لمحامي محمد احمد الروسان يكتب: الملك يدرك أنّ: “اسرائيل” كيان بلا عمق ولديها أزمة مناعة … المجتمع الاسرائيلي خليط والثغرة الاستراتيجية في بناه الاجتماعية … كيف سيكون مستقبل العلاقات الأسرائيلية الأردنية في ظل بيئة طاردة؟
المحامي محمد احمد الروسان* ( الأردن ) – السبت 19/2/2022 م …
*عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الاردنية …
“اسرائيل” – الكيان الصهيوني، لديها القوّة وليس لديها القدرة على اتخاذ قرار استراتيجي، يستهدف دول وساحات الخصوم والأعداء على حد سواء، من دول جغرافية محور المقاومة، فهي تعاني من فقر مدقع في القيادات التاريخية، واعترفت المؤسسة الأمنية فيها، انّ مفاوضات فينا الحالية وضعتنا في مأزق استراتيجي حقيقي، لذلك لاحظنا تقرير وكالة أنباء رويترز، حول مسودة اتفاق مزعوم بين ايران والغرب حول الاتفاق النووي، وهي وهم وافتراء وفبركة، وصناعة استخباراتية أمريكية أوروبية لدفع ايران لتنازلات ما في الكعكة الاقتصادية من العودة الى اتفاق 2015 م، مع هيستريا اعلامية وبروبوغندا، مما يؤكد أنّ جلّ الاعلام الغربي والأمريكي، هو اعلام رأي لا اعلام خبر، والفرق بينهما كالفرق بين الثرى والثريا. المشكلة في “اسرائيل” هي في القرار واتخاذه، فهي لا تستطيع اتخاذ القرار أي قرار استراتيجي دون ضوء أخضر أمريكي وعلى مستوى عالي في مفاصل مؤسسات الحكم العميقة في الولايات المتحدة الامريكية، وفي نفس الوقت أمريكا في حالة تراجع في المنطقة والعالم، وهذا ما دفعها الى اعادة تموضعها على شكل هزيمة متفاقمة، حيث السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط الان، كمن يطلق النار على قدميه بوعي أو دونه. “اسرائيل” – الكيان الصهيوني العدو، فشلت في استراتيجية الحرب بين الحروب، وعامل الوقت ليس في صالحها، والسياقات والمسارات السابقة منذ نشأتها التي ولّدت وأنتجت قوتها في السابق تغيرت، وأخطر تهديد يهدد وجودها واستمرارها في المنطقة هو التهديد الداخلي – طبيعة مجتمعها، حيث المجتمع الاسرائيلي الصهيوني لديه أزمة مناعة عميقة متفاقمة ومتصاعدة رأسيّاً وأفقياً، وهو مجتمع خليط غير متجانس، والمستوطن فيها لا أفق لوجوده، وصار يتساءل: ولماذا هو موجود هنا أصلاً، وصارت تل أبيب تعاني ارباكاً ازاء فسيفيسائية مشهد الوضع الدولي الجديد، وهذا ما تدركه مفاصل مؤسسات الدولة الأردنية العميقة وعلى رأسها الملك، كما تدرك الدولة لدينا وعنوانها الملك، أنّ “اسرائيل” كيان بلا عمق، ولديها أزمة مناعة كما أسلفنا، لا قائد تاريخي فيها، ولا ثقافة ولا جغرافيا ولا تاريخ، فهي كيان مؤقت وطارىء على جغرافية المنطقة وتاريخها. مثلاً ايران تقول: انها تريد الوصول الى قدرات نووية علمية، بينما تل أبيب تريد أن تعربد بلا رادع، في حين أنّ الأولى هي الدولة الرابعة في العالم في صناعة الطائرات المسيّرة، وهذا ما تخشاه “اسرائيل”، حيث الخيار العسكري ضد ايران صار محدوداً جداً أمامها، ومعظم قادة الكيان الصهيوني يواجهون سؤال المصير: هل سيستمر الكيان الصهيوني – “اسرائيل” في الوجود في ظل البيئة المحيطة به، وبعيداً عن اتفاقيات التطبيع مع البعض العربي؟ “اسرائيل” الكيان الوحيد في العالم الذي يتحدث عن خطر وجودي باستمراره، بالرغم من أنّه قوّة اقليمية لا دولة اقليمية ويشعر بهذه القناعة. الضفة الغربية المحتلة كجبهة تهديد حقيقية للكيان، هي الخاصرة الضعيفة له، وهمّه عدم وصول قدرات المقاومة في غزة اليها، وما يخيف الكيان من الضفة الغربية المحتلة، كونها خزّان بشري، وكذلك نفسها المقاوم. وما يجري في الشيخ جرّاح الان، يجعلنا أمام معركة سيف القدس 2، بل أعمق من سيف القدس 1، كونها ستقود الى معركة اقليمية، القدس المحتلة – مقابل معركة اقليمية، حيث الصواريخ الدقيقة تحاصر الكيان الصهيوني من جبهات أربع، باستثناء الجبهة البحرية: جبهة غزّة المحتلة، جبهة الضفة الغربية المحتلة، جبهة جنوب لبنان حيث حزب الله، الجبهة السورية، بجانب جبهة جديدة هي جبهة اليمن عبر المسيّرات والصواريخ البالستية بمدايات تفوق 1800 كم، وايران هي أم الجبهات بالنسبة للكيان الصهيوني، اذاً مرةً أخرى “اسرائيل” تعيش في بيئة معادية طاردة، رغم اتفاقيات التطبيع مع البعض العربي، وجبهتها الداخلية هي الأخطر، فهي كالسرطان الذي ينخر في عامودها الفقري – مجتمعها. عندما يتساءل قادة الكيان التساؤل التالي: هل تقلص دور “اسرائيل”؟ هذا تساؤل تهديد حقيقي، تساؤل آخر: ما هو الدور الان؟ الدور تراجع وصارت عبء دولي، كان دورها منذ نشأتها الطارئة كمستعمرة أمريكية أوروبية يتموقع عبر القوّة العسكرية والاستخبارية لتطويع الاقليم، ثم عبر ما تسمى بعملية السلام، ومع ذلك فشلت في دورها الوظيفي. هل الدور بقي على حاله أم تقلص أم تغير؟ أي تداعيات لأستراتيجية محور المقاومة على التفكير الاسرائيلي؟ هكذا يتساءل قادة الكيان في جلسات عصف ذهني، حيث البيئة الدولية الان، تتيح لمحور المقاومة المناورة أكثر من “اسرائيل”. انظروا الى تداعيات اطلاق المقاومة الاسلامية في لبنان يوم الجمعة الماضي 18 شباط للمسيّرة حسّان، على المؤسستين العسكرية والأمنية في “اسرائيل”، تابعوا وسائل اعلام الكيان الصهيوني، لتعرفوا مدى الأرباك السياسي والعسكري والأمني الذي حصل، بفعل مفاعيل وتفاعلات المسيّرة حسّان كطائرة صغيرة الحجم، دخلت الأراضي الفلسطينية المحتلة – مناطق الجليل المحتل، بعمق سبعين كيلو متر ولمدة 45 دقيقة، جالت وصالت وعادت الى من أطلقها بسلام، رغم محاولات العدو اسقاطها وأقر بفشله، ورغم اطلاق طائرات مروحية، وتفعيل القبّة الحديدية، حيث احتاجت الى أربعين دقيقة لكي يتم تفعيلها لأسقاط طائرة صغيرة وفشلت، أين مقلاع داوود يا “اسرائيل”؟ الطائرة حسّان قامت بمهمتها الاستطلاعية وأرسلت ما صورته الى مركز الاطلاق في الضاحية الجنوبية، والكيان يخاف من اجتياح بري لحزب الله في عمق الجليل – فالمعركة القادمة داخل الجليل المحتل. وجلّ وسائل اعلام العدو الصهيوني أقرت واعترفت، بأنّ ما جرى يوم الجمعه 18 شباط، انتصار حقيقي على مستوى الوعي للطرف الثاني – حزب الله، مسيّرة من الضاحية الجنوبية الى سماءات الجليل المحتل والعودة بسلام – مسيّرة ومعادلة جديدة، حسّان أثبتت أنّ “اسرائيل” لن تكون قادرة على السيطرة على أجوائها بعد مهمة طائرة حزب الله المسيرة حسّان، ولم تستطيع خلال 45 دقيقة تفعيل منظومات دفاعها الجوي ومقلاع داوود الذي تفتخر به وفشلت، سبعون كيلو متر عمق استراتيجي في فلسطين المحتلة، يعني الوصول على مشارف تل أبيب – تل الربيع المحتل، معادلة سبعين كيلو متر مربع وخمسة وأربعين دقيقة، معادلات جديدة وقواعد اشتباك فرضها حزب الله على مستوى تقني سايبراني، انّها عملية نوعية ابرزت المقاومة نقاط قوتها والتحكم بالطائرة ومتابعتها، حسّان الطائرة المسيّرة يا جماعة(عنزة ولو طارت)من العربان، أثبتت هشاشة القبّة الحديدية ومقلاع داوود الوهم، فكيف الحال اذا كنا نتحدث عن آلاف الصواريخ الدقيقة أو طائرات مسيّرة، على شكل أسراب وأسراب وأسراب، منها انتحاري تفجيري، ومنها هجومي صاروخي، ومنها