اختفاء 5 آلاف داعشى من سرت أمام قوات “البنيان المرصوص”.. “طرابلس” معركة “داعش” المقبلة

 

الخميس 23/6/2016 م …

الأردن العربي … بدأت قوات تابعة لحكومة الوفاق الوطنى الليبية التى تتخذ من القاعدة البحرية “أبوستة” بالعاصمة طرابلس مقرا لها، فى محاربة تنظيم الدولة “داعش” فى عقر مقرها الرئيسى مدينة سرت خلال الأسبوعين الماضيين، وتمت تسمية القوات المسلحة التابعة لحكومة الوفاق باسم “البنيان المرصوص” وهى خليط من مجموعة من الميليشيات العسكرية النظامية التابعة لمدينة مصراتة وبعض الميليشيات المسلحة التى تكونت بعد ثورة فبراير، وبعض ميليشات التيار الإسلامى واختارت اسمًا ذا دلالة إسلامية لتتجنب الخلاف على مسمى الجيش وذلك لوجود قيادة الجيش الليبى بالمنطقة الشرقية بقيادة الفريق خليفة حفتر من جهة، والذى لا تزال الخلافات بينه وبين رئيس حكومة الوفاق التى لم تمنح الشرعية من البرلمان الليبى حتى الآن، ومن جهة أخرى للالتفاف حول شكل وعقيدة مصطلح “الجيش” المتعارف عليه عالميًا بمنتسبين نظاميين فقط، إرضاء لبعض الميليشيات غير التابعة للعسكريين.

وفى غضون أيام ، أعلن المركز الإعلامى لقوات “البنيان المرصوص” أنها استعادت مواقع عدة من تنظيم “داعش” فى سرت بينها معسكران، معقل المسلحين الذى يبعد مسافة 450 كيلومترا عن شرق العاصمة طرابلس.

وأعلن المركز الإعلامى لقوات حكومة الوفاق عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعى:”قواتنا تسيطر على معسكر تاقرفت بالكامل، فيما تقوم سرية الهندسة العسكرية بتمشيطه، وإزالة الألغام التى زرعتها عصابات داعش قبل فرارها”.

كما أعلن المركز الإعلامى بعد أسبوع فقط أن المواجهات أسفرت عن وقوع 6 قتلى و15 جريحا من قوات عملية “البنيان المرصوص”، وأنه تمت أيضا استعادة معسكر الجالط، إضافة إلى جسر وتقاطع قصر بوهادى، الذى يؤدى إلى المدخل الشرقى لسرت، وكان تنظيم “داعش” استولى على المدينة بشكل كامل منتصف 2014.

فى حين أفادت مصادر شعبية من داخل سرت مقتل الإرهابى حامد الزليتنى، مسئول “ديوان الحسبة والزكاة” بتنظيم داعش، دون إشارة ما إذا كان قتل جراء الغارات الجوية أو خلال الاشتباكات.

كما ذكرت قوات البنيان المرصوص على صفحتها عبر موقع “فيسبوك”، أنها تمكنت من “تحرير بلدة هراوة الساحلية 70 كلم شرق سرت بعد طرد مقاتلى داعش منها”، حسب قولهم.

وأشارت أن السيطرة على “هراوة” جاءت بعد شن هجوم كبير من المحور الجنوبى والشرقى بعد اشتباكات مع مقاتلى تنظيم داعش.

وفى رواية أخرى، ذكرت مصادر إعلامية ليبية أن تنظيم الدولة الإرهابى انسحب من بلدية هراوة بعد شن طيران مجهول غارات عنيفة ومكثفة.. لتحقق القوات التابعة لحكومة الوفاق الليبية، مكاسب مهمة منذ بدء العمليات العسكرية لانتزاع سرت من قبضة “داعش” وتمكنت من السيطرة على المحطة البخارية وعلى قاعدة القرضابية الجوية، وأصبحت داخل المدينة.

وبرغم تداول أنباء عن وجود غطاء جوى أمريكى لقوات “البنيان المرصوص” فإن حكومة الوفاق تنفى هذه الأنباء، وتصفه التقارير الصحفية الغربية بالضربات الجوية مجهولة الهوية لتمركزات داعش داخل سرت.

سرعة تقدم قوات “البنيان المرصوص” تؤكد أنهم لم يحاربوا مقاتلى داعش التى كانت تقدر أعدادها بالمدينة بأكثر من 5000 مقاتل، مما يؤكد المعلومات التى نشرتها “الأهرام العربى” فى فبراير الماضى عن خطة داعش لمواجهة الضربات الجوية الغربية لسرت بانتقال مقاتليها كخلايا نائمة بالعاصمة طرابلس، واستخدام الانسحاب التكتيكى من سرت لمصلحة التمركز فى العاصمة طرابلس للاحتماء بالكثافة السكانية وإطالة أمد الحرب، ومحاولة السيطرة على أول عاصمة عربية لرفع الروح المعنوية لمقاتليها بعد تكبدهم خسائر باهظة فى معركتهم فى مدينة بنغازى الذى استمرت عامين، استطاع خلالها الجيش الليبى دحر جميع مقاتلى الإرهاب وتحرير المدينة من قبضة التنظيم.

