هكذا يعاملون ذوي الإحتياجات الخاصة في ألمانيا … جمعية ” مينا ” نموذجا / مهند إبراهيم أبو لطيفة

مهند إبراهيم أبو لطيفة ( فلسطين ) – الثلاثاء 8/2/2022 م …




في الثالث عشر من شهر ديسمبرعام 2006، جرى التوقيع في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، على إتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة أو الإحتياجات الخاصة، وقد أكدت هذه الإتفاقية على الحق الطبيعي لهذه الفئة، بالتمتع بكامل الحقوق الإنسانية والسياسية، واحترام ودعم وكفالة آدميتهم ، وتقدير معاناتهم والتحديات التي يواجهونها نتيجة المرض والحوادث أو الإعاقة بفعل عوامل الوراثة، وركزت على أن إحترام كرامتهم يتطلب توفير كافة السبل المادية والمعنوية لتسهيل إنخراطهم في مجتمعاتهم وممارسة حياتهم بشكل طبيعي قدر الإمكان.

وبالرغم من أن هناك كثير من الدول في العالم تقدم خدمات كبيرة جدا لهم ومنها بعض الدول العربية، إلا أن هناك تقصير كبير جدا من ناحية باقي الدول، وعجز نسبي ناتج عن الظروف السياسية والإقتصادية ، خصوصا التي تعرضت لنزاعات وحروب وصراعات مثل العراق، ليبيا، لبنان، سوريا، اليمن، وقطاع غزة.

من الصعب الحصول على إحصائيات دقيقة حول عدد ذوي الإحتياجات الخاصة في الدول العربية، أو بين اللاجئين الذين إضطروا لمغادرة أوطانهم والقدوم إلى ألمانيا، ولكن حسب المعلومات التي لاحظتها كثير من المنظمات والمؤسسات العاملة في هذا المجال، فهي أعداد كبيرة جدا، بعض التقديرات غير الرسمية تتحدث عن نسبة 20 % من مجموع المعاقين في ألمانيا، وأهم ما يميزها أنهم يعانون من الإعاقة الشديدة على كافة المستويات الجسدية والنفسية، نتيجة الإهمال وغياب الرعاية الصحية والنفسية لفنرات طويلة.

لمتابعة ظروف ذوي الإحتياجات الخاصة ، وخصوصا العرب منهم، قمت بزيارة واحدة من أهم الجمعيات العاملة في مجال رعاية ذوي الإحتياجات الخاصة من مختلف الأصول والأجناس من ألمان وغيرهم، وخصوصا المهاجرين ومن هم من أصول غير ألمانية، واجريت – في برلين- بعض الحوارلت مع السيدة ” اكنور غوموش” رئيسة الهيئة الإدارية، وبعض العاملين العرب معها، واطلعت عن كثب على ظروف عملهم، وادون هنا جزءا منها:

ذكرت السيدة أكنور أن  الجمعية تأسست في شهر اكتوبر من عام 2010 في برلين ، وركزت منذ البداية على العمل مع المهاجرين في مجال الرعاية الصحية والتعليم خصوصا لذوي الإحتياجات الخاصة، حيث تقدم لهم ولذويهم رعاية شاملة عبر المشورة في جميع مجالات الحياة ، وإتاحة الفرضة لهم للمشاركة في مشاريع وبرامج إجتماعية وثقافية ورياضية وترفيهية لكافة الأعمار، وتسعى دائما لإشراك الأهل في هذه الفعاليات لتخفيف الأعباء عنهم وتوثيق علاقتهم الأسرية.

تتلقى الجمعية دعم من الحكومة الألمانية، وتعتمد بشكل كبير على المتطوعين والأهالي، وتسعى لتمثيلهم لدى الدوائر الحكومية واللجان المحلية ، وتقوم بتنظيم ورش عمل في بعض المدن الألمانية الأخرى لنقل تجاربها وخبراتها. وبالرغم من الإهتمام الكبير بذوي الإحتياجات الخاصة، إلا أنها تطالب بمزيد من الإنفتاح الثقافي وتوسيع دائرة الخدمات وتسهيل عملية الإستفادة منها وتخفيف البيروقراطية.