استطلاعي؟. كثير من قادة وكوادر الكيان الصهيوني، يذهبون الى فكرة استراتيجية تتموضع في التالي: المتدّينون والعرب، سيقضون على “إسرائيل”، والدولة العبريّة لن تبقى للجيل القادم والحريديم هؤلاء: باتوا عبئًا على الكيان في جميع مناحي الحياة وتفاصيلها وتعبيراتها. تلك النخب السياسية والعسكرية والمخابراتية في الكيان الطارىء على الجغرافيا ولسانها التاريخ، وبعيداً ان كانت في جلّها نخب فاسدة مفسدة، الاّ أنّها تتفق أنّ الدولة العبريّة لن تبقى للجيل القادم، وفقاً لكثير من الأسباب حسب تقديرها، ومبديةً تخوفها وقلقها من الزوال والتلاشي، لأسباب ومؤثرات داخلية، حيث أنّ معظم العبء الاقتصادي والعسكري في “إسرائيل” سيتحمله تقريباً 28% فقط من الإسرائيليين، وبهذه الطريقة لن ينجو المجتمع الإسرائيليّ ممّا ينتظره من مشاكل متعددة تقوم الى انقسام أفقي ورأسي وهو الأخطر. قادة وكوادر الكيان ونخبه يقولون: انّ هناك سؤالاً وجوديًا استراتيجيًا، أوضحت أزمة كورونا بتفاصيلها وتمفصلاتها مدى خطورته للسؤال: هل تتمتع “إسرائيل” بالتماسك الاجتماعي، والمرونة الاقتصادية، والقوة العسكرية والأمنية، والمرونة الاستراتيجية كذلك، التي سيضمن وجودها لتلك الهندسة الجيل القادم في الدولة العبرية، لغايات الاستمرار والبقاء؟!. هم يتحدثون عن الاتجاهات الديموغرافية والاجتماعية والاقتصادية التي تغير بالفعل شكل وجوهر كيانهم المصطنع، ويقدرون لها أن تعرّض وجودها للخطر خلال جيل واحد فقط، حيث يزداد الانقسام بين الإسرائيليين عمقًا بالمعنى الأفقي والرأسي وهو الأخطر(علينا كعرب بشكل عام، وعلى الفلسطينيين بشكل خاص، في الداخل افلسطيني المحتل، تعميق هذا الأنقسام ولو بالتحالف مع الشيطان أيّاً يكن)، وصار الأنقسام بين اليمين واليسار مهيمنًا أكثر بكثير من الخلاف بين اليهود والعرب(هم يقولون ذلك)، ويضيفون: كما أنّ انعدام الثقة في أنظمة الحكم آخذ في الازدياد، والفساد ينتشر في الحكومة، والتضامن الاجتماعي ضعيف للغاية. وتشير كوادر الدولة العبرية ككيان صهيوني مصطنع، إلى أنّ القوة الإقليمية المسماة “إسرائيل”، غير قادرة على السيطرة على العديد من المناطق، موضحةً أنه وفقاً لأرقام الجهاز المركزي للإحصاء، فإننا سنكتشف قريبا أنه بعد 40 عاماً تقريباً، سيكون نصف سكان “إسرائيل” من المتدينين والعرب، ومن المهم أن نفهم القاسم المشترك بينهما اليوم، ولماذا سيشكل مستقبلهما صورة “إسرائيل”، ويؤثر على قدرتها على الوجود خلال 30 إلى 40 عاماً مثلاً. وتسهب النخب الصهيونية بقولها: انّ “الحريديم” باتوا عبئاً على الدولة العبرية، وأن منهم من باتوا منتشرين في الاتجاهات المعادية للصهيونية، وبالنسبة لهم، فإنّ إسرائيل في طريقها للخسارة، وأضافت تلك الطغمة الحاكمة في الكيان أنّه: إذا لم تتخذ “الحكومات الإسرائيلية” التالية على الفور، إجراءات مهمة ومحددة، من شأنها تغيير السلوك تجاه هؤلاء الحريديم، فإن عواقبها ستكون وخيمة وغاشمة ومدمرة. وتتحدث النخب الفاسدة المفسدة في الكيان إلى أنه: بجانب الحريديم، هناك قبائل متعددة الهوية: علمانية تقليدية، قومية دينية، متشددة، مزراحيم(شرقيون)وأشكنازيم(غربيون)، والطبقة الوسطى والأثرياء والمحرومون والمهمشون، ممن يجدون صعوبة بتحمل العبء الزائد نتيجة عدم مشاركة الأرثوذكس اليهود في الاقتصاد والمجتمع الإسرائيلي، والخدمة العسكرية، والاقتصاد. وهنا لا يحتاج المرء أن يكون خبيراً، ليفهم أنّ إسرائيل لن تقدر على البقاء اقتصاديًا واجتماعيًا وأمنيًا في هذا الوضع، بل أنّ الأسوأ من ذلك، أنّ الكثير من اليهود يفضلون العيش في مكان آخر من العالم، بديلاً عن “إسرائيل”، بدلاً من بلد يحصل في تقاسم الأعباء بشكل غير متكافئ بالفعل اليوم، والنتيجة أنّ “إسرائيل” لن تصمد أمام التهديدات المختلفة في المنطقة الصعبة التي تعيش فيها. الكيان الصهيوني يعيش حالة صراع عميق، واحتدام النقاش داخله، بين العلمانيين والمتدينين، مؤشر هام من عشرات المؤشرات الأخرى، والتي تحتاج الى دراسات لكي نوظفها ونولفها، لصالحنا كشعوب عربية حيّة، تسعى لشطب هذا الكيان وشلعه من جذوره، بعكس ما تسمى بالنخب العربية والتي في جلّها نخب فاسدة ومفسدة لا تقل فسادأ وافساداً، عن نخب الكيان الصهيوني، إذْ أنّ المتدينين أعلنوا ما يمكن تسميته بالحكم الذاتيّ لهم داخل الكيان نفسه، إذْ أنّه لا يعملون ولا يُساهمون بتاتًا في الاقتصاد الإسرائيليّ، والأخطر من كلّ ذلك: أنّ الدولة تدفع لكلّ طالبٍ في المعاهد الدينيّة الخاصّة بهم 650 دولار شهريًا، الأمر الذي يُكلّف خزينة دولة الكيان مبالغ طائلة جدًا. وأكبر خطأ وخطر نعيشه، هو أنّ القلائل منا درسوا المجتمع الاسرائيلي ونتعامل معه حسبما يريد هو ككتله واحده، مع أنّه ليس كذلك أبداً، ومصلحتنا أن نتعامل مع كل مكون في اسرائيل على حدا بمعايير مختلفه، أليس في تراثنا قول( فرق تسُد) ونحن لا نستعمله الاّ على أنفسنا. بالمناسبة، الاسرائيليون يرفضون التعامل معنا كعرب ككتلة واحدة، بل يخاطبون الاردني والمصري والسوري واللبناني… الخ، كلّ منّا، بمعايير مختلفة تماماً، فلماذا لا يحق لنا أن نفعل مثلهم مثلاً، الحسين رحمه الله كان مدركاً لهذه الثغرة الاستراتيجية ويعمل عليها، وأعتقد أنّ الملك عبد الله الثاني يدرك ما أدركه الحسين، ويحاول تطوير أدواته في اللعب على هذه الثغرة الاستراتيجية، عندما تحين اللحظة الاقليمية. وعندما قال السيد حسن نصر الله أمين عام حزب الله، انّ اسرائيل أوهن من بيت العنكبوت، لم تكن رساله للعرب، بقدر ما كانت هي رسالة مدروسة، للمواطن الاسرائيلي، مفادها التالي: درسنا مجتمعكم ومواطن قوتكم ونقاط ضعفكم، وأنصحكم بمغادره هذا الكيان المصطنع قبل فوات الأوان، هذا المفهوم الاستراتيجي استوعبه أيضا مقاتلوا غزّه المحاصرون، وأجروا التغييرات النوعيه التي تتطلبه. من الناحيه العسكريه الصرفة، فانّ قائداً عربياً أردنياً آخر، أدرك بذكاء وحنكه فهو ابن ملك حقيقي، مكمن ضعف اسرائيل، رغم حجم ترسانتها العسكريه الضخمه، وهو الامير عبد الله بن الحسين، الذي أصبح ملكاً للأردن، وسعى منذ كان قائداً للقوّات الخاصه في الجيش العربي الاردني، لتزويدها بقدرات نوعيه تجعلها قوّه ضاربه في العمق الاسرائيلي، اذا وقع صدام عسكري ما لاحقاً، بما يعيد انتاج وخلق وتخليق أهداف تلك الحدود الطويله، بين الاردن والكيان الاسرائيلي، من نقطه ضعف ضدنا، لنقاط اختراق، تشل حركه جيش اسرائيل النظامي. وكأنّ الملك عبدالله الثاني عندما كان أميراً وقائداً للقوّات الخاصة في الجيش العربي الأردني، استلهم فكرته حول التفعيل ومفاعيل وتفاعلات واعادة بناء هذه القوّات العسكرية الخاصة كتنظيم عسكري محترف، من فكرة الشهيد وصفي التل، والتي تمثلت في أنّه لا يمكن شطب هذا الكيان من جذوره هنا عبر جيش نظامي مقابل جيش نظامي، الاّ عبر حرب عصابات دخول وخروج وهكذا، ولدينا حدود هي الأطول، وتحويلها الى عنصر قوّة بالمفهوم الاستراتيجي الايجابي لمملكتنا الاردنية الهاشمية. انّ نموذج الشهيد وصفي التل، والذي أدركه الملك عبدالله الثاني عندما كان أميراً وما زال يدركه، لم يتحمله: لا طرف أمريكي صفق سياسياً، ولا طرف عربي متخاذل، ولا طرف اسرائيلي مرعوب، ولا طرف فلسطيني تائه في وقته، ولا طرف مصري متردد، ولا طرف أردني داخلي متخاذل، فتم قتل وصفي في القاهرة، وارتقى شهيداً. وتقول المعلومات هنا بالذات، انّ الأمير عبد الله حينها، كان منزعجاً على الدوام وبشكل مطلق، لأنّ جهات تقليديه بلا رؤى عسكرية وسياسية وأمنية هنا في الداخل الاردني، كانت لا تشاركه رويته، وتحبط مساعيه لتطوير القوّات الخاصه في جيشنا العربي، وما أن تولى مسؤوليته كملك والقائد الأعلى للجيش العربي الاردني، حتّى حقق حلمه، وطوّر بشكل كبير وعميق، اعداد وقدرات القوّات والعمليات الخاصه، بل أصبح الاردن مركزاً دولياً للتدريب في هذا المجال .