كيف اختُزِل الصراع العربي ضد الصهيونية والامبريالية إلي “المسألة الفلسطينية”
أ.د.محمد أشرف البيومي *( مصر ) الإثنين 27/6/2016 م …
*أستاذ الكيمياء الفيزيائية بجامعة الإسكندرية وجامعة ولاية ميشجان سابقاً
قرأنا أخبارا عديدة ومؤلمة حول التعاون العربي الصهيوني والامريكي فمن السلام الدافيء الذي طرحه الرئيس المصري السيسي إلي العلاقات والاتفاقات السرية والتي أصبحت علنية بين كيانين وظيفين الكيان الصهيوني وكيان آل سعود ثم مساهمة عربية مكثفة في مؤتمر هرتسيليا الأخير والذي ينظمه العدو الصهيوني وكان من بين المساهمين فيه قياديين في منظمة التحرير الفلسطينية.
أجد من الضروري التوقف لعرض الكيفية التي وصلنا بها إلي هذا المستوي من التدهور، ومناقشة المصطلحات المنتشرة وكانها أصبحت من المسلمات مثل مصطلح “القضية الفلسطينية” بدلا من الصراع العربي ضد الصهيونية والإمبريالية و”وحدة الفصائل الفلسطينية” بدلا من وحدة المقاومين الفلسطينيين بهدف التحرير وليس التحريك السياسي. باختصار لابد من خروجنا من “اللغوصة الفكرية” السائدة والعودة للأصول الأساسية
لقد أصبح جليا وواضحا كيف تمت عملية اختزال مبرمج للصراع عبر الأربعة عقود الأخيرة. وعندما نسترجع مسار الصراع عبر أربعة عقود لا بد من ملاحظة أن التخلي عن مكون أساسي من الصراع واكبه إعادة تعريف الصراع وبروز شعار مصاحب براق مخادع.
لنسأل أنفسنا متي أصبحنا نتكلم عن الصراع بصيغة”القضية الفلسطينية”؟؟
في السابق خصوصا في مرحلة صعود حركات التحرر الوطني في عهد جمال عبد الناصر كنا نتحدث عن “صراع عربي ضد كيان صهيوني عنصري استيطاني مغتصب وحليف استراتيجي للاستعمار(الأمبريالية)”. ما ذا حدث إذاً؟
رغم الهزيمة العسكرية الكبري عام 1967، بدأت عملية المراجعة وحرب الاستنزاف والتأكيد علي رفض الهزيمة سياسيا وفكريا معبراً عن ذلك بشعار “ما يؤخذ بالقوة لا بد وأن يسترد بالقوة”.
أدي صعود دور الرجعية العربية واستثمارها المغرض لهزيمة 67 العسكرية والتي حرضت عليه السعودية حسب الوثائق الرسمية (انظر مقال تاريخ وطبيعة العلاقات المصرية مع “شقيقتها” السعودية في 5 مايو 2016) إلي اختزال الصراع فأصبح تعريفه ب” الصراع العربي الصهيوني “. مهد لهذا التغيير ترديد مقولات خبيثة من اهمها شعار” تحييد أمريكا“ الذي استهدف التخلي عن العنصر الامبريالي ونزعه تعسفيا رغم محوريته في الصراع. أراح ذلك دول الرجعية العربية وشخصيات انتهازية كثيرة إذ سمح لهم بادعاء وقوفهم ضد إسرائيل مع استمرار تبعيتهم لأمريكا ونشر مفهوم كاذب ومضحك وهو أن أمريكا مغلوب علي أمرها من قبل اللوبي الصهيوني الذي يتحكم في السياسات الأمريكية. وأصبح معظم المثقفين يتبنون هذه المقولة الخبيثة. والحقيقة رغم شواهد مضللة، إلا أن أن هناك تطابق كبير بين الإمبريالية وصنيعتها إسرائيل والتي تقوم بدور القاعدة العسكرية المتقدمة لها والعامل الأساسي لاستكمال الهيمنة علي العالم العربي وإضعاف مجتمعاته ودوله وجيوشه.
