انفصال بريطانيا عن الاتحاد اسباب وتداعيات ؟! / سامي شريم
سامي شريم ( الأردن ) الإثنين 27/6/2016 م …
في اعتقادي أن بريطانيا أكبر المتضررين من هذا القرار ، حيث يُشكل الاقتصاد البريطاني 16% من حجم اقتصاد الاتحاد الأوروبي، ويُشكل عدد السكان 13% من عدد سكان الاتحاد ، وبذلك يكون الاقتصاد البريطاني قد فقد سوقاً يُشكل 7 أضعاف السوق البريطاني بما سيؤدي إلى كساد الأسواق البريطانية ويكون الاتحاد قد فقد ما يُقارب خمس سوقه تقريباً ، وبما سيؤدي أيضاً إلى كساد في سوق الاتحاد وهذا ما يُبرر الهبوط الحاد لأسعار النفط لأسواق المال والتي تٌعتبر باروميتر الاقتصاد في الأسواق الكفؤة كما في بريطانيا ودول الاتحاد.
وبالعودة إلى تقديرات مؤسسات دولية وازنة كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي والمنظمة العالمية للتجارة الدولية والتي تُعتبر بمثابة مثلث برمودا للاقتصاد العالمي كلها كانت تحذر البريطانيين من الإقدام على هذه الخطوة كونها عملية سياسية قانونية معقدة ذات تداعيات خطيرة وهو رأي تقني مُتخصص بعيداً عن الثورات الشعبوية التي قادها اليمين المتطرف ضد الأحزاب الراسخة بممارسة تأثيره على الفئات الأكبر سناً والأكثر فقراً والأقل تعليماً من باب الميل لتجديد الساسة وهدم المؤسسات القائمة ، ودون الاعتماد على الرأي التقني المتخصص فقد سارع اليمين المتطرف بقيادة بوريس جونسون بالترويج لفكرة الانفصال معتمداً على الترويج للضوابط التي وضعها الاتحاد على عجز الموازنة وسقف الدين وتحديد ساعات العمل والحد من القدرة على دعم أية قطاعات اقتصادية بعيداً عن قيود الاتحاد والمبالغة في التخوف من سلطة منطقة اليورو على مجريات القرار البريطاني وخصوصاً ما يتعلق بقوانين الهجرة وترويج فكرة توقف نمو منطقة اليور لصالح الاقتصاديات الصاعدة كالصين والهند معتمداً على أن الاقتصاد البريطاني كان الرافعة لنسبة النمو في منطقة اليورو حيث بلغ معدل النمو 2,9% في بريطانيا مقارنة بـ2% لمنطقة اليورو عام 2015 وقد اعتمدت الحملة على التشكيك بنتائج الدراسات والتحاليل المتخصصة من قبل ثلاثية الاقتصاد الدولي دفعاً باتجاه الاستفتاء.
وجرى الاستفتاء وثار دعاة الانفصال بواقع 2% تقريباً ولكنها الديمقراطية واحترام الذات ، واستقال كاميرون تاركاً دعاة الانفصال لإدارة مرحلة التفاوض مع الاتحاد الأوروبي وسارع زعماء الاتحاد بالتصريح بأنهم يستعجلون اجراءات الانفصال علماً بأن على الاتحاد التروي والاستفادة من مُهلة العامين التي قررها دستور الاتحاد للمفاوضات في حال الانفصال.
إذا علمنا أن فائض الاتحاد الناجم عن وجود بريطانيا يصل في الحد الأدنى إلى 56 مليار يورو على الصعيد الاقتصادي فإن المستفيد من الانفصال لوكسمبرغ حيث ستكون المركز المالي للاتحاد بدل لندن و الدول المستوردة للطاقة بسبب الكساد الذي سيُخلفهُ الانفصال ، وبالتأكيد الدول المصدرة التي ستحل محل دول الاتحاد في تأمين حاجة السوق البريطاني وسوق الاتحاد كبديل عن السلع البريطانية .
بقي أن ننوه أن الأردن سوف يستفيد من انخفاض الجنية الاسترليني الذي سينعكس على اسعار السلع المستوردة وكذا سعر اليورو ، كذلك سيستفيد من انخفاض اسعار النفط نتيجة للكساد الذي سيٌقلل الطلب على النفط ويضغط على الاسعار باتجاه الهبوط.
وعلى الصعيد السياسي في اوروبا سيتوالى انهيار الولاءات التقليدية وهيمنة نظام الحزبين لصالح اليمين المتطرف وقد تتوالى محاولات الانفصال عن الاتحاد بما يفاقم الأزمة وقد تنتهي هذه الحركات إلى كوارث؟؟!!.
على الصعيد السياسي يخسر العالم العربي موقف الاتحاد الاوروبي المتوازن من أزمات المنطقة وسيذهب البريطانيون إلى التحالف مع التطرف الأمريكي من قضايا المنطقة .
عذراً للإطالة وللحديث بقية.
التعليقات مغلقة.