د. صبري الربيحات يكتب: حديث في المواطنة
لا اعرف بدقة كيف يفهم الناس في بلدي المواطنة. البعض يستخدمها كمفردة في جمل اللوم والعتاب. الاخوة والجيران يرددون المصطلح عندما يضطرون للتعبير عن عدم رضاهم من سلوك او مظهر او ممارسة فيقولون “من واجبات المواطن ان يبلغ عن المشاهدات المسيئة او المخلة بالنظام”.
في حالات اخرى يجري الحديث عن حقوق المواطنة في الجنسية والمعرفة وتلقي الخدمات وفي حالات اخرى يجري استدعاء المصطلح لاتهام البعض بعدم الانتام او التنكر او لتقسيم الناس الى مطيعين وعاصين.
لا زلت غير متأكد من طبيعة فهم الشباب لمعنى المواطنة واذا ما كانوا يحملون تعاريف متقاربة او نتشارك واياهم في التعريف..حتى الذين امتلكوا من الحظ ما يكفي لوضعهم على مسرح الاحداث يتلاعبون بالتعريف لينسجم مع رؤيتهم ومواقعهم ومراكزهم فلا غرابة ان تجد احدهم متهربا من خدمة العلم ويصر في كل مناسبة على تقديم نفسه كمشروع شهيد…. بالنسبة لهؤلاء المواطنة والحديث فيها وفي وعن اشكال اظهارها والتعبير عنها هي اللعبة التي يتقنها من لا يضطروا ان يقعوا تحت سلطة القانون او يكيفوا سلوكهم بمقتضى متطلباته.
الانتهازيون يبالغوا كثيرا في الحديث عن المواطنة التي يرونها من المسافة التي تجلب لهم النفغ وتحول دون ان يقترب من مكاسبهم احد… الكتاب الذين يكتبون بشغف او للتسميع والارضاء وتسديد الفواتير يتباينون هم الاخرون في تعريفهم للمقصود بالمواطنة وكذلك العامل والمتقاعد يختلفان حول المفهوم الى ان تتغير الاحوال.
حقيقة الامر ان المواطنة لا تعرف بملكية الفرد لارض ولا حصوله على رقم وطني فحسب او مقترنا بعنوان سكن .. ولا باقتناء نسخة مكبره عن صورة الاب المنزوعة من بطاقه الهوية.
انها اكثر من التلويح بعلم…و اقتناء نسخة من الدستور…. كما انها تتجاوز عشق المنسف… وتسميع اغاني سميرة توفيق وعمر العبداللات وحفظ اشعار حيدر محمود وحبيب الزيودي وكلمات الاغاني التي كتبها ماجد الزريقات.
المواطنة لا تتجسد بامتلاك الحق في الحصول على الكوبونات المدعومه…. خصوصا بعدما تدهورت الاحول واصبح غالبية السكان مستوفون للشروط.
لا اظن انها مرتبطة باقتناء الصحون الخاصة بالزيت والزعتر. ولا وجود فلدة عسكرية و كوفية حمراء على رفوف خزائن الملابس
دفتر تاجيل خدمة علم لا يكفي للبرهنة عليها ….ولا كوشان الارض الميري… وبطاقة المؤسسه…وكمبيالات بنك اسكان…. المواطنه لا تعرف بلون السياره الكوريه المستعمله..ولا ببكرج القهوة السادة.
المواطنة حقوق …وواجبات….وحب…..وانتماء…..واتصال صادق مسؤول بين من يقودون الامه…..وكل مكوناتها….المواطنة علاقة تشبع الروح وتغذي النفس بالاعتزاز والفخار وتدفع الفرد لعمل كل ما بوسعه ليحيا الوطن.
التعليقات مغلقة.