الشمال السوري: مؤشرات الحسم قبل نهاية العام / د. زيد نوايسة




د. زيد نوايسة ( الأردن ) – الخميس 11/11/2021 م …

تتجه الأنظار للشمال السوري حيث الاستعدادات التركية للقيام بعملية عسكرية ضد «الوحدات الكردية»، البرلمان التركي باستثناء حزب الشعب الجمهوري منح الرئيس التركي اردوغان تفويضا يمدد صلاحية ارسال قوات عسكرية لتنفيذ مهام قتالية في سورية والعراق تتعلق بحماية الامن القومي لعامين آخرين اعتبارا من 30/10/2021.

المعارضة السورية الحليفة لأنقرة، والمتواجدة في ادلب اعلنت جاهزيتها للمشاركة في العملية التي تعتبر الرابعة في حال حدوثها، وكان سبقها ثلاث عمليات عسكرية؛ الاولى في العام 2016 واطلق عليها درع الفرات، والثانية غصن الزيتون 2018 والثالثة نبع السلام 2019.

الاستعدادات العسكرية التركية تسعى لإبطال المجال الذي تتحرك فيه الوحدات الكردية في مناطق تل رفعت ومنبج في ريف حلب ومنطقة عين عيسى وتل تمر في ريف الحسكة، وتحشد لذلك 35 ألف جندي ومئات الآليات العسكرية؛ بهدف تشكيل حزام امني يساهم في حماية المناطق التي تسيطر عليها في الشمال السوري، وتحول دون اي هجمات تواجه قواتها كما حصل في تل رفعت مؤخراً.

معظم الخبراء يعتقدون أن تركيا لن تذهب بعيدا في عملية عسكرية شاملة؛ بل من المتوقع أن تكون قصيرة ومحدودة الاهداف لوجود محاذير ابرزها رفض الحليف الأميركي القاطع لها، وانزعاج موسكو منها خلافاً للعمليات السابقة الثلاثة التي حظيت بغطاء اميركي وروسي، سواء في عملية درع الفرات لضرب داعش والعمليات اللاحقة التي دعمتها موسكو وسمحت للاتراك بإقامة شريط حدودي بمساحة 110 كم نتيجة تعنت الفصائل الكردية وعدم القبول بتسوية مع دمشق كما سعت موسكو حينذاك.

بالإضافة للقلق الداخلي، والذي عبر عنه رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال أوغلو، برفضه تمديد التفويض للرئاسة التركية بإرسال قوات عسكرية لسورية والعراق مذكراً بالخسائر التي ادت لمقتل 33 جنديا تركيا في العمليات السابقة، يبدو أيضاً أن فرص نجاح عملية عسكرية دون وجود غطاء جوي فوق الاراضي السورية امر محفوف بالمخاطر حسب الخبراء العسكريين.

تركيا قلقة من إنجاز تسوية بين الحكومة السورية وقوات سورية الديمقراطية التي تنظر لها باعتبارها امتداد لحزب العمال الكردستاني عدوها ومصدر الخطر الاساسي؛ لذلك تسعى لفرض وجود تركي دائم في الشمال السوري الذي تسيطر فيه على 10 % من مساحة سورية وتحتضن ما يقارب أربعة ملايين سوري تنظر لهم كحلفاء بالرغم من تبدل المزاج التركي الداخلي نحو اللاجئين السوريين في الاشهر الاخيرة، والذي سيكون حاضراً في الانتخابات التركية المقبلة.

موسكو تعمل على انجاز تسوية بين الكرد والحكومة السورية وما يؤكد ذلك وجود وفد كردي يجري مباحثات في دمشق هذه الايام يتردد انه مستعد للتخلي عن 75 % من عائدات النفط للحكومة السورية، بنفس الوقت الذي يعمل فيه الطرف الاميركي على ضبط الاندفاعة التركية من خلال توفير ضمانات للطرفين الكردي والتركي بعدم الانزلاق لعمل عسكري، ويبدو أن الاكراد غير متأكدين من أن الوعد الاميركي بعدم الانسحاب من شمال شرق الفرات محسوم بالرغم من تلقيهم تأكيدات بذلك.

الرئيس التركي، يرفض اي عملية عسكرية روسية سورية مشتركة في ادلب باعتبارها مساساً مباشراً بدور تركيا ومصالحها الاستراتيجية في الشمال السوري؛ لقاء سوتشي الاخير بين بوتين واردوغان لم ينجح في اقناع الاخير بالالتزام بالتعهدات السابقة بخصوص ادلب، وهذا يضع روسيا في حرج امام حليفها السوري الذي لن ينتظر طويلا بقاء ادلب تحت السيطرة التركية ويبدو أن منطقة الشمال السوري ستكون منطقة ساخنة عسكريا بعد استنفاد فرص التسوية السياسية وضبابية الموقف الاميركي.

دمشق في وضع مريح وهي تستثمر الانفتاح العربي عليها، وتدرك أن ادلب تحولت لمشكلة تركية معقدة والمرجح انها لن تنتظر طويلاً لحسم ملف ادلب وهو الفصل الاخير في الأزمة السورية.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.