موقف الحزب الشيوعي الأردني من الإنتخابات النيابية المقبلة … عُدتنا لمواجهة الاستحقاق الانتخابي القادم !
الأربعاء 22/6/2016 م …
الجماهير – جريدة الحزب الشيوعي الأردني …
يستعد حزبنا الى جانب القوى الوطنية والديمقراطية لخوض الانتخابات النيابية القادمة وهو مدرك تمام الادراك لطبيعة النظام السياسي الذي يعيش ويعمل في ظله، ولمظاهر القصور الفاضحة للديمقراطية البورجوازية (إن سلمنا بوجودها أصلاً) لأن الديمقراطية عموماً، بحسب المفهوم اللينيني، لا وجود لها في المجتمعات الرأسمالية، بل هناك ديمقراطية “بورجوازية حصراً”، وكذلك للوظيفة التي ينهض بها البرلمان في المجتمعات الرأسمالية كونه احد مؤسسات الديمقراطية البورجوازية وكأداة من أدوات الطبقات الرأسمالية لإدارة السلطة وفقاً لمعيار أساسي هو ضمان مصالحها. ومدركين أخيراً لطبيعة المرحلة التي يمر بها بلدنا (مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية ولموازين القوى التي تنحاز راهناً لصالح الطبقات والشرائح الرأسمالية التابعة، وللقوى الرجعية والمحافظة.
وبعيداً عن أية اوهام تتعلق بإمكانية أن تسّلم اطراف التحالف الطبقي الحاكم طواعية بقانون إنتخاب يضعف هيمنتها على المجلس النيابي، مارس حزبنا مع القوى الوطنية والديمقراطية ومنظمات إجتماعية مختلفة ضغوطاً، هي بالتأكيد لم تكن كافية، على الحكومة التي هي مؤسسة غير محايدة لتضمين القانون أقصى ما يمكن من أحكام تشكل في مجموعها ضمانات تكفل إجراء انتخابات حرة ونزيهة، وتعكس تمثيلاً صادقاً وصحيحاً لمكونات المجتمع الأردني وقواه السياسية كافة.
وبفضل هذه الضغوط أمكن التوصل الى قانون انتخابات كانت إستجابته لمطالب الأحزاب والقوى والشخصيات الوطنية والتقدمية جزئية، تمثلت في الغاء الصوت الواحد، وأقر مبدأ القائمة النسبية المفتوحة، ووسّع الدائرة الإنتخابية لتشمل الحدود الإدارية للمحافظة، باستثناء محافظات العاصمة والزرقاء واربد.
وفي موازاة هذه العناصر الايجابية، تضمن القانون عناصر سلبية، من أبرزها الغاء القائمة النسبية المغلقة على قاعدة اعتبار البلاد بأسرها دائرة إنتخابية واحدة، مما يتيح المجال للقائمة أن تستقطب أصوات المؤيدين لها على الصعيد الوطني، ويمنحها فرصاً أفضل للوصول الى قبة البرلمان. إضافة الى ان القائمة المغلقة تعطي الأفضلية المطلقة للبرنامج وليس للمرشح، الأمر الذي يجعل المنافسة بين القوائم على أساس البرامج التي تتبناها، وليس على أساس المواصفات الشخصية للمرشحين، وبالتالي يعلي من شأن وأهمية الأحزاب في الحياة السياسية، ويطبع الانتخابات بطابع سياسي، ويقلل الى حد بعيد من دور ومكانة المكونات الطائفية والعشائرية والفئوية في العملية الانتخابية .
ولهذا السبب نجد ان المشهد الانتخابي، كما كان في الانتخابات السابقة التي جرت على أساس الصوت الواحد، لم يتعرض لأي تبديل يذكر، حيث ما زالت العشائر تنافس الأحزاب على تشكيل القوائم، ولا زالت هي العامل الحاسم والمقرر في تشكيلها، وستلعب التحالفات فيما بينها عاملاً مقرراً في نجاح هذه القائمة او تلك، وإن كان من الصعب أن تنتزع قائمة بعينها كامل المقاعد المخصصة للدائرة الانتخابية.
من هنا، فإن الصعوبات والعراقيل التي كانت تحول دون تمكن الاحزاب من الظفر بمقاعد في المجلس النيابي، لا زالت قائمة، بل ربما تزايدت.
في ظل هذه الصعوبات تخوض الاحزاب السياسية، وخاصة احزاب المعارضة اليسارية والقومية، الانتخابات النيابية القادمة. وليس هناك أمام هذه الأحزاب من سبيل لتجاوز هذه الصعوبات والتغلب عليها، ولو جزئياً، الا بأن يغلّب كل حزب مصلحة تشكيل قائمة قوية ومقنعة على أي مصلحة حزبية ضيقة. وهذا يحتاج منها بأن تدقق كثيراً فيمن تختارهم ليخوضوا الانتخابات بأسمها، بحيث يأتي الانتماء للحزب في آخر درجات سلم المواصفات النضالية والمسلكية والسياسية والعلاقات الواسعة الممتدة مع الجماهير.
