تحليل سياسي … قمة شرم الشيخ ( مصر/ الإمارات / الكيان الصهيوني ): فلسطين كانت الغائب الأكبر
التحق رئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرائيلي نفتالي بينيت بالقمة التي جمعت ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في مدينة شرم الشيخ، وتضاربت أنباء القمة بين الإعلام الرسمي في كل من القاهرة وأبو ظبي، والإعلام الإسرائيلي الذي كان السباق إلى إذاعة مشاركة بينيت في اللقاء. ولأن القمة كانت مفاجئة ولم يُعلن عنها مسبقاً، خاصة انضمام بينيت إليها، فقد تراوح الإفصاح عن أجنداتها بين كلام عائم حول توطيد التنسيق و”حماية الأمن القومي العربي” و”تعزيز القدرات العربية على التصدي للتحديات التي تواجه المنطقة والتهديدات المتزايدة للأمن الإقليمي” من الجانبين المصري والإماراتي، وبين حشد المواقف المعارضة لاتفاق دولي وشيك حول برنامج إيران النووي من الجانب الإسرائيلي.
معروف بالطبع أن السيسي بحاجة إلى بن زايد من أجل مزيد من المليارات تمنحها الإمارات على هيئة هبات أو قروض مقنّعة، خاصة وأن السلطات المصرية اضطرت مؤخراً إلى تخفيض قيمة العملة الوطنية بمعدل 14% دفعة واحدة، فتزايدت الأضرار الناجمة أصلاً عن تعويم الجنيه سنة 2016. والأرقام غير الرسمية تشير إلى تسرّب ما قيمته 14 مليار دولار أمريكي من الديون المستحقة للاستثمارات الأجنبية، والقروض الكثيرة التي تتلقاها مصر لا يجري إنفاقها على مشاريع قابلة لإنتاج للتصدير وإدخال العملة الصعبة إلى البلد.
وقد يكون استقبال بن زايد للرئيس السوري بشار الأسد مؤخراً يدخل على نحو أو آخر في سياق التحضيرات للقمة الثلاثية، سواء في مستوى المحاولات الدائمة لإبعاد سورية عن إيران وهذه مساع ثبت في الماضي أنها محكومة بالفشل، أو في مستوى توطيد حلف التطبيع ومحور اتفاقيات أبراهام بطرائق ليس من الضروري أن تكون مباشرة. هذا بمعزل عن إبقاء الخيوط مفتوحة مع موسكو في ظل العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، وفي الآن ذاته مناوشة الإدارة الأمريكية والتلويح بانفتاح ليس مرضياً للسياسة الأمريكية الراهنة على الأقل.
والأرجح أن مشكلة موارد الغاز كانت على طاولة القمة الثلاثية، ضمن محور أول هو اختلال مزاعم نظام السيسي حول اكتفاء البلد ذاتياً من الغاز لأن مصر تتلقى نحو 5 مليارات متر مكعب من الغاز الإسرائيلي سنوياً عبر خط أنابيب تحت سطح البحر، وتدرس دولة الاحتلال إنشاء خط أنابيب بري جديد يسمح بزيادة الصادرات إلى مصر بمعدل 3 إلى 5 مليارات متر مكعب سنوياً. المحور الثاني هو إيجاد مخارج لملاقاة الضغوط الأمريكية والأوروبية المطالبة بزيادة الإنتاج للتعويض عن الغاز الروسي، وهنا يكون حضور بن زايد محورياً في القمة.
ولعل الصفة الأبرز لقمة شرم الشيخ الثلاثية هي أن القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني وحصار قطاع غزة وتوسع الاستيطان والانتهاكات الإسرائيلية في القدس وسائر قرى وبلدات ومدن الضفة الغربية، وسواها من الملفات، كانت الغائب الأكبر عن المداولات، بحيث يصبح مشروعاً طرح السؤال الطبيعي البسيط: عن أي “أمن قومي عربي” تحادث السيسي وبن زايد مع بينيت؟ وكيف أمكن لتلك المحادثات أن تعزز الأمن الإقليمي مع استبعاد الشؤون الفلسطينية كافة؟
التعليقات مغلقة.