وأحسب وفي المعلومات، أنّ مجتمع المخابرات الاردني له باع وباع طويل، في أهمية دراسه المجتمع الاسرائيلي، والتعامل مع كل مكون منه على حدا، لكي ندرك نقاط قوّة وضعف كل مكون، من أجل فهم وتفكيك هذا الكيان الذي صنعه الغرب، خدمةً لمصالحه، ومسخرًا هذا الغرب، العرب واليهود في صراع مستدام لذلك .“اسرائيل” تحمل بذور فناؤها في ومن داخلها، “اسرائيل” وجدت لتزول، وما حديث ونقاشات كوادرها وقادتها، ما هو ألا تأييداً وموافقةً، مع تلك المقولتين، التي لم يعد يتكلم بهما أحد. ولسان التاريخ القديم يقول: بأن “اسرائيل”، سادت كدولة قوية في المنطقة حوالي سبعين الى ثمانين عاماً، زمن الملك داوود وابنه سليمان الذي انقسمت من بعده الدولة على نفسها الى دولتين متحاربتين، تم القضاء عليهما من قبل الأشوريين ونفي معظم سكانها الى بابل، ولم تقم منذ ذلك الحين أية قائمة لدولة اسرائيلية أو يهودية قوية لفترة زمنية طويلة جداً. لو نظرنا الى دولة “اسرائيل” القوية حالياً، والتي استطاعت السيطرة على سياسات العالم بمعظمها وتوظيفها لصالح بقائها واستمراريتها، لوجدنا فيها من التناقضات والإنقسامات والتجاذبات في داخلها، أكثر بكثير مما كان في الدولة القديمة التي دامت ثمانين عاماً فقط، زمن داوود وسليمان، والتي كان غالبية سكانها متجانسين ذوي أصول واحده، منتمين الى الأرض الموجودين عليها، رغم أن تلك الأرض كانت بالأصل مسيطر عليها، من أصحابها الأصلييين من الشعوب الكنعانيه وغيرها. انّ كيانات التجزئة العربية نتاجات سايكس بيكو كلّها في مخدع الكيان، والعلاقات بينهم، وضعيات الكاماسوترا الجنسية المعروفة بحبل سريّ، حيث كان التوليد معاً والنهاية ستكون معاً. وفي هذه اللحظة العربية الحرجة، وهي أنضج لحظة لاخصاب شبق وعينا العروبي الثوري بحقيقة أنّ سايكس بيكو وبلفور ربطا انشاء ومصير أنظمة وساحات التجزئة والكيان معاً. الكيان اللقيط، عدو لأنّه يغتصب أرضنا ووطننا، وأمريكا عدو لأنّها تقف وتدعم مع من يغتصب أرضنا ووطننا، تسقط معاهدة كامب ديفيد، تسقط معاهدة وادي عربة، يسقط الاتفاق القطري مع الكيان، يسقط الاتفاق الاماراتي مع الكيان، ويسقط الاتفاق البحريني مع الكيان، ويسقط أي اتفاق من الجانب العربي والاسلامي لاحقاً مع الكيان ومرةً واحدة والى الأبد. السادس والعشرين من أوكتوبر من كل عام، يوم حزين بالنسبة لي على المستوى الشخصي على الأقل، الذكرى المشؤومة لتوقيع معاهدة وادي عربة بين النظام الرسمي الأردني بكارتلاته وتمفصلاته مع الكيان الصهيوني، متزامناً وفي ظل قرار الدولة الأردنية الشهير، والذي صدر باسم الملك، بإنهاء ملحقي الباقورة والغمّر واستعادتهما، مما يقود إلى بدء معركة سياسية ودبلوماسية وإعلامية واستخباراتية مع هذا الكيان، وفي ظل كثرة “الكلام”هذه الأيام وعلى لسان الجميع في العالم، وفي وسائل الميديا الأممية وعلى مختلف مشاربها، حول الحرب المزعومة على عروق الإرهاب المصنّع والمدخل والمبرمج في المنطقة وتداعيات ذلك وعقابيله، مع إحداثيات العمليات السريّة العسكرية والأستخباراتية الأمريكية العدوانية، والتي ما زالت على سورية والعراق ولبنان والمنطقة، وفي ظل احداثيات ومسارات ومسارب، العدوان التركي على الشمال والشمال الشرقي السوري، وعبر الاستثمار في الإرهاب من خلال مجتمعات الدواعش، ان في سورية، وان في العراق، وان في لبنان، حيث الامريكي بكل صفاقة سياسية، يسعى الى اقامة قاعدة عسكرية له بالقلمون اللبناني السوري المشترك لأهميته الفوق استراتيجية، حيث الوجود العسكري الامريكي عبر القواعد العسكرية، موجود في جلّ مناطق الشرق باستثناء ايران ولبنان. ومن خلال استثمارات الورقة الكورديّة، وما يجري في كواليس محور التآمر على المنطقة، نجد بأنّ كبار المسؤولين الإسرائيليين الصهاينة يؤكدون، بأن القوات الإسرائيلية الحربية الصهيونية، قد أكملت استعداداتها اللازمة لجهة القيام بأي ضربة عسكرية مستقبلية خاطفة، ضد المنشآت النووية الإيرانية، ومؤخراً خرج ديفيد برنياع رئيس الموساد، بخروج نادر وغير عادي كاسراً البروتوكولات الأمنية على إعلام كيانه، وكال وجال وأعطى جرعات شيطنة للدولة الإيرانية وأنّها بصدد تشكيل الهلال الشيعي عملياً، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: ما هي محفّزات الموقف التصعيدي الإسرائيلي الصهيوني الجديد؟. اذاً بعد مرور أكثر من سبعة وعشرين عاماً، على التوقيع على معاهدة وادي عربة، لا يمكن القول إن الشعور العام المقاوم في الأردن، بخصوص الصراع مع الكيان قد تلاشى، ولكن ما يمكن الجزم به أن هذا الشعور ما زال يتعرض لهزات واحتواءات يديرها كارتل النظام الرسمي الأردني، هزّات من ابتكاره أحياناً، أو نسخ من تلك التي ينتجها النظام العالمي أساساً. ومع كل أسف انّ اعلامنا الرسمي في الأردن في جلّه، وبعض الأعلام الخاص، هو اعلام التسلية الرائج والذي يصوغ أذهان البشر ضمن منطق واحد، وهذا المنطق تحت التكرار المستمر، والتعرض المستمر لقصف إعلام التسلية، يتلقى لاحقاً الأحداث المفجعة على وتيرة الاستجابة نفسها دون إحساس عميق بعمليات التفكيك التي لحقت بأصحابه من الداخل. إعلام التسلية ودعاية الأمن والأمان، وأكذوبة السلطة الذكية المتحاذقة لحماية البلد الآمن في وسط ملتهب، جميعها جعلت الشعور العام المقاوم شعوراً فقط لا يحال إلى فعل، وهذا الشعور الذي لا يحال إلى فعل هو شعور حدثي طارئ، لحظي أو موسمي، والأهم أنه مفكك وغير منهجي أو شامل. فحتى يصبح هذا الشعور منهجياً ومستمراً، لا بد أن يربط بعداء يومي للكيان، ولا بد أن يربط بالتضامن اليومي مع الأسرى، وبالتفكير اليومي لتحرير الأرض المغتصبة، وكل هذا يتطلب ممارسة يومية، وبيئة حاضنة من الصدامات العملية المتكررة مع الكيان، هذا ما تمنعه السلطة في بلادي الأردن، وتحاول دائماً تجنبه والبقاء بعيداً جداً عن تخومه، بعيداً عن نمط الحياة اليومي القائم على بغض الاحتلال ومحاولة تحرير الأرض. الصورة الكلية، التي صنعتها السلطة في بلادنا للأردنيين، أنهم الأبعد عن الاشتباك، مع أنهم الأقرب إليه جغرافياً، ونجحت في منع إحالة الشعور العام المقاوم إلى فعل مقاوم، عبر إعلام التسلية ودعاية الأمن والأمان، والسياسة الذكية، وصناعة الأحداث الاستثنائية، وبناءً على ذلك، يمكن القول إن وادي عربة كانت نتيجة ولم تكن حدثاً تاريخياً، وسبقها الكثير