وَقفَةٌ أمامَ” مَوسوعة عَمَّان أيام زمان” / حنّا ميخائيل سَلامة
حنّا ميخائيل سَلامة ( الأردن ) – الأربعاء 16/2/2022 م …
مشروعٌ توثيقي ٌشَرَّع نوافذ على أدوار نموِّ عَمَّان وأطوار تقدُّمها وتوقفَ عند محطات وأحداث وانجازات مختلفة، رافق ذلك كلّه لقاءات مع شخصياتٍ عديدة عَقدَ المؤلِّف صلات مَعها وكان تضَوَّع عَبيرها في الآفاق للخَدمات التي أسْدَتها كما جميع المخلصين لعاصمتنا الغالية.
لقد أراد مؤلِّف موسوعة عَمَّان المؤرِّخ الباحث الأستاذ عُمر العَرموطي لفتَ الأبصار وتعميق الفَهْم وتعميم المعرفة بعاصمتنا الجميلة من خلال هذا التوثيق المُوَفَّق الذي جاء بعد جهود مُضنية وَسَهرٍ وبحث ميداني وكانَ صدرَ في عشرة أجزاء عَمل المؤلِّف على إتمامها بِغِيرةٍ وعزيمةٍ ومدفوعاً مِن عُمق انتمائه الوطني مُستلهماً هذا مِن والده طيِّب الذِّكر المرحوم محمد نزال العَرموطي “سنديانة عمان؛ الرَّجُل الذي علمنا كيف يكون الانتماء الحقيقي للوطن” كما أورد في إهداء الموسوعة لروحه الطاهرة.
لقد تابعتُ وأنا أقرأ أجزاء الموسوعة وصولاً لِلجُزأين التاسع والعاشر وقد خصَّهُما المؤلِّف ليكونا بمناسبة مرور مئة سنة على تأسيس الدولة الأردنية، تابعتُ ما كان يُكتَب عنها في وسائل الاعلام المختلفة وفي مقابلات ومِن خلال ندوات وحوارات فوجدت أقلاماً كثيرةً خاضت في غِمارها فأوسَعَتها تبياناً لمضامينها وسلَّطت الأنوار على معلومات وحقائق ومُذكِّرات تستحق الوقوف عندها لمزيدٍ من المعرفة ولاستخلاص العِبَر. إزاء هذا الواقع، حَملتني الرغبة أن أًجري قلمي فأعطي صاحب الموسوعة شيئاً من حقه،وقد عَرفته لِما يزيد عن عَقدين مِن الزمن قامة فِكرية نالت احترام الناس ومحبتهم لِما تتمتع مِن خِصالٍ حميدةٍ.وأُضيف إلى هذا، أنَّني قدَّرتُ في عُمَرَ خبرته القَلَميَّة التي دعَّمَها بالمطالعة المستمرة وتنقيب الكُتُب لتغذية الفِكر، لذا نراهُ وقد وضع نُصب عينيه أن يشتغل بالتأليف ليس لأهداف مادية، بل لخدمة المسيرة الثقافية ولتكون تلك المؤلفات بما في ذلك التوثيقية التي تُظهر البون الشاسع بين أمسِ عَمان وحاضِرها تحت أنظار المهتمين والراغِبين في تقصِّي تاريخ عاصمتنا ” القلب الدَّافِق” على حَدِّ وَصفه.
وجديرٌ القول، أنَّ الباحث الأستاذ عمر العرموطي قد انتصرَ لعَمانَ فتحفَّزَ خاطره وتوقدت عزيمته لإجراء مقابلاتٍ كثيرة اتسمت بالعَفوية والصراحة في سَردِ الذكريات مع رجالاتٍ مِن الرعيل الأول وشخصياتكان لها بصمات واضحة على مسيرة عمان وتطورها في ميادين مختلفة. هذا إلى جانب تحرُّكهِ بنفسه لتقديم بثٍ مُباشرٍ من مناطق عمان وجبالها وأحيائها وشوارعها وأدراجها، فتجده يتحدثُ بلغة المُتمَكِّن العارف بشؤون تلك المواقع وبجُذور تسمياتها ومراحل نموها وتقدمها وأحوالِ نَاسِها. متعاملاً في هذا كله مع الواقع كما هوَ ومن أفواه الناس.
وتجدر الإشارة إلى أن انتصارَ المؤلِّف لعَمانَ لم يُنْسِهِ محافظات أخرى فنجدها ومُدنها حاضرة في جوانبَ عديدة من ضِمن الموضوعات والمُذكَّرات والمقابلات المُخزَّنة في فصول الموسوعة.
بقيَ أن أُشير، إلى الصالون الأدبي الذي أقامه المؤلِّف ليستقبل فيه بين حينٍ وآخر شخصيات فكرية وأدبية وإعلامية حيث يجري تبادل الآراء وطرح الذكريات وتناول شؤون عامة بهدف نشر الوعي وتوسيع آفاق المعرفة. وهذا كله كان يوثق ونراه توزَّعَ ليُساندَ عناوين كثيرة في فصول الموسوعة لا سيما تلك التي تطرقت لِصُور ناصعة من التلاحم الوطني والوئام الديني والتآلف الاجتماعي.
أبارك للزميل الأستاذ الباحث المؤرخ عمر العرموطي جهوده المثمرة ونجاحه المشهود له في إخراج موسوعة” عمَّان أيام زمان ” للنور وقد جاءت بِلُغَةٍ سَهلة التراكيب جميلة السَّبْك ومعزَّزة بالصُّوَر حيثما اقتضت الحاجة التوثيقية ولمزيدٍ من الإيضاح.
كما أرى ضرورة أن تكون الموسوعة تحت أنظار مَن يعنيهم الأمر، ففيها مِن الملاحظات والخِبرات التي وردت في مقابلات متفرقة ما يدعم مسيرة التنمية والتطوير والتحسين لبلدنا الغالي.
التعليقات مغلقة.