لقاء «مسرح المدينة» في بيروت يطالب بمحاسبة أمين معلوف
الخميس 16/6/2016 م …
الأردن العربي …
بمبادرة من شخصيات أدبية وثقافية وإعلامية مستقلة، التقى تجمّع «لنحاسب أمين معلوف» مساء أمس في «مسرح المدينة»، بحضور المعمار رهيف فياض وغسان صفي الدين، وناشطي «قاطع» و«حملة مقاطعة داعمي إسرائيل في لبنان»… رحبت الفنانة نضال الأشقر بالحضور، معبّرة عن حيرتها وأسفها من سقطة أمين معلوف. وتعاقب على الكلام الإعلامي طلال سلمان، الشاعر محمد علي شمس الدين، عبد الملك سكريّة الذي ألقى كلمة الباحث الفلسطيني كمال خلف الطويل. وقدّم الناشط والكاتب والناشر سماح إدريس محاضرة عن قواعد المقاطعة وتحديد «التطبيع». وأخيراً صدر عن اللقاء البيان الآتي، الذي بدأت حملة جمع التواقيع عليه:
قبِل الأديب اللبناني المعروف أمين معلوف، الإدلاء بحديث مطوّل لمحطّة إسرائيليّة هي i24 التي تبث من يافا المحتلّة بالإنكليزيّة والفرنسيّة والعربيّة، ويملكها رجل الأعمال الصهيوني باتريك دهري(1).
فيما يرأس مجلس إدارتها الصحافي فرانك ملّول الذي يقف إلى يمين «الليكود»! ولا يمكن لمثقف مطّلع مثل أمين معلوف، أن يجهل هدف المحطّة المعلن، علماً أنّه موثّق حرفيّاً في أرشيفها: «تبييض صورة إسرائيل»، و«محاربة الجهل والأحكام المسبقة ضدّها». ويمكننا أن نضيف: السعي إلى كسر عزلة الكيان الصهيوني، عبر توريط شخصيات سياسيّة وثقافيّة وإبداعيّة من العالم العربي في لعبة «حوار» زائف مع الآخر ـــ أي مع دولة الاحتلال والاستيطان والمجزرة المتواصلة ـــ وذلك تحت راية «السلام» الذي نعرف جميعاً ترجمته الحقيقيّة على أرض الواقع، من «كامب دايفيد» إلى «أوسلو».
إن حديث أمين معلوف «الراقي» و«التنويري» و«الشيّق» على i24، بدا كأنّه موجّه إلى تلفزيون دولة محايدة ومسالمة، شُغلُها الشاغل قضايا الثقافة والفكر والإبداع. في حين أنَّه حلَّ ضيفاً على وسيلة إعلام أيديولوجيّة، بل قل تحدّث إلى جهاز اختراق وبروباغاندا، في خدمة دولة احتلال تقتل شعبنا… فشهد بالزور وأهدى صورته واسمه وتاريخه إلى إعلام مضلل وظيفته الترويج لكيانِ تمييزٍ عنصريّ، دموي، قائم على القتل والعنف والتهجير واغتصاب الحقوق الشرعيّة للشعب الفلسطيني. لقد ذُهلنا ونحن نسمعه، بين فقرتين تطبيعيّتين بامتياز، يتكلّم بحياديّة عن شؤون الأدب، بوجه باسمٍ هانئ! ألم يخطر بباله لحظة واحدة أن يلفُظَ بوجه محاوِرته، أوجاعَ عائلات الشهداء والجرحى في عدوان تموز ٢٠٠٦؟ وأوجاعَ كلّ ضحايا الحروبِ والمجازرِ التي ارتكبتها العصابات الصهيونيّة منذ كفرقاسم ودير ياسين؟ بل أوجاع أهلنا وشعبنا الذي يعيش الآن مواجهة مباشرة مع الكيان الغاصب وعملائه ورعاته؟
من نافل القول إن أي تواصل مع إعلام الاحتلال هو اعتراف غير مباشر به. وحين يكون المتعامل أديباً ونجماً معروفاً، فهو يوظّف رصيده المعنوي وهالتَه وشهرتَه، من أجل «أنسنة القاتل»، وغسله من جرائمه، وإضفاء شرعيّة أخلاقيّة عليه.