لم يقف الأمر عند هذا الحد فقد استتبع ذلك صياغة توصيف جديد للصراع فأصبحنا نتحدث عن “القضية العربية الاسرائيلية”مما يعني نزع صفة هامة للكيان الصهيوني العنصري الاستيطاني وأيضا صفة الصراع. اصبحت اسرائيل وكأنها دولة عادية قامت حروب بينها ودول عربية ومشكلتنا معها أنها لازالت منتهكة للحقوق الفلسطسنية التي لابد من استرداد جزء، وبذلك اصبحت القضية مثل العداء بين دولتين شرعيتين، وانتشر مفهوم أن كل عداء ينتهي بمفاوضات وصلح ومعاهدات. صاحب ذلك شعارات مصاحبة مثل “شعار الحقوق الفلسطينية”و شعارات منادية بالسلام مثل “السلام خيارنا الاستراتيجي”، وكذلك شعارات تستهزأ بمن لا زال متمسكا بالتحرير الكامل ووصف شعاراتهم بالخشبية واللاواقعية.
انتهت الأمور بمصيبة من الوزن الثقيل ووقع اتفاق كامب دافيد ومعاهدة ” السلام” وأعلن السادات أن “أكتوبر آخر الحروب”. أصبح هذا الشعار مقتصر علي الدول العربية فقط ولا ينطبق علي إسرائيل التي انطلقت تشن العدوان تلو الآخرعلي العراق ولبنان وسوريا وفلسطين وكان رد الفعل العربي الرسمي: آسفين فلقد قالو لنا أن أكتوبر آخر الحروب.
استمرت عملية الاختزال هذه فنزعت صفة “العربية” وأصبحنا نتحدث عن “القضية الفلسطينية الإسرائيلية“ وبرز شعار “نقبل ما تقبله المنظمة ونرفض ما ترفضه” وهكذا انجز الاعداء خطوة متقدمة في تمييع الصراع فالشان اصبح فلسطينيا محضا والعرب مشاهدين من بعد وبعضهم مناصرين في احسن الاحوال. تحت هذا الشعار المغرض أصبح من الممكن التضامن أو نبذ الفلسطينيين فالمسألة أصبحت اختيارية. بعد كامب دافيد وادعاء ساداتي بان المنظمة رفضت استلام الضفة وغزة عبر مفاوضات في مينا هاوس اثار الاعلام المصري حملات تشويه ضد الفلسطينين مثل شعار “أولها فلس وآخرها طين” وترديد مقولات كاذبة مثل “الفلسطينيون باعوا ارضهم” وساهم في دعم الشعور السلبي تجاه الفلسطينين تصرفات شريحة مستغلة وفاسدة من الفلسطينيين وقياداتهم.
لم يتوقف دهاء العداء عند هذا الحد فبصعود تيار الإسلام السياسي وانحسار التيارات القومية واليسارية أصبحت القضية عداءا دينيا بين المسلمين واليهود وتردد شعار “خيبر خيبر يا يهود جيش محمد سيعود” وهو شعار يقدم خدمة كبيره للصهيونية التي طالما سعت إلي وحدة يهود العالم سواء أشكيناز لا علاقة لهم بيهود خيبر أو سيفارديم. في هذا المجال أصبح مسيحيو فلسطين وكأن لا شأن لهم بالأمور وكأن لا وجود لهم و أن الصهاينة استثنوهم من التشريد والطرد ولم ينهبوا أراضيهم وممتلكاتهم مثلهم مثل المسلمين وأصحاب الديانات الأخري.
حلت مصيبة أوسلو وهلل لها بعض الفلسطينيين كانجاز كبير ونتيجة ل “سلام الشجعان” جاء معها التنسيق الأمني وأصبح البوليس الفلسطيني يقمع المقاومة مع أعوانه الصهيونيين (نفس أسلوب الاستعمار في مصر عندما كان البوليس المصري يقمع المتظاهرين والمقاومين مع فارق أساسي وهو أن مصر كانت دولة تحت الاحتلال البريطاني وليست كما في فلسطين فالاستعمار الصهيوني استيطاني بكل تداعيته من اغتصاب الأرض والثقافة والتاريخ والتهجير والمذابح).
ثم برزت إمارة اسلامية في غزة من ثمار أوسلو والدخول جنة الديمقراطية المعجزة لتعادي كيانا فلسطينيا زائفا ومشوها في رام الله. برز شعار “الوحدة الفلسطينية“ بين معسكر أوسلو في رام الله وإمارة غزة.