السيد طه الطوقي، ويعمل منذ سنوات في مجال رعاية اللاجئين من ذوي الإحتياجات الخاصة من العرب، أكد على أهمية تقدير إحتياجاتهم ومعاملتهم الخاصة، وتوفير القوانين التي تؤمن حقوقهم، وأن يتم دعمهم بشكل مبكر، ومتابعة رعاياتهم، وهي غالبا إحتياجات مركبة، نفسيا وجسديا، عائليا وقانونيا، إضافة للوضع الصحي الصعب، واشار إلى أن الحالات التي تعامل معها خلال عمله كانت غالبا في غاية الصعوبة، بسبب حاجز اللغة، وعدم إستيعاب القوانين الألمانية، وأن الإجراءات تأخذ أحيانا بعض الوقت مما يتطلب الصبر والمتابعة والتجاوب مع الدوائر والمؤسسات، وتوفير الأوراق الثبوتية اللازمة والتقارير ونتائج الفحوصات الطبية، وأبدى حزنه الشديد من أن هذه الفئة من المواطنين تعاني معاناة مضاعفة نتيجة اضطرارها للهجرة واللجوء، مع كل ما تعانيه من صعوبات وتحديات وعوائق.

بدوره أشار السيد محمد الطاهري، أن أساس عملهم هو المادة الثالثة من الدستور الالماني، التي تؤكد على أن جميع الأشخاص متساوون أمام القانون من الرجال والنساء، وتدعم الدولة  التنفيذ الفعلي لهذا التشريع، دون تمييز على أساس العرق، الجنس، النسب، اللغة، الموطن، أو الأصل أو المعتقد، أو الدين، أو الأفكار الدينية أو السياسية، وتمنع الإستهانة بأي شخص بسبب عجزه.

وحول طبيعة عمله ذكر السيد الطاهري، أنه يعمل في قسم خاص تموله الوزارة الإتحادية للعمل والشؤون الإجتماعية ملحق بالجمعية، من أهدافه الأساسية: دعم ذوي الإحتياجات الخاصة وتسهيل إندماجهم المجتمعي وخصوصا التعليم والتأهيل والعمل، إضافة للحياة الثقافية وباقي جوانب الحياة العامة،وركز على أهمية أن يتم دعم المعاقين للحصول على فرص عمل، خصوصا أن الدولة توفر حوافز لأصحاب العمل الذين يقومون بتشغيلهم، ولأهمية الإستفادة من خبراتهم، وأشار إلى مثال هام، حول إمكانية أن يعمل حتى الكفيف المتخصص في الضرائب في مجال عمله، وأنه يمكن أن توفر له الدولة مساعد يقوم بالجلوس إلى جانبه ويؤدي الوظائف الجسدية نيابة عنه وتحت إشرافه، ودعا ذوي الإحتياجات الخاصة للتحدي والشجاعة ، والإنتصار على ظروفهم الصحية قدر الإمكان، ولا يجب أن تكون الإعاقة تعني توقف الحياة.

يتكون طاقم عمل الجمعية من عدد كبير من المتخصصين في مجال الرعاية الإجتماعية من الرجال والنساء، وتشرف عليه السيدة ” يلدز اكغون”، وهي من مؤسسات الجمعية وساهمت في إعداد الكثير من البرامج لمساعدة ذوي الإحتياجات الخاصة، وتتولى التنسيق مع عدد كبير من المؤسسات الرسمية والحكومية للدفاع عن حقوقهم، إضافة لعضويتها في لجان  تساعد صانع القرار في ألمانيا في سن قوانين تسهل معيشتهم، كما تتابع بشكل ميداني عمل الرعاية اليومية للمراجعين ، ولها باع طويل في عمل الرعاية الإجتماعية، وتتولى السيدة ” نيلهان ألبدوغان ” ، نائبة رئيس الهيئة الإدارية، وتتولى مهام إدارية  في مركز الجمعية، والإشراف على العمل البيروقراطي اليومي.

