جنين تُسطّر تجربة صمود جديدة / فادي أبو بكر
تتخطّى قوات الاحتلال الإسرائيلي في كل يوم وعلى مرأى ومسمع من العالم بأسره كافة الخطوط الحمر في اعتداءاتها ضد أبناء الشعب الفلسطيني وممتلكاته ومقدساته، وقد شهد شهر مارس/ آذار المنصرم ارتقاء 13 شهيدا بينهم 3 فتية و211 إصابة واعتقال 368 مواطناً، وتأتي هذه الانتهاكات المستمرة يوماً بعد يوم وشهراً بعد شهر، في سياق محاولات “التركيع” و”الخنق” الإسرائيلية بحق أبناء الشعب الفلسطيني، على أمل تصفير أي “تهديدات أمنية” وتحويل الحياة الفلسطينية إلى حياة تالفة وطنياً.
وفي خضم ذلك، خرج الشهيد البطل ضياء حمارشة ابن بلدة يعبد قضاء جنين في 29 مارس/ آذار 2022 لينفّذ عملية فدائية بطولية نوعية في الداخل الفلسطيني المحتل، أحرقت أحلام الاحتلال، وسياسة رئيس الوزراء نفتالي بينيت المتطرفة التي تقوم على فكرة تقليص الصراع عبر إعطاء بعض الامتيازات للسلطة الفلسطينية، كما حدث سابقاً في تصاريح العمل ولم الشمل، وذلك لإيهام الشعب الفلسطيني بدون التأثير في مقدار السيطرة الأمنية الإسرائيلية، ليؤكد فعل الشهيد البطل على أن الشعلة الفلسطينية لن تنطفىء، وأن الفلسطينيين مستمرين في النضال من أجل تحقيق حريتهم واستقلالهم.
ومع دخول شهر رمضان المبارك، وتصعيد قوات الاحتلال من انتهاكاتها وجرائمها وحملتها المسعورة ضد المصلّين في باحات المسجد الأقصى، وأبناء الشعب الفلسطيني في كافة المدن الفلسطينية، لا سيّما في جنين ومخيمها، وبالتزامن مع الذكرى العشرين على معركة ومجزرة مخيم جنين، خرج ابن المخيم الشهيد البطل رعد حازم لينفّذ عملية فدائية حظر على أثرها التجوّل لساعات طويلة في شوارع كبرى مدن الداخل المحتل، مبرقاً للاحتلال رسالة قوية مفادها بأن بركان الغضب الفلسطيني لا ينضب، وأن لا قوة على وجه الأرض يمكن أن تكسر شوكة وإرادة الفلسطيني.
وها هم مناضلو وشباب جنين ومخيمها، ما زالوا محافظين على عهد الشهداء، موحدين على أرض المعركة ويعلنوها صرخة مدوية ليسمعها العالم الظالم الذي يكيل بمكيالين وبعنصرية وقحة لا تحتكم لقوانين ولا لأخلاق ومبادئ إنسانية.. متّكلين على الله، مستلهمين مقولة الخالد فينا الشهيد ياسر عرفات ” عالقدس رايحين أبطال بالملايين”، ومقولة الشهيد خليل الوزير العظيم: “لنستمر في الهجوم حتى النصر”، لتشكّل هاتان المقولتان جزءاً من الحمض النووي الخاص بهم.
بعد 20 عاماً على معركة ومجزرة نيسان الشهيرة في مخيم جنين، تدخل جنين ومخيمها طوراً آخر في صراع الإرادات مع الاحتلال الإسرائيلي، تصرّ على أن مآلاته لن تكون إلا كما سابقاته: وحدة وطنية فصمود وبسالة وكسر لشوكة المحتل.
تُسطّر جنين ومخيمها اليوم تجربة صمود جديدة في سجل النضال الوطني الفلسطيني، لتؤكد أن حلقات التطبيع المستمرة لن تفل عزم شعبنا، وأن الوحدة الوطنية هي السبيل الوحيد لحماية المشروع التحرري، و تطرح التساؤل القديم من جديد : إلى متى سنبقى ندفع للكيان الاستعماري الاستيطاني ثمن بقائه؟.
مع استمرار العدوان الإسرائيلي التصعيدي ضد الشعب الفلسطيني في شهر رمضان المبارك، يواصل إعلام حركة حماس وناشطيه افتعال الأزمات، وممارسة الخطاب التخويني والإصطياد في الماء العكرة ، في الوقت الذي نحن فيه بأمس الحاجة إلى وحدة الموقف، ونقول هنا لحماس ولكافة فصائل العمل الوطني: من ينفصل عن الواقع ولا يملك شجاعة المواجهة والدفاع عن سياساته، لا يستحق البقاء في المشهد الوطني الفلسطيني.
وفي الختام لا يسعنا إلا أن نردّد مقولة الشهيد ياسر عرفات: ” يرونها بعيدة ونراها قريبة وإنّا لصادقون”..
المجد للشهداء .. واللعنة على كل من حاد عن النهج ..
رفعت الأقلام وجفّت الصحف
التعليقات مغلقة.