استراتيجيات التفاوض السياسي / حسين خلف موسى




حسين خلف موسى – السبت 29/1/2022 م …

أمد/ تعد المفاوضات من أولى وسائل حل المنازعات الدولية والداخلية وهى وسيلة تقتصر في اغلب الأحوال على أطراف النزاع أنفسهم وان كان يمكن التفاوض بواسطة طرف ثالث .. وهى وسيلة تضرب بجذورها في أعماق التاريخ  باعتبارها وسيلة لتقليل أو لإزالة حد التوتر أو الأزمات والحقيقة نحن نعيش اليوم في عصر التفاوض ، فاغلب أنشطة حياتنا وما ينجم عنها من خلافات قد أصبح في حاجة للتفاوض لكي نتمكن من تحقيق أهدافنا ومصالحنا المتناقضة دائما وأبدا .. وتظهر ضرورة علم التفاوض ومدى الأهمية التي يستمدها من العلاقة التفاوضية القائمة بين أطرافه أي ما يتعلق بالقضية التفاوضية التي يتم التفاوض بشأنها وتلك هي الزاوية الأولى. أما إذا نظرنا إلى الزاوية الثانية وهي زاوية الحتمية. نجد أن علم التفاوض يستمد حتميته من كونه المخرج أو المنفذ الوحيد الممكن استخدامه لمعالجة القضية التفاوضية والوصول إلى حل للمشكلة المتنازع بشأنها. فالتفاوض في جوهرة ليس إلا تبادل وجهات النظر حول مسالة أو موضوع معين فهو إذن نوع من الاتصال أو الترابط أو التبادل أو الاجتماع الذي يفترض بطبيعة الأشياء وجود أكثر من طرف .

فكل طرف من أطراف القضية التفاوضية لديه درجة معينة من السلطة والقوة والنفوذ لكنه في الوقت نفسه ليس لديه كل السلطة أو النفوذ أو القوة الكاملة لإملاء إرادته وفرضها إجباريا على الطرف الآخر ومن ثم يصبح التفاوض هو الأسلوب الوحيد المتاح إمام الأطراف التي لها علاقة بالقضية وتريد الوصول إلى حل لها. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن التفاوض يمثل مرحلة من مراحل حل القضية محل نزاع إذ يستخدم في أكثر من مرحلة وغالبا ما يكون تتويجا كاملا لهذه المراحل. فالتفاوض كأداة للحوار يكون اشد تأثيرا من الوسائل الأخرى لحل المشاكل. فالعمل العسكري أو الحرب وإن كانت أسرع في فرض الإرادة إلا أنها لا تمثل نهاية المطاف فالحرب لا تؤثر في قهر الخصم وتدمير عزيمته.لذا يعد التفاوض مخرجا نهائيا نحو الاستقرار وإن كان يجب التحفظ قليلا للتأكد من صدق النوايا والتأكد من القدرات والقوى التوازنية التي تملكها الأطراف المتفاوضة. وهو كذلك انتصار للعقلانية المدركة لكافة الأمور والأبعاد تستخدم فيها أسلحة الحوار ومقارعة الرأي والحجة بالحجة والدليل بالدليل ومن ثم يكون الوصول إلى نتائج نهائية يقنع بها الأطراف

وللتفاوض عديد من الاستراتجيات والتكتيكات  والمفاوض الماهر يوظف العديد من الوسائل معا ليستفيد منها في تحقيق أهدافه وإشباع حاجاته المنظمة ا و الدولة التي يمثلها في موضوع التفاوض ، وهذه الوسائل تشمل مجموعة من الاستراتجيات والأساليب اهمها :

إستراتيجية تعظيم الفائدة  المتبادلة :

هذه الإستراتيجية تسعي الى إيجاد بدائل وحلول مقبولة لكافة أطراف العملية التفاوضية وتطوير التعاون وتعميق العلاقة القائمة وتوسيع نطاق التفاوض ومده الى مجالات جديدة سواء عن طريق : إيجاد وسيلة لزيادة الموارد موضوع الخلاف أو التفاوض  وأن يتحقق احد الإطراف أهدافها  ولكن بتكلفة اقل للطرف الآخر

2-  إستراتيجية الهيمنة :

هذه الإستراتيجية تتضمن محاولة طرف إقناع الطرف الآخر بقبول حلول بدائل تحقق مصلحته بالدرجة الأولي تتضمن هذه الإستراتيجية استخدام تكتيكات للضغط والإنهاك والاستنزاف في محاولة للسيطرة وإخضاع الطرف الآخر مثل : تقديم مطالب تفوق بكثير الحد الأدنى المطلوب  والتمسك بموقف ” غير قابلة للتغيير  و الجدل لإقناع الطرف الآخر أن التنازلات في مصلحته .و استخدام التهديدات ( مثلا بالانسحاب من المفاوضات او فرض عقوبات علي الطرف الآخر لرفضه

3-  إستراتيجية الخنوع :

هذه الإستراتيجية تتضمن تقليص الأهداف والمطالب المطروحة على مائدة المفاوضات والمبادرة بتقديم التنازلات بهدف سرعة حسم المشكلة أو القضية وإنهاء المفاوضات سريعا

4- إستراتيجية التسويف

هذه الإستراتيجية تعمل علي المماطلة وكسب الوقت وتفويت الفرصة بهدف تعطيل المفاوضات أو أطالة أمدها  على اعتبار أن الزمن سيكون هو العامل الأكثر تأثيرا في القضية أو المشكلة موضوع التفاوض وكذلك في سير العملية التفاوضية وإداراتها .

أهم استراتجيات التفاوض الرئيسية في المجال السياسي

تقوم معظم الاستراتجيات التفاوضية في المجال السياسي على منهجان هما :         منهج المصلحة المشتركة    و منهج الصراع  وكل منهج له عدة استراتيجيات  وإن كلا من المنهجان له استخدماته في أوقات محدده طبقا لظروف ونوعية التفاوض والعلاقة القائمة بين أطرافه والمفاوض الجيد هو الذي يعرف الإستراتجية المناسبة للموقف التفاوضي ومن خلال  تبنى إستراتيجية معينة يقوم باجرء العملية التفاوضية من خلاله ومن القدرة على التنوع بين الاستراتيجيات المختلفة إذا تطلب الأمر هذا

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.