تقدم الجمعيات خدماتهها بعدة لغات منها التركية، الألمانية، العربية، الإنجليزية، الفرنسية ، وتؤمن مترجمين للغات أخرى عند الحاجة مثل الفارسية والإسبانية والروسية ، وتشرف على رعاية الأمهات والنساء التركيات: السيدة ” حواء صادق ” وهي صاحبة خبرة طويلة خصوصا في رعاية النساء ،و”ميرفي ايسر” ، والسيد  “جم تاسيلين” لقسم الرجال ، و “بحري بينربي ” للأمور التنظيمية الخاصة بالجمعية، إضافة للسيدة ” نجلا يولوغلو ” وهي متخصصه برعاية البنات  المراهقات من ذوي الإجتياجات الخاصة، ومن طاقم الجمعية السيدة ” لاورا شوندرماير” وهي ألمانية تتقن اللغة العربية وتتعاطف كثيرا مع المراجعين العرب ، وقدمت لهم الكثر من العون والمساعدة.

ويساهم طاقم إضافي  متعدد الأصول واللغات ، متخصص بنقل وتعميم تجربة الجمعية على مستوى الولايات الألمانية، وينظم الندوات والمحاضرات وورشات العمل في هذا المجال عبر الزيارات الميدانية أو عبر الإنترنت خصوصا في مرحلة الكورونا.

أما عن الخدمات المباشرة للجمهور فهي تتم عبر مجموعات منها :

مجموعات المساعدة الذاتية للنساء والبنات وأولياء الأمور، مجموعة لمرضى التوحد وأخرى للمرضى النفسيين، فريق كرة سلة للمعاقين، فرقة مسرحية، فرقة موسيقية، إضافة لمكاتب الرعاية اليومية المباشرة والتي تساعد ذوي الإحتياجات الخاصة وعائلاتهم في تقديم الطلبات وتعبئة الإستمارات، وتوفير أجهزة ومعدات طبية مساعدة مثل الكرسي المتحرك والكرسي الكهربائي والاطراف الصناعية، الأسرة الطبية ، المتابعة مع الدوائر الحكومية والتأمين الصحي، المساعدة في إيجاد سكن مناسب، فرص عمل، تأهيل وتعليم وأماكن متابعة الدراسة، توعية عامة بالقوانين والحقوق، وكل ما يتعلق بتنظيم شؤون المعيشة من معاملات، وترسل الجمعية مندوبين عنها في بعض المناطق في برلين للعمل الميداني الخارجي ، بهدف الوصول لأكبر عدد ممكن من المعاقين بشكل أسبوعي ودوري، إضافة لبعض الأنشطة الترفيهية والإحتفالات التي تُنطم غالبا في حديقة صيفية خاصة بالجمعية خارج مكاتبها.

أجريت بعض المقابلات مع عدد من المراجعين للجمعية من العرب، وتحدثوا عن أملهم أن تقوم البلدان العربية بالإهتمام أكثر بزملائهم المتواجدين هناك، ومتابعة حالاتهم وزيادة التوعية بظروفهم، والتواصل معهم ومع ذويهم ، واخراجهم من عزلتهم، وقدروا عاليا ما يقدمه النظام الإجتماعي والصحي والتشريعي في ألمانيا لهم بالمقارنة، وروا حكايات محزنة جدا عن معاناتهم  قبل وصولهم لألمانيا، وخلال مراحل اللجوء المختلفة، ولاحظت أن أعدادا كبيره جدا منهم يعاني من آثار نفسية تركت بصماتها على سلوكهم .

