تمكين المرأة قوة لتغيير المجتمع / فواد الكنجي




 

فواد الكنجي ( العراق ) – الخميس 10/3/2022 م …

في اليوم العالمي للمرأة الذي يوافق الثامن من شهر آذار من كل عام؛ أقرت (الأمم المتحدة) نتيجة زيادة معدل العنف ضد المرأة بتعين مقرر خاص تكون مهامه القيام بالتحقيق ودراسة أسباب العنف ضد المرأة وعواقبها النفسية والجسدية عليها؛ حيث يقوم برصدها والتوصية من اجل وضع حلول لإنهائها، وبعد ذلك قررت (الأمم المتحدة) إنشاء (مجلس حقوق المرأة) يتكون من خبراء قانونيين مختصين بمسألة التمييز ضد المرأة؛ ليتم وضع ذلك في القوانين وفي الممارسة؛ حتى جاء (اليوم العالمي للمرأة) لتحصل المرأة على حقوقها، حيث اعتبر هذا اليوم بمثابة عيد وتكريما للمرأة؛ لتتويج إنجازاتها ومساهماتها في تطوير المجتمع، ولهذا اعتبر هذا اليوم في الكثير من بلدان العالم الحر عيدا وطنيا للمرأة؛ فيه حصلت المرأة على حقوقها ليتم لهن الاحتفال على اختلاف قوميات وديانات وثقافات شعوب العالم بهذا اليوم؛ عبر تجمعات احتفالية باستعراض تاريخ نضالها من اجل المساواة.. والعدل.. والسلام.. والاحتفال بما تم انجازه بعد إن أثبتن قدرتهن على التغيير الإيجابي في المجتمع في مختلف جوانب الحياة بكونها لعبت المرأة دورا محوريا وأساسيا في بناء وإدارة الأسرة وما يقع على عاتقها كزوجة ومساندتها للرجل وكأم من مسؤوليتها تربية الأطفال الذين يشكلون طلائع الأجيال القادمة ونهضة الأمم؛ لان الجانب الأكبر في تنشئة الأطفال يكون من مسؤوليتها فتسعى بحرص شديد بتربيتهم على مبادئ الحياة الاجتماعية والعادات السليمة وفي تنمية مهاراتهم؛ وزيادة وعيهم في شتى أمور الحياة الفكرية.. والثقافية.. والاجتماعية.. والعلمية؛ التي من شأنها ترسيخ القيم والسلوك الصحيح في ضمائرهم، وهذه التربية تضمن لأفراد العائلة الاستقرار العاطفي والنفسي بكون المرأة تهتم بأفراد العائلة ومشكلاتهم وتقدم لهم الدعم النفسي لاحتواء أية مشكلة يواجهونها وبناء شخصيات متزنة تتمتع بالقيم الأخلاقية الرصينة؛ مما ينعكس على المجتمع إيجابا، بل إن واجباتها تتعدى ذلك ليصبح لها دورا اجتماعيا كبيرا في شتى المجالات الحياة وعلى مختلف الأصعدة بعد إن تنوعت أدوارها في المجتمع بتمكنها على تطوير ذاتها بالشكل الصحيح .

