ترويكا تحابي اسرائيل وسلطة تعشق المبادرات .. / ابراهيم ابو عتيلة

 

ابراهيم ابو عتيلة ( الأردن ) الثلاثاء 5/7/2016 م …

بعد صمت طويل ، ها هي الرباعية الدولية تخرج علينا بتوصياتها التي تقدمها كمساعدة لحل قضية الشرق الأوسط ، أو بعبارة أدق القضية الفلسطينية ، فقضايا الشرق الأوسط كثيرة ، من العراق إلى سوريا فاليمن وليبيا وغيرها ، حيث تاتي هذه التوصيات بعد كانت الرباعية قد قدمت سنة 2202 خارطة طريق للحل ، تلك الخريطة التي رفضها  الصهاينة وقدموا بشأنها أربعة عشر تحفظاً فيما قبلتها وكالعادة سلطة أوسلو  التي توافق على أي مقترح ترى فيه ضماناً لاستمراريتها ، ولعله من المفيد هنا أن نستذكر ولو باختصار خارطة الطريق المذكورة تلك والتي تضمنت مبادرة من أجل  البدء في المحادثات للتوصل إلى حل نهائي وإقامة دولة فلسطينية بحلول عام 2005 ، ولقد شملت خارطة الطريق المذكورة على ثلاث مراحل  على النحو التالي :

       المرحلة الاولى تنتهي في مدة أقصاها ايار / مايو 2003 وتنص على اعتراف متبادل ، وإنهاء النشاط المسلح وجميع أعمال العنف ضد الإسرائلييين ، ويقوم الفلسطينيون فيها بإصلاح سياسي شامل ، بما في ذلك صياغة دستور فلسطيني وإجراء انتخابات ، على ان تتجنب إسرائيل القيام بعمليات الترحيل وشن الهجمات ضد المدنيين وهدم المنازل والممتلكات الفلسطينية، وإعادة فتح المؤسسات الفلسطينية في القدس الشرقية، وتحسين الوضع الإنساني وتخفيف القيود المفروضة على حركة الأشخاص والبضائع وتجميد التوسع الإستيطاني وتفكيك جميع البؤر الإستيطانية التي تمت إقامتها منذ آذار / مارس 2001.

       المرحلة الثانية حزيران /يونيو– كانون الثاني /ديسمبر 2003): عقد مؤتمر دولي لدعم إنعاش الاقتصاد الفلسطيني وإطلاق عملية تفضي إلى إنشاء دولة فلسطينية مستقلة ذات حدود مؤقتة، وإحياء الاتصالات المتعددة الأطراف بشأن القضايا الأخرى مثل موارد المياه الإقليمية، والبيئة، والتنمية الاقتصادية، واللاجئين، وتحديد الأسلحة.

       المرحلة الثالثة (2004–2005): المؤتمر الدولي الثاني، اتفاق الوضع النهائي وإنهاء الصراع ، اتفاق حول الحدود النهائية ، توضيح المسائل الخلافية حول مصير القدس واللاجئين والمستوطنات ، وقبول الدول العربية إقامة علاقات طبيعية كاملة مع “إسرائي”ل.

ولقد وافقت السلطة الفلسطينية في حينه على هذه الخارطة حيث أعرب رئيس الوزراء الفلسطيني آنذاك محمود عباس عن قبوله لها.

وعلى الرغم مما قدمته هذه الخارطة للكيان الصهيوني من مكتسبات إلا أنها قد واجهت معارضة من قبل وزراء إسرائيليون من اليمين المتطرف الخارطة فيما أبدى أرئيل شارون- رئيس الوزراء – حينذاك تحفظه عليها وقبوله بعض بنودها فقط ولقد  قدمت الحكومة الإسرائيلية ما لا يقل عن 14 تحفظاً عليها وعلى النحو التالي :

1.     قيام الفلسطينيين بحل أجهزة أمن السلطة الفلسطينية وإصلاح الهياكل.

2.     على الفلسطينيين نبذ “العنف” و”التحريض” وتعليم السلام.