هل يعي صاحب «الهويّات القاتلة»، أنّه تجاهل سياسة الاحتلال الإجراميّة، وتنازل عن حقوقنا الوطنيّة والقوميّة، وضرب عرض الحائط بدم الشهداء، وكرامة عائلاتهم وشعبهم، وحقوقِ الضحايا والجرحى والأسرى؟ أيّاً كانت مكانته في فرنسا، يبقى الكاتب النجم أمين معلوف، قبل كل شيء، مواطناً لبنانيّاً، وأديباً عربياً، استمد من هذا الانتماء تحديداً، وحيَه ومواضيعَه وأدواتِه وأسئلتَه، ويَدينُ لجذوره تلك بكل ما حقّقه من نجاح. وعلى هذا الأساس كنا نتوقع منه، أن يقف مع المضطهدين، وأن يشهد للحق، وأن يتضامن مع الضحيّة ضدّ جلادها. ليس هذا ما فعله في الثاني من حزيران/ يونيو 2016، على الأثير الإسرائيلي!
هذه السقطة الفظيعة، لأمين معلوف، لها اسم في لغتنا، وفي كلّ اللغات… نربأ بأنفسنا عن استعماله هنا! لنكتفِ بالحديث عن «التطبيع الثقافي» الموصوف مع إسرائيل. ما ارتكبه أمين معلوف، هو تعامل مباشر مع العدوّ، يقع تحت طائلة القانون اللبناني. وأمين معلوف المطلع على تاريخ فرنسا ومقاومتها الباسلة للنازيّة، يعرف الكثير عن أولئك الذين مدّوا يدهم للاحتلال الألماني… سنمتنع هنا عن تشبيهه بهؤلاء المتعاملين مع العدوّ، وما زلنا نفضّل أن نقنعَ أنفسَنا بأنّها هفوة، أو سوء تقدير… غلطة شاطر. خطأ تمكن العودة عنه، والعودة عن الخطأ فضيلة. كما كانت «17 أيّار» غلطة شباب… لا خطوة محسوبة، المرادُ منها تشريعُ بابِ الثقافة الوطنيّة على العدوّ الإسرائيلي، واستباحة الضمير اللبناني، وطرح الكرامة والسيادة عند جزمة الـ «تساهال».
«إسرائيل» ليست وجهة نظر. ونحن لسنا في فرنسا، بل في لبنان، حيث إسرائيل عدوّ، في نظر الدستور والقانون! الإسرائيلي هو القاتل، في وجدان الجماعة. والتعامل مع العدوّ والقاتل لا يندرج في خانة الحريّة الفكريّة والشخصيّة، بل في خانة التآمر والتخاذل والاستسلام. لا يمكن لأحد أن يعتبر إطلالة أمين معلوف على شاشة العدوّ، قضيّة «حريّات»! لقد ارتكب خطأً أخلاقيّاً مدويّاً هو «أنسنة العدوّ»، وغسل جرائمه، وشهدَ بالزور أمام الرأي العام، وساوم على حقوقنا الوطنيّة والقوميّة.
لكل ذلك، سنطالب الدولة اللبنانيّة بأن تسائله، والقضاء اللبناني بأن يطبّق القانون! فما أصعب أن يأتي يوم محاسبته أمام القانون، أو تجريده من الجنسيّة اللبنانيّة ومنعه من دخول الأراضي اللبنانيّة. عند ذاك، ستكون فرصة ذهبيّة للغرب «الديمقراطي» الشغوف بـ «حقوق الإنسان»، كي يعلنَه كاتباً «مضطهداً»، وضحيّة «الظلاميّة» طبعاً (!)، ويفتح بوجهه أبواب «نوبل». لكن ماذا ينفع الإنسان إذا ربح العالم وخسر نفسه؟
(1)إسم صاحب المحطة هو باتريك درهي (وليس دهري كما جاء في “الأخبار”)، وهو صهيوني من أصل مغربي، حائز على الجنسيتين الإسرائيلية والفرنسية، ومقيم في سويسرا. قدرت مجلة فوربس ثروته لعام 2015 ب14 مليار يورو، وهو مؤسس ورئيس كونسورسيوم “ألتيس”، المساهم الأكبر في شركات “أس أف أر- نومريكابل” و”فيرجين موبيل” الفرنسيتين ، والإسرائيلية “هات”، و البرتغالية “برتغال تلكوم”، والأميركية “سادنلينك”،و “أورنج دومينيكانا” في جمهورية الدومينيكان …
التعليقات مغلقة.