منظمة التحرير الفلسطينية بانتظار التأبين / ابراهيم ابو عتيلة
ابراهيم ابو عتيلة ( الأردن ) – السبت 19/2/2022 م …
وهكذا يعلن محمود عباس للعالم أجمع موت منظمة التحرير الفلسطينية بشكل رسمي بعد أن جعلها جزءاً هامشياً من منظومة سلطة أوسلو لا حول لها ولا ، فبعد سلسلة التنازلات الممنهجة منذ بداية سبعينات القرن الماضي وعملية التنازل مستمرة دون توقف حيث يعتمد فيها حجم التنازل على ما تطلبه الصهيونية من خدامها ” الفلسطينيين ” إن جاز وصفهم ب ” الفلسطينيين ” ..
تنازلات مستمرة يعجز العقل عن استيعابها بدأت بالعبث بالميثاق القومي الفلسطيني الذي تم إقراره بتوافق وطني شامل عام 1964 أي قبل دخول ” ياسر عرفات ” إلى منظمة التحرير الفلسطينية حيث سعى عرفات وزمرته ومنذ دخول تنظيمه للمنظمة إلى تحويل صفة هذا الميثاق من قومي إلى وطني ليحد بذلك من دور الأمة العربية في الشأن الفلسطيني وذلك في عام 1968 ، ويتضح للمتابع بأن ما قام به عرفات وزمرته ومن بعده بالضرورة من خطوات ” لن أقول تنازلات فهي تعتبر كتنازلات من الشعب الفلسطيني ولكنها خطوات ممنهجة على طريق التسوية ، خطوات مرسومة بدقة تنفذها عصابة ارتضت بأن تكون أداة بيد الصهاينة ، وبعد أن تم تحويل الميثاق من قومي إلى وطني بدأ عرفات بالتعاون مع الرجعية العربية ” وللاسف بمباركة من عبد الناصر ” حرباً على اليسار الفلسطيني مستغلاً طرح الماركسية من قبل فئة انشقت عن تنظيم اليسار الأكبر في ذلك الوقت بحماية ومباركة عرفاتية تسببت في إضعاف التنظيم اليساري وخلق فصيل منافس له ينفذ تعليمات عرفات ويخطط معه لتنفيذ المزيد من الخطوات الاستسلامية ، فعملوا على إنتاج وإخراج البرنامج المرحلي ” برنامج النقاط العشر ” عام 1974 الذي كان الأساس في إضعاف خيار الكفاح المسلح والتوجه نحو التفاوض والمهادنة والاستسلام حيث تمكن عرفات بسلطته وتمكنه من ” المال ” العربي شراء ذمم كثيرة من أعضاء المجلس الوطني حتى تم إقرار واعتماد برنامج النقاط العشر من قبل المجلس والمنظمة بالضرورة وأصبح هذا البرنامج يمثل الخط التي تنتهجه المنظمة بقيادتها العرفاتية ..
ولقد تُوج عام 1974 بإنجاز آخر لعرفات لا يعادله إنجاز وهو التفويض العربي لمنظمته بأن تصبح هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب العربي الفلسطيني وهو التفويض الذي أطلق يد عرفات ومنظمته بكل ما له علاقة بالقضية والحق الفلسطيني وأزال العتب عن الدول العربية التي اصبح شعارها ” نحن لسنا فلسطينيين أكثر من المنظمة ” فهي صاحبة القضية ونحن مهمتنا مباركة ودعم كل ما تقوم به …
ويستمر قطار عصبة عرفات بالمسير دونما رادع ليوقع اتفاقياته مع فيليب حبيب ويخرج من بيروت في خطوة كبيرة نحو التخلي عن البندقية والاعتراف بالكيان المحتل … ومن ثم يلجأ للمفاوضات السرية مع الاحتلال بينه وبين الصهاينة بواسطة مستشاره والمقرب جدا منه ” عصام السرطاوي ” وخليفته ” محمود عباس ” مفاوضات سرية شارك فيها ” يوسي بيلين ويوري أفنيري وغيرهما ” من جانب الاحتلال استهدفت كل ثوابت القضية الفلسطينية … تبعها إبداع قل نظيره حين أوهم الشعب الفلسطيني بإعلان الاستقلال والدولة الموهومة عام 1988 ، في الوقت التي ما انقطعت فيه المفاوضات السرية في أوسلو وكوبنهاجن وغيرها من المحطات ليتم تتويجها أخيراً باتفاقات أوسلو والإعتراف بدولة الكيان الصهيوني والتنازل عن 78% من أرض فلسطين لتصبح حقاً معترف به للصهاينة ولقد نجم عن أوسلو إلغاء الميثاق الوطني الفلسطيني واعتبار الكفاح المسلح إرهاباً يقتضي محاربته ..