اختفاء مقاتلى داعش

إن اختفاء عناصر تنظيم داعش الإرهابى وسياراتهم المسلحة بشكل مفاجئ يظل لغزًا يحتاج إلى إجابة، فقد تمكنت قوات “البنيان المرصوص” من الدخول لمدينة سرت دون مقاومة تذكر عدا بعض المناوشات الخفيفة من بعض جيوب مقاتلى التنظيم.

وأنه إذا تمكنت قيادات وعناصر التنظيم من الهروب من مدينة سرت بهذا الشكل المفاجئ، فإنه يؤكد وجود خطة بديلة للتنظيم، فقد كانت داعش فى سرت شبحًا يؤرق العالم بأسره.

وفى ظل الاستفهام العسكرى لسرعة نجاح السيطرة على أجزاء كبيرة من مدينة سرت بعدد قتلى وجرحى لا يذكر، بدأ المركز الإعلامى للقوات التابعة لحكومة الوفاق الليبية فى تغيير بياناته الإعلامية بشكل مفاجئ، ليعلن أن حصيلة الجرحى من القوات التابعة لها فاق الـ 400، مطالبا فى بيان صادر عنه المجتمع الدولى بالوفاء بتعهداته لحكومة الوفاق المقترحة بتوفير الدعم الطبى اللازم والعاجل لقواته التى تقاتل التنظيم، بعد أسبوع من إعلانه أن عدد القتلى 6 والجرحى 19 فقط، فى محاولة لجعل معركة سرت انتصارا كبيرا على تنظيم داعش وليس انسحابا تكتيكيا من مقاتليها.

خطة داعش لنقل المعركة إلى طرابلس

وفى تصريح خاص لـ”الأهرام العربي”، أكد مصدر استخباراتى رفيع تابعا للجيش الليبى،  الذى لم يشارك حتى الآن فى معركة سرت، بأنهم يتابعون تحركات مقاتلى داعش منذ أشهر، وأن معلوماتهم الاستخبارية تؤكد أن أعداد مقاتلى داعش داخل سرت كانت تقدر بـ5000 مقاتل بخلاف الأعداد التى فرت من بنغازى للالتحاق بالتنظيم فى سرت، تسرب معظمهم إلى العاصمة طرابلس بجانب بعض المقاتلين الذين لحقوا بهم من مدينة صبراتة فى الغرب الليبى، وأن التقديرات تشير إلى وجود أكثر من 8000 إرهابى داخل طرابلس بمعاونة الميليشيات المسلحة للتيار الإسلامى المتشدد، بجانب أعداد أخرى تم جلبها عبر مطار “ميعتيقة” بطرابلس والذى تسيطر عليه ميليشيا الجماعة المقاتلة بقيادة عبدالحكيم بلحاج من سوريا عبر تركيا.

وأشار المصدر العسكرى الليبى إلى أنه تم رصد بعض الخلايا النائمة لمقاتلى داعش داخل بعض أحياء العاصمة، وادى الربيع وجنزور وحى الأندلس وقرقارش وغوط الشعال،  تختبئ داخل الأحياء وتؤجر منازل، وذلك يتم تحت سمع وبصر القوات الشرطية التى تنتمى للجماعة المقاتلة.

تأتى تصريحات المسئول العسكرى بالتأكيد على انتقال أغلب مقاتلى داعش إلى مدينة طرابلس متزامنة مع تصريحات بعض المسئولين الغربيين.

فقد صرح بيتر كوك المتحدث باسم البنتاجون: “نحن نراقب الوضع عن كثب فى سرت وما نراه يشجعنا”.

وأضاف كوك أن التقدم فى سرت “يشير إلى أن حكومة الوفاق الوطنى تتقدم، وفى حال تمكنت الحكومة من القيام وحدها بطرد تنظيم داعش، من دون دعم عسكرى غربى، هذا سيكون تطورا مرحبا به”، وأكد ضرورة ملاحقة مقاتلى تنظيم داعش فى باقى المدن الليبية.. فى إشارة غير علنية لتوافد الكثيرين  منهم إلى العاصمة طرابلس.

وترى الولايات المتحدة فى هذا التقدم العسكرى للقوات الحكومية خطوة إيجابية لحكومة الوفاق الوطنى المدعومة من المجتمع الدولى، وستشكل خسارة سرت انتكاسة كبيرة للتنظيم، إذ أنها كانت القاعدة الرئيسية له فى ليبيا.

أما وزير الخارجية الإيطالى باولو جينتيلونى،  فقد أكد خلال كلمة ألقاها أمام لجنة برلمانية مشتركة فى مجلسى النواب والشيوخ الإيطاليين فى روما الأسبوع الماضى ضرورة الاتفاق مع القائد العام للجيش الفريق خليفة حفتر فى إطار الاعتراف بحكومة الوفاق الوطنى.

وفيما يتعلق بالمعركة ضد تنظيم الدولة “داعش” فى مدينة سرت قال جينتيلونى، إن المعركة فى تقدم ملحوظ لمصلحة قوات المجلس الرئاسى، معتبرًا أن ذلك لا يعنى أن تحرير المدينة أصبح قريبا، وأشار إلى أن عدد عناصر التنظيم تراجع إلى النصف، مستغربا أين اختفى الآلاف من مقاتلى داعش؟

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.