لا ننكر المقاومة الشرسة للمقاومة الفلسطينية وفي قلبها الاسلامية، ولكن كم من انجازات مقاومة تم اجهاضها سياسيا وخير مثال علي ذلك هي حرب أكتوبر 1973 التي أبرزت المعدن الحقيقي للجندي المصري وشجاعته واستعداده لفداء وطنه ثم جاء دور القيادة السياسية فحطم انجازاته وانتهي الأمر بتكبيل مصر بمعاهدة كامب دافيد المشئومة بتداعياتها الخطيرة علي الوطن العربي كله. لا يصح أن ينخدع أحد بممارسات القيادة السياسيىة الحمساوية أو أن نفصل هذه الممارسات عن بعضها. فخيانة قيادات حماس وطعنها لسوريا في ظهرها في مخيم اليرموك في قلب دمشق لا يمكن أن يغتفر وانتقالها لقطر دليل إضافي لتوجهاتها المنحرفة. أما حكومة عباس في رام الله وتنسيقها الأمني مع العدو الصهيوني يسقطها تماما من الصف الوطني ويضعها في زمرة اعداء المقاومة. فاي وحدة يبغي المنادون بها بين فتح وحماس مزيد من التضليل أوالسذاجة أوعدم الجدية أو التشوش الفكري. الوحدة المطلوبة هي بين المقاومين الحقيقيين.
ثم الأن و في نهاية الأمر تحول الصراع بقيادة آل سعود وقطر إلي صراع عربي إيراني مفتعل جعل من اسرائيل حليفا مع دول عربية ضد عدو مشترك هو أيران، تطبيقا لمقولة مغرضة عدو إيران – عدوي اللدود- صديقي. وكان لا بد من اشعال نيران الطائفية لفأصبحت الشيعة عدو للسنة رغم أن إيران كانت شيعية أيام الشاه صديق الكيان الصهيوني والسعودية.
نعم الوضع الآن سيء وفقدان الثقة عميق ولكن الشعب الفلسطيني رغم كل شيء لم ولن يستسلم كما بينت الأحداث. بل أن بوادر البحث عن اشكال جديدة للمقاومة خارج الأطر الفاشلة أو المنحرفة. وقد يبدوا للبعض أن هذه هي نهاية المطاف القبول بهيمنة الكيان الصهيوني والامبريالية علي الوطن العربي وكأنه لا فكاك من مصير محتوم خصوصا مع غرق مصر في شباك التبعية المزدوجة أمريكيا وسعوديا. ولكن دروس التاريخ والواقع يدل علي أن هذه ليست النهاية بل البداية.
إنالبداية الصحيحة تلزمنا بالعودة للأصول، فالصراع العربي ضد ثلاثي الأعداء: الإمبريالية والكيان الصهيوني العنصري والرجعية العربية بجناحها الفلسطيني. كما أن أمامنا دليل عملي أن الصمود والانتصار ممكنبل أنه يؤدي إلي نتائج إيجابية لا تقارن بنتائج الحلول السلمية والمفاوضات الأبدية. هذا الدليل العملي ليس له أمثلة فقط في بلاد غير عربية بل أيضا في وطننا العربي فهاهي سوريا صامدة في وجه قوي عاتية وهاهي المقاومة اللبنانية حققت بالفعل انتصارات هائلة مرتين. فالصمود والانتصار لم يعد حلما بعيدا بل هدفا يمكن و لا بد من تحقيقه.
خريطة طريق للاستسلام العربي
تعريف الصراع العنصر المنتزع الشعار المصاحب صراع عربي ضد كيان صهيوني ———— ما يؤخذ بالقوة لا يسترد عنصري استيطاني مغتصب وحليف إلا بالقوة استراتيجي للاستعمار(الأمبريالية) وضد الرجعية العربية
صراع عربي صهيوني الإمبريالية تحييد أمريكا والدور الوظيفي للكيان كاداة لها . قضية عربية – إسرائيلية صهيونية الكيان السلام خيارنا الاستراتيجي أكتوبر آخر الحروب
قضية فلسطينية – إسرائيلية الصفة العربية نقبل ما تقبله المنظمة ونرفضما ترفضه تعريف الصراع العنصر المضاف الشعار المصاحب مسألة اسلامية ومواجهة سيادة الدور وحدة فتح وحماس مع ايران كعدو مشترك الرجعي العربي مع اسرائيل
|
الإثنين 27/6/2016 م …
أ.د.محمد أشرف البيومي *( مصر )
*أستاذ الكيمياء الفيزيائية بجامعة الإسكندرية وجامعة ولاية ميشجان سابقاً
قرأنا أخبارا عديدة ومؤلمة حول التعاون العربي الصهيوني والامريكي فمن السلام الدافيء الذي طرحه الرئيس المصري السيسي إلي العلاقات والاتفاقات السرية والتي أصبحت علنية بين كيانين وظيفين الكيان الصهيوني وكيان آل سعود ثم مساهمة عربية مكثفة في مؤتمر هرتسيليا الأخير والذي ينظمه العدو الصهيوني وكان من بين المساهمين فيه قياديين في منظمة التحرير الفلسطينية.
