اسرائيل و حرب حزيران العدوانية عام 1967 والقانون الدولى / د.غازي حسين
د.غازي حسين ( فلسطين ) الثلاثاء 21/6/2016 م …
مرت في هذه الايام الذكرى 49 لحرب حزيران العدوانية , والتي سجلت فشل النظام العربي الرسمي في الحرب والدبلوماسية , وكذلك فشل الامم المتحدة بتطبيق المبادئ الواردة في الميثاق والقرارات التي اتخذتها الجمعية العامة ومجلس الامن الدولي بخصوص الانسحاب الاسرائيلي الشامل من جميع الاراضي العربية و تفكيك جميع المستوطنات .
اظهرت السنوات الماضية ان الكيان الصهيوني استخدم القوة العسكرية لتحقيق الخرافات والاكاذيب والاطماع التي رسخها كتبة التوراة والتلمود والمؤسسون الصهاينة , وظهر على حقيقته ككيان استعمار استيطاني وارهابي و عنصري يرفض الانسحاب حتى الان من الاراضي الفلسطينية و السورية واللبنانية المحتلة .
نجح العدو الصهيوني بمساعدة امريكا ودول اوربا الغربية من تحطيم القوة العسكرية العربية , ولكنه لم ينجح في تحطيم الارادات العربية , الى ان جاء السادات ووقع اتفاقات الاذعان في كمب ديفيد .
جاءت الحرب العدوانية بعد صعود المد القومي والرغبة في التنمية والتطور وتحقيق الوحدة العربية , وبعد اتفاق امريكا والكيان الصهيوني على اشعال الحرب واهدافها وتقديم الدعم الاميركي للاحتلال الاسرائيلي للاراضي العربية داخل الامم المتحدة وخارجها حتى يومنا هذا . لذلك لا يزال العدو الاسرائيلي يرفض الانسحاب من الاراضي الفلسطينية و السورية و اللبنانية المحتلة .
كانت نكسة حزيران 1967 بعد نكبة 1948 وحرب السويس العدوانية عام 1956 خطة اميركية – صهيونية لتدمير الوطن العربي واستنزاف ثرواته واقامة “اسرائيل العظمى” الاقتصادية من خلال تصفية قضية فلسطين , ومشروع الشرق الاوسط الجديد الذي طرحه شمعون بيريز بعد توقيع اتفاقات الاذعان في اوسلو ووادي عربة .
واندلعت المقاومة الفلسطينية وعجز النظام الرسمي العربي عن الاضطلاع بمسؤولياته بسبب مواقف بعض الحكام العرب وعلى رأسهم انور السادات والرئيس المخلوع حسني مبارك .
بدأ الخلل وانحراف بعض الزعماء العرب واستجابتهم للاملاءات الاميركية والاسرائيلية والاوروبية بعد نكسة حزيران وبعد توقيع اتفاقات الاذعان مع العدو الصهيوني ، وبدأ عصر الخنوع لارادة العدو الصهيوني وشرعنة سلطة الخونة والعملاء والمتصهينين والفاشلين . وبدأت مساعي استئصال وجود الامة العربية القومي والانساني والغاء دورها الطبيعي في الوطن العربي واشغال بعض البلدان العربية في فتن طائفية ومذهبية وعرقية وحروب اهلية لنهب ثروات الامة العربية والغاء دورها في العصر الحديث وفرض الهيمنتين الاميركية والصهيونية عليها . وفشل العديد من الحكام العرب في الحفاظ على الحقوق الوطنية والقومية لشعبنا العربي . وتنازلوا عن الحقوق الوطنية الثابتة غير القابلة للتصرف لشعبنا العربي الفلسطيني وفي مقدمتها عروبة فلسطين وحق عودة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم .
ان “اسرائيل” كيان استعمار استيطاني وارهابي وعنصري ، ومغتصب للارض والحقوق العربية ، وقام باستخدام القوة العسكرية وارتكاب الحروب العدوانية والمجازر الجماعية وتهجير اليهود في فلسطين وترحيل العرب منها وعلى اراضي وممتلكات واشلاء الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية.
