مجدي احمد حسين يكتب: اليمن عصى على الاحتلال خاصة فى أعالى الهضبة و الجبال التى كانت مركز حضارة عظيمة- آل سعود لديهم عقدة من هذه الحضارة




قلنا إن اليمن ينقسم جغرافيا إلى : السهل الساحلى الغربى – والهضبة والجبال – ثم السهل الشرقى .

أهالى الهضبة والجبال وهم 70 % من سكان اليمن هم مركز الحضارة اليمنية الأصيلة وهم يتسمون بالذكاء – وهذا وصف بعض المؤرخين وليس من عندى – ويتفوقون فى الحيوية على أهل السهول بل وعن باقى أهل الجزيرة العربية وهناك غيرة تاريخية لدى الدولة السعودية التى يغلب عليها الطابع البدوى من أهل اليمن المتحضرين ، غيرة من هذا التفوق الحضارى والمسجل فى القرآن الكريم – حضارة سبأ – وقد انشغل آل سعود دوما بإخضاع اليمن لسيطرتهم ، واقتطاع أجزاء من اليمن وضمها للسعودية كعسير وجازان . وساعدت الثروة البترولية بعد ظهورها على امتلاك أدوات الهيمنة والسيطرة على اليمن. ولم تهدف الدولة السعودية إلى رفع شأن اليمن بل كان همها دائما إخضاع إرادة اليمنيين لها مع احتفاظهم بالتخلف الاقتصادى ، وكأن السعودية تخشى أن يستيقظ العملاق اليمنى من قمقمه ليعود قائدا لجزيرة العرب كما كان ، خاصة وأن عدد السكان فى اليمن قريب من عدد سكان السعودية ،ويعمل عدد كبير من اليمنيين فى السعودية ، بل ويوجد العديد من السعوديين منحدرين من أصل يمنى ، كما بدأ الانتاج النفطى يتصاعد باليمن .

فى اللغة العربية ستجد أهل الهضبة أكثر نقاوة فى اللغة واللهجة من أهل تهامة بالساحل الغربى . ومن العجيب إنك تشعر بنقاوة اللغة العربية أكثر كلما صعدت فى الجبال!! وبدو تهامة مادة جاهزة دوما للاستخدام السعودى بالمال . وترجع المسألةاللغوية إلى اختلاط أهل تهامة بعناصر أجنبية بعكس أهل الهضبة الذين يحتفظون بعزلتهم التقليدية ألى جانب اقتصار تراثهم الثقافى على القرآن والأدب العربى القديم. وأيضا كلما صعدت فى الجبال تجد أهل الجبل أكثر حدة وأكثر حركة واعتزازا بأنفسهم ومصالحهم ، وعادة ما يعتصمون بمذهب معين يتحصنون به أو بالأحرى يعتصمون بالجبل ليحمى تمسكهم بالمذهب . لذلك تجد أهل الجبال الشمالية العالية فى اليمن يعتنقون المذهب الزيدى : وهى منطق صعدة التى تسمعون عنها كثيرا فى أنباء القتال ومحاولات السعودية البائسة والفاشلة لاحتلالها ، وهى لم تحتل أبدا عبر التاريخ!! ويقطن الشافعية السهول والهضبة الوسطى والجنوبية. والزيديون يعتبرون أنفسهم أو بالأحرى قادتهم من سلالة النبى صلى الله عليه وسلم من خلال زيد وهو من نسل سيدنا على بن أبى طالب . وتطلق كلمة السيد فى اليمن على المنتسبين لآل الرسول فقط . وقد تولى الزيدية حكم اليمن فى أغلب الأحيان منذ ظهور المذهب الزيدى فى اليمن . وإذا صادف اليمانى ، رفيعا كان أو وضيعا ،واحدا من هؤلاء السادة وإن صغر سنه ورق حاله ، يهوى على ركبتيه ويديه بالتقبيل – من مجلة المقتطف الصادرة عام 1938 فى مصر . فى ذلك الزمن ، وهو ليس بعيدا ، كل الامارات والعمالات الرفيعة والمقامات والوظائف العالية فى اليمن هى للسادة مهما قلت معرفتهم وكفاءتهم . وكل صدقات الفطر والهدايا والنذور الدينية فى الأعياد والمواسم وغيرها من الأوقاف تجبى لهم مهما كثر مالهم وسعد حالهم . والقاعدة عند السادة أن يصاهر بعضهم بعضا – المرجع السابق . والحقيقة ان السادة يقابلون الأشراف فى مصر الذين يتمتعون باحترام العامة وإلى حد ما تقديسهم ، وفقا لتقاليد استمرت حتى أواسط القرن العشرين ، ولكن هذه التقاليد ربما اضمحلت بعد ذلك .

كان للزيدية دور كبير فى تاريخ اليمن وهذا مانتناوله إن شاء الله فى الحلقة القادمة .

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.