أجد من الضروري التوقف لعرض الكيفية التي وصلنا بها إلي هذا المستوي من التدهور، ومناقشة المصطلحات المنتشرة وكانها أصبحت من المسلمات مثل مصطلح “القضية الفلسطينية” بدلا من الصراع العربي ضد الصهيونية والإمبريالية و”وحدة الفصائل الفلسطينية” بدلا من وحدة المقاومين الفلسطينيين بهدف التحرير وليس التحريك السياسي. باختصار لابد من خروجنا من “اللغوصة الفكرية” السائدة والعودة للأصول الأساسية
لقد أصبح جليا وواضحا كيف تمت عملية اختزال مبرمج للصراع عبر الأربعة عقود الأخيرة. وعندما نسترجع مسار الصراع عبر أربعة عقود لا بد من ملاحظة أن التخلي عن مكون أساسي من الصراع واكبه إعادة تعريف الصراع وبروز شعار مصاحب براق مخادع.
لنسأل أنفسنا متي أصبحنا نتكلم عن الصراع بصيغة”القضية الفلسطينية”؟؟
في السابق خصوصا في مرحلة صعود حركات التحرر الوطني في عهد جمال عبد الناصر كنا نتحدث عن “صراع عربي ضد كيان صهيوني عنصري استيطاني مغتصب وحليف استراتيجي للاستعمار(الأمبريالية)”. ما ذا حدث إذاً؟
رغم الهزيمة العسكرية الكبري عام 1967، بدأت عملية المراجعة وحرب الاستنزاف والتأكيد علي رفض الهزيمة سياسيا وفكريا معبراً عن ذلك بشعار “ما يؤخذ بالقوة لا بد وأن يسترد بالقوة”.
أدي صعود دور الرجعية العربية واستثمارها المغرض لهزيمة 67 العسكرية والتي حرضت عليه السعودية حسب الوثائق الرسمية (انظر مقال تاريخ وطبيعة العلاقات المصرية مع “شقيقتها” السعودية في 5 مايو 2016) إلي اختزال الصراع فأصبح تعريفه ب” الصراع العربي الصهيوني “. مهد لهذا التغيير ترديد مقولات خبيثة من اهمها شعار” تحييد أمريكا“ الذي استهدف التخلي عن العنصر الامبريالي ونزعه تعسفيا رغم محوريته في الصراع. أراح ذلك دول الرجعية العربية وشخصيات انتهازية كثيرة إذ سمح لهم بادعاء وقوفهم ضد إسرائيل مع استمرار تبعيتهم لأمريكا ونشر مفهوم كاذب ومضحك وهو أن أمريكا مغلوب علي أمرها من قبل اللوبي الصهيوني الذي يتحكم في السياسات الأمريكية. وأصبح معظم المثقفين يتبنون هذه المقولة الخبيثة. والحقيقة رغم شواهد مضللة، إلا أن أن هناك تطابق كبير بين الإمبريالية وصنيعتها إسرائيل والتي تقوم بدور القاعدة العسكرية المتقدمة لها والعامل الأساسي لاستكمال الهيمنة علي العالم العربي وإضعاف مجتمعاته ودوله وجيوشه.
