“المعلمي” وفضيحة التصعيد السعودي ضد سورية / المهندس ميشيل كلاغاصي
المهندس ميشيل كلاغاصي ( سورية ) – 22/12/2021 م …
في جلسة الجمعيّة العامة للأمم المتحدة يوم الخميس 16/12/2021، والتي عُقدت لمناقشة مشروع القرار حول “حقوق الإنسان في سوريا”، قدم عبد الله بن يحيى المعلمي، مندوب النظام السعودي، بيانه بطريقة مفاجئة وغير متوقعة، عكس فيها – من جانبه – لوم بلاده للدولة السورية، عبر سلسلة من الادعاءات المزيفة الموجهة ضد الرئيس بشار الأسد ومحور المقاومة، بما لا يتوافق مع الحقيقة، وبما يتّفق مع التصعيد السعودي نهاراً، وقرع أبواب دمشق ليلاً، ويؤكد ضعف اللاعب السعودي في الإقليم، وعدم قدرته على مواجهة الملفات الإقليمية سياسياً ودبلوماسياً، وحتى ميدانياً.
هذا الخطاب المليء بالحقد والكراهية وتزييف الحقائق بات موضع سخرية العالم، وحتى المجامع الإرهابية التي تبنّتها السعودية في سوريا، ومن دعتهم بمعارضة منصة الرياض البائدة، فالإرهاب الذي تعرضت له سوريا بات معروفاً لجهة تصنيعه وتدريبه وتسليحه وتمويله من قبل أطراف دولية عدة. ويتصدر النظام السعودي لائحة المتورطين والمشاركين بإراقة الدماء السورية وقطع الرؤوس وأكل الأكباد.
ويتساءل السوريون: هل يحقّ للسّعودية المشاركة في جلسة للنظر في حقوق الإنسان الغائبة فيها أصلاً، وسط حملات القمع الداخلي، وامتلاء السجون بالأبرياء والصحافيين، وإعدام الشبان اليافعين والصحافيات، ناهيك بجريمة قتل خاشجقي وتقطيعه؟
ما الذي حاول المندوب إعادة تسويقه في الجلسة ونقله إلى الإعلام؟ هل جاء كلامه ليهدّد السوريين أو ليبشرهم بأن “الحرب على سوريا لم تنهِ بعد”، ولينتقد عملية إعادة الإعمار التي أرادها إعادةً “لإعمار القلوب”؟ يا لها من ضحالة فكرية – سياسة وأفق ضيق! لقد تساءل عن النصر الذي حققه السوريون، في وقتٍ لا يمكن للمنبطحين والمتخاذلين أن يدركوا قيمة الانتصار الذي حققه الأسود.
من جهةٍ أخرى، ما الذي يرمي إليه النظام السعودي في ظل التقارب العربي – العربي، وانطلاق عمليات المصالحة بين الدول العربية، وقبول جميع الدول العربية بعودة سوريا إلى الجامعة العربية، ما عدا نظامه والنظام القطري؟ هل هو الغضب والتمرد على الدور الجزائري والتقدم الإماراتي؟ هل يسعى النظام السعودي للمصالحة مع قطر من أجل وقف الصعود الإماراتي؟ وهل نشهد عودةً ثانية لما رأيناه في بداية “الربيع العربي” المشؤوم، من تحالفٍ بين المحورين الإخواني والوهابي؟ أي ضياعٍ تعيشه المملكة؟
وما الَّذي يدفع المملكة إلى التّصعيد المفاجئ ضد سوريا، والتصعيد المستمر في لبنان، واستمرار حربها على اليمن، في ظل غياب رؤية سعوديةٍ واضحة لبناء علاقات طيبة مع إيران التي لا تنفك تمدّ يدها للرياض، حرصاً على مصلحة كل دول المنطقة وشعوبها، وبما يصب في مصلحة القضية الفلسطينية؟
هل قرأ النّظام السعوديّ التّصعيد الأميركيّ تجاه سوريا بشكلٍ خاطئ، فهرع نحو المزايدة على المواقف الأميركية؟ ألا يدري أنَّ واشنطن لا تفكر حالياً سوى في إرضاء السوريين والانسحاب الآمن من سوريا والعراق؟ لماذا يطلب النظام السعودي ثمن هزيمته في سوريا واليمن ولبنان والعراق، عبر العزف على الوتر الإسرائيلي والاستقواء به، لنزع سلاح حزب الله، والسلاح الفلسطيني المقاوم، وسلاح الحشد الشعبي في العراق، من بوابة التصعيد مع سوريا ومنع استقرارها، في وقتٍ بات الجميع يراقب العلاقات السعودية – الإسرائيلية وخدماتها “الجليلة” في دفع الدول العربية نحو التطبيع المذل، كما فعل في قيادة “صفقة القرن” – صفقة العار وتسويقها؟
هل يعكس توتر أعصاب المندوب السعودي وفلتان لسانه شعور المرارة التي يعانيها نظامه، جراء هزائمه في اليمن بالتوازي مع اقتراب سقوط مأرب، أو نتيجة هزائم أزلام البخاري في لبنان، أو تقدم إيران في مفاوضاتها وملفها النووي مع الولايات المتحدة والدول الغربية، وارتفاع احتمال التوصل إلى اتفاق جديد، بالتوازي مع الانسحاب المرتقب للقوات الأميركية من العراق مع نهاية العام الحالي، ناهيك بالخطوات المهمة التي نفّذتها سوريا في كسر الحصار والخروج من العزلة التي ساهمت السعودية في فرضها عليها، واقترابها من حسم ما تبقى من معارك الحرب الكونية عليها، عبر استعادة الأمن والأمان، وإعادة الإعمار، وإطلاق دبلوماسية العفو والمصالحات، وعودة الكثيرين إلى حضن الدولة السورية؟
هل هناك علاقة بين تصعيد المندوب السعودي وحظوظ محمد بن سلمان لاعتلاء العرش السعودي، عبر تقديم أوراق اعتماد يعتقدها بسذاجة مطلباً أميركياً أساسه التصعيد في سوريا؟ هل يعكس ما تفوَّه به المندوب السعودي رأي أسياده في الرياض؟ وهل تتحمل السعودية طلباً سورياً رسمياً وشعبياً باستقالة هذا المندوب على غرار “الدبلوماسية” السعودية التي طالبت باستقالة الوزير جورج قرداحي في لبنان، أو سيتم تحميله المسؤولية الفردية، وسيدخل التاريخ في طريقة محاسبته على طريقة النظام السعودي الخاصّة؟
التعليقات مغلقة.