من التمهيدات على هذا النحو، ومنها الاتصالات العسكرية والمخابراتية وغيرها وان كنت على معرفة بعض تفاصيلها. ما يلزمنا كأردنيين للخروج من وادي عربة وتطوير قرار الدولة الذي صدر باسم الملك، هو المزيد من أجواء الاشتباك الأيجابي والتوعوي والفكري والنقدي، وكل اشتباك ايجابي هو نقدي بالضرورة، اذاً الوعي الحقيقي هو وعي مشتبك، ولكنه شقيّ أبداً، لأنّ حامل الوعي المشتبك نقدي بالضرورة كما أسلفنا، لا يكتفي بأن يكون له وجوده، بل يصر على أن يكون له حضوره، والحضور اشتباك لا محاله، ونزعم أنّ وعينا وعيّ مشتبك، وهذا كلّه من شأنه أن يحوّل الشعور العام الكامن إلى فعل، وهذا ما ستحاول السلطة تجنبه دائماً، ولكن ما تحاول تجاهله السلطة في الأردن هو أنّ التاريخ والجغرافيا ستنتقم من أكاذيب الإعلام وخاصةً اعلام التسليّة، حيث إعلام التسلية في عالم السياسة هو نوع من أنواع إحالة الكارثة إلى سخرية لاذعة من الذات، وتحويلها إلى ما هو مضحك، وحادثة التسلية تلك إلا تعبيراً آخر عن إحالة الفاجعة إلى حدث سينمائي ومسلي. وأحسب أنّ إدراك الكيان المتزايد باستمرار، بأن إيران(دولة الضرورة)للجميع، على وشك أن تصبح قوة نووية بالرغم من الاتفاق النووي من قبل المجتمع الدولي معها، وانسحاب أمريكا الأحادي منه بصورة سريالية استجابة وصيانة لوجود الكيان، وفي هذا الخصوص أشارت بعض المعلومات بأن إيران أصبحت تمتلك من موارد التكنولوجيا النووية ما يكفي لجعلها تمتلك قنبلة نووية خلال فترة زمنية ليست بالطويلة، أضف الى ذلك رغبة الكيان في ممارسة المزيد من الابتزاز، فهو يعاني من ضغوط اقتصادية داخلية مع كورونا الوهم والكذبه والموسومة صدقاً، دفعت إلى تصاعد المزيد من الاحتجاجات، وما من سبيل أمام الكيان سوى اصطناع وفبركة سيناريو توجيه الضربة العسكرية الإسرائيلية ضد إيران، وعدم الإذعان لرغبة واشنطن بعدم توجيه هذه الضربة إلا بعد الحصول على الدعم الكافي لإخراج الكيان من أزمته الاقتصادية: فهل سنكون أمام انتخابات في الكيان مبكرة وستسقط حكومة نفتالي بينت قريباً. كذلك رغبة حكومة الكيان، في توظيف مفهوم الخطر النووي الإيراني كوسيلة لحشد التأييد والدعم السياسي الداخلي، وذلك لأن القوانين والتشريعات الإسرائيلية الصهيونية الأخيرة والخاصة بحرية الرأي والرأي الآخر وحرية الأعلام بشكل عام، سوف تتيح لأي حكومة اسرائيلية، لتحويل إسرائيل الصهيونية إلى دولة شمولية يمينية بالمعنى الحقيقي، فالقوانين الجديدة تعطي السلطات الإسرائيلية استهداف كل القوى السياسية الإسرائيلية التي تسعى لمعارضة التوجهات اليمينية الرسمية في أي مرحلة من المراحل. ويساند ذلك أيضاً، رغبة الحكومة الإسرائيلية الصهيونية في ابتزاز الموقف الدولي، الداعم للاعتراف بالدولة الفلسطينية، لذلك فإن التلويح الإسرائيلي الصهيوني بضرب إيران الدولة المسلمة، سوف يدفع الأطراف الدولية داخل مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة، لجهة التراجع عن دعم مشروع الدولة الفلسطينية، بعد أن تم شطب حل الدولتين لصالح خيار الدولة الواحدة، ولكن ليس في الكيان بل في الاردن، كثمن لتراجع إسرائيل عن ضرب إيران. ويدعم هذه المقاربة الأبتزازية لدولة الكيان الصهيوني لجلّ الموقف الدولي، سعي الإسرائيليين في القيام من جديد بعمل عسكري ضد قطاع غزة والضفة الغربية، وبالتالي فإن التلويح بضرب إيران هو السقف الأعلى الذي يتيح لإسرائيل الصهيونية تخفيضه لاحقاً ضمن الحد الأدنى، والذي هو في هذه الحالة القيام بعمل عسكري ضد الأراضي الفلسطينية المحتلة من جديد، ان لجهة الضفة الغربية، وان لجهة غزّة المحتلة، والذي تشير التسريبات إلى وجود نوايا إسرائيلية صهيونية بإعادة احتلاله أو باحتلال جزئه الأوسط، بما ينتج شطر القطاع المحتل إلى نصفين، وبالتالي فانّ اسرائيل من جديد دخلت دوائر الأنتظار ومآلات الحدث السوري، وقد عبثت بملف الانتخابات الفلسطينية لشطبها، وشطب مفاعيلها، حتّى وان جرت لاحقاً. ورغبة الأسرائيلي الصهيوني الجامحة، في توجيه ضربة عسكرية ضد جنوب لبنان باستغلال الحراك الشعبي اللبناني(الذي انتجه التورط المحتمل للكيان في حادث مرفأ بيروت الأخير – عد الى خطاب حسن نصر الله في 14 آب 2020 م)، ورسائلها المزدوجة من جانب محور المقاومة لجهة اسرائيل وتركيا وأمريكا، والأستعداد لأشعال المنطقة من جديد، خاصةً بعد سيطرة الجيش السوري العقائدي وحلفائه على الأطراف، حيث بدأت المؤامرة على سورية هناك وتنتهي هناك، وفتح المعابر بين الأردن والجمهورية العربية السورية، وبين الجولان المحرر والجولان المحتل حيث الإدارة للأم المتحدة، وفي هذا الخصوص فإن التلويح بضرب إيران المسلمة مع محاولة الأمريكي أخذ ورقة ادلب من جديد، وشرق الفرات والرقّة ودير الزور، كمدخل للعبور للرأي العام الأممي لضرب سورية مع ما يتم تحضيره من سلّة تبريرات لمسار عسكري أمريكي جديد ازاء سورية، نلحظ أنّ البنتاغون يعد لخطة عسكرية جديدة في سورية، وبعد القرار، بابقاء بعض بهائمها لواشنطن في الشمال السوري والشمال الشرقي، لحماية حقول النفط والغاز من داعش، والحجة دائما داعش وماعش وفاحش وباعص، الهدف منه رصد تحركات حزب الله اللبناني وفهم كيفية استعداداته، بما يتيح للإسرائيليين استطلاع مراكز قوة الحزب العسكرية، ثم القيام لاحقاً بتوجيه المزيد من الضربات بالقدر الكافي لتدميرها، بما يفسح المجال عملياً أمام المضي قدماً في مخطط ضرب إيران، بعد اضعاف النسق السوري من خلال استنزافه عبر حدثه، وبالتالي الأحتفاظ بخصم اقليمي ضعيف غير متماسك مستنزف، وإنهاكه بلعبة السيطرة على المعابر البريّة، مع دول جواره عبر الأرهاب المدخل وجماعاته الى الداخل السوري. وتحديداً تشير المعلومات المسرّبة عن قصد، إلى أن التلويح بضرب إيران، الهدف الحقيقي غير المعلن له هو ردع دمشق ونسقها السياسي من مغبة استهداف إسرائيل(وتحديداً الجولان المحتل حيث المعركة قد لا تكون ادلب بقدر ما تكون الجولان المحتل)، إذا تعرضت سورية لعملية استهداف عسكري أجنبي يعد له الآن من جديد، وبالتالي فإن “إسرائيل” قد سعت من خلال هذا التلويح، القيام بتوجيه رسالة إلى دمشق مفادها أن إسرائيل مستعدة للرد. وتتحدث المعلومات الأستخباراتية التي يتم رصدها بدقة، من قبل بعض مجاميع شبكات جوسسة عنكبوتية وتتمتع بمصداقية عالية، عن وجود العديد من تطورات الأحداث والوقائع الموازية للموقف الإسرائيلي الصهيوني التصعيدي الجديد ضد إيران، حيث رصدت بعض المصادر قيام قيادة القوات البريطانية بإعداد المزيد من الخطط العسكرية الساعية لاستهداف إيران في نهاية المطاف(رغم وجود سفير للندن في إيران)، وأضافت التسريبات بأن قيادة القوات البريطانية تسعى من أجل الاستعداد ورفع جاهزية قوّاتها لاحتمالات أن تجد نفسها في موقف المشارك في عملية استهداف إيران، وبالتالي فإن القوات البريطانية يجب أن تقوم بترتيب استعداداتها تفادياً لأي ارتباك أو تردد إذا حانت ساعة الصفر. وأحسب أنّ عملية التسريب المتعمدة بين الفينة والأخرى، لبعض محتويات تقارير وكالة الطاقة الذرية والمتعلق بتطورات الملف الإيراني، وعلى وجه الخصوص