هل سينفذ الحوثيون تهديداتهم بضرب معرض “اكسبو” الاقتصادي الدولي العملاق في دبي؟ ولماذا غاب الأمير بن سلمان عن قمة أبو ظبي الرباعية؟ / عبد الباري عطوان
مشاركة
عبد الباري عطوان – الجمعة 28/1/2022 م …
* ما هي التطورات الأربعة التي رصدناها ويمكن ان تقلب المعادلات في الأيام المقبلة؟
ما زالت ردود الفعل على الغارة التي شنتها حركة “انصار الله” الحوثية اليمنية بالصواريخ والطائرات المسيرة على مدينتي أبو ظبي ودبي فجر يوم الاثنين الماضي تتواصل على كافة الصعد السياسية والعسكرية في المنطقة، لتغييرها، والاخرى التي سبقتها الأسبوع الماضي، قواعد الاشتباك، والقائها صخرة كبيرة في بحيرة الحرب اليمنية التي دخلت مرحلة من الركود، مع اقترابها من دخول العام الثامن.
نحن نتحدث هنا عن أربعة تطورات رئيسية وأساسية لا بد من التوقف عندها في هذا الملف:
الأول: القمة الرباعية التي انعقدت اليوم الأربعاء في أبو ظبي بمشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي قام بزيارة مفاجئة الى الامارات، الى جانب كل من الشيخ محمد بن زايد ولي عهد ابو ظبي، والشيخ محمد بن راشد حاكم دبي، والملك حمد بن عيسى عاهل البحرين الذي حضر خصيصا للانضمام اليها، وكان لافتا غياب الامير محمد بن سلمان، ولي عهد المملكة العربية السعودية، او من ينوب عنه لهذه القمة.
الثاني: تهديد العميد يحيى سريع، المتحدث باسم القوات العسكرية الحوثية، بأن معرض “اكسبو” الذي تستضيفه امارة دبي هذه الأيام قد يكون احد اهداف الغارات المقبلة.
الثالث: مواصلة ألوية العمالقة المدعومة اماراتيا في تصعيد حربها ضد القوات الحوثية وتحقيق مكاسب في محافظتي شبوه ومأرب، فبعد سيطرتها على الأولى أعلنت امس سيطرتها على مديرية حريب في مأرب، مما يعني ان الامارات لن تتوقف عن دعمها أولا، ولن تطالب بوقف تقدمها نحو المدينة الاستراتيجية، وهو التقدم الذي استدعى القصف الحوثي للإمارات لأول مرة منذ سبع سنوات.
***
لا نعرف أسباب غياب ولي العهد السعودي، او من ينوب عنه، في القمة الرباعية التي انعقدت في أبو ظبي، وكانت الهجمات الحوثية على الامارات على قمة جدول اعمالها، خاصة ان الاخيرة تتزعم “التحالف العربي” وشريك أساسي ووحيد للامارات في هذه الحرب التي اشعلت فتيلها قبل سبع سنوات، فهل هذا الغياب عائد الى حدوث خلافات بين الشريكين، أي الامارات والسعودية؟ وهل هناك خلاف أيضا بين مصر والسعودية في هذا الملف، او قضايا إقليمية أخرى؟ والسؤال الأخير في هذه المسألة هو عما يمكن ان تقدمه مصر للامارات لحمايتها من غارات حوثية قادمة؟
اطلاعنا على بيانات الرئاسة المصرية حول هذه القمة الرئاسية بين لنا انها لم تتحدث مطلقا عن أي مساعدة عسكرية للامارات، واكتفت بالقول “ان الرئيس السيسي اكد تضامن بلاده حكومة وشعبا مع الامارات تجاه الحادث الإرهابي الأخير الذي اسفر عن مقتل واصابة عدد من المدنيين، وتطابق وجهات النظر بين البلدين على تسوية النزاعات عبر الحلول السياسية، مؤكدا ان مصر ستظل دائما الشريك المحوري للامارات في المنطقة”.
مصر منذ اليوم الاول للحرب في اليمن اكدت انها لن تشارك فيها بريا او بحريا او جويا، ونأت بنفسها بالكامل عن التورط فيها لأنها تعرضت للدغة كبيرة جدا من هذا الجحر اليمني عندما تدخلت في الستينات في الحرب، وخسرت ما يقرب من 30 الف جندي، والاهم من ذلك خسرت بعدها حرب عام 1967 بسبب استنزافها فيها، وسياسة النأي بالنفس والاكتفاء ببيانات التضامن هذه قد تستمر مهما تعاظمت الهجمات الحوثية على الامارات والسعودية.
التطور الرابع الذي لم نذكره الى جانب التطورات الثلاثة التي ذكرناها آنفا، ويمكن وصفه بأنه الجديد، وربما الأكثر اهمية، هو التصريح الذي ورد على لسان السيدة لانا نسيبة مندوبة الامارات في الأمم المتحدة، وقالت فيه “ان الامارات تبحث تطوير قدراتها الدفاعية بعد هجمات شنتها جماعة الحوثي اليمنية المتحالفة مع ايران في الوقت الذي ستستمر فيه (الامارات) في التواصل الدبلوماسي مع طهران لتقليل التوتر الإقليمي”.
الامارات وقعت او اسقطت في حفرة عميقة نجحت في الخروج منها عام 2019 عندما سحبت معظم قواتها من حرب اليمن، والخطأ الكبير المزدوج الذي ارتكبته في رأينا عودتها “الغامضة” الأسباب اليها، وسقوطها في مصيدة التطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي ومبالغتها في العودة للحرب اليمنية عبر بوابة مأرب والتطبيع مع الأخيرة.
***
السيدة لانا نسيبة لم تقل اين تبحث حكومتها عن تطوير قدراتها الدفاعية بعد الهجمات الحوثية الأخيرة ومع من، ونأمل ان لا تكون تقصد شراء منظومات القبب الحديدية الإسرائيلية التي ثبت فشلها في حرب غزة الأخيرة، فاذا كانت منظومات صواريخ “ثاد” الموجودة في قاعدة الظفرة الامريكية وراداراتها، فشلت في رصد الصواريخ الحوثية والطائرات المسيرة المصنعة في كهوف صعدة، وبالتالي اسقاطها قبل الوصول الى أهدافها، فهل ستنجح هذه القبب؟
الشق الآخر والايجابي من تصريحها تأكيدها على استمرار حكومتها في التواصل الدبلوماسي مع طهران لتقليل التوتر الإقليمي، فمفتاح الحل للحرب اليمنية موجود في صنعاء وطهران، واذا تعذر الوصول اليهما فالانسحاب منها، وبأسرع وقت ممكن هو الأكثر فاعلية، وفعلتها الامارات في المرة الأولى، ويمكن ان تفعلها في المرة الثانية، وتنسحب كليا وتترك الجمل بما حمل لشريكها السعودي الذي اشعل فتيلها، وتصحيح خطأ، او بالأحرى خطيئة، التطبيع بالانسحاب من اتفاقيته، فهذا هو الطريق الأقصر لتعود واحة للأمن والاستقرار في المنطقة، مثلما كان عليه حالها منذ استقلالها قبل نصف قرن تقريبا.. والله اعلم.
التعليقات مغلقة.