ويمكن بأمانة القول أنهم وصلوا إلى ألمانيا في حالة يرثى لها– خصوصا الأطفال والشباب- نتيجة غياب الرعاية الصحية والنفسية والإجتماعية لسنوات طويلة، مقارنة بنظرائهم الألمان أو المقيمين لفترة طويلة في ألمانيا أو اوروبا، حتى أن كثير من الحالات ما كان لتتدهور إلى هذه الدرجة لو توفر لها الإهتمام المناسب والمتابعة.

بشكل عام يمكن الحديث عن أن عددا من الجهات في ألمانيا تشترك في رعاية المعاقين  ونقديم الخدمات والتسهيلات، وهي:

1 – شركات التأمين الصحي

2- مكاتب العمل الحكومية

3- شركات التأمين ضد الحوادث

4- مؤسسات ودوائر الضمان الإجتماعي التقاعدي

5- مؤسسات رعاية ضحايا الحرب

6- دائرة رعاية الشباب الحكومية

7- دائرة الشؤون الإجتماعية لذوي الدخل المحدود

8- ةزارة العمل والشؤون الإجتماعية

9- دائرة خاصة تم استحداثها لتقبل الشكاوي الخاصة بالمعاقين وذويهم

يضاف إلى هذا الجهد، برامج عديدة تقوم بها منظمات ومؤسسلت أهلية وشبه حكومية، منها على سبيل المثال: الصليب الأحمر الألماني، منظمة كاريتاس، منظمة الأفو، والدياكوني.

كما يوجد عدة دوائر مسؤولة عن تقديم الإستشارات والدعم وهي :

1 – الرابطة الإتحادية لذوي الإحتياجات الخاصة

2 – الرابطة الإتحادية للمكفوفين

3 – الرابطة الإتحادية للصم

4 – إتحاد مساعدة الأشخاص ذوي الإحتياجات الخاصة

5 – الرابطة الإتحادية لطوي الإعاقة البدنية والمتعددة

أسست التشريعات والقوانين المعمول بها في ألمانيا، لهذه الحالة المتقدمة من الرعاية بذوي الإحتياجات الخاصة ومنها:

أولا: الدستور الألماني ، أو القانون الأساسي

ثانيا: إتفاقية الأمم المتحدة حول حقوق الأشخاص ذوي الإحتياجات الخاصة

ثالثا: القانون العام للمساواة ، والذي ينص على منع التمييز ضد الأشخاص ذوي الأشخاص ذوي الإحتياجات الخاصة وغيرهم من الفئات.

رابعا: القانون الإتحادي للمساواة في المعاملة والذي يحدد ضوابط للمؤسسات العامة في كيفية التعامل معهم

خامسا: قوانين وتعليمات أخرى لتسهيل الإندماج في الحياة العملية، والحماية من الفصل التعسفي ، والحفاظ على مكان العمل والوظيفة، وامتيازات إضافية تتعلق بالإجازات والعُطل.

تلخيصا للوضع العام يمكن الإشارة إلى بعض الجوانب الإيجابة الأخرى ومنها:

بطاقة الإعاقة: بالإمكان الحصول على كرت أو بطاقة تؤكد أن صاحبها من ذوي الإحتياجات الخاصة ،  بعد تقديم طلب لدائرة الرعاية الصحية، وبعد أن تقوم لجنة خاصة بدراسة الحالة ، وفحص الشخص، ثم يتم منحه درجة أو يُصنف بمستوى معين حسب حالته، وهذا التصنيف يحدد مستوى ومقدار الخدماتوالتسهيلات والدعم المادي اللازم. يُطبع على البطاقة نسبة الإعاقة من 10 لغاية 100 درجة، وحروف ترمز لنوعية الإعاقة ، حركية أو سمعية، أو نفسية، أو بسبب فقدان البصر …الخ.يُعتبر كل شحص يحصل على درجة 50 فما فوق من ذزي الإعاقة الشديدة، ولا يحتاج للإنتظار في الطوابير ولا الوقوف في وسائل النقل، وبامكانه عند عرض بطاقته أن يؤمن له مكان للجلوس في جميع وسائل النقل حتى لو استدعى الأمر أن يقف من يجلس على كرسي برغم دفعه للأجره ليجلسه مكانه.

