المأزوم والمجرم وتلخيص العلاقة التركية الإسرائيلية / عمر كلاب
عمر كلاب ( الأردن ) الخميس 30/6/2016 م …
يعيش الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أزمة داخل حزبه ومع مجتمعه وسبقها بأزمة مع حليفه القوي الذي تخلص منه أردوغان بما يقرُب الفضيحة او الخيانة، الازمات التي يعيشها الرئيس الذي حاز على شعبية غير مسبوقة في المجتمع التركي والعربي ، حازها بحكم نرجسيته الذاتية التي كشفها قصره الرئاسي وتعديلاته الدستورية وباقي مسلكه الرسمي وكذلك بحكم انهيار تحالفاته وخسائره في الاقليم ، فقد بدأ اردوغان عهده في خندق الممانعة رغم استراتيجية علاقته ودولته بالكيان الصهيوني ، وقام محور الممانعة باحزابه وجبهاته بالنشيد لهذا الزعيم التاريخي ، قبل ان ينقسم محور الممانعة ويجلس الاخوان في حضن الاتراك و الحضن القطري والاحضان موصولة كلها بالحضن الامريكي الاسرائيلي حتى لا يلتبس على احد طبيعة الخبر الجديد عن تطبيع العلاقات بين الكيان الصهيوني وتركيا بمباركة من جماعة الاخوان ممثلة بحركة حماس .
رؤية أردوغان ومواقفه حيال الملف السوري والأزمة السورية ، عمقّت ازمة الاتاتورك العثماني بعمامة ازهرية ، وقبل ذلك موقفه من مصر واحداثها ، فالرجل دخل رهان العلاقة مع الاخوان مسنودا بموقف غربي “ امريكي – اوروبي “ قبل ان يتركه الغرب لاحلامه واوهامه إثر سقوط مشروع الاخوان في الحكم لاسباب متنوعة ومتعددة منها الذاتي ومنها الموضوعي ، وحمل الرجل ملف الغاز المتطاير عنوانا بديلا للخليج العربي وربما للامة العربية الضعيفة لكنها اصلب من حالة الغاز السائلة التي راهن عليها اردوغان ، المفجوع بحادث ارهابي مُدان وقبله حوادث ارهابية ولا اظنها ستتوقف قريبا ، فالرجل واستخباراته شركاء في انعاش داعش الارهابية وتوفير الدعم اللوجستي والممرات الآمنة وبحكم منطق الاشياء يذوق طباخ السمّ طبخته .
ازمات أردوغان يجب الا تطغى على الكاريزما التي يحملها الرجل ولا على البرنامج الوطني الذي نجح من خلاله في نقل تركيا الى مصاف الدول المتقدمة والناجحة في الاقتصاد والتصنيع ، ولكنه فشل في توفير حاضنة سياسية لاقتصاده بعد ان تناقض مع فقه رأس المال الذي لا يعترف بالدين والجنسية والانحياز ، فدخل معركة مصر وسوريا كزعيم سُنّي استعدى زعامة السُنّة التقليدية وجواره الشيعي ، فكانت عودته الى الحضن الصهيوني مكللا بالازمات واجبة ، فظرف شريكه ليس بأحسن حال منه بوصول ليبرمان الى معقل الحكومة اليمينية وضرورة توجيه رسالة ناعمة الى المجتمع الدولي والمحيط الاقليمي بعد ليبرلمان ، فتلاقت الارادتان بين المأزوم والمجرم لترطيب العلاقة ليستفيد كل طرف من كريمات الآخر ، فالكيان الصهيوني بحاجة الى موانة اردوغان على حماس الحركة ، وتركيا تحتاج الى وساطة تل ابيب عند الدواعش والمتطرفين الذين اختاروا مستشفيات الصهاينة ملاذا لمداواة جراحهم .
اردوغان ونتنياهو تجمعهما صفاة ذاتية مشتركة وتجمع بلديهما علاقة تاريخية ، تتراجع على المستوى السياسي ولكنها ابدا لم تتراجع غلى المستويين الاقتصادي والعسكري ، فكليهما يحمل نرجسية عالية وكليهما نجح في بناء مجتمعه المحلي وانهاء خصومه السياسيين ، فلا منافس حقيقيا لنتنياهو في الكيان الصهيوني ولا اخال منافسا لاردوغان في تركيا التي يمكنها انتاج بديل بالضرورة أقل كفاءة من أردوغان ولكنه قد يكون اكثر انتاجية منه على عكس الكيان الصهيوني الذي استباحه اليمين .
علاقة الكيان الصهيوني وتركيا علاقة استراتيجية بالمعنى السياسي والمصلحي وكلاهما ينشد من الآخر خدمات لا يمكن لغيره تقديمها ، فشرعية وجود الكيان في الاقليم يتطلب دولة إسلامية قابلة به فكيف اذا كانت هذه الدولة هي حاضنة آخر خلافة إسلامية وتركيا تبحث عن رعب للجوار والاقليم تستطيع به ضرب جميع المنافسين والخصوم على حد سواء وما زاد مؤخرًا هو طبيعة البناء الشخصي المتشابهة لنتنياهو واردوغان بالنرجسية والوقاحة السياسية فتلاقى المأزوم والمجرم على قاعدة الحاجة والضرورة ومن لا يفهم جذر واسس العلاقة سيخسر كثيرا في التحالفات القادمة .
التعليقات مغلقة.