فتمكين المرأة في المجتمع يتيح لها القدرة على اتخاذ القرارات الإستراتيجية لان من خلال هذا التمكين تتكسب قوةة تمكنها من السيطرة على حياتها لإثبات وجودها وإدارة شؤون حياتها بنفسها وعلى المستوى المادي والإداري لتحيق مستوى من العيش الكريم وبما تستطيع تمثيل المرأة سياسيا في إدارة الدولة، هو اعتراف ضمني بكونها جزء أساسي في المجتمع تمتلك عضويتها الكاملة غير منقوصة كشريكة فاعله مع الرجل في إدارة وتحمل شؤون المجتمع في ظل ما تشهده المجتمعات في عالمنا المعاصر من تطور وازدهار على كافة مستويات الحياة، بكون المرأة تتميز بقدرتها الطبيعية على رعاية الآخرين والشعور بهم، وهو ما يساهم في زيادة شعورها بزوجها وفهمه ومعرفة كل ما يشغله أو يعانيه؛ فتقدم الدعم والمساندة وتخفف عنه؛ وهذا الدعم العاطفي الذي تقدمه المرأة لزوجها تشجعه على مشاركتها بما يشعر ويزيد من ثقته بها، وهو أيضا يخلق بينهما المناخ المناسب لسعي الدؤوب لتحقيق أحلامه وطموحاته، لان الزوجة دوما تكون أكثر من يحترم أفكاره من خلال اللجوء إليه والأخذ برأيه وبالتالي تزداد قدرته على مصارحتها بمشاعره وبأفكاره بما يدعم علاقتهما، بالإضافة إلى ذلك فان المرأة بإمكانياتها المساهمة في تأمين حياة اقتصادية واجتماعية مناسبة عن طريق عملها في وظيفة أو مشروع خاص لمساعدة زوجها في توفير متطلبات الحياة واحتياجات ومستلزمات المنزل .

 فان المجتمعات البشرية بحاجة إلى كل الجهود والطاقات المجتمعية ولا يمكن تجميد دور المرأة باعتبارها نصف طاقات المجتمع، لذلك لابد من تعزيز دور المرأة ومساندتها وتذليل الصعوبات التي قد تواجهها في مسيرة الحياة مهما كانت؛ سوا من العادات أو التقاليد والأعراف الاجتماعية التي تلغي دور المرأة وتفرض عليها التبعية للرجل، ولكون المرأة تمثل نصف المجتمع فلا بد إن تنصف في حقوقها وتحظى بها مثلها مثل الرجل دون تميز مع إنصاف وصون كرامتها وكرامة الرجل، لان الحقوق ضمن القانون الدولي والوطني لحقوق الإنسان ومن منطلق الإنسانية في امتلاك حريتهم والمساواة والكرامة بعيدا عن الاستغلال والتميز وهو الأمر الذي يعزز من مكانة المرأة في المجتمع بعيد عن الخوف والتردد مع تعزيز الرعاية لها وحمايتها، لان تمكين المرأة حق من حقوقها؛ لان القوانين الدولية وحسب ما ورد في الاتفاقات كاتفاقية (الأمم المتحدة) للقضاء على جميع إشكال التمييز ضد المرأة وبما يكفل لها التمكين والمساواة والعيش الأمن المعزز بالكرامة والحرية بعيدا عن الاستغلال .

 ومن أجل القضاء وتعزيز حقوقها المرأة والقضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة تم في الكثير من بلدان العالم الحر إعادة النظر في بعض التشريعات والقوانين الخاصة وبما يعزز من دور المرأة في كافة المجالات الحياة وذلك بتوجه المباشر إلى المرأة نفسها كذات مستقلة لها احتياجات ورغبات خاصة لتمكنها في نشر الوعي الثقافي.. والاجتماعي.. والسياسي بين النساء؛ ومساعدتهن وحفزهن على الانضمام في الجمعيات والاتحادات والنقابات والمنظمات الدولية سعيا لرفع مستواهن والتأكيد على تفعيل القوانين الوطنية التي تضمن وتعزز مكانة المرأة في المجتمع ليكون لها كامل الحقوق الاجتماعية.. والاقتصادية.. والثقافية.. وحتى السياسية، وتعد مشاركة المرأة في مجال السياسية عاملا أساسيا لتحقيق التوازن والإنصاف والتعاون والمرونة بما يتماشى مع عمل الرجال الموجودين في المجال السياسي، لان مشاركة المرأة في السياسية يعطي نتائج ايجابية وملموسة في زيادة الاستجابة لمتطلبات المواطنين في المجتمع بما يكفل التكامل في دور المشرعين من الرجال والنساء في تشريع وحل المشكل البلدان لبناء مجتمعات ديمقراطية قوية وفي سن القوانين التي تعطي أولويةً لقوانين الأسرة والأحوال المدنية التي تنصف المرأة والأقليات العرقية، وهذا ما جعل من المرأة إن تشغل مناصب سياسية قيادية على المستوى المحلي والدولي في معظم دول العالم، بعد إن ازدادت نسبة مشاركة المرأة في البرلمانات الوطنية على مستوى العالم .