لم يقف الأمر عند هذا الحد فقد استتبع ذلك صياغة توصيف جديد للصراع فأصبحنا نتحدث عن “القضية العربية الاسرائيلية”مما يعني نزع صفة هامة للكيان الصهيوني العنصري الاستيطاني وأيضا صفة الصراع. اصبحت اسرائيل وكأنها دولة عادية قامت حروب بينها ودول عربية ومشكلتنا معها أنها لازالت منتهكة للحقوق الفلسطسنية التي لابد من استرداد جزء، وبذلك اصبحت القضية مثل العداء بين دولتين شرعيتين، وانتشر مفهوم أن كل عداء ينتهي بمفاوضات وصلح ومعاهدات. صاحب ذلك شعارات مصاحبة مثل “شعار الحقوق الفلسطينية”و شعارات منادية بالسلام مثل “السلام خيارنا الاستراتيجي”، وكذلك شعارات تستهزأ بمن لا زال متمسكا بالتحرير الكامل ووصف شعاراتهم بالخشبية واللاواقعية.
انتهت الأمور بمصيبة من الوزن الثقيل ووقع اتفاق كامب دافيد ومعاهدة ” السلام” وأعلن السادات أن “أكتوبر آخر الحروب”. أصبح هذا الشعار مقتصر علي الدول العربية فقط ولا ينطبق علي إسرائيل التي انطلقت تشن العدوان تلو الآخرعلي العراق ولبنان وسوريا وفلسطين وكان رد الفعل العربي الرسمي: آسفين فلقد قالو لنا أن أكتوبر آخر الحروب.
استمرت عملية الاختزال هذه فنزعت صفة “العربية” وأصبحنا نتحدث عن “القضية الفلسطينية الإسرائيلية“ وبرز شعار “نقبل ما تقبله المنظمة ونرفض ما ترفضه” وهكذا انجز الاعداء خطوة متقدمة في تمييع الصراع فالشان اصبح فلسطينيا محضا والعرب مشاهدين من بعد وبعضهم مناصرين في احسن الاحوال. تحت هذا الشعار المغرض أصبح من الممكن التضامن أو نبذ الفلسطينيين فالمسألة أصبحت اختيارية. بعد كامب دافيد وادعاء ساداتي بان المنظمة رفضت استلام الضفة وغزة عبر مفاوضات في مينا هاوس اثار الاعلام المصري حملات تشويه ضد الفلسطينين مثل شعار “أولها فلس وآخرها طين” وترديد مقولات كاذبة مثل “الفلسطينيون باعوا ارضهم” وساهم في دعم الشعور السلبي تجاه الفلسطينين تصرفات شريحة مستغلة وفاسدة من الفلسطينيين وقياداتهم.
لم يتوقف دهاء العداء عند هذا الحد فبصعود تيار الإسلام السياسي وانحسار التيارات القومية واليسارية أصبحت القضية عداءا دينيا بين المسلمين واليهود وتردد شعار “خيبر خيبر يا يهود جيش محمد سيعود” وهو شعار يقدم خدمة كبيره للصهيونية التي طالما سعت إلي وحدة يهود العالم سواء أشكيناز لا علاقة لهم بيهود خيبر أو سيفارديم. في هذا المجال أصبح مسيحيو فلسطين وكأن لا شأن لهم بالأمور وكأن لا وجود لهم و أن الصهاينة استثنوهم من التشريد والطرد ولم ينهبوا أراضيهم وممتلكاتهم مثلهم مثل المسلمين وأصحاب الديانات الأخري.
حلت مصيبة أوسلو وهلل لها بعض الفلسطينيين كانجاز كبير ونتيجة ل “سلام الشجعان” جاء معها التنسيق الأمني وأصبح البوليس الفلسطيني يقمع المقاومة مع أعوانه الصهيونيين (نفس أسلوب الاستعمار في مصر عندما كان البوليس المصري يقمع المتظاهرين والمقاومين مع فارق أساسي وهو أن مصر كانت دولة تحت الاحتلال البريطاني وليست كما في فلسطين فالاستعمار الصهيوني استيطاني بكل تداعيته من اغتصاب الأرض والثقافة والتاريخ والتهجير والمذابح).
ثم برزت إمارة اسلامية في غزة من ثمار أوسلو والدخول جنة الديمقراطية المعجزة لتعادي كيانا فلسطينيا زائفا ومشوها في رام الله. برز شعار “الوحدة الفلسطينية“ بين معسكر أوسلو في رام الله وإمارة غزة.