من جهته، يخوض حزبنا هذه الانتخابات ساعياً لبناء أوسع تحالف وطني ديمقراطي قوامه الاحزاب والشخصيات وممثلو القوى اليسارية والقومية، يتسلح ببرنامج واقعي مقنع يعالج مختلف القضايا التي تؤرق القطاعات الشعبية الواسعة وتشغل اهتماماته، ويطرح شعارات واضحة ومفهومة للناس، يلتفون حولها ، ويمنحون من يتبناها ثقتهم. والأهم فإن حزبنا يعتقد بأن التحالف الانتخابي يمكن أن يمهد الأرضية المناسبة لبناء تحالف سياسي واسع يقود العمل باسم الاحزاب والقوى والشخصيات اليسارية والقومية لمرحلة ما بعد الانتخابات، سواءً من داخل البرلمان و /أو من خارجه.
حزبنا يسعى لايصال اكبر عدد ممكن من مرشحي الاحزاب والشخصيات والقوى اليسارية والقومية الأردنية من اجل اعاقة التدابير غير الشعبية التي تقدم عليها السلطة، والتصويت ضد مشاريع القرارات والتوجهات غير الشعبية، والتقدم بأسئلة واستجوابات، واقتراح مشاريع قوانين وتعديلات لمنظومة التشريعات الاقتصادية والاستثمارية، وبالقوانين المتعلقة بشؤون العمال والفلاحين والشرائح الشعبية، وبقضايا حماية العاطلين عن العمل وإغاثة الأسر الشعبية بتقديم القروض الميسرة لها، وبكل ما له صلة بالصحة والتعليم، وتبني مطالب الحركة النقابية الديمقراطية والحركات العمالية الشعبية.
في ضوء قانون الانتخابات، فان التوقعات المتعلقة بنتائج السباق الانتخابي نحو قبة البرلمان جدّ متواضعة. وهي ستكون اكثر تواضعاً فيما لو نكثت الحكومة بوعودها باجراء الانتخابات في ظل مناخ من الحياد والنزاهة وتأمين فرص شبه متكافئة للمرشحين كافة ، وخاصة في مجال تحديد سقف للإنفاق على الحملات الانتخابية، وفي منع استخدام المال الاسود (وليس السياسي) في الدعاية الانتخابية.
الحراك الذي سيترافق مع الانتخابات، والدعاية الانتخابية، يشكل فرصة لا تسنح في الاوقات العادية لإحداث تبدل في المزاج الشعبي، وفي زيادة الفاعلية السياسية للجماهير الشعبية وشدها اكثر للعمل السياسي والحزبي المنظم، وفي مزيد من التعريف ببرامج الاحزاب وتوجهاتها وبما تنشده من اهداف على المدى القريب والمتوسط والبعيد.
وفي هذا السياق على الهيئة المستقلة للانتخابات ان تتنبه الى حقيقة أن الانتخابات ستجري في فترة فوران العواطف الدينية مع حلول عيد الاضحى وأداء فريضة الحج الذي يمكن أن يستغلا بشكل كبير من جانب بعض القوى التي تنتمي لتيار الاسلام السياسي والاخوان وتوظيفهما في سياق الترويج لمواقف سياسية واكتساب مزيد من الاصوات للقوائم المدعومة من قبل هذا التيار السياسي، الذي درج وما زال على استخدام الدين والمؤسسات الدينية ولا سيما دور العبادة، لتكريس الهيمنة على عقول ملايين بسطاء المؤمنين… على الهيئة والحكومة على حد سواء مراقبة سلوك قوى الاسلام السياسي وعدم منحهم أي أفضلية على سواهم من القوى السياسية.
نتطلع لأن يسفر السباق الانتخابي القادم عن مجلس نيابي مختلف عمّا سبقه من مجالس نيابية، تشكلت منذ عام 1993، يمثل الاطياف السياسية والمجتمعية كافة، تحتل فيه احزاب وقوى وشخصيات المعارضة الوطنية واليسارية والقومية موقعاً أفضل من أي مجلس نيابي سابق.. يحتفظ باستقلاليته المنصوص عليها في الدستور، يرفض الانسياق وراء الحكومة ولا يخضع لسطوتها ونفوذها، ويواجه أي تدخل من قبلها في شؤونه وصلاحياته وفي مقدمتها الرقابة الحقيقية والحثيثة على الآداء الحكومي، والمساهمة في صنع القرار وخاصة الاقتصادي من خلال قانون الموازنة الذي يقره البرلمان ولا احد سواه.
التعليقات مغلقة.