 وفي ظل حياتنا المعاصرة لنا نماذج من النساء يحتذى بهن بما سعوا وبما بذلوه من جهد وجد في تنمية مهارتهن وتعليمهن بعد إن أصبحن يمتلكن مؤهلات علمية وفكرية وإدارية من شأنها أن تجعلهن يضيفن إضافات ايجابية على الحياة العامة وتطويرها، لأنهن يتمتعن بروح العمل.. والبذل.. والعطاء؛ فالمرأة التي تمكنت تنمية مهاراتها العملية والثقافية والعلمية وواصلت علومها ودراستها لتحصل شهادات عليا في مختلف مجالات الحياة عزز الثقة في نفسها وهو ما ساعدها على تحقيق ما تصبو إليه، لان نجاحها واحترامها لنفسها انعكس ذلك على ثقتها بنفسها لتقوم باتخاذ  القرار الصحيح في احترام أراء الآخرين وتقبل النقد البناء والتعامل مع الآخرين بوضوح وشفافية دون تكلف من اجل تجاوز العقبات والصعوبات والتغلب عليها للوصول إلى النجاح وتحقيق الأهداف والطموحات وذلك بما تمتلك القدرة على الصبر والبحث واكتشاف الأشياء التي تجعلها امرأة ناجحة دون التملق والسعي لإرضاء الآخرين على حساب نفسها ولا تستسلم للفشل واليأس، وهذه الصفات التي تمتلكها المرأة اليوم يتم توظيفها في عالمنا المعاصر بالشكل الصحيح وهذا ما يخدم ازدهار المجتمعات واستقرارها؛ وهي تتقبل روح التنافس مع الرجل بروح ونفس وصبر عالي، لان المعطيات التي نلتمسها على ارض الواقع في عالمنا المعاصر يبرهن حجم الذي استطاعت المرأة أن تتكيف مع تطور العالم والظروف الاجتماعية.. والاقتصادية.. والسياسية؛ المحيطة بها، وبما يؤكد تطورها ومواكبة الحداثة وتقدمها الملحوظ في كافة المجالات التي تتطلّب الخبرة.. والمعرفة.. والنقاش.. والعمل.. والصبر.. والحلول الناجعة على ذلك، فقد أثبتت المرأة مهارتها وقدراتها الإدارية؛ وأثبتت نجاحها وكفاءتها في جميع مجالات الحياة الأخرى، لأنها كذات إنسانية تتمتع نتيجة وعيها وحرصها على تنمية قدراتها ومهاراتها بالتعليم.. والتثقيف.. والتربية.. لدرجة التي تؤهلها لتتمتع بالأهلية الكاملة لإبداء الرأي والعمل ومشاركة الرجل في اتخاذ القرارات سواء على مستوى العائلة أو على مستوى قرارات الدولة، وهذا مدخل يضمن حقوقها في كافة مجالات الحياة الاجتماعية.. والاقتصادية.. والسياسية، فحين تتمتع المرأة بالاستقلالية في اتخاذ القرار وإمكانية مادية نتيجة ممارستها للعمل والتوظيف؛ فان إمكانياتها المادية هذه تدخل في الجانب الاقتصادي سواء لدخل الأسرة أو على مستوى إدارة شؤون الاقتصاد للدولة؛ وهو ما يؤهلها في صناعة القرار وفي تشكيل سياسات الحكومة والترشيح والتصويت في الانتخابات وفي إدارة الوظائف الحكومية على كافة الأصعدة والمستويات الحياة الاقتصادية.. والاجتماعية.. والسياسية.. والثقافية.. والقانونية.. والنفسية، لان المرأة اليوم وفي كل المجتمعات الحرة تشكل قوة ديناميكية فاعلة في دعم .. وإدارة.. وتطوير المجتمع .

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.