3.     يجب على الفلسطينيين تفكيك حماس نهائياً وجماعات مسلحة أخرى وبنيتها التحتية، ومصادر جميع الأسلحة غير المشروعة؛

4.     لا تقدم إلى المرحلة الثانية بدون تحقيق جميع الشروط المذكورة أعلاه.

5.     (بعكس الفلسطينيين ) إسرائيل غير ملزمة بنبذ العنف والتحريض ضد الطرف الآخر، وفقاً لخارطة الطريق.

6.     لا تقدم للمرحلة التالية قبل الوقف الكامل للإرهاب والعنف والتحريض ولا يوجد مدة زمنية محددة لتنفيذ خارطة الطريق.

7.     استبدال وإصلاح القيادة الحالية في السلطة الفلسطينية وبغير ذلك لا تقدم للمرحلة الثانية.

8.     تشرف الولايات المتحدة على مراقبة العملية (وليس الرباعية.

9.     طابع الدولة الفلسطينية المؤقتة سيجري تحديده من خلال المفاوضات. الدولة المؤقتة ستكون منزوعة السلاح بحدود مؤقتة وتتمتع ب”بعض جوانب السيادة”، وخاضعة للسيطرة الإسرائيلية حيث تحدد دخول وخروج جميع الأشخاص والبضائع، بالإضافة إلى مجالها الجوي وطيفها الكهرومغناطيسي (من راديو وتلفزيون وإنترنت ورادار، إلخ)

10.   الإعتراف بإسرائيل كدولة يهودية وكذلك التنازل عن حق العودة للاجئين الفلسطينيين .

11.   قبيل البدء بمحادثات التسوية النهائية (في مفاوضات الوضع النهائي، المرحلة الثالثة) لن يتم التطرق إلى المستوطنات والقدس والحدود وتقتصر المحادثات على تجميد البناء في المستوطنات والبؤر الإستيطانية غير القانونية.

12.   عدم الإشارة إلى أحكام أخرى غير قراري الأمم المتحدة 242  و  338 وعدم الإشارة إلى مبادرات سلام أخرى .

13.   إسرائيل غير معنية بتحسين الأوضاع الإنسانية للفلسطينيين.

14.   الدول العربية ستساعد في هذا العملية من خلال إدانة النشاط الإرهابي.

ومنذ ذلك الوقت لم نعد نسمع من الرباعية الدولية شيئاً يذكر ، فيما بقي رهان القيادة الفلسطينية عليها مستمراً من أجل كبح جماح الكيان لصهيوني والمساعدة في تحقيق ” السلام ” ، وقبل أيام ثلاثة قدمت الرباعية تقريرها الذي تضمن توصياتها لتحريك عملية السلام ، ومن قراءة تلك التوصيات يتبين ميلها بالقطع وبشكل واضح مع الاحتلال الصهيوني وضد المقاومة وضد حقوق الشعب الفلسطيتي ، حيث جاءت التوصيات  على النحو التالي :

 1 – على الطرفين العمل على خفض حدة التوتر، عبر التحلي بضبط النفس وتفادي التحريض، سواء بالافعال او بالخطابات.

2 – على الطرفين اتخاذ كل التدابير الضرورية لمنع العنف وحماية ارواح جميع المدنيين وممتلكاتهم، ولا سيما بفضل تنسيق متواصل على الصعيد الامني، وتعزيز قدرات قوات الامن الفلسطينية وصلاحياتها وسلطته.

3 – على السلطة الفلسطينية ان تتصرف بحزم وتتخذ كل التدابير الممكنة لوضع حد للتحريض على العنف وتعزيز مبادرات مكافحة الارهاب، بما في ذلك من خلال ادانة سائر الاعمال الارهابية تنديدا واضحا.

4 – على اسرائيل ان تضع حدا لسياستها القاضية ببناء وتطوير مستوطنات، وتخصيص اراض لاستخدام الاسرائيليين حصرا، ومنع الفلسطينيين من البناء والتطوير.

