وقائع ومحطات مؤلمة / ابراهيم ابو عتيلة
ابراهيم ابو عتيلة ( الأردن ) الإثنين 20/6/2016 م …
لن أقول هرمنا كما قالها التونسي في بداية ما سمي الربيع العربي ، تلك العبارة التي عودتنا بعض الفضائيات على تكرارها ، فالهرم واقع وأمر لا بد منه مع تقدم العمر وشيخوخة الفكر ، فتقدم العمر أمر لا بد منه ، ولكن شيخوخة الفكر وهي ما يعاني الكثيرون منه علماً بأنها الأكثر خطورة والتي تؤدي إلى هرم من نوع آخر ، هرم لا يؤثر على صاحبه فحسب بل يتجاوز ذلك ليؤثر على المجتمع بصفة عامة ، وشيخوخة الفكر مرض يعاني منه الكثيرون في عالمنا العربي ، فمن أضاع بوصلة النضال والجهاد نحو فلسطين والقدس لا شك هَرِم ، ومن شارك أو هادن أو ناصر الصراع الطائفي والمذهبي لا شك هَرِم ، ومن جسد قطريته وتناسى قوميته لا شك هَرِم ، من خان قضايا وطنه وأمته لا شك هَرِم ، ومن هادن وساير وحالف قوى الصهيونية والامبريالية لا شك هَرِم ، ومن تنكر لفلسطين وسورية والعراق وليبيا واليمن لا شك هَرِم ، وبالرغم من القول بأن الشعب العربي في أقطار العرب المختفة هو شعب فتي ، إلا أن الواقع يشير بأن حالة الهرم اضحت واقعاً وناقوساً يدق أبوابنا ويصم آذاننا، فمحرك القطرية فعال ومحرك الطائفية والمذهبية يعمل بكل قوة عدا عن فعالية التنكر للعروبة والقومية وفلسطين كما هو حاصل من حالات التنكر لما يحصل في سورية والعراق واليمن وليبيا ، وكل ذلك يصاحبه ابتهاج صهيوني وتمدد استعماري بأشكال ووجوه مختلفة .
حالة من الوهن تطغى على عالمنا العربي مصحوبة بحالة من الشك بقدراتنا على التحرر من كل حالات الهرم التي تثبط عزائمنا ، وحالة من القرف والغثيان نحس بها ونحن نتابع كل ما يجري من حولنا والوقائع المرتبطة بذلك كثيرة ، فمن كان يتصور : –
• الخلاف والانقسام الفلسطيني الفلسطيني وما يصاحب ذلك من مزايدات تصم الآذان من قبل المتحدثين باسم الإمارة وباسم السلطة على حد سواء ، متناسين الوضع الذي يعانيه الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية ، مزايدات وألفاظ واتهامات سوقية وتبجح بشرعية مزعومة في وقت سقطت كل شرعيتهم بانقضاء المدة التي انتخبوا من أجلها ، فلا تفضيل لأحد على الآخر فيما يتعلق بالشرعية .. انقسام أكد بأن رغبة الطرفين بالمغانم والمناصب أكثر من رغبتهم بمقاومة الاحتلال مما أدى إلى توفير الاحتلال للكثير من الجد والمال وتسيد الموقف بكل سهولة ، وانحسرت المقاومة وحالات الردح المتبادل مستعرة الأمر الذي يؤدي بمن يسمع ذلك الردح ويفكر بالانقسام غير المبرر إلى القرف من كل ما يجري .
• ترؤس الكيان الصهيوني للجنة القانونية المنبثقة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة وهو الكيان الذي ما التزم يوماً بالقانون الدولي ولا اعترف به والشواهد على ذلك كثيرة وكأن ما حصل يثبت دون أدنى شك مقولة ” حاميها حراميها ” التي باتت تنطبق تماماً على هذه الحالة ، ومما يؤسف له أن دعاة حقوق الانسان والقانون الدولي هم من أفرزوا الكيان الصهيوني ليمثلهم بتمثيله للمجموعة الاوروبية في هذا الموقع الحساس ، فلم يكفهم خلقهم للكيان الصهيوني من البداية فهاهم يستفزون العرب والمسلمين والدول النامية وكل دعاة القانون الدولي الحقيقيين .. ورغم ذلك فما زال البعض من العرب والفلسطينيين يراهنون على الموقف الاوروبي والدولي في ارجاع الحقوق المسلوبة أو بعض منها للشعب الفلسطيني .. أمر لا شك مؤلم ومثبط ومقرف .
• مشاركة وفد من السلطة الفلسطينية ومن منظمة ” التحرير ” الفلسطينية في اجتماعات مؤتمر هرتسيليا المعني باستراتيجية أمن الكيان الصهيوني ، ويخرج علينا الوفد ومن كان يمثله من منظمة وسلطة وتنظيم متبجحاً بأن هذه المشاركة تأتي كوجه من أوجه النضال الفلسطيني وممارسة الاشتباك السياسي مع الكيان الصهيوني من خلال المؤتمر المذكور فالتطبيع والمشاركة في مناقشة طرق الحفاظ على أمن العدو سُمي عند من حضر وشارك بالاشتباك السياسي .. حقاً انه لأمر مؤلم ومقرف .
• تدمير وتقتيل بالجملة يمارس في عدد من الدول العربية ، وجهاد يتم تحويل وجهته من مقاتلة الصهاينة لمقاتلة أخوة في البلد والعروبة والدين حتى لو اختلفت طوائفهم ، فمن ليبيا الى اليمن والعراق وسوريا نرى القتل يستشري ويستمر وكأن من يقوم بذلك يستهدف تحقيق نبوءة بن غوريون عند إنشاء الكيان الصهيوني بأن استمرار هذا الكيان يرتبط بتدمير ثلاثة دول عربية بشكل اساسي وهي سوريا والعراق ومصر .. فالعرب تناسوا العدو وضرورة مقاتلته وتوجهوا لمقاتلة بعضهم بعضا واصبح الكيان الصهيون ملجأ لما يسمى بممثلي المعارضة السورية ومن فكره ينهلون … أولا يفوق ذلك كلمة الألم وكلمة ” مقرف ” ؟
لن أسهب في الأمثلة أكثر من ذلك ، فما يحدث في عالمنا العربي جعله اشبه بمستنقع من الإحباط والنزاع والطائفية ، وجعل كل منا يفكر بنفسه فقط غير آبه بما يحدث في محيطه العربي ، وكل ذلك لا يخدم إلا بالضرورة إلا جهة واحدة فقط وهي الصهيونية … فهل نتعظ ؟؟؟؟
التعليقات مغلقة.