الفقرات التي تسعى لاتهام إيران بأنها تقوم بتنفيذ مخططات سريّة من أجل تصنيع الرؤوس النووية غير التقليدية، تصب في هذا الأتجاه التصعيدي ولخلق سلّة تبريرات تدفع لتخليق رأي عام أممي حول جلّ الملف النووي الإيراني(تقرير الوكالة الأخير والذي قبله، كان في صالح إيران – ثمة مفارقة ومقاربة جديدة والرهان على الأهداف الخفيه)، وهنا لا بدّ من التأشير على عملية التزامن الدقيقة للغاية، والتي جمعت بين تسريب بعض محتويات بعض تقارير وكالة الطاقة الذرية، وإعلان الإسرائيليين إكمال استعداداتهم العسكرية ضد إيران. وتقول المعلومات، بأن الفترة القليلة القادمة سوف تشهد تعاوناً عسكرياً استراتيجياً أمريكياً- إسرائيلياً، إضافة إلى مطالبة الأيباك لواشنطن بضرورة عدم التدخل في التأثير على قرار إسرائيل بالعمل العسكري ضد إيران، إضافة إلى حديث بعض المحافظين الجدد القائل:- بأن واشنطن سوف تنظر إلى الضربة العسكرية الإسرائيلية ضد إيران إن حدثت بأنها أمر واقع، وسوف لن تتردد في الوقوف فوراً إلى جانب إسرائيل. وتؤكد المعلومات، أن بعض من كبار أعضاء مجلس النواب الأمريكي في عهد الإدارة الديمقراطية، وقت رئاسة باراك أوباما، وكان الرئيس الديمقراطي الحالي جوزيف بايدن نائباً لباراك أوباما، نجحوا في حينه، لجهة القيام بإجراءات تمرير مشروع قانون جديد داخل الكونغرس الأمريكي، يقيد صلاحية أي مسؤول أمريكي، من القيام بأي مفاوضات أو محادثات تتعلق بإيران مع أي طرف إلا بعد موافقة الكونغرس، وأشار الخبراء إلى أن هذا معناه أن لا يقوم الرئيس الأمريكي أو أي مسئول أمريكي بالحديث مع الإسرائيليين حول أي إجراءات تتعلق بإيران، وبكلمات أخرى فإن هذا القانون يمنع المسؤولين الأمريكيين من الاعتراض لدى الإسرائيليين في أي إجراء إسرائيلي ضد إيران. وتشير بعض المعلومات، بأن منظمة الإيباك أعلنت إعادة ترتيب أولويات جدول أعمالها، بحيث لم يعد ملف الدولة الفلسطينية، أو عملية سلام الشرق الأوسط على قمة جدول أعمالها، والأولوية الآن هي لـ (الضربة العسكرية ضد إيران وارتباطها بالملف السوري) حصرا، بالرغم من توقيع الاتفاق النووي مع إيران والانسحاب الأمريكي الأحادي منه. يعتقد كاتب هذه السطور ويحسب بالرغم من كل هذه التطورات، فإن تحليل المعطيات الميدانية – الواقعية، يفضي إلى نتيجة واضحة تقود، أن قيام “إسرائيل” بتوجيه ضربة عسكرية لإيران هو أمر ضعيف الاحتمال وذلك للأسباب الآتية:
أولاً :- عدم وجود ممر جوي متاح للطائرات الإسرائيلية، وذلك لأنه حتى الدول التي يمكن أن توافق على إفساح المجال أمام عبور الطائرات الإسرائيلية، سوف تجد صعوبة بالغة في حماية نفسها من الرد الإيراني، وبكلمات أخرى، إذا كانت إسرائيل قادرة على حماية نفسها، فإن تركيا والسعودية والامارات والبحرين ستكون هذه الدول، في حالة انكشاف كامل أمام الرد الإيراني، والذي سيكون مدمراً.
ثانياً:- إنّ “إسرائيل” نفسها لن تستطيع مهما أوتيت من قوة أن تكون بمأمن من مخاطر رد الفعل الإيراني، والذي سوف ينطلق من مسافة بضعة كيلومترات من حدود إسرائيل الشمالية.. انّه جنوب لبنان – حزب الله وترسانته العسكرية.
وأعتقد وفي معرض التفسيرات الأكثر واقعية للتصعيد الإسرائيلي الجديد ازاء ايران، بأن الأكثر احتمالاً هو رغبة الإسرائيليين الصهيونيين في الظهور أمام دمشق بمظهر القوي، بعد بدء تداعيات خرق قانون قيصر من قبل الأمريكي نفسه، إضافة إلى رغبة الإسرائيليين الصهيونيين في الضغط على أمريكا ومجلس الأمن الدولي، وأيضاً تركيا وبلدان الخليج لجهة الوقوف بحزم إلى جانب متتاليات هندسية من العقوبات الدولية الجديدة القادمة في حال فشلت مفاوضات فينا وهذا مستبعد، التي سوف يتم تقديمها إلى مجلس الأمن الدولي على خلفية ما تم تسريبه عن قصد لبعض محتويات بعض تقارير وكالة الطاقة الذرية، حول جلّ حقيقة الموقف الأيراني من الملف النووي الخاص بطهران رغم توقيع اتفاق إيران النووي والانسحاب الأمريكي الأحادي منه لاحقاً. لكن ما يثير قلقي وخوفي كمتابع وباحث في بعض مجتمعات المخابرات، ما تسرّب من معلومات وزيارات سريّة لمسؤولين اسرائليين صهاينة، لكثير من دول عربية كساحات سياسية ان لجهة القوي منها وان لجهة الضعيف منها، ومشيخات عربية ودولة عربية اقليمية وهي السعودية، وتم تظهير كل ذلك بالاتفاق الاماراتي مع الكيان، واتفاق البحرين كذلك، والسودان، والقادم سلطنة عمان قد تكون عبر اتفاقيات موسعة وليس السعودية، وألخص هذا القلق والخوف بالآتي:- الساحة المخابراتية الإسرائيلية تسيطر عليها وتديرها ثلاثة أجهزة هي: جهاز الأمن الداخلي(الشين بيت)، جهاز المخابرات العسكرية(أمان)، وجهاز الأمن الخارجي (الموساد)، وفي هذا الخصوص نلاحظ وجود المزيد من التطابق والتوازي المستمر بين جهود وزارة الخارجية الإسرائيلية وجهاز الموساد الإسرائيلي، وذلك على النحو الذي أدى إلى وجود دبلوماسية إسرائيلية مزدوجة تتموضع في الدبلوماسية الإسرائيلية المعلنة، وتشرف على فعالياتها وتداعياتها وزارة الخارجية الإسرائيلية، والدبلوماسية الإسرائيلية غير المعلنة، ويشرف على فعالياتها وتداعياتها جهاز الأمن الخارجي الإسرائيلي(الموساد). تجدر الإشارة إلى أن هناك علاقة وثيقة بين الفعاليات الدبلوماسية المعلنة والفعاليات الدبلوماسية غير المعلنة، وضمن هذا السياق المخابراتي – السياسي، فقد ظلت العمليات السرية التي يقوم بها جهاز الموساد الإسرائيلي تشكل جانباً هاماً ورئيسياً لجهة، تمهيد و إعداد المسرح السياسي الخارجي بما ينسجم مع طموحات وافاق السياسة الخارجية الإسرائيلية. تتحدث المعلومات، في أروقة وكواليس بعض المجتمعات العربية المخملية عالية الخصوصية والتي تتخذ من الدين لبوساً، والمعادية لتوجهات وقناعات شعوبها، أنّ رئيس جهاز الموساد الحالي، يرافقه الجنرال رئيس جهاز الاستخبارات الإسرائيلي ونائبه، قاما بزيارات سريّة متعددة الى دولة عربية اقليمية غير سورية ومصر يعتقد أنّها تكون السعودية؟. وتحدثت بعض المصادر الخاصة عن فحوى اجتماع ديفيد برنياع والجنرال رئيس وحدة أمان، مع المسؤولين الأستخباراتين والعسكرين في تلك الدولة، باعتبارها تعلقت بموضوع ملف البرنامج النووي الإيراني وايران كحلقة استراتيجية والمستهدفة رقم واحد عبر الحدث السوري كحلقة استراتيجية تكتيكية، واكتفت التسريبات بموضوع الملف النووي الإيرني، ولم تتطرق إلى الموضوعات الأخرى الساخنة التي يمكن أن يكون برنياع ديفيد ووصيفه رئيس وحدة أمان قد تطرقا لها في تفاهماتهما مع المسؤولين العربان هناك في تلك الدولة. لا تحتفظ تلك الدولة العربية، بعلاقات علنية مفتوحة مع إسرائيل، ولكن درجت العادة على دخولها بجانب من له اتفاقيات سلام موقعة مع الجانب الأسرائيلي من العرب، في تفاهمات شاملة مع الإسرائيلين وحول جلّ الملفات، وعلى وجه الخصوص والدقة الملف الأيراني، وهذا ليس سرّاً ويعرفه الجميع، وهو تنفيذاً لمعاهدات موقعة بين الجانبين. هذا وتسهب المعلومات بالقول:- أنّ العديد من التقارير السابقة والحالية تحدثت عن التعاون بين تلك الدولة والجانب الأسرائيلي بما يضمن وعد الدولة للإسرائيليين، باستخدام