدى البعيد، وقد يكون هذا هو السبب الرئيس لمعارضة الحرس الثوري الأيراني والجناح المحافظ للأتفاق النووي مع السداسية الدولية حتّى اللحظة(تصريحات الصديق رئيس هيئة الطاقة النووية الأيرانية السابق ووزير الخارجية السابق علي أكبر صالحي من تحذيره لواشنطن في بدايات حكم ترامب، من نقض الأتفاق النووي مع طهران بعد تسييله في ايران وأمريكا، تجيء في سياقات قراءات لنا عديدة حول استراتيجيات التطبيع الناعم مع ايران لتفجيرها من الداخل).
وهل نحن أمام ريح عقيم هبّت لتحمل معها لفحات تنذر بحرب أعمق من باردة، من شأنها ومآلاتها أن تجمّد كل التفاهمات والحلول في العديد من الساحات؟ آلا يمكن اعتبار سورية الصاعدة رغم النزف اليومي، والعراق الساخن، وغزّة النازفة، وأوكرانيا غير المستقرة، والصراع على ثروات أسيا الوسطى بمثابة الخماسية القاتلة، وستكون محور كل الحكاية الباردة؟ من سينتصر على من في النهاية، الجليد السيبيري أم ثلوج ولاية الآسكا؟ وهل لنا أن نكيّف اصرارات هنا وهناك لأعضاء الناتو وفي قمتهم الأخيرة، هو مؤشر تذكير بالهدف الذي أنشىء من أجله حلف شمال الأطلسي، بمثابة اعلان عداء لنواة الأتحاد الروسي؟ ما هي مديات عدم سماح الأمريكي للروسي بالتمدد في العديد من الساحات؟.
هل ستستثمر واشنطن وبلدربيرغها ومجتمع استخباراتها، وبالتعاون مع مجتمعات المخابرات الغربية والأسرائيلية وبعض مجتمعات مومياءات الأستخبار العربي، في استغلال الجمهوريات الأسلامية أو التي يتواجد بها مسلمون لأثارة القلاقل والمشاكل حول روسيّا؟. في المحصّلة ستلجأ الولايات المتحدة الأمريكية وجلّ حلفائها من بعض غرب وبعض مومياءات الحكم العربي باسناد اسرائيلي لدعم مكثف ومتعدد لكييف عسكرياً وسياسياً ولوجستياً واقتصادياً ودبلوماسياً واعلامياً، وسوف تزداد العقوبات على موسكو وستجهد أوروبا بالبحث عن مصدر آخر للغاز ان أمكن، وستحسم بقوّة بعض الملفات داخل نواة الأدارة الأمريكية وداخل المجمّع الصناعي الحربي الأمريكي، كونه أي تباطؤ هنا او تلكؤ هناك سيعني ويشي تقدماً وانطلاقاً روسياً الى الأمام خاصةً في سورية والعراق وأوكرانيا وان شئت الصراع العربي الأسرائيلي حالياً الى حد ما ولاحقاً بعمق.
عنوان قناتي على اليوتيوب حيث البث أسبوعياً عبرها:
https://www.youtube.com/channel/UCq_0WD18Y5SH-HZywLfAy-A
5615721 / 079
5345541 عمّان سما الروسان في 24 – 10– 2021 م.
التعليقات مغلقة.