أخطر وأدقّ المعلومات السرّية عن سماسرة بيع العقارات في القدس لليهود

 

الأحد 26/6/2016 م …

الأردن العربي … تكشف أحدث عملية تسريب عقارات الفلسطينيين في القدس المحتلة عن طبيعة وحجم النشاط الكبير الذي تقوم به جمعيات استيطانية يهودية لنقل ملكية هذه العقارات إليها بطرق مستترة، وفي مقدمتها جمعية “ألعاد” التي تتخذ من حي واد حلوة في سلوان مقراً عاماً لها، وتقود من هناك شبكة خطيرة ومعقدة من العملاء والسماسرة المحليين للاستيلاء على مزيد من عقارات المقدسيين ليس في سلوان فحسب، بل في البلدة القديمة أيضاً وفي أحياء متاخمة لها يعتبرها “الإسرائيليون” جزءاً مما يسمونه “الحوض المقدس”، وتشمل أحياء جبل الزيتون، الصوانة، الطور، الشيخ جراج، وواد الجوز.

ويتزعم هذه الشبكة اثنان من غلاة المتطرفين اليهود، الأول يدعى ديفيد بيري، الذي صدم قبل ثلاثة أعوام بسيارته متعمداً طفلين مقدسيين في العاشرة من عمرهما وقذفهما أمتاراً في الهواء مدعياً تعرضه للرجم بالحجارة من قبلهما. أما الثاني فهو أرييه كينغ، عرّاب الاستيطان اليهودي في القدس المحتلة، ويقطن في مستوطنة معاليه هزيتيم في قلب حي رأس العامود في القدس، ويقوم بجولات شبه يومية على أحياء في البلدة القديمة وما جاورها بحثاً عما يسميه “أملاكاً يهودية مغتصبة من قبل العرب لتخليصها منهم”.

ويتعدى نشاطه حدود البلدة القديمة وأحياءها إلى أحياء تُتاخم رام الله وتقع خلف جدار الفصل العنصري في كفر عقب وسمير أميس. وعادةً ما يدخل إلى هذين الحيين متخفياً ومستقلاً دراجة نارية، ليسلم عشرات العائلات الفلسطينية هناك إخطارات يُطالبها فيها بإخلاء منازلها لأنها شيدت على أراض مملوكة ليهود.

ويبدو أن عملية التسريب الأخيرة التي شارك فيها بيري وكينغ، وجهات ودوائر “إسرائيلية” شبه رسمية، كانت الأعقد، واستغرقت وقتاً طويلاً قبل أن يتم توقيعها في شهر يوليو/تموز الماضي، بعدما تم الإيقاع ببعض قاطني تلك العقارات والمقيمين فيها كمستأجرين، بالتعاون مع سماسرة محليين، من بينهم سمسار من بلدة الطيبة داخل فلسطين المحتلة عام 1948 كانت “الحركة الإسلامية” فصلته من صفوفها، فانتقل إلى العمل لصالح نجل الرئيس الفلسطيني طارق عباس واللواء ماجد فرج مدير المخابرات الفلسطينية، وعن طريقهم بيعت تلك العقارات إلى أوساط يهودية متطرفة.

وتحدثت بعض المعلومات عن تورط أحد الأشخاص من سلوان ذاتها، ويُقال إنه معتقل أمني سابق ومقرب من حركة “الجهاد الإسلامي”، وكان على خلاف مع زوجته، وهي شقيقة قيادي فتحاوي كبير، قام ببيع بيته إلى أحد الأشخاص من بلدة سلوان بنحو مليون شيكل، وحين انتهى خلافه مع زوجته حاول استرداد البيت إلا أن المشتري طلب ربحاً على صفقة البيع الأولى، وهو ما تم فعله، وبعدما استرد البيت قام بتأجيره، ثم أخلى قاطنيه منه، قبل أن يقتحمه المستوطنون، فجر الثلاثاء الماضي، من دون عناء.

وفي تقرير له عن ملابسات ما جرى، أصدر “مركز معلومات واد حلوة”، الثلاثاء الماضي، بياناً، أكد فيه أن “المنازل التي تم الاستيلاء عليها تتضمن (10 مبان وشققاً سكنية منفردة)، وتعود المنازل، حسب المعلومات المتوفرة للمركز لعائلات: بيضون، الكركي، أبو صبيح، الزواهرة، العباسي، الخياط، قراعين واليماني. ويتوقع أن تكون بعض المنازل قد سُربت من بعض السكان، بطرق ملتوية”.

ويستنكر المركز الهجمة الاستيطانية غير المسبوقة في البلدة، وقال في بيانه، إنه “حتى لو تم تسريب هذه المنازل السكنية فهي عملية استيلاء غير شرعية على المنازل العربية، فالتي تنفذها هي جمعية (العاد) الاستيطانية والتي تطبق وعلى مدار السنوات الماضية أجندتها بطرق مختلفة”.

ويطالب المركز السلطة الفلسطينية والمؤسسات والقوى الوطنية والإسلامية بمحاسبة المُسربين قانونياً وملاحقتهم، كما طالب السكان بمقاطعتهم.