مجالها الجوي كممر لعبور الطائرات الحربية الإسرائيلية المهاجمة لإيران، وهو وعد حصل على تأكيداته من المسؤولين في تلك الدولة ديفيد برنياع ورئيس وحدة أمان الحالي، وهو توكيد لفظي وحقيقي على ما حصل عليه في السابق تمير باردو وأفيف كوخافي أثناء الزيارات السريّة سابقاً وقبل سنوات، وقبل زيارة الجنرال أنور عشقي إلى ثكنة المرتزقة إسرائيل. كما تحدثت التقارير والتسريبات بعد تلك الزيارات السريّة لبعض قادة مجتمع المخابرات الأسرائيلي، عن دخول التفاهمات بين المسؤولين في تلك الدولة العربية الأقليمية والدولة العبرية الإسرائيلية مرحلة التعاون العملي، بحيث تقوم إسرائيل حالياً بوضع المزيد من العتاد العسكري في أراضي تلك الدولة، وفي هذا الخصوص تحدثت بعض التسريبات بأن إسرائيل تقوم حالياً ببناء قاعدة عسكرية إسرائيلية سريّة داخل تلك الدولة أو أنّها انتهت من بنائها للتو، من أجل تلبية أغراض الاستخدام في حالة نشوء أي صراع محتمل مع إيران بعد الأنتهاء من الحدث السوري. هذا، وما هو جدير بالملاحظة يتمثل في أن المزيد من التقارير البريطانية والأمريكية، قد تحدثت مؤخراً عن التسريبات التي أشارت إلى وجود تعاون بين تلك الدولة واسرائيل بشأن الملف النووي الإيراني، وما هو لافت للنظر أنّ المصادر السياسية والأمنية لتلك الدولة، قد ظلت تنفي بشكل متقطع وجود مثل هذا التعاون، وبرغم أن المجال مفتوح أمام بعثاتها الدبلوماسية، لجهة القيام بإتخاذ الإجراءات اللازمة ضد صحف مثل التايمز اللندنية، والنيويورك تايمز الأمريكية، والواشنطن بوست الأمريكية، ومجلة فورين بوليسي الأمريكية، فإن هذه البعثات الدبلوماسية المجهزة بالملحقيات الإعلامية لم تحرك ساكناً، وعلى سبيل المثال لا الحصر، برغم أن القوانين الغربية تسمح بمقاضاة المنشآت الصحفية في حالة تعمد نشر الأكاذيب الضارة، فإنه لم يتحرك أحد لإتخاذ أي تدابير قانونية ضد هذه المنشآت الأعلامية الصحفية العريقة، وإضافة لذلك لم تسعَ أي ملحقية إعلامية تابعة لتلك الدولة، إلى عقد أي مؤتمر صحفي لنفي هذه المعلومات و”الأكاذيب الضارة” بمكانة تلك الدولة، التي يتوجه نحو قبلتها أكثر من ملياري مسلم. وعندما تفشل الدبلوماسية في تحقيق أهدافها، في مسألة استراتيجية حيوية محددة، في العلاقات بين الدول، أو بينها وبين منظمات حزبية، وسياسية، وعسكرية، بحجم بعض الدول، أيّاً كانت هذه المسألة ومفاعيلها، تمتد نتائج ذلك الفشل، الى امكانية اندلاع الحرب، وحالما تنتهي الأخيرة وبغض النظر عن نتائجها، نذهب الى الدبلوماسية من جديد لترتيب الأوضاع، وأي عملية عسكرية، لا تؤدي الى نتائج سياسية، هي عملية فاشلة وفوضوية وغير محسوبة، وقيل أنّ السياسة استمرار للحرب، ويعتقد أنّ العكس صحيح. كل المؤشرات السياسية والدبلوماسية، تؤكد أنّ دبلوماسية ” اسرائيل ” فشلت في تحقيق أهدافها، وعلى كافة مسارات اشتباكاتها السياسية والدبلوماسية الأقليمية والدولية, بعبارة أخرى قد تذهب ” اسرائيل ” الى حرب مع لبنان أو سوريا أو ايران, مستغلةً ظروف علاقاتها مع السعودي والبحريني والقطري والعماني والاماراتي وباقي الجوقة, لكي تخرج من حالة فشلها الدبلوماسي, وكسادها الأقتصادي, وتحويل أنظار شعبها, كما فعلت في حرب حزيران عام 1967 م, الى أفق سياسي ودبلوماسي آخر, تستطيع من خلاله تحقيق آفاق سياسية ومحددات الدبلوماسية الجديدة, مع ايجاد مخرج نوعي جديد في الشرق الأوسط يتيح ” لأسرائيل ” وضعاً أفضل, لجهة القيام بتطبيق جدول أعمالها السياسي بالتنسيق مع واشنطن وبعض العرب. ” إسرائيل “ استطاعت الحصول على العديد من الأسلحة النوعية, سواءً كانت هجومية أو دفاعية, انتهاءً بطائرات اف – 35 الأمريكية الصنع وابتداءً بطائرات اف – 16 واف – 18, بجانب طائرات مروحية هجومية وعتاد عسكري متطور, من الولايات المتحدة الأمريكية المنحازة الى جانب الدولة العبرية, ومن بعض دول الإتحاد الأوروبي والتي تدعي أيضاً الحياد في مسألة الصراع العربي – الأسرائيلي, وهي كاذبة منافقة في الدرك الأسفل. هذا وقد دخلت ” اسرائيل ” مؤخراً, في العديد من من المناورات والتدريبات العسكرية المكثّفة على أرض الميدان, من حيث التعرف على مسارح وسيناريوهات المواجهة المحتملة, مع التدرب على استخدام الأسلحة المتطورة, مع تحديد ” اسرائيل ” لخصومها, عبر دراسات استراتيجية سياسية وأمنية عمّقت, مفهوم الخصم \ العدو في عقيدة جيشها العسكري, بتركيزها على سوريا والتي يصار على اضعافها, عبر أصابع ربيعها الخفية, وايران والتي يتم العمل على اغلاق بوّابتها العربية والأسلامية الدمشقية, وحزب الله الذي يتم شيطنته ربيعيّاً عربياً, واستنزاف قدراته وامكانياته, عبر اثارة الفتن الداخلية اللبنانية, بما فيها تداعيات محكمة الحريري الأب وقرارها الأتهامي، حيث يعاد النفخ فيها بين فترة وأخرى وسيصار الى توظيف مضمون القرار المرتقب ضد المقاومة, وحركتي فتح و حماس وإشغالهما بتحقيق المصالحة, وحركة الجهاد الأسلامي لتعيد حسابات استمرارها على السكّة الأيرانية. المتابع لجهود بعض وسائل الميديا الأعلامية, الموجّهة في كل من الولايات المتحدة الأمريكية و” اسرائيل “, من قبل أجهزة المخابرات الأمريكية والأسرائيلية, والمتابع لجهود أجهزة اعلام أطراف عربية شرق أوسطية خليجية حليفة, يصل الى نتيجة واضحة, تتمثل في ترسيخ وتجذير مفهوم وحالة سياسية جديدة هي:- أنّ الواقع في الشرق الأوسط الآن, لا يسمح ولا يتيح أي امكانية حقيقية لتحقيق السلام, وعلى هذا الأساس يجب أن يكون هناك تساوق في الهدف, وتعاون وثيق بين واشنطن وتل أبيب وبعض العرب, على تعديل واقع الشرق الأوسط, بما يجعله قابلاً لأستيعاب مفهوم السلام الأسرائيلي الجديد, والذي يتمثل بجهود استبدال المفاوضات حول ملف حل الدولتين الذي تم شطبة لصالح خيار الدولة الواحدة ليس في الكيان بل في الاردن, باتجاه ملفات جديدة أخرى, مثل ملف السلام الأقتصادي, والذي تحدث عنه مراراً وتكراراً نتنياهو والان نفتالي بينت وبني غيتس, حتّى صار سياسة أمريكية, ونخشى أن يصير مطلباً عربياً, بفعل ضغط أمريكي وأوروبي بدأ يلوح سرّاً, الى ملف الدولة الفلسطينية المنقوصة الآراضي, ومؤقتة الحدود, مع بقاءات اسرائيلية شاملة في غور الأردن, والتي تحدث عنها أيضاً شاؤول موفاز, وانتهاءً بمشروع سلام فيّاض ورفاقه حول الدولة الفلسطينية الدولة الوهم(هنا الذهاب إلى انتخابات مبكرة هذا العام في الكيان الصهيوني من شأنه أن يعجّل كل ذلك). وتجهد الدولة العبرية, بعد فشلها في(خارطة طريق دبلوماسية المفاوضات), في الذهاب مرةً أخرى الى( خارطة طريق الحرب ), من حيث قيام مراكز ودوائر اللوبي الأسرائيلي بالبدء, في حملة تسويق سياسي – أمني – عسكري نوعية, من خلال التركيز على مسألة زيادة قوّة الردع الأسرائيلية, عبر العمل عسكريّاً على اضعاف حزب الله المتصاعد في قوته, مع تصاعد في قوّة الحركات المسلحة الشيعية العراقية, والشيعية اليمنية, والشيعية الخليجية, وهذا بحد ذاته يهدد المصالح الحيوية الأمريكية في الخليج والعراق والسعودية, وعليه فانّ قيام الدولة العبرية بالقضاء على حزب الله اللبناني