بل حربنا وحربنا وحربنا / وليد السبول

 

 

وليد السبول ( الأردن ) الجمعة 6/2/2015 م …

 

سؤال بل تساؤل يدور في جميع الأوساط وعلى جميع المستويات وفي كل تجمع أو حديث بين اثنين أو أكثر. التساؤل هو: هل الحرب مع داعش هي حربنا كأردنيين؟ وهل يجب أن نتورط بالحرب مع جيوش التحالف وما هي مصلحتنا كأردنيين من وراء هذا التدخل؟ هل نذهب ونأتي بالدب إلى كرمنا؟ أليس الأجدر بنا أن لا نزج بأنفسنا وسط معركة ليست معركتنا؟

تساؤل غريب بالرغم من أنه يصدر أحيانا عن مثقفين وسياسيين بل وبرلمانيين، لا يمكن أن يوصف من يجيب عليه بالنفي إلا أن يكون جاهلا و لديه قصور واضح في القدرة على التحليل، أو أنه له من النوايا الخبيثة أو التوجهات السياسية أو العقائدية ما يجعله يدفع بعدم وجود مصلحة للأردن بالحرب وأنه من الواجب علينا أن نقف متفرجين، وأن نترك الآخرين سواء جيرانا أو تحالفات يقاتلون ونحن نرقب وننتظر المنتصر حتى نهنئه ونبارك له ونبدأ بعد ذلك مرحلة التعاون السلمي في أوجه الاقتصاد والثقافة وتبادل المصالح، ثم نتبادل السفراء ويا دار ما دخلك شر!

وعود على مدى مصلحة تورط الأردن في هذه الحرب، فهل ننأى بأنفسنا عن التدخل فيها ونكتفي بالوقوف والمشاهدة، هل أطرافها يقبلون بأن نبقى حياديون متفرجون؟ أم أنهم فرضوا علينا أن نكون جزءا منها وعنصرا من عناصرها؟ والجواب سواء لم لا يعرف أو لا يريد أن يعرف، سواء أنكر جاهلا أو متعمدا، أننا في هذه الحرب، في وسطها منذ أول يوم بدأت، سواء ما قبل احتلال العراق أو بعده. سواء قبل ما حدث في سوريا أو لا زال يحدث. هذه حرب حتى أكبر من أن توصف بالإقليمية. هي حرب شبه عالمية، بل عالمية. أطرافها لن يتوقفوا عن حد معين ويقولوا هنا نكتفي. أطرافها يهدفون إلى الاستمرار حتى النهاية وحتى إلى ما بعد الانتصار. هي حرب وجود وليست حرب غايات وأهداف محددة. سواء كان فيها إسرائيل و أمريكا، أو روسيا والصين، أو تركيا وإيران، أو حتى دول الخليج العربي وأيضا والأهم المنظمات الدينية والتي من الأصح أن يكون وصفها (السياسو دينية )، كلها تتحارب بشكل معقد مع بعضها البعض بهدف هو أبعد من الانتصار بل ويصل إلى إنهاء الوجود بالمطلق.

نحن في هذه الحرب مما قبل تفجيرات الفنادق واعتداء المنظمات الإرهابية على عشرات العائلات الأردنية وضيوفهم. لم نكن اخترنا قبلها أن نرسل إليهم طائرات ولا دبابات، لكنهم أتوا إلينا في عقر بيوتنا وقتلونا ونكلوا بنا وأوغلوا الإجرام فينا. خططوا لتفجير مباني دائرة المخابرات العامة بالمتفجرات وبالغازات السامة والتي كان من الممكن أن تودي بحياة الآلاف. قتلوا الدبلوماسي الأمريكي “فولي” في شوارع عمان واعتدوا على ضباطنا ورجال أمننا في بيوتهم وفجروا سياراتهم في وسط عمان. عمدوا حتى إلى وضع قنبلة تحت سيارة وزير الداخلية الأردني (والدي). هاجموا وقتلوا دبلوماسيي الأردن في لبنان ومناطق أخری. قتلوا وسلبوا سائقين علی الخطوط البرية ما بين العراق والأردن. اعتدوا على حدودنا البرية مع سوريا وهربوا منها السلاح والمتفجرات والأفراد وخزنوا أسلحتهم ومتفجراتهم في بيوتنا.

خلاياهم النائمة والمتنامية تأكل شبابنا وتضلّ عقولهم وترسلهم إلی آتون الحرب التي ستمتد نيرانها إلی بيوتنا ونحن تتفرج. كم وجدنا أبناءنا وأحفادنا تركوا مدارسهم وذهبوا ليسقطوا قتلی في أرض ليست أرضنا. هددوا ملكنا ورجال أمننا وجيشنا بأنهم قادمون لجز أعناقنا في داخل أرضنا. قالوها لنا صراحة وبالفم الوقح وبكل العهر الذي في الدنيا وبلسان عرب وغير عرب بأنهم آتون إلينا وما علينا إلا الانتظار. اسم دولتهم المزعومة “دولة في العراق وفي بلاد الشام” أي أن الأردن جزءا من دولتهم فالأردن من بلاد الشام.

وبعد، غبي من يعتقد أنهم قتلوا طيارنا وبذلك انتهت حكايتهم معنا، حققوا هدفهم وانتهت العلاقة بيننا بذلك. هم يستهدفوننا وسيستهدفوننا وسيظلون يسببون لنا الأذى من الخارج وفي الداخل. حقدهم علينا وعلى كل مكونات دولتنا عقائدي أزلي. رفضوا حتى تعزيتنا بشهيدنا بينما تسابقوا للتعزية برجلهم الذي قتل في العراق. لن نقول أبدا لقائدنا اذهب أنت وجيشك فقاتلوا إنا هنا قاعدون، بل نقولها له بالفم الملآن، اذهب أنت وجيشك وقاتلوا إنا معكم وبكم… ماضون.

 

وليد جودت السبول

[email protected]

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.