الرعاية الصحية:عبر التأمين الصحي الإلزامي للجميع، ويمكن إضافة تأمينات خاصة عند الحاجة، ويتم تغطية جميع تكاليف العلاج والإقامة في المستشفيات والعمليات، والأدوية، والأجهزة المساعدة كالأطراف الصناعية مثلا، والعلاج الفيزيائي، وتخفيضات عند الإقامة الطويلة في المستشفيات.

الرعاية المنزلية:يشمل الدعم توفير رعاية منزلية عبر مؤسسة أو أفراد، وهناك من يقوم بالمساعدة في تنظيف البيت اسبوعيا، والمساعدة في النظافة الجسدية، والتسوق مثلا وغيرها من الأمور، ويمكن توفير شخص يساعد في الشؤون الإدارية والمراسلات والتعامل مع المؤسسات الحكومية الرسمية ، وفي حالات خاصة يوفر التأمين أمكانية تجهيز الشقة أو المنزل ليسهل على المعاق الإستحمام والحركة.

النقل والمواصلات:الإعفاء من تكاليف النقل في وسائل النقل العامة، وتخفيضات على تذاكر السفر بالطيران، وفي حالات خاصة يمكن أن يسافر المرافق بالقطارات مع المعاق مجانا، وتراعي البلديات أن تكون الممرات والشوارع اسهل للحركة والتنقل خصوصا لمن يجلس على كرسي متحرك، وأغلب المؤسسات الحكومية تراعي هذه الإعتبارات، ويمكن أن يتم تخصيص موقف خاص للسيارات أمام مكان السكن أو بالقرب منه، أو كرسي متحرك كهربائي، وهناك خدمة التوصيل المجاني للاطباء والمستشفيات ومراكز العلاج، المدارس والجامعات وورش العمل الخاصة والأنشطة الثافية، ولتمكين شخص معاق من الدخول إلى حافلة الباص أو القطار يتم إيقاف الحافلة أو المقطورة بالكامل  – بغض النظر عن عدد الركاب – وينزل السائق ليتيح للشخص المعاق إمكانية الركوب، ويساعدة بنفسه، ويُعتبر ما يقوم به من ضمن عمله اليومي..

التعليم والدراسة: المجال مفتوح للتعلم والتأهيل منذ الطفولة ، مرورا بالحضانة لغاية الجامعة، مع توفير المنح الدراسية والتعليم المجاني، وهناك تسهيلات كبيرة للطلبة الجامعيين من المعاقين تتعلق بمدة الإمتحانات والوسائل المساعدة التي يُمكن الحصول عليها لإنتظام عملية التعلم وتسجيل المحاضرات، وتغطية تكاليف الكتب.

مصاريف المعيشة: توفير راتب شهري لذوي الدخل المحدود، أو العاطلين عن العمل، أو غير القادرين، يغطي المتطلبات الأساسية من مسكن ومأكل وملبس وتأمين صحي ـ ومبلغ لمن يساعده ويعتني به حسب مستوى ودرجة الإعاقة…الخ.

العمل والمهنة: بدأ من المشورة والمساعدة في إيجاد فرص عمل، وصولا إلى تحفيز أصحاب العمل ماديا لتوفير فرص عمل ، وهناك قوانين تحمي المعاقين وظيفيا، وتوفر لهم وسائل مساعدة للقيام بعملهم، ولهم إمتياز الحصول على عدة أيام إجازة إضافية، ويستفيد ذوي الإحتياجات الخاصة من نظام التقاعد، حتى أن من يعمل في ورشات خاصة بالمعاقين اللذين لا يمكن إستيعابهم في سوق العمل التقليدي، يستفيدون من هذا النظام  كاملا وبتقاعد مجزي ، غالبا بعد عشرين سنة.

السكن:يوجد منظمات تساعد في إيجاد سكن مناسب جماعي تحت إشراف ، أو فردي، وبعض شركات السكن تخصص نسبة من شقق الإيجار لهم.