عسكرياً, أو عبر اضعاف دمشق أو بالحد الأدنى استبدال نسقها الحالي البعثي القوي, بالنسق الأسلامي السني الضعيف كما كانوا يرغبون من خلال الأخوان المسلمين, والقادر على التفاهم مع الغرب وفقاً للنموذج التركي ازاء اسرائيل, لا ينهي فقط نفوذ الحزب في الساحة اللبنانية, وانما يقضي على نموذج ورمزية(كاريزمية حزب الله اللبناني), حيث صار نموذج يحتذى به, وعابر للحدود, باتجاه العديد من مناطق الشرق الأوسط والشرق الأدنى. كذلك التأكيد من قبل دوائر اللوبي الأسرائيلي, أنّ استقرار ” اسرائيل ” الداخلي, سوف يتعزّز كلما تم اضعاف قوّة كل من النواة الصلبة في حركة فتح وحركة حماس والجهاد الأسلامي وحلفائهما – سوريا وايران, بعبارة أخرى تم الربط بين مفهوم تقويض الأمن الداخلي الأسرائيلي, وحركتي فتح وحماس بجانب الجهاد الإسلامي وحلفائهم – سوريا وايران, سوريا ضعيفة ولو بوجود الحركة الأسلامية, التي لها قدرات نوعية للتفاهم مع الغرب, أفضل من سوريا قويّة بنسقها السياسي الحالي, يقابله ربطاً بين مفهوم تقويض الأمن الأقليمي الأسرائيلي, وحزب الله اللبناني, مع التأكيد أنّ انتشار نموذج حزب الله في المناطق الشيعية, وانتشار نموذج حركتي حماس والجهاد الأسلامي في المناطق السنيّة, لا يهدد فقط ” اسرائيل “, وانما يمتد الى تهديد المصالح الحيوية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط, والشرق الأدنى, لا بل في العالم كما قلنا آنفاً . وتأسيساً على ما ذكر آنفاً, كل المؤشرات تقول:- هناك احتمالية كبيرة بأن تقوم ” اسرائيل “, بتنفيذ عمل عسكري – هو أحمق بكل المقاييس – لجهة القيام باستعادة قوّة الردع الأسرائيلية من جهة, وخلط لأوراق اللعبة في الشرق الأوسط من جهة أخرى, فنكون على أبواب حرب اقليمية تعيد ترتيب الأوضاع في الشرق الأوسط والعالم معاً. فهي(أي ” إسرائيل “)في حيرة من أمرها, هل تبدأ باستهداف جنوب لبنان, مع وجود قوّات اليونيفيل الدولية وقرارات الشرعية الأممية؟ أم تستهدف الآراضي الفلسطينية, وخاصةً قطاع غزّة من جديد؟ أم تستهدف إيران بشكل مشترك مع أمريكا وبعض العرب المرتهن، وخاصة أن هناك مشروع جديد مختلف عن سابقه لأنطلاق ما تسمى بالمفاوضات الإسرائيلية – الفلسطينية في العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي،ً هي بمثابة غطاء لضربات محددة ومحدودة بزعم الحرب على عروق الأرهاب المصنّع في المنطقة تستهدف سورية وقد تمتد الى ايران نفسها؟.
* وفي ظل تداعيات وعقابيل ومآلات ما تم ذكره سابقاً في الجزء الأول من هذا التحليل هنا:
كيف سيكون مستقبل العلاقات الأسرائيلية الأردنية في ظل بيئة طاردة؟
برغم توقيع النظام الرسمي الأردني لأتفاقية سلام وادي عربة مع الدولة العبرية(الكيان الصهيوني)، وإنهاء الدولة الأردنية مؤخراً وبقرار تاريخي في إنهاء العمل بملحقي الباقورة والغمّر من المعاهدة، في قرار يماثل قرار تعريب الجيش العربي الأردني، وإنهاء خدمات كلوب باشا والمعاهدة البريطانية الأردنية، بما يقود ويشي ذلك، إلى بدء معركة سياسية وإعلامية ودبلوماسية واستخباراتية واقتصادية ومائية حامية الوطيس بين طرفي المعاهدة إياها، وبرغم تعاون مفترض متذبذب على طول خطوط(تل أبيب – عمان)الذي يتراوح بين الشدة المرتفعة والشدة المنخفضة، وبرغم ما يصل إلى ما يمكن وصفه بالحرب الباردة الناعمة بين تل أبيب والعاصمة الأمريكية واشنطن دي سي، فإن طرفي اتفاقية وادي عربة ما يزالان أكثر شكوكاً إزاء نوايا بعضهما البعض. وباشارة الى البعد الهيكلي البنائي في طبيعة وحقيقة جلّ العلاقات الأردنية الأسرائيلية، تعتبر أراضي المملكة الأردنية الهاشمية الأكبر لجهة امتداد الجوار الإقليمي مع(إسرائيل)، وإضافةً لذلك تمثل الضفة الغربية القلب النابض بين (إسرائيل) والأردن. يتواجد السكان الفلسطينيون بأعداد كبيرة في الضفة الغربية و(الكيان) والأردن، وهو أمر له أكثر من دلالة على خط عمان – تل أبيب. إضافةً لذلك، توجد الولايات المتحدة الأمريكية التي تقوم بدور الراعي لمسيرة علاقات خط عمان – تل أبيب، وهو أمر له أكثر من دلالة أيضاً على روابط خط عمان – تل أبيب التي تتفاوت متأرجحة، بين حالات الخلاف وحالات التعاون ومستويات التنسيق الأمني والسياسي المرتفع أحياناً والمنخفض تبعاً لمجريات التطورات في المنطقة بفعل الحدث السوري والعراقي واللبناني ومآلاتها وعقابيلها. وبحثاً في البعد القيمي الأدراكي للعلاقات الأردنية الصهيونية، برغم وجود اتفاقية سلام وادي عربة وبنودها المتعددة لجهة ضبط علاقات خط عمان – تل أبيب وتعزيز التعاون بين الطرفين، فإن هذه الاتفاقية وبنودها ما تزال عاجزة تماماً في مواجهة معطيات حقائق حتمية الجغرافيا والتاريخ. وبكلمات أخرى، فإن حتمية الجغرافيا والتاريخ ما تزال تفرض حضورها القوي وترفض بعناد الانصياع لبنود اتفاقية سلام وادي عربة، وحالياً ما يزال الرأي العام الإسرائيلي يجاهر بعدائه للأردن، وما يزال الرأي العام الأردني أكثر تمسكاً بشرعية المقاومة ضد الهمجية الإسرائيلية، والعدو في عقيدة الجيش العربي الأردني هو: (اسرائيل) بجانب الأرهاب. وعلى هذه الخلفية سيكون صعباً إن لم يكن مستحيلاً على خط عمان – تل أبيب إرغام الشعب الأردني على قبول ما لا يمكن لأي عربي قبوله!! الأسرائيليون الصهاينة لديهم بعد تفاعلي سلوكي خاص بهم وقناة يعتبرون من خلالها بأن الإدراك الإسرائيلي لروابط خط تل أبيب – عمان، يقوم على أساس الأبعاد غير المعلنة لاتفاقية وادي عربة، والتي تتمثل في أن عمان قد دخلت في الاتفاقية لجهة عقد صفقة استثنائية لا تقوم على أساس مبدأ الأرض مقابل السلام، وإنما على أساس ضمان واستمرار النظام الأردني مقابل السلام مع إسرائيل(هكذا يلحظ باعتقاد الإسرائيلي الصهيوني). يقول هذا المنظور الإسرائيلي الصهيوني والذي لا يفكر الاّ بعقلية القلعة كما وصفه المرحوم الملك الحسين في حياته في أكثر من محطة، ازاء مسارات التعنت الأسرائيلي الصهيوني في التفاهم مع الفلسطيني والأردني، وأعاد التذكير به الملك عبدالله الثاني في أكثر من سياق متساوقاً مع رؤية والده الثاقبة، يقول المنظور العبري ازاء ما اعتبره صفقة: بأن التداعيات المستقبلية القادمة ستحمل معها الكثير من المشاكل في علاقات خط عمان – تل أبيب وذلك لعدة أسباب:-
– تبدأ بالتناقض بين اعتماد النظام الأردني لسياستين: إحداهما تركز على التعاون مع العرب في الشأن العام الأردني من جهة، ومن الجهة الأخرى التعاون مع تل أبيب في الشأن الخاص بالنظام الملكي الأردني لجهة تعزيز قدرته على البقاء والاستمرار، ويرى الخبير الإسرائيلي الصهيوني(إيفرايم كام)بأن هذه الثنائية تمثل سر استمرار النظام الأردني على مدى ما يقارب منذ تأسيسه كنظام ملكي وحتّى اللحظة.
– ويضيف المنظور العبري: مروراً برؤية المخاطر لجهة أسلوب إدارة الأزمة في التعامل مع المشاكل الأردنية الداخلية، حيث درج النظام الملكي الأردني على تجميع المشاكل الداخلية ضمن ثلاثة فئات هي:
– المشاكل السياسية: ويركز النظام على التعامل معها وفقاً للمنظور الأمني – العسكري( يرى كاتب هذه السطور أنّ هذا تقيم وتقدير خاطىء بامتياز).