5 – على اسرائيل ان تجري تغييرات ايجابية ومهمة في سياستها، مثل نقل صلاحيات ومسؤوليات في المنطقة (ج) (تمتد على 60% من مساحة الضفة الغربية المحتلة) عملا بالانتقال الى سلطة مدنية فلسطينية اكبر وفق ما نصت عليها الاتفاقيات السابقة. ويمكن تحقيق تقدم على صعيد الاسكان والمياه والطاقة والاتصالات والزراعة والموارد الطبيعية فضلا عن تخفيف كبير للقيود المفروضة على حرية تنقل الفلسطينيين، مع احترام ضرورات اسرائيل المشروعة على الصعيد الامني.

6 – على القادة الفلسطينيين مواصلة جهودهم الرامية الى تعزيز المؤسسات وتحسين الحوكمة وتطوير اقتصاد قابل للحياة. وعلى اسرائيل اتخاذ كل التدابير الضرورية للسماح بهذه العملية، طبقا لتوصيات لجنة الارتباط المكلفة هذا الملف.

7 – على جميع الاطراف مواصلة الالتزام بوقف اطلاق النار في غزة، ويجب وقف التسلح غير الشرعي وتحركات الناشطين.

8   – على اسرائيل تسريع رفع القيود على حرية التنقل من والى غزة، مع الاخذ بالاعتبار ضرورة حماية مواطنيها من هجمات ارهابية.

9   – يجب إعادة توحيد غزة والضفة الغربية تحت اشراف سلطة فلسطينية موحدة، شرعية وديموقراطية، على اساس برنامج منظمة التحرير الفلسطينية ومبادئ اللجنة الرباعية ودولة القانون، مع فرض رقابة على الاسلحة وعلى جميع اعضاء القوات المسلحة، طبقا للاتفاقيات القائمة.

10 – على الطرفين نشر اجواء من التسامح، من خلال تشجيع التفاعل والتعاون في عدة مجالات – اقتصادي، مهني، تربوي، ثقافي – تعزز اسس السلام وتكافح التطرف.

وربما هي المرة الاولى منذ مدة طويلة التي تقوم فيها السلطة في رام الله واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير برفض هذه التوصيات ، ولقد قالت اللجنة في بيان عقب اجتماعها في مدينة رام الله في الضفة الغربية برئاسة الرئيس محمود عباس إن “التقرير الأخير للرباعية يشكل خروجا فاضحا عن القانون الدولي والشرعية الدولية ذات العلاقة ، وخطة خارطة الطريق السابقة ومبادرة السلام العربية والاتفاقات الموقعة وأضافت اللجنة أن التقرير “يخفض سقف الموقف الدولي من قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية”، مؤكدة “رفضها الحازم للمقاربات التي تضمنتها توصيات اللجنة الرباعية حيث أن جوهر المشكلة يتمثل بالاحتلال الإسرائيلي وجرائمه وعدوانه المتواصل وأن أي محاولة للمساواة بين (سلطة الاحتلال) والشعب الفلسطيني تحت الاحتلال يعتبر إفلاسا أخلاقيا ، واعتبرت أن تقرير الرباعية “يطالب بشكل غير مباشر أن يقبل الشعب الفلسطيني بوضع الاحتلال والوضع القائم، ويحاول إدارة المشكلة بدلا من طرح أسس وركائز الحل الدائم والشامل والعادل المرتكزة على تجفيف مستنقع الاحتلال الإسرائيلي وإقامة دولة فلسطين المستقلة.

وعلى الرغم من المعارضة الشعبية للمبادرة الفرنسية والتي تتضمن :

– إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح في حدود الرابع من يونيو/حزيران 1967 ، مع تبادل مناطق بمساحات متفق عليها وعلى أن تستجيب الدولة الناشئة “للاحتياجات الأمنية “الإسرائيلية.

– إجراء مفاوضات لا تزيد مدتها عن 18 شهراً للوصول إلى حل الدولتين لشعبين مع الاعتراف بالطابع اليهودي لإسرائيل.

– حل عادل ومتوازن وواقعي لقضية اللاجئين الفلسطينيين ، بالاستناد على “آلية تعويض “.