ولم يكتف الصهاينة بال 78 % بل تمددوا في النسبة المتبقية ويتسرطن الاستيطان ولم يبق من الضفة الغربية مثلاً إلا أقل من ثلثها ودونما رابط جغرافي بين الأراضي المتبقية ولينادي بأن يقام عليها دولة فلسطينية وعاصمتها القدس المحتلة جداً مع إلغاء حق العودة الأمر الذي تغنى به خليفة عرفات ” محمود عباس ” حين قال بأن العودة لا تجوز إلا من خلال السياحة فقط ولا عودة تؤثر على التركيب الديمغرافي لكيان الاحتلال ..
ويستمر مسلسل التنازلات ويستمر التخاذل والتآمر على شعب فلسطين من قبل محممود عباس ومساعديه فيتعاظم التنسيق الأمني ” المقدس ” ويتعاظم تسليم المناضلين للإحتلال تارة وتصفيتهم تارة أخرى حتى يتم إسكات كل صوت مقاوم حتى لو كان صوت طفل ، ويتعمق الخلاف بين محمود عباس وحماس وتقف الجهاد في موقف شبه محايد ويتقزم دور اليسار الذي لجأ لصيغة ” لعم ” لسلطة أوسلو حيث يرفضها ظاهريا ويرتزق من خلالها عملياً وتبدأ مسيرة الاجتماعات الماراثونية بين فتح من جهة والفصائل المختلفة من جهة أخرى ليتفق الجميع على شغار فضفاض ينص على إعادة بناء منظمة التحرير ضمن سيمفونية مزعجة تسمعها في كل وقت …
ويتم قفل باب انتخاب المجلس الوطني ويلجأ محمود عباس لتعيين المجلس المركزي وهو أمر من صلاحية المجلس الوطني اساساً وليقوم المركزي بانتخاب اللجنة التنفيذية حيث أضحت المؤسسات كلها مؤسسات وهياكل غير شرعية مهمتها فقط مباركة قرارات محمود عباس وسلطته ، وفي الاجتماع الأخير وبعد أن أعلن الكيان الصهيوني أكثر من مرة رفضه لحل الدولتين ” الموهوم ” يخرج علينا عباس باقتراح العودة لقرار التقسيم 1947 ولا أدري كيف وبأي عين يطرح ذلك والكيان يرفض مبدأ منح الفلسطينيين ال 22 % فكيف به يقبل بنسبة ال 44 % التي نص عيها قرار التقسيم …
وبعد … وحتى يتم إعادة بناء منظمة التحرير بالطريقة العباسية الأوسلوية .. يقرر عباس دون سابق إنذار إلحاق المنظمة بالسلطة الأوسلوية … ورغم الاعتقاد الثابت بان المنظمة هي الأصل والمظلة التي يفترض ان ينضوي تحتها كل فصائل العمل الوطني الفلسطيني من وافق على أوسلو ومن عارضها فأن عباس بقراره هذا يجعل من الفرع أصلاً ويجعل من المنظمة برمتها أداة أوسلوية ولسان حاله يقول لكل دعاة إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية بأن من يرد ذلك عليه أن يقر بكل قرارات واتفاقات أوسلو وما نتج عنها من استسلام وتنسيق أمني ” واللي عاجبه عاجبه واللي مش عاجبه يبلط البحر ” أو يشرب من مائه ” وهنا أرى أن على حماس والجهاد ومنظمات الديكور الفلسطيني أن تبرز موقفها ” إن وجد ” وترفض كل ذلك وكل تلك المسيرة المهزلة وعلينا جميعاً العمل بكل الطرق على إعادة الوهج للميثاق الوطني أو القومي الفلسطيني فمنطق التاريخ يقول أن العملاء ومهما طال عمرهم إلى زوال وربما يتطلب الأمر عاجلاً تأبين منظمة التحرير والبحث عن صيغة بديلة تعتمد الميثاق منهجاً ومرتكزاً .
التعليقات مغلقة.