– المشاكل الاقتصادية: ويركز النظام على التعامل معها وفقاً لمنظور المساعدات الخارجية غير عابئ بما تفرضه على الاقتصاد الأردني من تبعية وما تضطر السياسة الخارجية الأردنية من تقديمه من تنازلات لمحور تل أبيب – واشنطن.
– المشاكل الفلسطينية: ويركز النظام الأردني في التعامل معها وفقاً لاستراتيجية إعادة توجيه الملف الفلسطيني، بما يؤدي إلى إبقائه ضمن دائرة عدم الصدام مع النظام، وضمن صفقة تتضمن عدم قيام الأطراف الفلسطينية باستهداف النظام مقابل الوجود الآمن في الأردن(نلحظ ضعف ملكي حكومي أمني أردني، في إدارة وإعادة توجيه هذا الملف منذ سنوات خلت). والسؤال هنا يقول الأسرائيلي الصهيوني في نواة دولته العبرية: ما هو مستقبل المصالح الاستراتيجية على خط عمان – تل أبيب؟ ويجيب الأسرائيليون: تطورت المصالح الاستراتيجية على خط عمان – تل أبيب، بشكل متدرج وعلى وجه الخصوص خلال الفترة التي أعقبت مطلع سبعينات القرن الماضي، وعلى هذه الخلفية يمكن الإشارة إلى النقاط الآتية:
– ينظر النظام الأردني إلى إسرائيل بشكل يتضمن الإدراك المزدوج المتناقض لجهة:
– أن إسرائيل تمثل الخطر الأكبر على أمن الأردن.
– أن إسرائيل تمثل العامل الأهم لتأمين بقاء واستمرار النظام الملكي الأردني.
– تملك إسرائيل القدرة على القيام بردع الأطراف المحلية التي تهدد النظام الأردني.
وتأسيساً على هذين الجانبين يرى الأسرائيلي، يمكن القيام بعملية ترسيم المصالح المشتركة على خط تل أبيب – عمان على أساس:
– الإدراك غير المعلن للوجود الفلسطيني باعتباره يشكل الخطر المشترك الذي يهدد وجود النظام الأردني وإسرائيل.
– الإدراك المعلن المشترك الذي يتمثل في ضرورة التمسك بالتحالف مع واشنطن باعتبارها الطرف الأقدر في العالم على تقديم “إكسير الحياة” الذي يطيل عمر النظام الأردني ويثبت وجود إسرائيل في المنطقة.
وفي ظل هذا المنظور الأسرائيلي الصهيوني لوادي عربة، تحدث الملك عبد الله الثاني في أكثر من مناسبة وسياق سياسي محلي وإقليمي ودولي، عن الداعشيّة الصهيونية بجانب الداعشيات العربية والأسلامية الأخرى، وعن حرب أهلية داخل الأسلام بين معتدل ومتطرف، وعن نقده لما يسمى بالتحالف الدولي في بداياته، بالرغم من أنّ الأردن جزء منه، في حرب هذا التحالف الهيلولوديّة المزعومة على عروق الأرهاب في المنطقة، حيث يرى كاتب هذه السطور أنّه تم توريطنا به بخلاف ما يسعى الأعلام الرسمي الأردني، وبعض المجاميع السياسية والأعلامية تصويره، حيث وصفه الملك وصفاً دقيقاً بقوله: انّه تحالف مقلوب، وجاءت الأخيرة على اطلاقها والمطلق يؤخذ على اطلاقه، وهنا يمكن بناء أكثر من سيناريو وتفسير حولها، يصل درجة الأحتمال في تعليق العمل الأردني العسكري لاحقاً في هذا التحالف الخارج اطار الشرعية الدولية. قد تدرك الدولة الأردنية أن داعش بلاء عملت على خلقه منذ زمن خلايا التفكير ومكاتب التخطيط العسكري في نواة البلدربيرغ الأمريكي ونواة الكيان الصهيوني، حيث تم خلقه ضمن سياقات(استراتيجية التكسير النظيف)لضمان أمن العالم، ولغايات تقسيم المقسّم وتجزئة المجزّأ وتفتيت المفتّت في المنطقة العربية، ونلحظ أدوار في ذلك لكل من(أويد بنون)الأسرائيلي الصهيوني الموظّف السابق في الخارجية الأسرائيلية، وكذلك لأمير الظلام(ريتشارد بيرل)، كذلك أدوار أخرى لمنظومة الشبكات العنكبوتية التجسّسية في مواقع حسّاسة في أمريكا أمثال: رودولف جيولياني، دوغلاس فيث، دايفيد، ميراف، رسمير، جون بولتون مستشار الأمن القومي لإدارة دونالد ترامب، وبجانب شيلدون اديلسون – الجنيّ الخفي، وكذلك أدوار لبعض مؤسسات غير نفعية في واشنطن مؤيدة لأسرائيل مثل: المعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي، معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، معهد الدراسات الأستراتيجية والسياسية العليا. استراتيجية تكسير نظيف عبر حروب أهلية مدنية وأثنية عرقية، أقرّت في مؤتمر القدس حول الأرهاب الدولي بدعوة من معهد جوناثان في تموز عام 1979 م، وهو على اسم شقيق بنيامين نتنياهو(جوناثان نتنياهو)الذي قتل عام 1976 م في غارة اسرائيلية على مطار أنتيبي في أوغندا لأطلاق سراح الرهائن على طائرة الخطوط الفرنسية المختطفة، حيث كشفت وثائق الأستخبارات العسكرية البريطانية أن جوناثان قتل في عملية(راية مزيفة)، والأخيرة تعبير يستخدم لوصف عملية عسكرية سريّة مصممة بشكل مخادع، بحيث يبدو بأنّ جهة أخرى قد قامت بها، خطط لها الموساد لخلق موجة تعاطف مع الأسرائليين في فرنسا ودول وساحات أخرى. فخطة أويد بنون صيغت وأقرّت لنبذ عملية السلام مع الجانب الفلسطيني برمتها، وابتلاع الضفة الغربية عبر الأستيطان والقدس الشرقية، وتقسيم المسجد الأقصى وضم وابتلاع مرتفعات الجولان وغزّة على المدى البعيد، ولجعل الأردن وطناً بديلاً عبر اثارة الفوضى فيه، واللعب بورقة الديمغرافيا بعد التعزيز والخلط الديمغرافي الأخير، بسبب الحدث السوري وصناعة اللجوء في الأردن، وقبله العراقي نتيجة للحرب على العراق عام 2003 م، والتي دفعت بموجات نزوح عراقية كبيرة نحو الأردن. غلاة المستوطنون الأسرائيليون رفعوا أعلام داعش في القدس وتل أبيب، حيث داعش وغيرها تخلق تشوّهاً تستفيد منه اسرائيل الصهيونية، والأستخبارات الأيرانية كشفت عن خطوط سريّة بين داعش ومنظمة مجاهدي خلق في العراق، وفرنسا ترعى محادثات بين مجاهدي خلق وداعش عبر المخابرات الفرنسية. رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق والذي وفّر كل الدعم لمدير المخابرات الفرنسي الفرع الخارجي في وقته برنارد باجوليه المشرف المفترض على العمليات الجويّة العسكرية الفرنسية، على داعش في العراق وسورية، هذا وتعرف زوجة مانويل فالس رئيس الوزراء الفرنسي الاسبق بعهد أولاند والذي كان له الدور السلبي نحونا، السيدة(آن غرافيون) في الوسط المخملي السياسي الفرنسي، بدعمها لأسرائيل وهي سليلة أسرة مولدوفان اليهودية الصهيونية. ولأنّ التلاميذ يا سادة نادراً جدّاً ما يهدّدون آساتذتهم، فلم يعرف أنّ قادة(إسرائيل)تحدثوا عن تهديد خطر داعش على الكيان الصهيوني، لذا تبقى اسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية الأب البيولوجي لداعش والمرشد الأيديولوجي. وهنا لا بدّ من الأشارة الى أنّ الأمير السعودي الوليد بن طلال المستثمر في مؤسسات اعلامية يملكها روبيرت مردوخ مؤيدة لأسرائيل والمحافظين الجدد، أشار هذا الأمير الوديع وبلغة واضحة جداً، الى وجود حلف يضم اسرائيل وبعض الدول الخليجية وتركيا. والحلف الأخير المشار له من قبل الوليد الأمير، يستخدم داعش كطليعة له لأعادة رسم حدود الشرق الأوسط وفقاً لأستراتيجيات التكسير النظيف وخطة أويد ينون، ليهدد ايران ومصر، ويقسّم العراق وسورية ولبنان ولجعل الأردن ليس وطناً بديلاً بل نظام سياسي بديل برأس جديد، ليصار الى هدفه الأسمى باستهداف: الفدرالية الروسية والصين.
عنوان قناتي على اليوتيوب حيث البث أسبوعياً عبرها:
https://www.youtube.com/channel/UCq_0WD18Y5SH-HZywLfAy-A
منزل – عمّان : 5674111 خلوي: 0795615721
سما الروسان في 20 – 2 – 2022 م.
التعليقات مغلقة.