ويلفت إلى أن عدد البؤر الاستيطانية في سلوان ارتفع ليصبح 29 بؤرة استيطانية، 26 منها في حي واد حلوة. ويشير إلى أن جمعية “العاد” استولت على أول منزل في سلوان عام 1987، ثم شنت حملة استيلاء واسعة عام 1991.

ويفيد مواطنون بأن حالة من السخط والغضب تسود أوساط السكان الفلسطينيين في بلدة سلوان حيال ما يصفونه بتقاعس السلطة الفلسطينية عن ملاحقة مسربي العقارات لليهود، مطالبين بإنزال أشد العقوبات بحقهم. فيما يجدد المفتي العام السابق للقدس والديار الفلسطينية، ورئيس الهيئة الإسلامية العليا، الشيخ عكرمة صبري، فتوى سابقة له بتحريم بيع العقارات لغير المسلمين، ومقاطعة من يتورط بيعها وتسريبها”.

وبدأ المواطنون في البلدة وأوساط رسمية فلسطينية تحركاً قانونياً لمحاولة إبطال الصفقة وكشف بعض ما خفي من تفاصيلها. وفي هذا السياق، التقى المحامي محمد دحلة، الذي عُهد إليه بمتابعة ملف العقارات المسربة في سلوان، مساء الثلاثاء الماضي، عدداً من العائلات التي سرّبت منازلها، وجرى فحص بعض الوثائق التي تظهر بعض عمليات الشراء والبيع، فيما سيشرع على الفور في اتخاذ إجراءات قضائية ضد كل من تورط بعملية التسريب ومحاولة إبطالها.

ويموّل المليونير الأميركي اليهودي إيرفينغ موسكوفيتش، المقيم في الولايات المتحدة، معظم عمليات الاستيلاء على عقارات المقدسيين في البلدة القديمة من القدس وأحيائها، إذ يرصد سنوياً نحو مئة مليون دولار لصالح الجمعيات الاستيطانية اليهودية الناشطة في مجال الاستيلاء على العقارات، ومن أبرزها “العاد” و”عطيرت كهانيم”. ويقود الجمعية الاستيطانية الأخيرة متتياهو دان، المعروف بتطرفه وبمسؤوليته عن الاستيلاء عن عشرات العقارات في البلدة القديمة، ويعدّ الذراع التنفيذية لموسكوفيتش، في القدس.

ويقول الباحث في شؤون العقارات والاستيطان في البلدة القديمة من القدس، هايل صندوقة، إن جمعيات الاستيطان هذه نجحت خلال العقود الثلاثة الماضية في الاستيلاء على أكثر من 70 عقاراً في البلدة القديمة، يقطنها حالياً أكثر من ألف مستوطن، إضافة إلى نحو 30 بؤرة استيطانية في سلوان، يقطنها قرابة المائتي مستوطن.

ويتهدد الاستيلاء عشرات المباني الأخرى، إن لم يكن المئات بعد تفعيل قانون “حارس أملاك الغائبين” على الأملاك الفلسطينية المتروكة في القدس، أو المملوكة لمواطنين فلسطينيين من أبناء الضفة الغربية يُنظر إليهم أيضاً كغائبين.

وكثيراً ما يوجه المقدسيون اللوم إلى السلطة الفلسطينية لتقصيرها في تخصيص الموارد المالية اللازمة لدعم صمودهم في القدس، والحفاظ على عقاراتهم وممتلكاتهم، ما يسهل تسريب هذه العقارات من قبل فلسطينيين تستغل “إسرائيل” وجمعياتها الاستيطانية ضائقتهم الاقتصادية الخانقة لتستولي على عقاراتهم من خلال سماسرة محليين يدّعون أنهم ينتمون إلى جهات وطنية أو إسلامية، ليكتشف هؤلاء بعد فوات الأوان وقوعهم ضحايا لعمليات تضليل مقصودة. وهو ما قد يتضح في صفقة التسريب الأخيرة، إذ يقول الفلسطينيون إن من اشتراها منهم هو شحص محسوب على “الحركة الإسلامية” في الداخل الفلسطيني، بيد أن الأخيرة نفت صلتها بهذا الشخص. وتقول مصادر مقربة منها إن المذكور لا تربطه في هذه المرحلة أي صلة بالحركة، التي يدرك المقدسيون جيداً أنها أكثر من تعمل من أجل القدس والاقصى.

وكان مسؤول ملف القدس في حركة “فتح”، وزير القدس الأسبق حاتم عبد القادر، قد قدم قبل سنوات عدة استقالته من حكومة سلام فياض، على خلفية اتهامه لها بعدم القيام بمسؤولياتها حيال القدس وتخصيص الموارد الكافية لتعزيز صمود مواطنيها. ولم تتعدّ قيمة ما رصد للقدس في عام 2012 ما مجموعه 23 مليون شيكل لم يلمس المقدسيون لها أثراً، في مقابل نحو خمسة مليارات شيكل تخصصها الحكومة الاسرائيلية سنوياً لدعم الاستيطان وتهويد القدس وأسرلتها.

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.