– على الطرفين وضع معايير تضمن أمن كلا الدولتين ” إسرائيل” وفلسطين وتحافظ بشكل فعال على الحدود، وتصد الإرهاب وتمنع تدفق الوسائل القتالية ، وتحترم سيادة دولة فلسطين المنزوعة السلاح.

– الانسحاب الكامل للجيش الإسرائيلي وعلى مراحل خلال فترة انتقالية يتم الاتفاق عليها.

– اعتبار ان هذه المبادرة بمثابة تسوية نهائية وليست اتفاقاً مؤقتاً.

وبالرغم من ميل تلك المبادرة بالكامل لمتطلبات الصهاينة من حيث :

      انها  تلغي بشكل قطعي حق العودة على أن يتم استبدال العودة بالتعويض مناقضةً في ذلك كافة قرارات الأمم المتحدة والشرعية الدولية السابقة.

       إنها تتضمن مطبات خطيرة من حيث مبادلة الأراضي يعني تهديد مليون ونصف المليون من الشعب الفلسطيني المقيمين على أرضهم المحتلة عام 1948 ويجعلهم عرضة بشكل مباشر للتهجير القسري.

    وفيما يتعلق بدولة أو دولة ما تبقى من فلسطين !!! منزوعة السلاح !!! والتي يجب ان تستجيب للاحتياجات الأمنية الإسرائيلية !!!!! فحدث ولا حرج ومثلها في ذلك سلطة دون سلطة ودولة دون سيادة .

       إن كل ما سيتم بحثه أو الاتفاق عليه سيحال إلى مجلس الأمن وهنا نقول ماذا سيكون موقف الولايات التحدة الأمريكية من ذلك وهل ستوافق على اي برنامج أو حل لا يخدم الكيان الصهيوني بشكل مطلق .

      المبادرة تعاني من غياب مرتكزات ومعايير ومرجعيات الشرعية للعودة إليها عند الاختلاف فكل ما هو مطروح مؤتمر دولي ليخرج بنتائج يتم عرضها على مجلس الأمن .

إلا أن اللجنة التنفيذية للمنظمة عادت وحثت اللجنة أعضاء الرباعية ( الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة ) للتعاون مع المبادرة الفرنسية وتحديد موعد لعقد مؤتمر دولي للسلام لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية بهدف تحقيق حل الدولتين ضمن سقوف زمنية محددة للمفاوضات وللتنفيذ وبإطار دولي لديه أدوات إلزامية للتأكد من تنفيذ الاتفاقات.

ومن الاستعراض أعلاه يتبين مدى محاباة ما يسمى بالمجتمع الدولي ممثلاً بالرباعية الدولية للكيان الصهيوني ، حيث تخدم توصيات الرباعية بالقطع الكيان الصهيوني بشكل فاضح الأمر الذي حدا بالسلطة رفضها !! وهي التي لم ترفض مبادرة من قبل، وكأنها في ذلك تقول – لقد زاد الأمر عن حده – ، وبالنظر لتخوف السلطة من انهيارها عادت وقدمت استعدادها للتعاون وقبولها المعيب للمبادرة الفرنسية متناسية أن توصيات الرباعية أقوى وأهم من المبادرة الفرنسية فهناك الاتحاد الاوروبي وهنا فرنسا وأن المبادرة الفرنسية ستكون في النهاية في مواجهة الفيتو الأمريكي في مجلس الأمن ، وبقبول السلطة للمبادرة الفرنسية واستعدادها للتعاون تؤكد بأن بقاءها يرتبط ببقاء المبادرات وربما ببقاء الاحتلال نفس فلقد خرجت تلك السلطة واستمدت شرعيتها من رحم اوسلو وبمباركة الاحتلال ولا خير في شيء يباركه الاحتلال .

وختاماً اقول أن حالة الوهن العربي والضعف الفلسطيني هي التي أدت بالترويكا لتقديم تلك التوصيات ، وأن كل ذلك يثبت بالدليل القطعي أن ما يجري في كل من العراق وسوريا وليبيا واليمن ومصر وراءه أيد خفية بمباركة صهيونية أمريكية . فهل نستوعب الدرس … اتمنى ذلك .

 

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.