ان القانون الدولي وميثاق الامم المتحدة وبقية العهود والمواثيق الدولية تحرّم استخدام القوة في العلاقات الدولية باستثناء حالتي الدفاع عن النفس ومقاومة الاحتلال ، وتمنع نقل السيادة على الاراضي المحتلة لدولة الاحتلال , كما لا تجيز لدولة الاحتلال ضم الاراضي المحتلة او اجزاء منها او الاستيطان فيها او تغيير معالمها . فالحروب العدوانية والاحتلال العسكري والاستعمار الاستيطاني وممارسة الارهاب و العنصرية و التطهير العرقي جرائم واجراءات محرمة وباطلة ولاغية قانونيا ويعاقب عليها القانون الدولي ، وبالتالي فإن استمرار الاحتلال لا يضفي الشرعية عليه مهما طال الزمن ، لان ما بني على باطل فهو باطل .
ان استيلاء “اسرائيل” على فلسطين والجولان ومزارع شبعا والمالكية والمنارة واقامة المستعمرات اليهودية عليها انتهاك جسيم لمبادئ القانون الدولي وميثاق الامم المتحدة وقرارات الشرعية الدولية , وشكل ويشكل عقبة كأداء في اقامة السلام العادل والشامل وتحقيق التنمية والتطور والديمقراطية في المنطقة .
شجعت امريكا “اسرائيل” على التمسك باحتلال الاراضي العربية والاستمرار في بناء المستعمرات وممارسة الارهاب و القتل و التدمير بدعمها داخل الامم المتحدة وخارجها وتقديم احدث انواع التكنولوجيا العسكرية و المساعدات الاقتصادية لها ، وتبني مخططاتها لتصفية قضية فلسطين وتسويقها لبعض الملوك والرؤساء العرب و السلطة الفلسطينية .
ووضعت الادارات الاميركية “اسرائيل” المعتدية فوق القانون الدولي والعهود والمواثيق الدولية والامم المتحدة وقراراتها .
ان ميثاق الامم المتحدة يحرّم استخدام القوة في العلاقات الدولية , وبالتالي يحرم الحروب العدوانية كحرب حزيران عام 1967. وتعتبر الحروب العدوانية من اكبرالجرائم في القانون الدولي المعاصر ، وينص على معاقبة مرتكبيها وملاحقتهم والزامهم بدفع التعويضات عن الخسائر والاضرار التي تلحقها الدولة المعتدية بالدولة المعتدى عليها .
لقد اكد الكاتب الاسرائيلي ايلان بابيه في كتابه “التطهير العرقي في فلسطين” ممارسة “اسرائيل” للتطهير العرقي عام 1948 بترحيل 900 الف فلسطيني وتدمير 531 قرية عربية , وتستعد حكومة نتنياهو الاكثر فاشية في تارخ الكيان الصهيوني القيام بعملية تطهير عرقي جديد بحق فلسطينيي 1948 من خلال مقايضة الدويلة الموعودة بالتشطيب على حق عودة اللاجئين الى ديارهم والاعتراف بيهودية الدولة وتبادل الاراضي والسكان .
ان الرأي العام العربي والاسلامي يرفض فكرة التعايش مع كيان فاشي يمارس الارهاب و العنصرية، ولا يقيم وزنا لمفاهيم الحق و العدالة والانصاف والقيم الانسانية الحضارية . ويرفض الانسحاب من الاراضي الفلسطينية والسورية واللبنانية المحتلة بعد مرور 44 عاما على احتلالها . فالكيان الصهيوني والارهاب وجهان لعملة واحدة وهي الصهيونية , ولولا الارهاب و التطهير العرقي لما قامت “اسرائيل” التي ترجع الحروب وابادة العرب الى التعاليم التي رسخها كتبة التوراة و التلمود والحركة الصهيونية التي تؤمن ان الكتاب والسيف انزلا عليهم من السماء .
لقد كانت هيلين توماس عميدة الصحافة في البيت الابيض على حق عندما قالت ان على “اسرائيل” ان تحزم حقائبها وتعود من حيث اتت الى المانيا .
اثبت التاريخ البشري ان الاستعمار والاستعمار الاستيطاني والانظمة العنصرية مصيرها الى الزوال. زالت النازية من المانيا والفاشية من ايطاليا واسبانيا والعنصرية من روديسيا والبرتغال والاستعمار الاستيطاني الفرنسي من الجزائر ونظام الابارتايد من جنوب افريقيا ومصير الكيان الصهيوني ككيان استعمار استيطاني ونظام عنصري الى الزوال .
التعليقات مغلقة.