صيام أسرى الحرية وراء القضبان
الأحد 12/6/2016 م …
الأردن العربي – همسه التايه … إنطلق صوته مدويا عبر موجات الهاتف الخليوي، ليخترق جدران الصمت، متمردا على كافة القيود التي قتلت الحياة ، وكأنه وجد ونظرائه ضالتهم في نقل الصورة الحية لعناق شهر الخير خلف الشمس، والبوح عن تفاصيل المعاناة والمشاعر التي تفيض بالحنين والحزن على فراق الأحبة، الذين أجبروا على فراقهم عنوة، ليقطنوا في سجن مقيت بلا مقومات وظروف إنسانية.
لم تدم مكالمته ورفيقه من داخل سجن النقب الصحراوي مع مراسلتنا طويلا، لأسباب لها شأن بظروف أسرهما، لكنهما أرادا التحدث دون إنقطاع وكسب أكبر وقت ممكن في التعبير عما يجول بداخليهما والأسرى كافة عن طقوس رمضان وأجوائه التي يعيشونها كعائلة واحدة وبشوق كبير لأهلهم وأبنائهم.
يقول الأسير ـ والذي تحتفظ دنيا الوطن بإسمه لدواعي أمنية ـ أنه والأسرى ومع إطلالة الشهر المبارك يعيشون مشاعر حزينة لفراق الأهل وحنين لعناقهم، مضيفا إلى أنهم رغم مرارة وشوق اللقاء إلا أنهم يعيشون رمضان بكافة تفاصيله لنسيان حرمانهم وإشتياقهم لذويهم في هذه الأيام الفضيلة.
وأكد أن الحركة الأسيرة تقوم بالتحضير والإستعداد للشهر الفضيل ، حيث يتم العمل وبشكل جماعي على رفع خيم الأسر وتوفير وإحاكة شراشف خاصة بالشهر الفضيل، مؤكدا أن “هيئة تنظيمية” مكونة من فصائل العمل الوطني والإسلامي تقوم بالترتيب لبرنامج رمضان، بالإضافة إلى توفير التمور والعصائر والماء البارد من قبل لجنة طعام خاصة لهذا الشأن.
وأضاف: تبدأ الحياة اليومية للأسير عند الساعة الثانية ظهرا بعد إحصاء مصلحة السجون لعدد الأسرى، حيث نقوم بأداء صلاة الظهر ثم الذهاب للكنتينا لشراء كل ما يلزمنا من هنالك من مخصصات الأهل ووزارة شؤون الأسرى.
وأكد أن صوت الآذان مقدس ولا يمكن لمصلحة السجون ولا بأي شكل من الأشكال التدخل بشأنه.
وقال : تعمدنا عمل برنامج جماعي حيث تندمج الست خيم والتي تحتوي الواحدة منها على 20 أسير مع بعضها البعض داخل المعتقل، لتعزيز الروابط القوية بين كافة الأسرى في الشهر الفضيل بالإضافة إلى رفع معنوياتهم وخلق أجواء من التفاؤل والصبر على فراق الأهل.
وأضاف : رغم أن الأسرى يعيشون عزلة دائمة عن العالم الخارجي الا أنهم يمتعون بعزيمة قوية ومعنويات تعانق السماء ويتعزز ذلك بالشهر الفضيل رغم وجود الأسرى المرضى وكبار السن والأشبال.
وعن درجة الحرارة العالية في سجن النقب الصحراوي ومقامتهم لصيام الشهر الفضيل، قال الأسير والذي قضى 14 عاما من مدة محكوميته ” رغم درجة الحرارة المرتفعة إلا أن الله بدب فينا الصبر”.
وأشار إلى أن يومهم لا يكاد يخلو من العبادة وقرائة القرآن والجلسات الدينية والتراويح، موضحا أن الأسرى لا ينامون في رمضان إلا مع ساعات الفجر الأولى بعد السحور الجماعي وأداء الصلاة والدعاء بالفرج القريب .
وأكد أنه والأسرى كافة قادرين على خلق جو خارج عن المألوف للتخفيف على أنفسهم في شهر الخير من خلال جلسات إلقاء الشعر والأغاني الوطنية والنكت .
وأوضح أن الأسرى مجتمعون يباشرون بترتيب الطاولات والكراسي الخاصة بالإفطار والتي تم توفيرها من خلال الإضرابات المتتالية للحركة الأسيرة.
ولم ينسى الأسير الذي تمنى عبر مكالمته مع دنيا الوطن إيصال رسالته للقيادة الفلسطينية وفصائل العمل الوطني بضرورة الإهتمام بالحركة الأسيرة وعدم تهميش قضيتهم ومطالبهم بالإفراج الفوري والعاجل عنهم دون قيد أو شرط خاصة وأنهم يعيشون ظروفا قاسية وصعبة للغاية .
وأنهى الأسير مكالمته مبتسما وممازحا وكأنه لا يريد أن يفارق لحظات الحرية قائلا:” عندما أتمكن خلسة من الحديث مع أمي في الشهر الفضيل للإطمئنان عليها صباحا أبادر دائما بالسؤال “يما شو طابخة اليوم”. في إشارة إلى أرادته في تحمل غيابه عن حضن والدته وإشتياقه لجلساتها وحنانها وأكلاتها التي لا تعوض.
التعليقات مغلقة.