الضرائب:إعفاءات وتسهيلات ضريبية منها مثلا عند شراء سيارة، أو عند تقديم الإقرار الضريبي السنوي، إضافة للإعفاء أو التخفيض على تذاكر المسرح والسينما والمتاحف والحدائق والعديد من الأنشطة والفعاليات الثقافية والرياضية، وبعضها أيضا عند السياحة في دول اوروبية كبرج “ايفل” في فرنسا.

وسائل الإتصالات: بالإمكان الحصول على وسائل الإتصال المساعدة للرؤية والسمع، ويتم إعفاؤهم من ضريبة أو فاتورة الهاتف والتلفزيون ، واحيانا يتم توفير مترجمين في لغة الإشارة.

الحياة الثقافية والإجازات: تتاح لهم فرص واسعة للمشاركة في الفعاليات والأنشطة الثقافية ، ويتم تأمين وسيلة نقل خاصة ذهابا وإيابا، وطبعا العضوية في جميع الجمعيات والمؤسسات دون تمييز، وفي بعض الحالات يتم تمويل إجازة سنوية مع تكاليف مرافق في الرحلة لمدة محدودة.

وفي لقاء جمعني مع المحامية السورية ” جالا الجزائري “، وهي تعمل في مجال الرعاية الإجتماعية، وتتولى حاليا مهمة تطوير برنامج جديد لذوي الإحتياجات الخاصة من الكبار في السن يسمى ” برنامج المرافقة في نهاية الحياة “، أن الحكومة الألمانية باتت تولي إهتماما خاصا بالحالات الصعبة جدا وتحديدا المرضى من كبار السن ومن ربما شارفوا على الوفاة حسب تقديرات الأطباء، من أجل توفير نوع من الرعاية لهم ومتابعة حالاتهم، ويتم اعداد دورات تأهيل  وتوعيىة للمهتمين في هذا المجال، لا سيما وأن نسبة الكبار في السن بين المهاجرين واللاجئين ارتفعت في السنوات الماضية في ألمانيا.

حقق نظام الرعاية للمعاقين في ألمانيا تقدما منذ عام 2006 تقريبا، مع بداية تخصيص مجالات الرعاية لتناسب الفرد أو الأفراد أكثر، بدلا من المعاملة الجماعية التي سادت سابقا مع تميزها. بالتأكيد كان للتجربة التاريخية تأثيرها على أوضاع المعاقين، وسعت ألمانيا لتعويضهم معنويا وماديا، وعدم السماح لتكرار التجارب المريرة التي عانوا منها، وبلا شك ساهم عدد من المعاقين أنفسهم وكثير من الاحزاب والقوى الإجتماعية الديمقراطية، عبر تنظيمهم ونشاطهم ومطالبهم  في سبيل تحقيق هذا المستوى من الرعاية والخدمات.

بالإجمال يتمتع ذوي الإحتياجات الخاصة في ألمانيا بظروف ممتازة، مقارنة بغيرهم في كثير من الدول، مع سلبيات يتحدث عنها العاملون في هذا المجال مثل:

البيروقراطية، تعقيدات في الإجراءات، نقص في الكوادر المتخصصة، وصعوبة نسبية في الوصول لبعض الدوائرالحكومية لمستخدمي الكرسي المتحرك ، وطول فترة الإنتظار قبل الحصول على بطاقة الإعاقة، ومنذ سنوات هناك صعوبة في إيجاد مسكن مناسب بسبب أعداد المهاجرين، وبعض ظواهر التمييز النادرة والمحدودة، أما عن اللاجئين بالذات من الدول العربية، فقد حصلوا على مساعدات كلفت الخزينة الألمانية مئات الملايين، ولا أبالغ بالقول أن أغلبهم دخل ” ورشة تصليح ” جسديا ونفسيا على حساب الخزينة الألمانية، بالرغم من مليارات العرب التي صُرفت هنا وهناك ولم يستفد منها أحد.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.