عن «يَساري» مُتصهّين.. اسمه «عيساوي فريج» / محمد خروب
محمد خروب ( الأردن ) – الثلاثاء 2/11/2021 م …
أما عيساوي فريج فهو أحد أبناء «قرية» كفر قاسم (أصبحت لاحقاً ورسميّاً.. مدينة) التي ارتكب فيها جيش العدو الصهيوني مجزرةً رهيبة في مثل هذه الأيام قبل 65 عاماً 29/10/1956 راح ضحيتها 51 رجلاً وامرأة وطفلاً في اليوم الأول لبدء العدوان الثلاثي الذي شنّته فرنسا وبريطانيا والكيان الصهيوني على مصر، بعد قرار الرئيس الراحل جمال عبد الناصر تأميم قناة السويس..
ليس عيساوي فريج مجرد مواطن من فلسطينيي الداخل، وليس لأنّه ابن كفر قاسم بل دائماً وأيضاً لأنّه «وزير» عن حركة ميرتس «اليسارية» الصهيونية في حكومة الائتلاف الذي يرأسه الفاشيّ نفتالي بينيت.
يحمل عيساوي حقيبة اسمها وزارة التعاون الإقليمي (اقرأ وزارة التطبيع) التي كان شغلها ارئيل شارون من قبل، ثمّ تمّ إلغاؤها وعادَت لتزدهر الآن مع تمرّكُز إعصار التطبيع في المنطقة العربية.
ومع ذلك.. ليس هذا موضوعنا، بل ثمّة ما هو أكثر بشاعة وباعثاً على الاشمئزاز مما قارفه هذا «الوزير» اليساريّ المتصهين في جلسة كنيست العدو الأربعاء الماضي, عندما «عارَض» مشروع قانون تقدّمت به النائبة عن القائمة المشتركة عايدة توما سليمان, ينصّ على «أن تعترف حكومة إسرائيل بمسؤوليتها عن مجزرة كفر قاسم التي نفّذت مساء يوم 29/10/1956، وأن يكون إحياء ذكرى المجزرة جزءاً من المناهج الدراسية وتخصيص ميزانية من خزانة الدولة لإحياء ذكرى ضحايا المجزرة, مع الكشف عن كلّ الوثائق والمستندات الخاصّة بالمجزرة».
مشروع قانون كهذا ليس جديداً في واقع الحال، بل واظب النواب العرب في الكنيست على تقديمه سنوياً منذ أزيد من عشرين عاماً، أولهم الشاعر والمناضل الراحل توفيق زياد وهاشم محاميد ومحمد بركة، في خطوة تعكس ليس فقط التذكير بالمجزرة، بل دائماً في إصرار نواب فلسطينيي الداخل على اعتراف إسرائيل بمسؤوليتها عن المجزرة الرهيبة, التي كانت كلمة «سِرّ» الضابط المُجرم لجنوده «إحصدوهم», كما قامت المحكمة الصهيونية «الصوريّة بالطبع» بتغريم مَن أدين منهم بـ«قرش واحد», ما لبثت أن أطلقت سراحهم لاحقاً.
ليس ثمّة مفاجأة بالطبع في نتائج تصويت الكنيست، حيث تمّ رفض مشروع القرار بتصويت 93 مقابل 12 مع «عدم» امتناع أحد عن التصويت، وكان عيساوي فريج أحد الذين عارضوا مشروع القانون.
لم يكتفِ ابن كفر قاسم وحفيد شهدائها الذين سقطوا غيلة في ذلك اليوم المشؤوم بمعارضة المشروع، بل وقف على منصة الكنيست مُتهِماً القائمة المشتركة (التي قدّمت مشروع القانون) بـ«استغلال الحدث التاريخي المؤلم لتحقيق مكاسب سياسية». هكذا وبكلّ وقاحة وصلف وجّه الاتهام لمَن يريد انتزاع اعتراف صهيوني بمجزرة رهيبة ارتكبها العدو ضدّ مدنيين عزّل جريمتهم أنّهم غير يهود، بل لم يتورّع عيساوي فريج عن مواصلة الاتّهام موجّهاً الكلام لثلّة مناضلة من أبناء شعبه: «أنت تريدون تحويل ألمِنا إلى سياسة داخلية».. وكأنّ ألم أهالي كفر قاسم ليس ألم شعب فلسطين والشعوب العربية بل وأحرار العالم أجمع..
انضمّ عيساوي فريج إلى «زملائه» في الأحزاب اليهودية كافّة، سواء منهم المحسوب على كتل الائتلاف من يمين ويسار مزعوم كحزب عيساوي/حركة ميرتس, أم يسار الوسط كحزب العمل، ناهيك عن حزب يش عتيد الذي يرأسه يائيرلبيد وزير الخارجية/رئيس الوزراء البديل، إضافة بالطبع إلى نواب الليكود الفاشي وأحزاب اليمين الديني والصهيونية الدينية العنصرية، برئاسة الثنائي الكاهاني.. بن غفير وسموتريتش.
هذه هي إسرائيل الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط, على ما يرطن به الأميركيون وأحفاد المستعمرين في أوروبا وبريطانيا ومن أسف بعض العرب.
اللافت أنّ تصويت هذا العام على مشروع قانون كفر قاسم (مع غياب نتنياهوكرئيس للحكومة) لم يكن كما حدث العام الماضي, عندما قدّمته النائبة عايدة توما سليمان إذ تمّ رفض القانون بأغلبية «51» صوتاً فيما صوّت لصالحه «21» نائباً, منهم القائمة المشتركة التي انضمّ إليها عدد قليل من نواب ميرتس وأزرق – أبيض..ما عكس تماسكاً ملحوظاً في صفوف الأحزاب اليهودية وانزياحاً لافتاً من أحزاب تدّعي انتسابها لليسار مثل ميرتس وبقايا حزب العمل المرشّح للاندثار.
في هذا الشأن كتبَ الوزير الصهيوني السابق يوسي بيلين يوم 29/10 مقالة في صحيفة إسرائيل اليوم بعنوان «هذا فصل في تاريخ الدولة», قال فيها: إنّ على الدولة الاعتراف رسمياً بمسؤوليتها عن مذبحة كفر قاسم، كما أنّ عليها إلغاء حالة الطوارئ التي تسود البلاد منذ العهد البريطاني. مضيفاً: «هذا ليس شأناً عربياً داخلياً.. المسرحية التي وقعت في الكنيست يوم الأربعاء (27/10) كانت زائدة تماماً.. المواجهة بين النواب العرب -أضاف- والمعارضة الهائلة لتعليم المذبحة في كفر قاسم في المدارس، أو التمويل الحكومي لجمعية تُعنى بحفظ ذكرى الحدث.. كانت معيبة».
هذا ما يقوله صهيوني عتيق.. أمّا «الفلسطيني» عيساوي فريج فلم يخجل عندما اتّهمَ أبناء جلدته/«نواب المُشترَكة»… أنّهم «يستغلّون المجزرة لتحقيق مكاسب سياسيّة».
يا للعار.
التعليقات مغلقة.