لا ننكر المقاومة الشرسة للمقاومة الفلسطينية وفي قلبها الاسلامية، ولكن كم من انجازات مقاومة تم اجهاضها سياسيا وخير مثال علي ذلك هي حرب أكتوبر 1973 التي أبرزت المعدن الحقيقي للجندي المصري وشجاعته واستعداده لفداء وطنه ثم جاء دور القيادة السياسية فحطم انجازاته وانتهي الأمر بتكبيل مصر بمعاهدة كامب دافيد المشئومة بتداعياتها الخطيرة علي الوطن العربي كله. لا يصح أن ينخدع أحد بممارسات القيادة السياسيىة الحمساوية أو أن نفصل هذه الممارسات عن بعضها. فخيانة قيادات حماس وطعنها لسوريا في ظهرها في مخيم اليرموك في قلب دمشق لا يمكن أن يغتفر وانتقالها لقطر دليل إضافي لتوجهاتها المنحرفة. أما حكومة عباس في رام الله وتنسيقها الأمني مع العدو الصهيوني يسقطها تماما من الصف الوطني ويضعها في زمرة اعداء المقاومة. فاي وحدة يبغي المنادون بها بين فتح وحماس مزيد من التضليل أوالسذاجة أوعدم الجدية أو التشوش الفكري. الوحدة المطلوبة هي بين المقاومين الحقيقيين.
ثم الأن و في نهاية الأمر تحول الصراع بقيادة آل سعود وقطر إلي صراع عربي إيراني مفتعل جعل من اسرائيل حليفا مع دول عربية ضد عدو مشترك هو أيران، تطبيقا لمقولة مغرضة عدو إيران – عدوي اللدود- صديقي. وكان لا بد من اشعال نيران الطائفية لفأصبحت الشيعة عدو للسنة رغم أن إيران كانت شيعية أيام الشاه صديق الكيان الصهيوني والسعودية.
نعم الوضع الآن سيء وفقدان الثقة عميق ولكن الشعب الفلسطيني رغم كل شيء لم ولن يستسلم كما بينت الأحداث. بل أن بوادر البحث عن اشكال جديدة للمقاومة خارج الأطر الفاشلة أو المنحرفة. وقد يبدوا للبعض أن هذه هي نهاية المطاف القبول بهيمنة الكيان الصهيوني والامبريالية علي الوطن العربي وكأنه لا فكاك من مصير محتوم خصوصا مع غرق مصر في شباك التبعية المزدوجة أمريكيا وسعوديا. ولكن دروس التاريخ والواقع يدل علي أن هذه ليست النهاية بل البداية.
إنالبداية الصحيحة تلزمنا بالعودة للأصول، فالصراع العربي ضد ثلاثي الأعداء: الإمبريالية والكيان الصهيوني العنصري والرجعية العربية بجناحها الفلسطيني. كما أن أمامنا دليل عملي أن الصمود والانتصار ممكنبل أنه يؤدي إلي نتائج إيجابية لا تقارن بنتائج الحلول السلمية والمفاوضات الأبدية. هذا الدليل العملي ليس له أمثلة فقط في بلاد غير عربية بل أيضا في وطننا العربي فهاهي سوريا صامدة في وجه قوي عاتية وهاهي المقاومة اللبنانية حققت بالفعل انتصارات هائلة مرتين. فالصمود والانتصار لم يعد حلما بعيدا بل هدفا يمكن و لا بد من تحقيقه.
خريطة طريق للاستسلام العربي
تعريف الصراع العنصر المنتزع الشعار المصاحب صراع عربي ضد كيان صهيوني ———— ما يؤخذ بالقوة لا يسترد عنصري استيطاني مغتصب وحليف إلا بالقوة استراتيجي للاستعمار(الأمبريالية) وضد الرجعية العربية
صراع عربي صهيوني الإمبريالية تحييد أمريكا والدور الوظيفي للكيان كاداة لها . قضية عربية – إسرائيلية صهيونية الكيان السلام خيارنا الاستراتيجي أكتوبر آخر الحروب
قضية فلسطينية – إسرائيلية الصفة العربية نقبل ما تقبله المنظمة ونرفضما ترفضه تعريف الصراع العنصر المضاف الشعار المصاحب مسألة اسلامية ومواجهة سيادة الدور وحدة فتح وحماس مع ايران كعدو مشترك الرجعي العربي مع اسرائيل
|
التعليقات مغلقة.